• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: كيف يوفق الشباب إلى البركة وحسن العمل؟
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الفتح المبين من درر اليقين (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    القمة... واعتصموا بحبل الله جميعا (خطبة)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الأدلة العقلية على وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الإيمان بالرسل وثمراته (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    الحلال بركة والحرام هلكة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    استعجال العذاب
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    صلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    النكاح أركانه وشروطه (خطبة)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تحريم قول ما شاء الله وشئت أو ما شاء الله وشاء ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    بيع التلجئة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خلاف الفقهاء في حكم الاستنجاء وهل يصح فعله بعد ...
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    التزهيد في الاقتداء بأفعال النبي صلى الله عليه ...
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    الإعجاز العلمي في القرآن بين الإفراط والتفريط
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الأحكام الفقهية والقضائية للذكاء الصناعي (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

أمة قائمة لخيرية دائمة

أمة قائمة لخيرية دائمة
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/4/2012 ميلادي - 17/5/1433 هجري

الزيارات: 11253

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أمة قائمة لخيرية دائمة

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ، فَاتَّقُوهُ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 131، 132].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

وَنَحنُ في زَمَنٍ كَثُرَ فِيهِ الفَسَادُ وَظَهَرَت مَنَاهِجُ لِلإِفسَادِ، عَقَدِيًّا وَفِكرِيًّا وَخُلُقِيًّا، وَإِدَارِيًّا وَمَالِيًّا وَاجتِمَاعِيًّا، يَتَرَدَّدُ الكَلامُ عَن وُجُوبِ المُحَاسَبَةِ مِن أَصحَابِ الوِلايَةِ وَالمَسؤُولِيَّةِ، وَأَهَمِيَّةِ الرَّقَابَةِ فَردِيَةً وجَمَاعِيَّةً، وَلُزُومِ تَعرِيَةِ الفَسَادِ وَفَضحِ المُفسِدِينَ، وَكَفِّ أَيدِي العَابِثِينَ وَقَمعِ المُجرِمِينَ، وَلأَنَّ لَنَا دِينًا كَامِلاً وَمَنهَجًا رَبَّانِيًّا شَامِلاً، جَاءَ بما يُصلِحُ شُؤُونَ النَّاسِ وَيُقِيمُ أُمُورَهُم في دُنيَاهُم وَأُخرَاهُم، وَاجتَمَعَ فِيهِ مَا يَحفَظُ أَجسَادَهُم وَيُنَمِّي عُقُولَهُم، مَعَ مَا يُعَالِجُ قُلُوبَهُم وَيُزَكِّي نُفُوسَهُم، فَإِنَّنَا لَسنَا إِلى شَيءٍ أَحوَجَ مِنَّا إِلى التَّمَسُّكِ بِدِينِنَا وَاتِّبَاعِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، وَعَدَمِ البَحثِ يَمنَةً وَيَسرَةً في مَنَاهِجَ بَشرِيَّةٍ قَاصِرَةٍ حَاسِرَةٍ، لم يَزدَدِ العَالَمُ بها إِلاَّ شَقَاءً وَعَنَاءً.

 

أَلا وَإِنَّ دِينَنَا قَد جَاءَ بما فِيهِ إِرشَادُ النَّاسِ وَهِدَايَتُهُم، وَتَوجِيهُهُم إِلى مَا فِيهِ خَيرٌ لهم وَنَفعٌ، وَمَنعُهُم ممَّا فِيهِ شَرٌّ وَضَرَرٌ، وَذَلِكَ بِتَشرِيعِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَأَمرِهِم بِالتَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى وَنَهيِهِم عَنِ التَّعَاوُنِ عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ، قَالَ - جَلَّ شَأنُهُ: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

 

الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ سَبَبٌ لِلتَّمكِينِ في الأَرضِ وَنَصرِ اللهِ لِعِبَادِهِ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40، 41] بِالتَّوَاصِي بِالحَقِّ وَالصَّبرِ عَلَيهِ تَكُونُ النَّجَاةُ مِنَ الخُسرَانِ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

بِالاحتِسَابِ تَظهَرُ الشَّعَائِرُ وَتَنتَشِرُ الطَّاعَاتُ، وَتَندَحِرُ المَعَاصِي وَتَقِلُّ المُنكَرَاتُ، وَتُشَدُّ ظُهُورُ المُؤمِنِينَ وَتُرغَمُ أُنُوفُ المُنَافِقِينَ، وَيُقمَعُ الفَسَادُ وَالمُفسِدُونَ، وَيَرتَدِعُ السُّفَهَاءُ وَالظَّالِمُونَ، فيَبقَى المَعرُوفُ مَعرُوفًا وَالمُنكَرُ مُنكَرًا، وَتُحَصَّلُ المَصَالِحُ وَتُكَمَّلُ، وَتُعَطَّلُ المَفَاسِدُ وَتُقَلَّلُ، وَأَمَّا إِذَا تُرِكَ الاحتِسَابُ بِالكُلِّيَّةِ أَو تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهِ، فَلا تَسَلْ عَنِ انقِلابِ المَوَازِينِ حِينَئِذٍ وَانتِكَاسِ المَفَاهِيمِ، إِذْ يَفشُو الجَهلُ وَيَضمَحِلُّ الدِّينُ، وَتَنطَفِئُ جَذوَةُ الإِيمَانِ في القُلُوبِ، فَتَحكُمُ النَّاسَ الأَهوَاءُ، وَتَغلِبُهُمُ الشَّيَاطِينُ وَتُسَيطِرُ عَلَيهِمُ الشَّهَوَاتُ، وَيَتَجَرَّاُ العُصَاةُ وَالفُسَّاقُ عَلَى أَهلِ الحَقِّ وَالخَيرِ، فَيَنَالُونَ مِنهُم وَيَتَطَاوَلُونَ عَلَيهِم، وَيُظهِرُونَ مُنكَرَاتِهِم وَيُجَاهِرُونَ بِمَعَاصِيهِم، ممَّا يُؤذِنُ بِنَزعِ العَافِيَةِ وَحُلُولِ الهَلاكِ وَالعَذَابِ، وَهُوَ مَا ظَهَرَت نُذُرُهُ في الأَرضِ وَالسَّمَاءِ، إِمَّا في فَيَضَانَاتٍ غَامِرَةٍ وَأَعَاصِيرَ ثَائِرَةٍ وَزَلازِلَ مُدَمِّرَةٍ، وَإِمَّا في قِلَّةِ أَمطَارٍ وَغَورِ آبَارٍ وَجَفَافٍ وَغُبَارٍ، وَإِمَّا في قِلَّةِ أَرزَاقٍ وَغَلاءٍ وَنَزعِ خَيرَاتٍ وَمَحقِ بَرَكَاتٍ.

 

وَمِن ثَمَّ - إِخوةَ الإِيمانِ - فَإِنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَبقَى في الأُمَّةِ مَن يَصدَعُ بِالحَقِّ وَيَأمُرُ وَيَنهَى ؛ لِئَلاَّ تُسلَبَ مِنهَا الخَيرِيَّةُ، وَلِيَكُونَ أُولَئِكَ الآمِرُونَ النَّاهُونَ سَبَبًا لِحِفظِ البِلادِ وَالعِبَادِ مِن حُلولِ الهَلاكِ وَوُجُوبِ العَذَابِ وَرَدِّ الدُّعَاءِ وَعَدَمِ الاستِجَابَةِ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ﴾ [هود: 116] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117] وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَتَأمُرُنَّ بِالمَعرُوفِ وَلَتَنهَوُنَّ عَنِ المُنكَرِ، أَو لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَن يَبعَثَ عَلَيكُم عِقَابًا مِن عِندِهِ، ثُمَّ لَتَدعُنَّهُ فَلا يَستَجِيبَ لَكُم " رَوَاهُ أَحمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبانيُّ.

 

وَإِنَّ فِيمَا قَصَّهُ اللهُ تَعَالى عَلَينَا مِن أَخبَارِ بني إِسرَائِيلَ أَنْ لَعَنَهُم سُبحَانَهُ عَلَى أَلسُنِ رُسُلِهِم، بِسَبَبِ عِصيَانِهِم وَتَعطِيلِهِم شَعِيرَةَ الحِسبَةِ فِيمَا بَينَهُم، وَسُكُوتِ عُلَمَائِهِم وَأَحبَارِهِم عَن سُفَهَائِهِم وَأَشرَارِهِم ؛ إِمَّا رَغبَةً فِيمَا عِندَهُم أَو رَهبَةً مِنهُم، قَالَ تَعَالى: ﴿ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 62، 63] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79] وَإِنَّمَا قَصَّ - تَعَالى - خَبَرَهُم وَبَيَّنَ أَمرَهُم، لِيَكُونَ عِبرَةً لِمَن بَعدَهُم حَتَّى لا يَفعَلُوا فِعلَهُم فَيَكُونُوا مِثلَهُم، وَيَحِلَّ بِهِم مِن لَعنَةِ اللهِ وَغَضَبِهِ مَا حَلَّ بِأُولَئِكَ المَغضُوبِ عَلَيهِم. أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَلْنَحذَرْ مِن تَعطِيلِ شَعِيرَةِ الاحتِسَابِ، ظَنًّا مِنَّا أَنَّ تَركَ النَّاسِ بِلا حَسِيبٍ وَلا رَقِيبٍ سَبَبٌ لأُلفَةِ القُلُوبِ وَاجتِمَاعِهَا، فَإِنَّمَا هَذَا غُرُورٌ وَبَاطِلٌ، وَلْنَكُنْ كَمَا أَرَادَ اللهُ لَنَا حَيثُ قَالَ: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ [التوبة: 71] وَلْنَحذَرْ مِمَّا وَصَفَ بِهِ شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ حَيثُ قَالَ تَعَالى: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 67] وَقَالَ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

الأَمرُ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيُ عَنِ المُنكَرِ سَدٌّ مَنِيعٌ في طَرِيقِ أَصحَابِ الشُّبُهَاتِ وَصَرعَى الشَّهَوَاتِ، وَحِصنٌ حَصِينٌ يَمنَعُ تَجَاوُزَهُمُ الحُدُودَ وَوُقُوعَهُم فِيمَا لا يَحِلُّ لهم، وَلا وَاللهِ يَكرَهُ الاحتِسَابَ عَلَى أَهلِ المُنكَرِ إِلاَّ مَخذُولٌ، وَقَد قَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].

 

وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ أَشَدَّ مَا يَجِدُهُ الضَّالُّونَ المُضِلُّونَ أَن تَبلُغَ الحَمِيَّةُ الدِّينِيَّةُ وَالغَيرَةُ الإِيمَانِيَّةُ بِالمُجتَمَعِ المُسلِمِ حَدَّ اليَقَظَةِ التَّامَّةِ لِمَا إِلَيهِ يَهدِفُونَ وَلَهُ يُخَطِّطُونَ، فَيَهُبَّ جَمِيعُهُ لِجِهَادِهِم وَيَقِفَ صَفًّا وَاحِدًا لِرَدعِهِم، وَيَعمَلَ عَلَى فَضحِ مُخَطَّطَاتِ الفَسَادِ وَبَيَانِ سَبِيلِ المُجرِمِينَ.

 

وَقَدِ اعتَدنَا مُنذُ سِنِينَ وَلا عَجَبَ، عَلَى مُجَازَفَاتٍ وَتَجَاوُزَاتٍ، نَرَى فِيهَا الفَسَقَةَ يَتَنَاوَلُونَ الحِسبَةَ وَرِجَالَهَا في صُحُفِهِم وَجَرَائِدِهِم، وَيَسخَرُونَ مِنهُم في مَقَالاتِهِم وَأُطرُوحَاتِهِم، وَيَتَّهِمُونَهُم بِأَنَّهُم يُدخِلُونَ أَنفُسَهُم فِيمَا لا شَأنَ لهم بِهِ.

 

وَأَمَّا الأَمرُ الَّذِي لم نَتَعَوَّدْهُ وَلم نَسمَعْ بِهِ مِن قَبلُ، فَهُوَ أَن يَأتيَ مَن يُنسَبُ لأَهلِ العِلمِ فَيَركَبَ هَذِهِ المَوجَةَ التَّغرِيبِيَّةَ الخَطِيرَةَ، وَيَنسَاقَ مَعَ هَذَا التَّيَّارِ الشَّهوَانيِّ الحَقِيرِ، فَيَزعُمَ أَنَّ الحِسبَةَ مَقصُورَةٌ عَلَى مُوَظَّفِيهَا الرَّسمِيِّينَ، وَأَنَّ مَن أَمَرَ مِن سَائِرِ المُجتَمَعِ بِمَعرُوفٍ أَو نَهَى عَن مُنكَرٍ، أَو رَدَّ شَرًّا وَفَضَحَ مَكرًا، فَهُوَ مُثِيرٌ لِلفِتنَةِ مُفتَاتٌ عَلَى وَليِّ الأَمرِ، مُخَالِفٌ لأَوَامِرِهِ مُتَجَاوِزٌ لِمَا سَنَّهُ مِن أَنظِمَةٍ.

 

وَإِنَّهُ لَقُولٌ عَجِيبٌ وَرَأيٌ مُرِيبٌ، بَل مُخَالَفَةٌ صَرِيحَةٌ لأَمرِ مَن لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى حَيثُ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن رَأَى مِنكُم مُنكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لم يَستَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لم يَستَطِعْ فَبِقَلبِهِ، وَذَلِكَ أَضعَفُ الإِيمَانِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

فَاتَّقُوا اللهَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ وَاحذَرُوا، فَإِنَّ خَيرِيَّتَكُم مَشرُوطَةٌ بِبَقَاءِ هَذِهِ الشَّعِيرَةِ فِيكُم، فَإِذَا مَا عُطِّلَت أَو أُهمِلَت فَلا خَيرِيَّةَ حِينَئِذٍ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110] فَمُرُوا بِالمَعرُوفِ بِالمَعرُوفِ، وَانهَوا عَنِ المُنكَرِ بِلا مُنكَرٍ، وَتَدَرَّجُوا في الأَمرِ وَالنَّهيِ عَلَى حَسَبِ الاستِطَاعَةِ وَالقُدرَةِ، وَاصبِرُوا عَلَى مَا أَصَابَكُم، وَ﴿ اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12] وَاحذَرُوا تَتَبُّعَ العَورَاتِ ﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾ [الحجرات: 12] وَأَخلِصُوا للهِ في النُّصحِ وَتَلَطَّفُوا بِالمُخطِئِينَ ﴿ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 164].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خيرية هذه الأمة
  • نحن لسنا ككل البشر (1)
  • أمة مأزومة ومرجعية معدومة

مختارات من الشبكة

  • مفهوم الإنسانية الحقة، في ميزان الله والخلق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تخريج حديث: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا فلا تصدقوه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متى تزداد الطيبة في القلوب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث الرابع: الراحة النفسية والسعادة الأبدية الرضا بقضاء الله وقدره(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • أين تقف حريتك؟! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين عام غابر، وعام زائر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجب أمة الإسلام نحو نبيها محمد عليه الصلاة والسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مولد أمة وحضارة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من رعاة غنم إلى قادة أمم.. (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/4/1447هـ - الساعة: 8:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب