• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: سوء الخلق (مظاهره، أسبابه، وعلاجه)
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    تعظيم شأن الجمعة والتذكير ببعض أحكامها (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    هدايا الرزق
    سمر سمير
  •  
    خطبة: لا تحزن
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    خطبة: (بدعة المولد والفساد)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    وقفة تأمل في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
    نصير حسين
  •  
    هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟
    حسين البيضاني
  •  
    هل الدعاء يغير القدر؟
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    خطبة: ما خاب من استخار
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة عن أنواع التوسل (1)
    د. رافع العنزي
  •  
    الرد الجميل المجمل على شبهات المشككين في السنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: أجوبته
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مبحث خاص في تغسيل الميت وتكفينه والصلاة عليه ...
    أحمد بن عبدالله السلمي
  •  
    نصيحة العمر: كن أنت من تنقذ نفسك
    بدر شاشا
  •  
    "ليبطئن"... كلمة تبطئ اللسان وتفضح النية!
    عبدالخالق الزهراوي
  •  
    لطائف من القرآن (2)
    قاسم عاشور
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العلم والدعوة
علامة باركود

دور المسلم في محيطه (خطبة)

دور المسلم في محيطه (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/11/2025 ميلادي - 8/6/1447 هجري

الزيارات: 15

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دور المسلم في محيطه

 

الحمد لله القائم على كل نفس بما كسبت، المطَّلع على كل جارحة وما اجترحت، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً هي الذخر ليومٍ تجد فيه كل نفس ما عمِلت، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، دعا إلى الملة الحنيفية سرًّا وجهرًا حتى ظهرت وعزت وانتشرت، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه بهم عَلَت راية الدين وارتفعت، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

أهمية الحديث عن دور المسلم في محيطه:

أيها المسلمون: إن مما ينبغي أن يكون عليه المسلم في محيطه الذي يعيش فيه، أن يكون فيضًا من العطاء، قويًّا في البناء، ثابتًا في عقيدته، ناضجًا في فكره، لا ييأس حين يقنط الناس، ولا يتراخى عن العمل حين يفتر العاملون، يصنع من الشمعة نورًا، فاعلًا منتجًا مساهمًا بما ينفع الناس في أي أرض، وتحت أي سماء، يقيم الشراكة مع الآخرين في خدمة محيطه، فيُسهم في حركة التنمية لذلك المحيط اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا، وتمهيد طرق التعاون المثمر في شتى مجالات الحياة، وترسيخ قيم التسامح، واحترام إنسانية الإنسان، والبحث الجاد عن القواسم المشتركة التي تشكل الركيزة الأساس للتعاون الفعَّال بين أفراد المجتمع باختلاف أديانهم وأعراقهم وألوانهم، مع مبدأ احترام خصوصيات الآخرين لتحقيق قيم الإنسانية المشتركة بين البشر، وإيجاد حالة من التعارف الذي يقوم على التآلف، ومن التآلف إلى التعاون لحماية أبناء المجتمع الذي يحيط به، ليكون المسلم في محيطه عاملَ ترشيد، وعاملَ إضافة، وعاملَ إنتاج.

 

القرآن والسنة تحدثاننا عن دور المسلم في محيطه:

أيها المسلمون: لقد حثَّ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على إصلاح المجتمع الذي يحيط بنا، والسعي للتعاون المشترك بين أفراده؛ قال الله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، ويقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ﴾ [الأعراف: 56]، ويقول الله تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]، ويقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، ويقول الله تعالى: ﴿ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ﴾ [هود: 116]، وفي السنة النبوية نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أي كلمة فيها سب أو تحقير لغير المسلم، حتى لا يتعود المسلم على قول الفحش والسب، وحتى لا تُخدش العلاقة داخل المجتمع المحيط بهم؛ ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: ((أن اليهود أتَوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليك، قال: وعليكم، فقالت عائشة: السام عليكم، ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلًا يا عائشة، عليك بالرفق، وإياك والعنفَ، أو الفحشَ، قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: أولم تسمعي ما قلتُ؟ رددت عليهم، فيُستجاب لي فيهم، ولا يُستجاب لهم فيَّ))، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن غلامًا من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه، فقال: أسلِم، فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال له: أطِعْ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار))؛ [رواه البخاري].

 

المسلم وأثره في محيطه:

أيها المسلمون: إن رسالة المسلم في أي مكان وُجد هي أن ينفع المجتمع المحيط به ما استطاع أن ينفعهم، وينتفع منهم ما استطاع أن ينتفع، وأن يتعاون معهم فيما فيه الخير للجميع، وهذا المعنى هو المتضمن في قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وفي قول الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143]، فالشهادة على الناس تعني من بين ما تعني تبليغَ المسلم ما عنده من خير مادي أو معنوي للناس، والعمل على أن ينفعهم بذلك الخير، والتعاون على البر والتقوى يعني مدَّ المسلم حِبالَ التوافق مع من يعيش معهم من الناس؛ ليشتركوا جميعًا في إنجاز ما فيه لهم مصلحة مشتركة، وكل هذا واجب على المسلم إزاء المجتمع الذي يعيش فيه، بقطع النظر عن اختلافه معه أو اتفاقه في المعتقد أو في الثقافة أو العِرق؛ فهذا النبي المبارك موسى عليه الصلاة والسلام سارع لنفع الناس، مع أنه في مجتمع غريب غير مجتمعه؛ يقول تعالى: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 23، 24]، وضرب الله لنا مثلًا في الملك الصالح ذي القرنين، فقد وصل في رحلته لقوم يعيشون بين جبلين أو سدَّين بينهما فجوة، فطلبوا منه أن يساعدهم في صدِّ يأجوج ومأجوج بأن يبني لهم سدًّا لهذه الفجوة، مقابل خَرَاجٍ من المال يدفعونه له، فوافق الملك الصالح على بناء السد، لكنه زهِد في مالهم، واكتفى بطلب مساعدتهم في العمل على بناء السد، وردم الفجوة بين الجبلين، كل ذلك لأنه أراد أن يكون له الأثر الطيب في أي مكان نزل، ويكون لأي قوم أصابهم الظلم والبغي والعدوان، وأن يتعاون معهم لِما فيه مصلحتهم، مع أنهم ليسوا مجتمعه؛ قال الله عنه: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ [الكهف: 93 - 98]، إن نفع الناس عماد في بناء العطاء السامي، وذاك ما وجَّه إليه الإسلام أتباعه، وحفزهم إليه، وربَّاهم عليه؛ تطهيرًا للنفوس من وضَرِ الشح، وإقامةً لجسور اللُّحمة المجتمعية والوحدة الشعورية ووشائج المودة بين أفراده، بل جعل ذلك النفع من معايير التفاوت في محبة الله لذويه؛ فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس))؛ [رواه ابن أبي الدنيا، وحسنه الألباني]، ويسعى المسلم لنفع الناس وإن كانوا على غير ملته ودينه، فيبادر إلى نفع الناس ولا يتأخر عنه؛ ولذلك انتصب يوسف عليه السلام لمَّا رأى في نفسه الكفاءة والقوة والأمانة في مملكة تكاد تخلو من الأمناء؛ فقال للملك: ﴿ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، ما ترك هذا الأمر لغيره، إيجابية منه عليه السلام لتحقيق العدل ونفع الناس، لا بحثًا عن سمعة، ولا قصدًا لشهرة.

 

السلبية في محيطنا وضررها:

أيها المسلمون: إن من المظاهر السلبية في محيط مجتمعنا الذي نعيش فيه في بلاد الغرب عقدة الدونية، فنرى أنفسنا غرباء، وأننا لسنا مواطنين كاملي المواطنة، مع أن المواطنة يحددها الدستور، ويضمن لها الحقوق والواجبات التي عليها، فمن المواطنة حق المشاركة السياسية، فالمشاركة السياسية وسيلة لتعزيز وجود المسلمين والمطالبة بحقوقهم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهو أمر تدعو إليه الحاجة في الحياة المدنية المعاصرة، ويترتب عليه مصالح كثيرة، والمسلمون في بلاد الأقليات لهم حقوق عديدة تخصهم في الجانب التعليمي، وفي جانب الرعاية الاجتماعية، وفي الجوانب الدينية المتعلقة بأداء شعائرهم، وكذلك في جانب الأحوال الشخصية الخاصة بهم، وهم لذلك محتاجون إلى السعي إلى تحصيل هذه المصالح، والعمل على المحافظة عليها، وهذا يحتاج إلى أن تكون للمسلمين قوة سياسية أو مشاركة، أو تعاون مع غيرهم لتأمين هذه الحقوق، وكلما ترسخت هذه المشاركة، وقَوِيَ أمرها، كانت الفائدة فيها أعظمَ، ولا يمكن لنا أن نأخذ هذه الحقوق ما لم يكن لنا مشاركة فاعلة في الانتخابات، فالمواطنة هي العقد الاجتماعي الجديد الذي يربط كل المنتمين إلى وطن واحد برباطه، فإن المشاركة السياسية هي التعبير الفعلي عن القبول بهذا العقد الاجتماعي، وما يترتب على ذلك من حقوق وواجباتٍ، تنتج عن التعامل والتكامل بين مختلف الفئات الاجتماعية، وتعبر عن الرغبة في الإسهام في التنمية الشاملة وخدمة المجتمع من قبل الفُرقاء المتعددين، فهي بذلك مؤشر جيد على سلامة وصحة العلاقة بين المنتمين إلى وطن واحد.

 

وحتى لا يقول قائل: كيف نشارك في بلاد غير بلاد الإسلام؟ أقول: إن المجتمعات العربية قبل الإسلام كان فيها الخير والشر، وكانت فيه قيم نافعة وقيم فاسدة، فجاء الإسلام فعزَّز القيم النافعة ودعا إليها، وشارك النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أوجه النشاط في هذا المجتمع؛ شارك النبي في حلف الفضول، وهو حلف اجتمع فيه جماعة من كُبراء قريش ووجهائها وأهل الفضل فيها، على أن ينصروا المظلوم حتى يؤدوا إليه حقه، فحضر النبي هذا الحلف وشارك فيه؛ وكان يقول بعد أن بعثه الله بالرسالة: ((لقد شهِدت في دار عبدالله بن جُدعان حِلفًا، ما أحب أن لي به حُمْرَ النَّعَمِ، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبتُ))؛ [رواه ابن هشام]، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء وتفاعل مع أشياء طيبة كانت موجودة في ذاك المجتمع؛ لأن الإسلام جاء ليقول: في أي مجتمع هناك قيم نافعة، فعزِّزوها، وهناك قيم فاسدة، فاعملوا على إصلاحها وعلى تغييرها لصالح البشرية، وهذا ما يجب أن يفهمه المسلم في هذه البلاد، لا ينبغي أن نعيش معزولين، مثلما أنه لا ينبغي أن نذوب ذوبانًا حتى نفقد ديننا وقيمنا، فمن واجبنا أن نندمج مع هذا المجتمع المحيط بنا في كل نواحي الخير، وأن نشارك في كل الأنشطة الفعَّالة التي تخدم الإنسان، وعلينا أن نعلم أن فعل الخير ليس هو الصلاة والزكاة فقط، بل المشاركة الإيجابية في التخفيف عن المظلوم، ودفع الضرر عن المجتمع، وبث روح الأمن والأمان، والمسلم كنهرِ ماءٍ، حيثما جرى انتفعت به البشرية من حوله، وحيثما عاش، عاش بأخلاق الإسلام وآداب الإسلام، مع المشاركة الإيجابية في فِعل الخير في المجتمع الذي يحيا فيه، هذا هو واجب المسلم في هذه البلاد بصورة بسيطة بلا تعقيد ولا فلسفة؛ لأن ترك أهل الفساد يفعلون في المجتمع ما يريدون، يكون سبب هلاك المجتمع كله، وانظروا كيف أهلك الله ثمود قوم نبي الله صالح عليه السلام بسبب فساد نفر قليل منهم، وسكوت غالبية الناس عن منكرهم والأخذ على أيديهم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [النمل: 48]، فلما استفحل شرهم، وزاد غيُّهم، وظهر مكرهم؛ أذِن الله بهلاكهم هم وقومهم؛ قال تعالى: ﴿ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [النمل: 51].

 

كيف نتفاعل مع محيطنا الذي نعيش فيه؟

أولًا: ضرورة انخراط المسلمين في التحالفات مع المؤسسات والجمعيات والتكتلات السياسية التي تخدم مقاصدَ شرعية، أو تنتصر لقيم إنسانية، أو تدعو لفضائلَ أخلاقية، كالجمعيات والهيئات التي تدعو إلى محاربة الفقر والأُمية والجريمة، وإلى مقاومة الاستبداد والفساد، وإلى نشر التوعية الأسرية، وغيرها من المجالات الإنسانية الفاعلة التي يمكن التعاون فيها.

 

ثانيًا: تفعيل الحفاظ على مقاصد الشريعة الضرورية والحاجية والتحسينية في مجالاتها الإنسانية، على المستوى الإنساني؛ وذلك تحقيقًا لواجب التكافل والتراحم الإنساني عمومًا.

 

ثالثًا: الوعي والاقتناع بأهمية ودور الأقليات المسلمة، وقدرتها على التأثير في القرار السياسي الأمريكي؛ ليستجيب لمطالبها واحتياجاتها السياسية والاقتصادية، والاجتماعية والدينية، داخليًّا وخارجيًّا، وبما يُسهم في تحقيق أهدافها السياسية؛ مثل إثبات الوجود للمسلمين كجماعة من الجماعات التي يتكون منها الشعب الأمريكي، وتأمين حقوقهم في المجتمع الأمريكي، وتمكينهم من العيش بصورة تجعل ممارساتهم لحياتهم وشؤونهم الإسلامية أمرًا يحميه القانون، وتحترمه مختلف طوائف الشعب الأمريكي.

 

ويتوقف فاعلية الدور السياسي للأقليات الإسلامية في المجتمع الأمريكي على ثلاث نقاط أساسية:

أولى هذه النقاط هي تلك النابعة من الأقليات الإسلامية ذاتها، من حيث موقفها من المشاركة السياسية في المجتمع الأمريكي بصفة عامة.

 

ثانيًا: مدى قدرتها على بناء المؤسسات السياسية والحقوقية والمحافظة عليها.

 

ثالثًا: مدى توافر القيادة الإسلامية القادرة على توجيه وترشيد العمل السياسي والحقوقي للمسلمين في المجتمع الأمريكي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فقه الرشد في زمن الفتن (خطبة)
  • معادن الرجال في الأزمات (خطب)
  • فقه العمل الصالح (خطبة)
  • رحلة على مركب الأمنيات (خطبة)
  • سنة التدافع وفقهها (خطبة)
  • محاسن الألطاف الربانية (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سنان باشا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • مسؤولية الطالب الجامعي.. رؤية في واقع(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دور الشباب المسلم في الحياة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • حرب "المصطلحات" ودور المسلم المعاصر فيها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور الصيام في تكوين شخصية الإنسان المسلم في ضوء الكتاب والسنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ثقافة المسلم ودورها في تعزيز الانتماء للدين الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • دور الشباب المسلم في الحياة(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • دور الشباب المسلم في حمل رسالة الإسلام(كتاب ناطق - المكتبة الناطقة)
  • مطوية زاد المسلم في أذكار النوم(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم 540 خريجا من مسار تعليمي امتد من الطفولة حتى الشباب في سنغافورة
  • ولاية بارانا تشهد افتتاح مسجد كاسكافيل الجديد في البرازيل
  • الشباب المسلم والذكاء الاصطناعي محور المؤتمر الدولي الـ38 لمسلمي أمريكا اللاتينية
  • مدينة كارجلي تحتفل بافتتاح أحد أكبر مساجد البلقان
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/6/1447هـ - الساعة: 10:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب