• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: ليس منا (الجزء الأول)
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    خطبة: مخاطر إدمان السوشيال ميديا على الشباب
    السيد مراد سلامة
  •  
    شموع (114)
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مختارات من كتاب الباعث الحثيث في مصطلح الحديث
    مجاهد أحمد قايد دومه
  •  
    خطبة بدع ومخالفات في المحرم
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الـعـفة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    ملاذ الضعفاء: حقيقة اللجوء (خطبة)
    محمد الوجيه
  •  
    حفظ اللسان وضوابط الكلام (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    بين "العلل الصغير" و"العلل الكبير" للإمام الترمذي
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    بيتان شعريان في الحث على طلب العلم
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    من قال إنك لا تكسب (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير: (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    آداب حملة القرآن: أهميتها وجهود العلماء فيها
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    السماحة بركة والجشع محق (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإمام محمد بن إدريس الشافعي (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

فاستهدوني أهدكم

فاستهدوني أهدكم
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/4/2013 ميلادي - 11/6/1434 هجري

الزيارات: 14902

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فاستهدوني أهدكم


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 35]

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَوَى مُسلِمٌ وَغَيرُهُ عَن عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "قُلِ اللَّهُمَّ اهدِني وَسَدِّدْني، وَاذكُرْ بَالهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَبِالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهمِ".

 

الهِدَايَةُ وَالسَّدَادُ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - ضَرُورَةٌ يَحتَاجُ إِلَيهَا كُلُّ مَن في الأَرضِ، الرَّجُلُ وَالمَرأَةُ، وَالصَّغِيرُ وَالكَبِيرُ، وَالطَّائِعُ وَالعَاصِي، وَالمُؤمِنُ وَالكَافِرُ، جَمِيعُهُم يَحتَاجُونَ إِلى الهِدَايَةِ وَالسَّدَادِ، وَكُلُّهُم في ضَرُورَةٍ إِلى أَن يَستَهدُوا رَبَّهُم وَيَطلُبُوا مِنهُ التَّوفِيقَ وَالرَّشَادَ. وَحِينَ يَظُنُّ بَعضُ النَّاسِ أَنَّهُ قَد بَلَغَ الغَايَةَ في الهِدَايَةِ، أَو لَبِسَ ثَوبَ الكَمَالِ في السَّدَادِ، فَإِنَّهُ لا بُدَّ أَن يَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَد أُوجِبَ عَلَيهِ أَن يَقرَأَ في كُلِّ يَومٍ أَكثَرَ مِن سَبعَ عَشرَةَ مَرَّةً قَولَ اللهِ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ اِهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ﴾  [الفاتحة: 7] وَلْيَتَذَكَّرْ قَولَ المَولى - تَعَالى - في الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ: "يَا عِبَادِي، كُلُّكُم ضَالٌّ إِلاَّ مَن هَدَيتُهُ، فَاستَهدُوني أَهدِكُم" وَلْيَتَذَكَّرِ المُسلِمُ أَيضًا أَنَّ أَهدَى النَّاسِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيلِ افتَتَحَ صَلاتَهُ بِقَولِهِ: " اللَّهُمَّ رَبَّ جِبرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ عَالِمَ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ، اهدِنِي لما اختُلِفَ فِيهِ مِن الحَقِّ بِإِذنِكَ إِنَّكَ تَهدِي مَن تَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

وَعِندَ النَّسَائيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عن جَابِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - إِذَا استَفتَحَ الصَّلاةَ كبَّرَ ثمَّ قالَ: "إنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيَايَ وَمَمَاتي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرتُ وَأَنَا مِنَ المُسلِمِينَ، اللَّهُمَّ اهدِني لأَحسَنِ الأَعمَالِ وَأَحسَنِ الأَخلاقِ لا يَهدِي لأَحسَنِهَا إِلاَّ أَنتَ، وَقِني سَيِّئَ الأَعمَالِ وَسَيِّئَ الأَخلاقِ لا يَقِي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنتَ" وَعَنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: عَلَّمَني رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ في قُنُوتِ الوِترِ: "اللَّهُمَّ اهدِني فِيمَن هَدَيتَ، وَعَافِني فِيمَن عَافَيتَ..." الحَدِيثَ رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَغَيرُهُم وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ العِبَادَ بِحَاجَةٍ إِلى رَبِّهِم في كُلِّ لَحظَةٍ مِن لَحَظَاتِ حَيَاتِهِم، وَلا غِنى لهم عَنهُ طَرفَةَ عَينٍ أَو لَمحَ بَصَرٍ، وَتَزدَادُ هَذِهِ الحَاجَةُ وَتَتَأَكَّدُ، وَنَحنُ اليَومَ في عَالمٍ اضطَرَبَت فِيهِ الأَفكَارُ وَتَاهَتِ العُقُولُ، وَحَارَتِ الأَفهَامُ وَزَلَّتِ الأَقدَامُ، وَتَكَلَّمُ الرُّوَيبِضَةُ وَنَطَقَ السُّفَهَاءُ، وَتَولىَّ الأَصَاغِرُ وَتَعَالَمَ الجُهَلاءُ، وَاجتَرَأَ فِيهِ كُلُّ مَن هَبَّ وَدَبَّ عَلَى شَرعِ اللهِ، وَتُكُلِّمَ فِيهِ بِغَيرِ عِلمٍ وَلا حُجَّةٍ، وَشُرِّقَ وَغُرِّبَ بِلا دَلِيلٍ وَلا بُرهَانٍ، حَتى تَزَعزَعَت بَعضُ الثَّوَابِتِ في قُلُوبِ أُنَاسٍ وَكَادُوا يَضِلُّونَ، بَل ضَلَّ مَن ضَلَّ وَانتَكَسَ مَنِ انتَكَسَ، وَهَذَا هُوَ عَينُ مَا ذَكَرَهُ الحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَخَافَهُ عَلَى أُمَّتِهِ حَيثُ قَالَ: "إِنَّ اللهَ - تَعَالى - لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزَاعًا يَنتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَمَاءِ، حَتى إِذَا لم يُبقِ عَالمًا اتَّخذَّ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفتَوا بِغَيرِ عِلمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتي الأَئِمَّةُ المُضِلُّونَ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ" رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الهِدَايَةَ الَّتِي نَحتَاجُ إِلَيهَا، وَحَرِيٌّ بِنَا أَن نُلِحَّ عَلَى اللهِ في سُؤَالِهَا وَطَلَبِهَا، لَيسَت هِدَايَةَ العِلمِ فَحَسبُ، فَهَذِهِ لم تَزَلْ - وَللهِ الحَمدُ - مَوجُودَةً وَإِن عَلاها مَا عَلاهَا مِن غَبَشٍ بِسَبَبِ الأَئِمَّةِ المُضِلِّينَ وَالمُتَعَالِمِينَ المُتَفَاصِحِينَ، وَلَكِنَّ الهِدَايَةَ الأَهَمَّ وَالأَجَلَّ وَالأَعظَمَ، وَالَّتي هِيَ مَحضُ عَطَاءٍ مِنَ اللهِ لِمَن شَاءَ مِن عِبَادِهِ، حَيثُ لا يَملِكُهَا إِلاَّ هُو - عَزَّ وَجَلَّ، هِيَ هِدَايَةُ التَّوفِيقِ وَالإِلهَامِ، وَالإِيصَالِ إِلى الخَيرِ وَالتَّثبِيتِ عَلَيهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا ﴾ [الكهف: 17] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا ﴾ [الأنعام: 125]  فَالقُلُوبُ بِيَدِ اللهِ - سُبحَانَهُ - يُدخِلُ الإِيمَانَ بِرَحمَتِهِ في أَيٍّ مِنهَا شَاءَ، وَيَمنَعُهُ بِعَدلِهِ وَحِكمَتِهِ مَن شَاءَ، وَيُيَسِّرُ الهِدَايَةَ لِمَن شَاءَ، وَيَخذُلُ مَن شَاءَ، وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّم ٍلِلعَبِيدِ، وَمَن أَرَادَ أَن يَعرِفَ قَدرَ هَذِهِ الهِدَايَةِ وَعَظِيمِ امتِنَانِ اللهِ بها عَلَى مَن يَشَاءُ، فَلْيَنظُرْ إِلى أُولَئِكَ الَّذِينَ وَصَلَت بهم عُقُولُهُم إِلى غَزوِ الفَضَاءِ، وَصَنَعُوا مَا يُمَكِّنُهُم مِنَ العَيشِ تَحتَ المَاءَ، وَاهتَدُوا بِتَفكِيرِهِم إِلى صِنَاعَةِ أَعتَى القَنَابِلِ وَأَدَقِّ الأَجهِزَةِ، ثم هُم مَعَ هَذا لم يُهدَوا لِيَحنُوا ظُهُورَهُم لِرَبِّهِم رُكَّعًا، وَلم يُوَفَّقُوا لِتَعفِيرِ جِبَاهِهِم بَينَ يَدَي مَولاهُم سُجَّدًّا، وَبَقُوا مُنغَمِسِينَ في أَوحَالِ الضَّلالِ، مُظلِمَةً بِهِ أَروَاحُهُم وَقَلُوبُهُم، طَويلاً مِنهُ شَقَاؤُهُم وَعَنَاؤُهُم، قَد رَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَاطمَأَنُّوا بها، وَغَفَلُوا عَن آيَاتِ اللهِ الشَّرعِيَّةِ وَالكَونِيَّةِ، لا يَرجُونَ في الآخِرَةِ فَوزًا وَلا فَلاحًا، وَلا يَنتَظِرُونَ نَجَاةً وَلا سَعَادَةً. وَهَكَذَا - إِخوَةَ الإِيمَانِ - فَإِنَّ مَن لم يَهدِهِ اللهُ لِطَرِيقِ الحَقِّ وَيُوَفِّقْهُ لِسُلُوكِهِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ نَادَاهُ صَوتُ الفِطرَةِ مِن دَاخِلِهِ، أَو بَدَت أَمَامَهُ الحِجَجُ الدَّامِغَاتُ وَالآيَاتُ البَيِّنَاتُ، إِلاَّ أَنَّهُ لا يُؤمِنُ وَلا يَعرِفُ طَرِيقَ الحَقِّ، وَمِن أَكبَرِ أَسبَابِ ذَلِكَ - وَالعِلمُ عِندَ اللهِ - الكِبرُ وَالطُّغيَانُ وَالاعتِدَادُ بِالنَّفسِ وَالعِنَادُ، وَشِدَّةُ الغَفلَةِ وَعَدَمُ الخُضُوعِ لِلحَقِّ وَإِن ظَهَرَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 146] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 124، 125] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الحشر: 19] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ ﴾ [الحشر: 19] أَلا فَمَا أَحرَى المُسلِمَ أَن يَنطَرِحَ بَينَ يَدَي رَبِّهِ وَيُقبِلَ عَلَيهِ مُخلِصًا مِن قَلبِهِ، وَيَسأَلَهُ سُؤَالَ الخَائِفِ الذَّلِيلِ الخَاضِعِ المُستَكِينِ، أَن يَهدِيَهُ وَيُعِينَهُ وَيُرشِدَهُ وَيُسَدِّدَهُ، وَيُثَبِّتَهُ عَلَى الهُدَى حَتى يَلقَاهُ، وَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَرِيٌّ بِأَن يَزِيدَهُ اللهُ مِن فَضلِهِ، كَمَا قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17] وَقَد وَجَّهَ بِذَلِكَ نَبِيُّنَا - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مَن يُحِبُّهُ وَأَمَرَهُ بِهِ، فَعَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِهِ يَومًا ثُمَّ قَالَ: "يَا مُعَاذُ، وَاللهِ إِني لأُحِبُّكَ" فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: بِأَبي أَنتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا وَاللهِ أُحِبُّكَ. قَالَ: "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ، لا تَدَعَنَّ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ أَن تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائيُّ وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. قَالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيِّمِيَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ -: إِذَا أُلهِمَ العَبدُ أَن يَسأَلَ اللهَ الهِدَايَةَ وَيَستَعِينَهُ عَلَى طَاعَتِهِ أَعَانَهُ وَهَدَاهُ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ سَعَادَتِهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَإِذَا خُذِلَ العَبدُ فَلَم يَعبُدِ اللهَ وَلم يَستَعِنْ بِهِ وَلم يَتَوَكَّلْ عَلَيهِ، وُكِلَ إِلى حَولِهِ وَقُوَّتِهِ، فَيُوَلِّيهِ الشَّيطَانَ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَشَقِيَ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ. وَقَالَ - رَحِمَهُ اللهُ -: وَلِهَذَا كَانَ أَنفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعظَمُهُ وَأَحكَمُهُ دُعَاءَ الفَاتِحَةِ ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 6، 7] فَإِنَّهُ إِذَا هَدَاهُ هَذَا الصِّرَاطَ أَعَانَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَركِ مَعصِيَتِهِ، فَلَم يُصِبْهُ شَرٌّ لا في الدُّنيا وَلا في الآخِرَةِ... اللَّهُمَّ اهدِنَا وَيَسِّرِ الهُدَى لَنَا، وَأَلهِمْنَا رُشدَنَا وَقِنَا شَرَّ أَنفُسِنَا.

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَاحمَدُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُم، وَإِيَّاكُم وَالنُّكُوصَ عَلَى الأَعقَابِ إِيَّاكُم ثُمَّ إِيَّاكُم، فَإِنَّ مِنَ الظُّلمِ البَيِّنِ وَالخُسرَانِ الفَادِحِ، أَن يَهدِيَ اللهُ عَبدًا لِلإِيمَانِ وَيُذِيقَهُ حَلاوَتَهُ، ثم يَكفُرَ نِعمَةَ اللهِ عَلَيهِ، وَيَغتَرَّ بِكَثرَةِ المُتَسَاقِطِينَ مِن حَولِهِ، فَيَختَارَ لِنَفسِهِ طَرِيقَ الشَّقَاءِ بَعدَ السَّعَادَةِ، وَيُفَرِّطَ فِيمَا حَصَّلَ وَيَخسَرَ ما اكتَسَبَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 86 - 89] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 115] وَإِنَّ المُؤمِنَ لَيَعجَبُ مِن قَومٍ اصطَفَاهُم اللهُ وَاختَارَهُم، وَجَعَلَهُم حَمَلَةً لِلعِلمِ وَقَادَةً لِلعَمَلِ، وَمَحَطًّا لأَنظَارِ المُسلِمِينَ وَقُدُوَاتٍ لِلسَّالِكِينَ، ثم هُم يَتَقَهقَرُونَ وَيَتَرَاجَعُونَ، وَيَنقَادُونَ لِهَوى أَنفُسِهِم وَشَهَوَاتِهِم، فَيُوَجِّهُونَ قُلُوبَهُم وَيَرمُونُ بِأَبصَارِهِم لِقَومٍ مِنَ المَغضُوبِ عَلَيهِم أَوِ الضَّالِّينَ، وَيُقَلِّدُوهُم في أَخلاقِهِم وَعَادَاتِهِم، أَو يَسعَوا في فَرضِ شَيءٍ مِن أَنظِمَتِهِم الضَّالَّةِ عَلَى مُجتَمَعَاتِ المُسلِمِينَ، غَافِلِينَ أَو مُتَغَافِلِينَ، عَن أَنَّ ذَلِكَ خُذلانٌ وَخَسَارَةٌ وَظُلمٌ، وَاستِبدَالٌ لِلأَدنى بِالَّذِي هُوَ خَيرٌ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: 51] إِنَّهُ إِتْبَاعُ النُّفُوسِ أَهوَاءَهَا، هُوَ شَرُّ أَمرَاضِهَا وَأَدوَائِهَا، وَأَشَدُّ مَا يَصرِفُهَا عَنِ الهُدَى وَيَصُدُّهَا عَنِ الحَقِّ، قال - سُبحَانَهُ -: ﴿ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 49، 50] أَلا فَلْنَحذَرْ الضَّلالَ وَالمُضِلِّينَ، فَقَد قَالَ رَبُّنَا - سُبحَانَهُ -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 26- 27].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فاستهدوني أهدكم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفات مع سورة المرسلات (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الحادي عشر: الصدق سبب في نجاح الدنيا والآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منزلة الإنفاق في سبيل الله استجلابا لهداه(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • هديه - صلى الله عليه وسلم - في التداوي بسور مخصوصة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • هديه - صلى الله عليه وسلم - في التداوي بسور مخصوصة(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • امتنان الله تعالى على الخليل عليه السلام بالهداية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منزلة أولياء الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حين يستحي القلب يرضى الرب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الذنوب وآثرها وخطرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/6/1447هـ - الساعة: 9:53
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب