• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الكبائر الشائعة: (9) إيذاء الله تعالى ورسولِه ...
    أبو حاتم سعيد القاضي
  •  
    فصل في معنى قوله تعالى: ﴿وروح منه﴾
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    لبس السلاسل والأساور
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    علة حديث ((الدواب مصيخة يوم الجمعة حين تصبح حتى ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من هم الذين يحبهم الله؟ (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    خطبة (أم الكتاب 2)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    جؤنة العطار في شرح حديث سيد الاستغفار
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    دعوة للمراجعة في التعامل مع التفسير المأثور
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    معارك دعوية!
    د. أحمد عادل العازمي
  •  
    كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    بيع فضل الماء
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    بين هيبة الذنب وهلاك استصغاره
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    ثواب التسبيح خير من الدنيا وما فيها
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    كلام الرب سبحانه وتعالى (1) الأوامر الكونية.. ...
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    القواعد الأصولية المؤثرة في اللقاحات الطبية (PDF)
    د. إسماعيل السلفي
  •  
    صفة الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة عن الزلازل والأعاصير

العبرة من إعصار إرما وزلزال المكسيك
أحمد بن عبدالله الحزيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/10/2017 ميلادي - 24/1/1439 هجري

الزيارات: 20340

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن الزلازل والأعاصير

 

الحمدُ للهِ الذِي خَلَقَ السَّمَواتِ والأَرْضَ، وجَعَلَ الأرضَ قَرارًا ومِهادًا، وفِرَاشًا وبِسَاطًا، أَلْقَى فيها رَواسِيَ أنْ تَمِيدَ بِكُم، وجَعلَ السَّماءَ سَقْفًا مَحفُوظًا، أحمَدُهُ على نِعَمِهِ الظاهرةِ والباطنةِ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَه الخلْقُ والأمرُ وهو علَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ، أَعْرَفُ الخلقِ بِربِّهِ، وأتقَاهُمْ لَهُ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ ومَن تَبعَهم بإحسانٍ وسَلَّمَ تَسلِيمًا كَثيرًا، أما بعدُ:

عبادَ الله:

تقوى اللهِ هي أَوَّلُ ما صاحَ بهِ المرسلونَ في أقوامِهِم، كمَا أخبَرَ اللهُ عَن رُسلِهِ فقالَ: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 106]، وقالَ تعَالى: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 124]، وقال: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 161]، وقال: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 177]، وكانَ نبيُّنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِي بِهَا أَصحابَهُ في خُطَبِهِ ومَواعِظِهِ، فَيقولُ لَهُمْ: "عَليكُمْ بِتقوَى اللهِ"، وقَدْ أَمرَ اللهُ سبحانَه وتعَالى بها نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فقالَ سُبحَانَه: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ [الأحزاب: 1].

 

أيها المؤمنون:

هَبَّتْ رِيحٌ شَديدَةٌ في عهدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعُرِفَ ذَلكَ في وَجهِهِ، وحينَ انْعَقَدَ الغَمَامُ فِي السَّماءِ وتَكَوَّنَ السَّحَابُ رُكَامًا يُرَى عليهِ الصلاةُ والسلامُ يُقبِلُ ويُدبِرُ ويَدْخُلُ البيتَ ويَخْرُجُ، فتَقولُ له عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها: مَا بِكَ يَا رَسولَ اللهِ؟! فيقولُ: "مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ، فَقَالُوا: ﴿ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ﴾ [الأحقاف: 24] فقالَ اللهُ: ﴿ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 24]، تقولُ: فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّيَ عَنْهُ عليهِ الصلاةُ والسلامُ.

معَ أنَّ اللهَ سبحانهُ وتَعَالى قَد جَعَلَهُ أَمَنَةً لأصحابِهِ فقالَ: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾ [الأنفال: 33].

 

عبادَ اللهِ:

قبلَ أيامٍ مَرَّ إِعْصارُ (إيرمَا) الذي دَمَّرَ بعضَ سَواحلِ دُولِ البحرِ (الكَارِيبي) وبعضَ وِلاياتِ (أَمريكا)، وجاءَ بعدَهُ الزِّلزَالُ الذي ضَربَ (المكسِيك) والذي خَلَّفَ دَمَارًا كَبِيراً، وأَصابَ العالَمَ بالذُّهُولِ والهَلَعِ، إنَّ هذِه الأعاصيرَ والزَّلازِلَ لهيَ أعظمُ دَليلٍ على قُدْرةِ الخالقِ العَظِيمِ سبحانَهُ؛ ذَلكَ أنَّهمْ عَلِموا يقينًا بِمَجِيئِهِ، وعَلِموا تَمَامًا حَجمَ الدَّمَارِ الذي سَيُخَلِّفُهُ، لكنْ يا تُرَى ماذَا فَعَلوا اتِّقاءَ شَرِّهِ، والتقليلِ مِن خَطَرِهِ؟ يا تُرى هَلاَّ اسْتعَانُوا بقُوَّاتٍ أجنَبيةٍ لِرَدِّهِ؟ وهلِ اسْتُجْلِبَتْ بَارجاتٌ حَربيةٌ، أوْ قاذفاتُ صَوارِيخ، أوْ بَطارياتُ تَصَدِّي، للحَدِّ منْ قُوَّتِهِ؟، وهلْ قَامُوا باسْتِقْطَابِ مُفكِّرِي العالَمِ، وخُبراءِ الحُروبِ للتَّقلِيلِ مِنْ شَأْنِهِ؟! أمْ هلِ ابتكَرُوا بَرَامِجَ حَاسُوبِيَّةٍ أوْ أجهزةَ إنْذارٍ لتُعِيقَ حَركَتَهُ وتُشَتِّتَ قُوَّتَهُ؟! كُلُّ ذلكَ لَم يَحْدُثْ! بلْ إنَّ غَايةَ مَا فَعَلُوهُ، هو إِجْراءُ بعضِ التَّدَابيرِ الوِقَائِيَّةِ في التَّقلِيلِ منْ حَجْمِ الدَّمَارِ الذي سَيُخَلِّفُهُ والتي يُمكِنُ أنْ يُحْدِثَهَا هذا الإعصَارُ، عَبرَ إعلانِ حَالةِ الطَّوَارئِ، وإِجْلاءِ السُّكَّانِ القَاطِنِينَ على السَّواحِلِ وَوَضْعِهِمْ في أَمَاكِنَ أكثرَ أمَانًا؛ لأنَّه أمرٌ َفوقَ طاقاتِ العقلِ البَشَرِيِّ؟

 

عبادَ اللهِ:

الآيَاتُ والحوَادِثُ والكَوَارثُ والنُّذُرُ كَثِيرةٌ ومُتَنَوِّعةٌ، فهيَ بينَ رِيحٍ مُدَمِّرٍ، أوْ مَوجٍ وفيَضَانٍ عَاتٍ، وتَارةً عبرَ زلزَالٍ مُروِّعٍ، وخَسْفٍ مُهلِكٍ، وعَواصِفَ ثَلجِيّةٍ، أو أمراضٍ مُستَعصِيةٍ وأَوْبِئةٍ مُنتشِرةٍ، وتَارةً عبرَ حُروبٍ طَاحِنَةٍ.

فالزَّلازِلُ والبَرَاكِينُ والعواصفُ الثَّلجِيَّةُ إلى غيرِ ذلكَ، إنَّمَا هيَ آياتٌ مِن آياتِ ربِّ البَريَّةِ، هِي جُندٌ من جُنودِ اللهِ، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31] يُرْسِلُهَا اللهُ تخويفًا للكافرينَ وابتلاءً للمؤمنينَ، وعِتاباً للمقصِّرينَ والمُذْنِبينَ، قالَ ربُّ العالمينَ: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]، إنَّ هذَا كَلامُ مَنْ أيُّها الإخوةُ؟ إنَّه كلامُ اللهِ، ليسَ كلامَ خَطيبٍ على مِنْبَرٍ، ولا رَأْيَ عَالِمٍ في مسجدٍ، لا يَقُلْ أحدٌ أَنَّ هَذا غيرُ صحيحٍ فهيَ ظَواهِرُ طَبيعِيةٌ جَاءَتْ بسببِ اتِّسَاعِ ثُقْبِ الأُوزونِ، أو ارتِفَاعِ دَرَجةِ حَرَارةِ الأَرضِ، أو تَحَرُّكٍ في طَبقَاتِهَا، أو تَصَدُّعٍ في بَاطِنِهَا! حتَّى وإن كانتْ هذِه من أَسبَابِهَا فمَن الذي سَبَّبَ هذه الأسبابَ حتى ثَارَتِ الأرضُ والبِحارُ؟!قالَ قَتَادَةُ:(وَإِنَّ اللَّهَ يُخَوِّفُ النَّاسَ بِمَا شَاءَ مِنْ آيَةٍ، لَعَلَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ، أَوْ يَذَّكَّرُونَ، أَوْ يَرْجِعُونَ).

 

إنَّ هذهِ الكوارثَ الَّتي مَرَّتْ - أيها الإِخوةُ - لا ينبغِي أنْ تَمُرَّ دونَ أنْ نَأخذَ منها بعضَ الدُّرُوسِ والْعِبَرِ، ولَعلَّ من أهَمِّهَا:

قُدْرَةُ العَليمِ القَدِيرِ على تَصْرِيفِ الكَونِ وتَدبِيرِهِ؛ فإنَّهُ لا رَادَّ لقضَائِهِ، ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وأنَّهُ سُبحَانهُ إذا قضَى أمرًا فإنَّما يَقولُ لهُ كُنْ فَيكُونُ، وواللهِ لوِ اجْتَمَعَ أهلُ الأرضِ كُلُّهُمْ معًا مَا اسْتطَاعوا أنْ يَرُدُّوا شيئًا أو أَمْراً قَدْ قدَّرَهُ اللهُ تعَالى.

ومِنها: أخذُ العِبرَةِ والعِظَةِ؛ وذلكَ أنَّ العبدَ يَرَى هذا العَجزَ العظيمَ للبشَرِيَّةِ، في وَقتٍ وصَلَتْ قُدرةُ البشَرِ في اختِرَاعَاتِهَا وإنجَازَاتِهَا، شيئًا لمْ يَصِلْ أحدٌ مِنْ قبلُ إليهِ.

فقدرةُ اللهِ لا حَدَّ لَها، فالكَونُ كُلُّهُ بإِنْسِهِ وجِنِّهِ وأرضِهِ وسمائِهِ وهوائِهِ ومائِهِ وبَرِّهِ وبحرِهِ وكَواكِبِهِ ونجُومِهِ وكلِّ مخلوقَاتِهِ مَا عَلِمنَا منها ومَا لَمْ نَعلَمْ، كُلُّهَا مُسَخَّرَةٌ بأمرِهِ سُبحانَه.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إنَّ السَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وَكَمْ نَنْشَغِلُ بِأَحْدَاثِ الآخَرينَ وَنَنْسَى أَنْفُسَنَا، وَاللهُ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ، وَقَدْ يَبْتَلِي اللهُ قَوْمًا بِالضَّرَّاءِ وَيَبْتَلِي غَيْرَهُمْ بِالسَّرَّاءِ، وَالْمِسْكِينُ مَنْ خَدَعَهُ الْأَمَلُ، وَغَرَّهُ طُولُ الْأَجَلِ، وَفِي الْقُرْآنِ تَذْكيرٌ مُسْتَمِرٌّ لَنَا بِمَنْ أَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ، وَبِمَنْ أَصْبَحُوا لَا يُرَى إلَّا مَسَاكِنُهُمْ، وَتَذْكيرٌ كَذَلِكَ بِالْقَرْيَةِ الآمِنَةِ الْمُطْمَئِنَّةِ الَّتِي يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ؛ فَهَلْ نَتَّعِظُ - عِبَادَ اللَّهِ - بِمَنْ مَضَى وَمَنْ بَقَى.

 

قَالَ الْإمَامُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ: (فَالْوَاجِبُ عِنْدَ الزَّلازِلِ وَغَيْرِهَا مِنَ الآياتِ وَالْكُسُوفِ وَالرِّياحِ الشَّدِيدَةِ والفَيضَانَاتِ: الْبِدَارُ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ سُبْحَانَه، وَالضَّرَاعَةُ إِلَيه، وَسُؤَالُهُ الْعَافِيَةَ، وَالْإكْثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ وَاِسْتِغْفارِهِ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْكُسُوفِ: "فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ودُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ"، وَيُسْتَحَبُّ أيضًا: رَحْمَةُ الْفُقَراءِ وَالْمسَاكِينِ، وَالصَّدَقَةُ عَلَيهِمْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأرْضِ، يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ"، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ". وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنَّه كَانَ يَكْتُبُ إِلَى أُمَرَائِهِ عِنْدَ وُجُودِ الزَّلْزَلَةِ أَنْ يَتَصَدَّقُوا. وَمِنْ أَسْبَابِ الْعَافِيَةِ وَالسَّلاَمَةِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ: مُبَادَرَةُ وُلاَةِ الْأُمُورِ بِالْأخْذِ عَلَى أَيْدِي السُّفَهَاءِ، وَإِلْزَامِهِمْ بِالْحَقِّ وَتَحْكِيمِ شَرْعِ اللَّهِ فِيهِمْ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ)، انتهى كلامُه رَحِمَهُ اللهُ.

نَسْأَلُ اللهَ الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَجْعَلَنَا آمِنِينَ مُطْمَئِنِّينَ، وَأَنْ يَدْفَعَ عَنَّا الزَّلازِلَ، وَالْمِحَنَ، وَالْبَلايَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ بَاتَ فِي سِرْبِهِ آمناً، وَمِمَّنْ حَفِظَهُ اللَّهُ بِالْإِسْلامِ قَائِمًا وَقَاعِدًا. بَارَكَ اللهُ لي ولكم....

♦ ♦ ♦ ♦

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ الواحدِ القهَّارِ، العزيزِ الغفارِ، مُقَدِّرِ الأقدارِ، مُصَرِّفِ الأُمورِ، مُكَوِّرِ الليلِ على النهارِ؛ تَبصِرةً لأُولِي القلُوبِ والأبصارِ. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ إقرارًا بِوَحْدَانِيَّتِهِ، واعْتِرَافًا بِمَا يَجبُ على الخلقِ كافَّةً مِن الإذعانِ لِرُبُوبِيَّتِهِ.

 

وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ صَلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وأصحَابِهِ ومَن سَارَ علَى نَهجِهِ وتَمَسَّكَ بسُنَّتِهِ واتَّبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ، ونَحنُ معَهُم يَا أرحمَ الرَّاحِمينَ.. أما بعدُ:

عبادَ اللهِ:

تَخَيَّلُوا الْفَجِيعَةَ الَّتِي حَصَلَتْ بِمَا سَمِعْنَا مِنَ الْإعْصَارِ وَالزِّلْزالِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا الجُثَثَ الْمُتَرَامِيَةَ، وَالْأَشْلاَءَ الْمُتَنَاثِرَةَ، وَالدِّماءَ النَّازِفَةَ، وَالْهَلَعَ الْمُتَزَايِدَ، كُلُّ هَذَا بِسَبَبِ زِلْزالٍ بَسيطٍ، فِي بُقْعَةٍ مُحَدَّدَةٍ مِنَ الْأرْضِ؛ فَمَاذَا يَحْصُلُ لَوْ وَقَعَ الزِّلزِالُ فِي الْأرْضِ كُلِّهَا؟! تَخَيَّلُوا زِلْزالاً يَهُزُّ الْأرْضَ كُلَّهَا -وَسَيَحْصُلُ هَذَا بَلَا شَكٍّ- فَهَلْ أَخَذْتُمْ حِسَابَكُمْ وَاِحْتِيَاطَاتِكُمْ لِلزِّلْزالِ الْأكْبَرِ الَّذِي سَيَضْرِبُ الْأرْضَ كُلَّهَا، لَا بَلْدَةً وَحْدَهَا وَلَا الْجَزِيرَةَ وَحْدَهَا، وَلَا قَارَّةً من الْقَارَّاتِ، لَكِنَّه زِلْزالٌ عَظِيمٌ، سَيُصِيبُ الْأرْضَ مِنْ قَاعِهَا لَا قِشْرَتِهَا فَحَسْب؛ قَالَ اللهُ - ومَن أَصدَقُ مِن اللهِ قِيلاً -: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 1 - 8].

 

فمَاذَا عَمِلْنَا؟ وهَلِ احْتَطْنَا لذلكَ الزلزالِ الأكبرِ، ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48].

إِنَّهُ زِلْزالُ الْيَوْمِ الَّذِي سَيَنْفَضِحُ بَعْدَه كُلُّ مُجْرِمٍ: عَمِلْتَ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا، وَعَمِلْتَ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا.

 

ثُمَّ اعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ مَا يَحِلُّ بِالنَّاسِ مِنَ الْمَآسِي وَالْمَصَائِبِ بِالزَّلازِلِ وَالْكَوَارِثِ فِي الدُّنْيا -مَهْمَا كَانَتْ شَدِيدَةً مُؤْلِمَةً- فَهِي أخفُّ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، الَّذِي تَوَعَّدَ اللهُ بِهِ الْمُعْرِضِينَ عَنْ شَرْعِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [السجدة: 21].

فاتقوا اللهَ-عبادَ اللهِ- في أنفُسِكُمْ، وتُوبُوا مِن ذُنُوبِكُمْ، وقُومُوا على أولادِكُمْ وأَهلِيكُم، وأنقِذُوهُم وأنْفُسَكُم من عَذابِ اللهِ؛ قالَ تعَالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

عباد الله:

صَلُّوا على الهَادِي البَشِيرِ مُحمَّدٍ
تَحْظَوْا من الرحمنِ بالغُفْرانِ
فاللهُ قَد أثْنَى عليهِ مُصَرِّحًا
في مُحْكَمِ الآياتِ والقُرآنِ

اللهمَّ صَلِّ عليهِ وعلَى آلِهِ وصَحبِهِ وسَلِّمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إعصار غونو
  • إعصار ماينمار وزلزال الصين
  • إعصار ساندي
  • قوة الثبات في وجه إعصار القطيعة
  • الإعصار آية من آيات الجبار (خطبة)
  • الزلازل آيات يخوف الله بها العباد (خطبة)
  • كثرة الزلازل وظهور الخسف، والقذف، والمسخ (خطبة)
  • خطبة العواصف والأعاصير

مختارات من الشبكة

  • من هم الذين يحبهم الله؟ (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (أم الكتاب 2)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • كنوز من الأعمال الصالحة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: التوحيد عليه نحيا ونموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة النصر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: استشعار التعبد وحضور القلب (باللغة الإندونيسية)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سبيل الإفلاس التجسس على الناس (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الدعوة إلى العمل الصالح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مشكلة الفقر وحلولها في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام دورة قرآنية ناجحة في توزلا بمشاركة واسعة من الطلاب المسلمين
  • يوم مفتوح للمسجد للتعرف على الإسلام غرب ماريلاند
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/5/1447هـ - الساعة: 14:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب