• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بحث في حال ابن إسحاق (WORD)
    سليمان المهنا
  •  
    السوق بين ضوابط الشرع ومزالق الواقع (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    فوائد من توبة سليمان الأواب (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وحمايته ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    حياة مؤجلة! (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الرد على المقال المتهافت: أكثر من 183 سنة مفقودة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    التسبيح عون للمنافسة في الطاعات
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    اقرأ كتابك
    صلاح عامر قمصان
  •  
    زكاة الجاه (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    مرويات الهجوم على بيت السيدة فاطمة الزهراء رضي ...
    محمد نذير بن عبدالخالق
  •  
    الطريق إلى سعادة القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    أقوال العلماء في الصداقة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    كثرة السجود... طريقك لرفقة الحبيب (صلى الله عليه ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التوكل على الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    كراهية قول: قوس قزح
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2017 ميلادي - 7/10/1438 هجري

الزيارات: 13824

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًّا

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ﴾، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴾ [الحج: 77، 78].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، يَدخُلُ مَوسِمٌ وَيَخرُجُ، وَيَأتي آخَرُ وَيَذهَبُ، وَتَتَقَلَّبُ بِالعِبَادِ الأَحوَالُ، وَيَتَعَاقَبُ عَلَيهِمُ اللَّيلُ وَالنَّهَارُ، وَيُصبِحُونَ في شَأنٍ وَيُمسُونَ في آخَرَ، وَيُشغَلُونَ وَيَفرُغُونَ، وَيَصِحُّونَ وَيَسقَمُونَ، وَيَغتَنُونَ وَيَفتَقِرُونَ، وَلا شَكَّ أَنَّ كُلَّ هَذَا يُغَيِّرُ مَا اعتَادُوا عَلَيهِ وَيُؤَثِّرُ في مَسِيرَةِ كُلِّ فَردٍ مِنهُم، غَيرَ أَنَّ في حَيَاةِ المُؤمِنِ أَصلاً عَظِيمًا لا يَزَالُ بِهِ مُتَمَسِّكًا وَلَهُ مُلازِمًا، وَمَنهَجًا قَوِيمًا لا يَحِيدُ عَنهُ مَا دَامَ حَيًّا، لا لأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنَ الآبَاءِ وَالأَجدَادِ، أَو فَرَضَتهُ عَلَيهِ عَادَاتٌ أَو قَيَّدَتهُ بِهِ أَنظِمَةٌ، وَلَكِنْ لأَنَّهُ الغَايَةُ مِن إِيجَادِهِ في هَذَا الكَونِ وَإِنزَالِهِ عَلَى هَذِهِ الأَرضِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾ [النحل: 36].

 

وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92].

 

أَجَل - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ العِبَادَةَ هِيَ أَصلُ الأُصُولِ وَغَايَةُ الغَايَاتِ، وَهِيَ حَقُّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَكُلُّ مَا هُيِّئَ لِلإِنسَانِ في هَذَا الكُونِ وَسُخِّرَ لَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ مِن أَجلِهَا وَلَهَا، فَفي الصَّحِيحَينِ عَن مُعَاذٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كُنتُ رِدْفَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَلَى حِمَارٍ فَقَالَ: " يَا مُعَاذُ، هَل تَدرِي حَقَّ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ العِبَادِ عَلَى اللهِ ؟! " قُلتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ. قَالَ: " فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى العِبَادِ أَن يَعبُدُوهُ وَلا يُشرِكُوا بِهِ شَيئًا، وَحَقَّ العِبَادِ عَلَى اللهِ أَلاَّ يُعَذِّبَ مَن لا يُشرِكُ بِهِ شَيئًا " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 7] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [هود: 7] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 1، 2].

 

إِنَّ العِلمَ بِهَذَا - أَيُّهَا الإِخوَةُ - عِلمٌ شَرِيفٌ جَلِيلٌ، بَل يَكَادُ يَكُونُ هُوَ أَشرَفَ العُلُومِ وَأَجَلَّهَا، إِذْ لَو عَلِمَهُ النَّاسُ حَقَّ العِلمِ وَفَقِهُوهُ تَمَامَ الفِقهِ، لَمَا كَانَ اختِلافُ الأَحوَالِ وَتَقَلَّبُ الأَزمَانِ، أَو تَكَاثُرُ المُؤَثِّرَاتِ وَتَعَدُّدُ الأَسبَابِ دَاعِيًا لأَن تَختَلَّ هَذِهِ الوَظِيفَةُ الجَلِيلَةُ لَدَى أَحَدٍ مِنهُم مِن يَومٍ لآخَرَ، أَو يَتَفَاوَتَ تَمَسُّكُهُ بها مِن زَمَنٍ لِزَمَنٍ، أَو يَتَذَبذَبَ فِيهَا مِن مَكَانٍ لِمَكَانٍ أَو حَالٍ لأُخرَى، نَعَم - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - إِنَّ مَن عَلِمَ عِلمَ يَقِينٍ أَنَّهُ عَبدٌ للهِ، مَخلُوقٌ لِطَاعَتِهِ، لا يَخرُجُ عَن سُلطَانِهِ فَلا بُدَّ أَن يَعلَمَ أَنَّ العِبَادَةَ المَأمُورَ بها لَيسَت قَضِيَّةً مِزَاجِيَّةً أَو حَالَةً نَفسِيَّةً، أَو مُتَغَيِّرًا يَخضَعُ لِلمُؤَثِّرَاتِ أَيًّا كَانَت، وَلَكِنَّهَا قَضِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، تَتَضَمَّنُ مَعنَى الذُّلِّ وَمَعنَى الحُبِّ، بَل تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الذُّلِّ وَكَمَالَ الحُبِّ وَغَايَتَهُمَا، يَجِبُ لِتَحقِيقِهَا في النَّفسِ أَن يَكُونَ اللهُ أَحَبَّ إِلى العَبِدِ مِن كُلِّ شَيءٍ، وَأَن يَكُونَ الخَالِقُ أَعظَمَ عِندَهُ مِن كُلِّ شَيءٍ، وَالعِبَادَةُ بِهَذَا هِيَ اسمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرضَاهُ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَعمَالِ البَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ. وَقَد وَصَفَ اللهُ بِالعِبَادَةِ أَعظَمَ خَلقِهِ وَأَشرَفَهُم، مِن المَلائِكَةِ وَالأَنبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ المُخلَصِينَ وَالأَبرَارِ المُكرَمِينَ، وَذَمَّ المُستَكبِرِينَ عَنهَا وَالمُستَنكِفِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ ﴾ [الأنبياء: 19، 20] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 26، 27] وَقَالَ - تَعَالى - عَن نُوحٍ - عَلَيهِ السَّلامُ -: " ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبدًا شَكُورًا " وَقَالَ عَن عِيسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: " إِن هُوَ إِلاَّ عَبدٌ أَنعَمنَا عَلَيهِ وَجَعَلنَاهُ مَثَلاً لِبَني إِسرَائِيلَ " وَقَالَ عَن جَمعٍ مِن أَنبِيَائِهِ المُصطَفَينَ: ﴿ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ ﴾ [ص: 45 - 47] وَقَالَ عَن دَاوُدَ - عَلَيهِ السَّلامُ - ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 17] وَقَالَ عَن سُلَيمَانَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ وَقَالَ عَن أَيُّوبَ - عليه السلام -: ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ ﴾ [ص: 41] وَبِالعُبُودِيَّةِ نَعَتَ اللهُ نَبِيَّهُ في أَكمَلِ أَحوَالِهِ، فَقَالَ في الإِسرَاءِ: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا ﴾ [الإسراء: 1] وَقَالَ في الإِيحَاءِ: ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ [النجم: 10] وَقَالَ في الدَّعوَةِ: " وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبدُاللهِ يَدعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدًا " وَقَالَ في التَّحَدِّي: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ: " لا تُطرُوني كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى عَيسَى بنَ مَريَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبدٌ، فَقُولُوا عَبدُاللهِ وَرَسُولُهُ " وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴾ [الإنسان: 5، 6] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

 

بِالعُبُودِيَّةَ للهِ - سُبحَانَهُ - حَقًّا وَصِدقًا، تَستَقِيمُ حَيَاةُ الإِنسَانِ، وَيَنجُو مِنَ سُبُلِ الغِوَايَةِ، وَيَجتَنِبُ السَّيِّئَاتِ وَالمُوبِقَاتِ، وَيُكفَى شُرُورَ الشَّيَاطِينِ، وَيَسلَمُ مِنَ الفَوَاحِشِ وَالمُنكَرَاتِ، وَالعَكسُ صَحِيحٌ في حَقِّ مَنِ استَسلَمَ لِهَوَاهُ فَعَبَدَ غَيرَ اللهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ - عَنِ الشَّيطَانِ: ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الحجر: 39 - 43] وَقَالَ - تَعَالى - في حَقِّ يُوسُفَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " تَعِسَ عَبدُ الدِّينَارِ وَالدِّرهَمِ وَالقَطِيفَةِ وَالخَمِيصَةِ..." الحَدِيثَ... رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَلْنَدُمْ عَلَى عِبَادَتِهِ وَلْنَلْزَمْ طَاعَتَهُ، فَإِنَّ أَحَبَّ الأَعمَالِ إِلَيهِ - سُبحَانَهُ - مَا دَامَ عَلَيهِ صَاحِبُهُ، وَطَرِيقَ النَّجَاةِ وَدُخُولَ الجَنَّةِ هُوَ لُزُومُ التَّعَبُّدِ وَاستِدَامَةُ العَمَلِ الصَّالِحِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [الزخرف: 68 - 73]

♦    ♦    ♦


أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَاعبُدُوهُ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، عِبَادَةُ اللهِ مَنهَجُ حَيَاةٍ كَامِلَةٍ، وَأَنفَاسٌ رُوحٍ مُتَتَابِعَةٍ، بَدءًا مِن بُلُوغِ سِنِّ الرُّشدِ وَالتَّكلِيفِ، وَانتِهَاءً بِانقِطَاعِ النَّفَسِ بِالمَوتِ وَمُغَادَرَةِ الدُّنيَا بِالفَنَاءِ، فَلَيسَ رَمَضَانُ وَحدَهُ هُوَ الوَقتَ الَّذِي يَستَقِيمُ فِيهِ النَّاسُ وَيَتَعَبَّدُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَجتَهِدُونَ، ثم يَتَكَاسَلُونَ بِخُرُوجِهِ وَيَفتُرُونَ أَو يَنقَطِعُونَ، وَلَيسَت أَيَّامُ الدِّرَاسَةِ وَالدَّوَامِ، أَو أَوقَاتُ الوَظَائِفِ وَالأَعمَالِ هِيَ الَّتي تُنَظِّمُ وَقتَ المُسلِمِ لِيَنَامَ في وَقتٍ مُحَدَّدٍ وَيَصحُو في سَاعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلا حَالاتُ الشِّدَّةِ أَوِ الخَوفِ أَوِ المَرَضِ هِيَ الَّتِي تُضعِفُ القُلُوبَ وَتُعَلِّقُهَا بِرَبِّهَا وَتُعِيدُهَا إِلَيهِ، فَالمُؤمِنُ يُصَلِّي الفَجرَ مَعَ الجَمَاعَةِ سَهِرَ أَو نَامَ مُبَكِّرًا، وَيَتَّقِي اللهَ في حَضَرٍ أَو سَفَرٍ، وَيُرَاقِبُهُ في سِرٍّ وَعَلَنٍ، وَيَخَشَاهُ في مَنشَطِهِ وَمَكرَهِهِ، وَيَستَحيِي مِنهُ أَمَامَ النَّاسِ أَو وَهُوَ خَالٍ بِنَفسِهِ، وَيَستَقِيمُ عَلَى أَمرِ خَالِقِهِ وَنَهيِهِ في حَالِ تَمَسُّكِ النَّاسِ بِالدِّينِ وَإِقبَالِهِم وَنَشَاطِهِم، أَو في حَالِ تَخَلِّيهِم عَنهُ وَتَفرِيطِهِم فِيهِ وَفُتُورِهِم، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163] وَقَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عِيسَى - عَلَيهِ السَّلامُ -: " وَأَوصَاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيًّا " وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - مَادِحًا عِبَادَهُ بِدَوَامِهِم عَلَى عَمَلٍ مِن خَيرِ الأَعمَالِ الصَّالِحةِ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].

 

وَأَثنى - تَعَالى - عَلَى أَهلِ العُقُولِ بِدَوَامِ ذِكرِهِ فَقَالَ: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191] وَوَعَدَ بِالجَنَّةِ الدَّائِمِينَ على الاتِّصَالِ بِهِ المُحَافِظِينَ عَلَى طَاعَتِهِ فَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ [المعارج: 19 - 23] إِلى أَن قَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 34، 35] وَلَمَّا سَأَلَ مُعَاذٌ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: أَيُّ الأَعمَالِ أَحَبُّ إِلى اللهِ ؟! قَالَ لَهُ: " أَن تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطبٌ مِن ذِكرِ اللهِ " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

بَل إِنَّهُ كُلَّمَا غَفَلَ النَّاسُ أَو افتُتِنُوا، أَوِ التَفَتُوا وَتَفَلَّتُوا، كَانَ المُؤمِنُ مَأمُورًا بِالاستِقَامَةِ وَالتَّعَبُّدِ لِرَبِّهِ، وَكَانَ أَجرُهُ عَلَى ذَلِكَ أَعظَمَ وَثَوَابُهُ أَكمَلَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 110] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " العِبَادَةُ في الهَرجِ كَهِجرَةٍ إِلَيَّ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ الإِسلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، فَطُوبى لِلغُرَبَاءِ " قِيلَ: مَن هُم يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " الَّذِينَ يَصلُحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ " صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث أبي هريرة: أوصاني خليلي بثلاث...
  • حديث: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ...
  • الزكاة وأثرها في تحقيق التوازن المجتمعي
  • الزكاة
  • الصلاة والطهارة لأهل الأعذار

مختارات من الشبكة

  • النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بكثرة الصلاة عليه يوم وليلة الجمعة(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس البر من قصة جريج (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الصمت حكمة وقليل فاعله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطوة الكبر وجمال التواضع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطورة الكبر وجمال التواضع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: لا تحزن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السماحة بركة والجشع محق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أمنا أم المؤمنين الطاهرة عائشة رضي الله عنها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التفاف الرعية بالراعي ونبذ الفرقة والشقاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/6/1447هـ - الساعة: 16:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب