آداب الدعاء التي تتحقق معها الإجابة، وتستنزل بها الرحمات

آداب الدعاء التي تتحقق معها الإجابة، وتُستنزل بها الرحمات

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 147].

تأمل ما كان عليه القوم من الأدب العظيم في دعائهم ربهم تبارك وتعالى!

فاستفتحوا دعاءهم بقولهم: (رَبَّنَا) وهو يتضمن الإقرار بتوحيد اللَّهِ تَعَالَى، ويتضمن الإقرار بنعم الله تعالى التي لا يحصيها العدُّ، ولا يأتي عليها الحصر، فإن الربَّ هو الذي يتعهد بالرعاية، ويربي عباده بالنعم.

ثم ثنوا بقولهم: ﴿ اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾، وفيه إقرار بالذنوب، وهو إقرار يتضمن التوبة.

ثم بالغوا في الاعتذار فقالوا: ﴿ وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ﴾، وهو مجاوزة حدِّ الاعتدال في كل شيء.

ثم تبرؤا من حولهم وقوتهم، فقالوا: ﴿ وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾، فالثبات من الله، والخزي والخذلان في البعد عن الله تعالى.

ثم سألوا مرادهم، وطلبوا مبتغاهم، وهو النصر على أعدائهم، فقالوا: ﴿ وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾، وذكروا صفة أعدائهم (الْكَافِرِينَ) ليكون أنجح لطِلْبَتهم.

فإذا تأملت دعاءهم، ونظرت في قولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ»؛ [رواه البخاري]، وجدت تطابقًا عجيبًا بين الدعاءين.

حيث يبدأ بتوحيد الله تعالى والإقرار بربوبيته، والإقرار بنعمه الجليلة، وآلائه الجسيمة، الإقرار بالذنوب، وطلب الصفح والمغفرة، وهي آداب الدعاء التي تتحقق معها الإجابة، وتُستنزل بها الرحمات.