• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم
    د. وفا علي وفا علي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    إطعام الطعام من أفضل الأعمال
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    { لا تكونوا كالذين كفروا.. }
    د. خالد النجار
  •  
    دعاء من القرآن الكريم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    حفظ اللسان (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    خطبة: التحذير من الغيبة والشائعات
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    {أو لما أصابتكم مصيبة}
    د. خالد النجار
  •  
    خطبة: كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

(فاعلم أنه لا إله إلا الله)

(فاعلم أنه لا إله إلا الله)
د. خالد بن حسن المالكي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/6/2021 ميلادي - 21/11/1442 هجري

الزيارات: 16387

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

(فاعلم أنه لا إله إلا الله)

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِلَهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَقَيُّومُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ الَّذِي لَا فَوْزَ إِلَّا فِي طَاعَتِهِ، وَلَا عِزَّ إِلَّا فِي التَّذَلُّلِ لِعَظَمَتِهِ، وَلَا غِنًى إِلَّا فِي الِافْتِقَارِ إِلَى رَحْمَتِهِ، وَلَا هُدًى إِلَّا فِي الِاسْتِهْدَاءِ بِنُورِهِ، وَلَا حَيَاةَ إِلَّا فِي رِضَاهُ، وَلَا نَعِيمَ إِلَّا فِي قُرْبِهِ، وَلَا صَلَاحَ لِلْقَلْبِ وَلَا فَلَاحَ إِلَّا فِي الْإِخْلَاصِ لَهُ وَتَوْحِيدِ حُبِّهِ، الَّذِي إِذَا أُطِيعَ شَكَرَ، وَإِذَا عُصِيَ تَابَ وَغَفَرَ، وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَإِذَا عُومِلَ أَثَابَ.


وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ جَمِيعُ مَخْلُوقَاتِهِ، وَأَقَرَّتْ لَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ جَمِيعُ مَصْنُوعَاتِهِ، وَشَهِدَتْ بِأَنَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ بِمَا أَوْدَعَهَا مِنْ عَجَائِبِ صَنْعَتِهِ، وَبَدَائِعِ آيَاتِهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ. وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، لَا شَرِيكَ لَهُ فِي إِلَهِيَّتِهِ، كَمَا لَا شَرِيكَ لَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ، وَلَا شَبِيهَ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَسُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ وَأَمْلَاكُهَا، وَالنُّجُومُ وَأَفْلَاكُهَا، وَالْأَرْضُ وَسُكَّانُهَا، وَالْبِحَارُ وَحِيتَانُهَا، وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَالْآكَامُ وَالرِّمَالُ، وَكُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَكُلُّ حَيٍّ وَمَيِّتٍ ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44].

 

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ قَامَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهَا جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَبِهَا أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ، وَشَرَعَ شَرَائِعَهُ، وَلِأَجْلِهَا نُصِبَتِ الْمَوَازِينُ، وَوُضِعَتِ الدَّوَاوِينُ، وَقَامَ سُوقُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَبِهَا انْقَسَمَتِ الْخَلِيقَةُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ، وَالْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ، فَهِيَ مَنْشَأُ الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَهِيَ الْحَقُّ الَّذِي خُلِقَتْ لَهُ الْخَلِيقَةُ، وَعَنْهَا وَعَنْ حُقُوقِهَا السُّؤَالُ وَالْحِسَابُ، وَعَلَيْهَا يَقَعُ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، وَعَلَيْهَا نُصِبَتِ الْقِبْلَةُ، وَعَلَيْهَا أُسِّسَتِ الْمِلَّةُ، وَلِأَجْلِهَا جُرِّدَتْ سُيُوفُ الْجِهَادِ، وَهِيَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ، فَهِيَ كَلِمَةُ الْإِسْلَامِ، وَمِفْتَاحُ دَارِ السَّلَامِ، وَعَنْهَا يُسْأَلُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، فَلَا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ مَسْأَلَتَيْنِ: مَاذَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ وَمَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ؟


فَجَوَابُ الْأُولَى بِتَحْقِيقِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَعَمَلًا.


وَجَوَابُ الثَّانِيَةِ بِتَحْقِيقِ "أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" مَعْرِفَةً وَإِقْرَارًا وَانْقِيَادًا وَطَاعَةً.


وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمِينُهُ عَلَى وَحْيِهِ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَسَفِيرُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ، الْمَبْعُوثُ بِالدِّينِ الْقَوِيمِ وَالْمَنْهَجِ الْمُسْتَقِيمِ، أَرْسَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَإِمَامًا لِلْمُتَّقِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ. أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ فَهَدَى بِهِ إِلَى أَقْوَمِ الطُّرُقِ وَأَوْضَحِ السُّبُلِ، وَافْتَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ طَاعَتَهُ وَتَعْزِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَالْقِيَامَ بِحُقُوقِهِ، وَسَدَّ دُونَ جَنَّتِهِ الطُّرُقَ، فَلَنْ تُفْتَحَ لِأَحَدٍ إِلَّا مِنْ طَرِيقِهِ، فَشَرَحَ لَهُ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ، وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وَجَعَلَ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ؛ وَكَمَا أَنَّ الذِّلَّةَ مَضْرُوبَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، فَالْعِزَّةُ لِأَهْلِ طَاعَتِهِ وَمُتَابَعَتِهِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:
﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 139]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ﴾ [محمد: 35]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64]. أَيِ: اللَّهُ وَحْدَهُ كَافِيكَ، وَكَافِي أَتْبَاعَكَ، فَلَا تَحْتَاجُونَ مَعَهُ إِلَى أَحَدٍ" ["زاد المعاد في هدي خير العباد" لابن قيم الجوزية (1/ 35-37) باختصار يسير].

 

وبعد: فهذه مجموعة من أقوال الإمامين ابن تيمية، وابن القيم رحمهما الله تعالى في بيان معنى التوحيد، وما يقتضيه:

♦ قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: "وَالْمَشَايِخُ الصَّالِحُونَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَذْكُرُونَ شَيْئًا مِنْ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ، وَتَحْقِيقِ إخْلَاصِ الدِّينِ كُلِّهِ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مُلْتَفِتًا إلَى غَيْرِ اللَّهِ، وَلَا نَاظِرًا إلَى مَا سِوَاهُ: لَا حُبًّا لَهُ، وَلَا خَوْفًا مِنْهُ، وَلَا رَجَاءً لَهُ، بَلْ يَكُونُ الْقَلْبُ فَارِغًا مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ، خَالِيًا مِنْهَا، لَا يَنْظُرُ إلَيْهَا إلَّا بِنُورِ اللَّهِ، فَبِالْحَقِّ يَسْمَعُ، وَبِالْحَقِّ يُبْصِرُ، وَبِالْحَقِّ يَبْطِشُ، وَبِالْحَقِّ يَمْشِي، فَيُحِبُّ مِنْهَا مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَيُبْغِضُ مِنْهَا مَا يُبْغِضُهُ اللَّهُ، وَيُوَالِي مِنْهَا مَا وَالَاهُ اللَّهُ، وَيُعَادِي مِنْهَا مَا عَادَاهُ اللَّهُ، وَيَخَافُ اللَّهَ فِيهَا، وَلَا يَخَافُهَا فِي اللَّهِ، وَيَرْجُو اللَّهَ فِيهَا، وَلَا يَرْجُوهَا فِي اللَّهِ، فَهَذَا هُوَ الْقَلْبُ السَّلِيمُ الْحَنِيفُ الْمُوَحِّدُ الْمُسْلِمُ الْمُؤْمِنُ الْمُحَقِّقُ الْعَارِفُ بِمَعْرِفَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَتَحْقِيقِهِمْ، وَتَوْحِيدِهِمْ" ["العبودية" (ص: 133)].

 

♦ وقال أيضا: "التوحيد هو جماع الدين الذي هو أصلُه وفرعُه ولُبُّه، وهو الخير كلُّه". ["جامع المسائل" (1/ 274)].

 

♦ وقال أيضا: "اَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَرْسَلَ الرُّسُلَ بِأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، فَتَخْلُو الْقُلُوبُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَا سِوَاهُ بِمَحَبَّتِهِ وَبِرَجَائِهِ، وَعَنْ سُؤَالِ مَا سِوَاهُ بِسُؤَالِهِ، وَعَنْ الْعَمَلِ لِمَا سِوَاهُ بِالْعَمَلِ لَهُ، وَعَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِمَا سِوَاهُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِ. وَلِهَذَا كَانَ وَسَطَ الْفَاتِحَةِ ﴿ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [سورة الفاتحة 5]" ["مجموع الفتاوى" (18/ 319)].

 

♦ وقال أيضا: "الإنسان لا يجد الطمأنينة ولا السكينة حتى يذكر الله ويُوجّهَ قلبه إليه، فإنه يجد الطمأنينة والسكينة فلا يبقى عنده منازعة إلى شيء آخر" ["جامع المسائل" - المجموعة السادسة (1/ 122) باختصار يسير].

 

♦ وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: "فِي الْقَلْبِ شَعَثٌ، لَا يَلُمُّهُ إِلَّا الْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ. وَفِيهِ وَحْشَةٌ، لَا يُزِيلُهَا إِلَّا الْأُنْسُ بِهِ فِي خَلْوَتِهِ.


وَفِيهِ حُزْنٌ لَا يُذْهِبُهُ إِلَّا السُّرُورُ بِمَعْرِفَتِهِ وَصِدْقِ مُعَامَلَتِهِ.

وَفِيهِ قَلَقٌ لَا يُسَكِّنُهُ إِلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ، وَالْفِرَارُ مِنْهُ إِلَيْهِ.

وَفِيهِ نِيرَانُ حَسَرَاتٍ: لَا يُطْفِئُهَا إِلَّا الرِّضَا بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَقَضَائِهِ، وَمُعَانَقَةُ الصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ إِلَى وَقْتِ لِقَائِهِ.

وَفِيهِ طَلَبٌ شَدِيدٌ: لَا يَقِفُ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ وَحْدَهُ مَطْلُوبَهُ.


وَفِيهِ فَاقَةٌ: لَا يَسُدُّهَا إِلَّا مَحَبَّتُهُ، وَالْإِنَابَةُ إِلَيْهِ، وَدَوَامُ ذِكْرِهِ، وَصِدْقُ الْإِخْلَاصِ لَهُ. وَلَوْ أُعْطِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَمْ تَسُدَّ تِلْكَ الْفَاقَةَ مِنْهُ أَبَدًا" ["مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (3/ 156)].

 

وقال أيضا: "اللذة التَّامَّة، والفرح، وَالسُّرُور، وَطيب الْعَيْش، وَالنَّعِيم إِنَّمَا هُوَ فِي معرفَة الله، وتوحيده، والأنس بِهِ، والشوق إِلَى لِقَائِه، واجتماع الْقلب والهم عَلَيْهِ، فَإِن أنكد الْعَيْش عَيْش من قلبه مشتت، وهمه مفرق" ["رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه" (ص: 29)].

 

وقال أيضا: "لَو تنقل الْقلب فِي المحبوبات كلهَا لم يسكن، وَلم يطمئن إِلَى شَيْء مِنْهَا، وَلم تقر بِهِ عينه، حَتَّى يطمئن إِلَى إلهه وربه ووليه، الَّذِي لَيْسَ لَهُ من دونه ولي وَلَا شَفِيع، وَلَا غنى لَهُ عَنهُ طرفَة عين" ["رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه" (ص: 30)].

 

وقال أيضا: "اعْلَمْ أنَّ أشِعَّةَ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ تُبَدِّدُ مِن ضَبابِ الذُّنُوبِ وغُيُومِها بِقَدْرِ قُوَّةِ ذَلِكَ الشُّعاعِ وضَعْفِهِ، فَلَها نُورٌ، وتَفاوُتُ أهْلِها فِي ذَلِكَ النُّورِ - قُوَّةً، وضَعْفًا - لا يُحْصِيهِ إلّا اللَّهُ تَعالى.

 

فَمِنَ النّاسِ مَن نُورُ هَذِهِ الكَلِمَةِ فِي قَلْبِهِ كالشَّمْسِ، ومِنهُمْ مَن نُورُها فِي قَلْبِهِ كالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ، ومِنهُمْ مَن نُورُها فِي قَلْبِهِ كالمَشْعَلِ العَظِيمِ، وآخَرُ كالسِّراجِ المُضِيءِ، وآخَرُ كالسِّراجِ الضَّعِيفِ؛

 

ولِهَذا تَظْهَرُ الأنْوارُ يَوْمَ القِيامَةِ بِأيْمانِهِمْ، وبَيْنَ أيْدِيهِمْ، عَلى هَذا المِقْدارِ، بِحَسَبِ ما فِي قُلُوبِهِمْ مِن نُورِ هَذِهِ الكَلِمَةِ، عِلْمًا وعَمَلًا، ومَعْرِفَةً وحالًا.


وكُلَّما عَظُمَ نُورُ هَذِهِ الكَلِمَةِ واشْتَدَّ، أحْرَقَ مِنَ الشُّبُهاتِ والشَّهَواتِ بِحَسَبِ قُوَّتِهِ وشِدَّتِهِ، حَتّى إنَّهُ رُبَّما وصَلَ إلى حالٍ لا يُصادِفُ مَعَها شُبْهَةً ولا شَهْوَةً ولا ذَنْبًا إلّا أحْرَقَهُ، وهَذا حالُ الصّادِقِ فِي تَوْحِيدِهِ، الَّذِي لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا، فَأيُّ ذَنْبٍ أوْ شَهْوَةٍ أوْ شُبْهَةٍ دَنَتْ مِن هَذا النُّورِ أحْرَقَها، فَسَماءُ إيمانِهِ قَدْ حُرِسَتْ بِالنُّجُومِ مِن كُلِّ سارِقٍ لِحَسَناتِهِ، فَلا يَنالُ مِنها السّارِقُ إلّا عَلى غِرَّةٍ وغَفْلَةٍ لا بُدَّ مِنها لِلْبَشَرِ، فَإذا اسْتَيْقَظَ وعَلِمَ ما سُرِقَ مِنهُ اسْتَنْقَذَهُ مِن سارِقِهِ، أوْ حَصَّلَ أضْعافَهُ بِكَسْبِهِ، فَهُوَ هَكَذا أبَدًا مَعَ لُصُوصِ الجِنِّ والإنْسِ، لَيْسَ كَمَن فَتَحَ لَهُمْ خِزانَتَهُ، ووَلّى البابَ ظَهْرَهُ.


ولَيْسَ التَّوْحِيدُ مُجَرَّدَ إقْرارِ العَبْدِ بِأنَّهُ لا خالِقَ إلّا اللَّهُ، وأنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ومَلِيكُهُ، كَما كانَ عُبّادُ الأصْنامِ مُقِرِّينَ بِذَلِكَ وهُمْ مُشْرِكُونَ، بَلِ التَّوْحِيدُ يَتَضَمَّنُ - مِن مَحَبَّةِ اللَّهِ، والخُضُوعِ لَهُ، والذُّلِّ لَهُ، وكَمالِ الِانْقِيادِ لِطاعَتِهِ، وإخْلاصِ العِبادَةِ لَهُ، وإرادَةِ وجْهِهِ الأعْلى بِجَمِيعِ الأقْوالِ والأعْمالِ، والمَنعِ، والعَطاءِ، والحُبِّ، والبُغْضِ ما يَحُولُ بَيْنَ صاحِبِهِ وبَيْنَ الأسْبابِ الدّاعِيَةِ إلى المَعاصِي، والإصْرارِ عَلَيْها". ["مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (1/ 338-339)].

 

والله تعالى أعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح معنى لا إله إلا الله
  • خطبة لا إله إلا الله
  • لا إله إلا الله محمد رسول الله (بطاقة)
  • حقيقة لا إله إلا الله (خطبة)
  • بعض من مقتضيات لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله
  • فضل تعلم وتعليم شروط لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله
  • شروط لا إله إلا الله
  • معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله)
  • وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (لا إله إلا الله)
  • فضل من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وتغسيل الميت
  • { وهو الله لا إله إلا هو } (خطبة)
  • الطريق إلى العلم بـ(أنه لا إله إلا الله)
  • فضل لا إله إلا الله

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسمع فأعلم وأسكت فأسلم (حكمة في صورة)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فاعلم.. البداية من هنا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا إله إلا الله: منهج حياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى ( فاعلم أنه لا إله الله .. الآية )(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن
  • الزيادة المستمرة لأعداد المصلين تعجل تأسيس مسجد جديد في سانتا كروز دي تنريفه

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/1/1447هـ - الساعة: 10:1
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب