• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سبيل الإفلاس التجسس على الناس (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الدعوة إلى العمل الصالح (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    الله لطيف بعباده
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    بيع التورق
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    تميز منهج الصحابة رضي الله عنهم في تلقي القرآن
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: مشكلة الفقر وحلولها في الإسلام
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    من مائدة الفقه: المسح على الـخفين
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد ...
    إيلاف بنت فهد البشر
  •  
    أثر البركة والبركات محقها بالسيئات وللحصول عليها ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    التسبيح مكفر للخطايا
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    دعاء الأنبياء عليهم السلام على الكفار
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    وعد الآخرة
    محمد حباش
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    كفى بالموت واعظا (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    متى ينال البر؟
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    فقه العمل الصالح (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / مواضيع عامة
علامة باركود

خطبة: مشكلة الفقر وحلولها في الإسلام

خطبة: مشكلة الفقر وحلولها في الإسلام
أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 21/10/2025 ميلادي - 29/4/1447 هجري

الزيارات: 103

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة جمعة: مشكلة الفقر وحلولها في الإسلام

 

الخطبة الأولى:

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فيعاني المجتمع الإنساني اليوم من مشكلات متعددة، فمع ما وصلوا إليه من تقدم في التقنية والصناعات، والعلم والمعرفة، إلا أن واقعهم يموج بعدد كبير من المشكلات التي تشاهدونها وتتابعونها في كل مكان؛ فمنها: المشكلات الاقتصادية، ومنها المشكلات العسكرية، ومنها المشكلات الاجتماعية، ومنها المشكلات السياسية، وغيرها من أنواع المشكلات التي تعاني منها البشرية اليوم، وما ذلك إلا لبُعد البشرية عن المنهج الصحيح الذي أنزله الله ليعالج به مشكلاتهم، فاخترعوا لأنفسهم مناهجَ متنوعة بعيدةً عن الله وهديِه، فجعلوا البشرية حقلَ تجارب لآرائهم وأفكارهم واقتراحاتهم، مما أدى إلى زيادة المشكلات، ووجود الأزمات التي تعاني منها البشرية اليوم.

 

ومن أهم وأخطر هذه المشكلات مشكلة الفقر، وهي مشكلة اقتصادية واجتماعية تعاني منها أغلب المجتمعات، إما على سبيل الأفراد أو على سبيل الدول والحكومات، رغم ما أودعه الله سبحانه وتعالى في هذه الأرض من أرزاق وخيرات، فالله جل وعلا خلق الخلق وتكفَّل بأرزاقهم، وأودع في هذه الأرض أقواتها بما يكفي من يسكن عليها من البشر والحيوانات، ولكن تصرفات البشر هي التي أدت إلى وجود المشكلة، ولو أنهم التزموا بهديِ الله وشرعه، لَما حصلت لهم تلك المشكلة.

 

وهذه المشكلة قديمة جديدة تعاني منها البشرية، وهي سبب لعدد من المشكلات الأخرى؛ لأن الإنسان مفطور على حب المال والتملُّك، فإذا لم توجد عنده الشروط والضوابط التي تحكم هذا التملك وهذا الحب للمال؛ فإنه سيصير إلى الجشع والطمع، ويبحث عن مال غيره، وهناك تكون المشكلات والمعضلات، فكم من حروبٍ قامت بسبب الجشع والطمع! وكم من أزمات وقعت في البشرية بسبب عدم قناعة الإنسان بما قسم الله تعالى له، وبحثه بغير حقٍّ عما في يد غيره!

 

وقد حاولت البشرية أن توجِد حلولًا فاخترعت عددًا من النظريات:

فجاءت بالنظرية الشيوعية الاشتراكية لتوجد حلًّا لمشكلة الفقر، فأمَّمت حقوق الناس، وسلبت الملكية الفردية، وجعلت المالك العام للمال هو الدولةَ، مما أدى إلى مصادمتها لفِطَرِ الناس وحبهم للتملك، فتركوا العمل والاجتهاد، ووقعوا في الكسل، فسقطت هذه النظرية بعد سبعين عامًا من إفسادها في الأرض.

 

ثم جاءت النظرية الرأسمالية التي تهتم باقتصاد السوق وتدفع الناس إلى التملك دون ضوابط، فجعلت هذه النظرية البشريةَ كقومٍ يعيشون في غابة للحيوانات، القوي يبطش بالضعيف، فازداد غِنى الأغنياء وازداد فقر الفقراء، وزادت الطين بلةً، وأُنشئت منظمات دولية على وفق هذه النظرية، وما تسمعونه من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي أو منظمة التجارة العالمية، وغيرها من المنظمات، كلها منظمات تقوم على النظرية الاقتصادية الرأسمالية التي تزيد الفقير فقرًا والغنيَّ غِنًى، وتجعل مقدرات المال بيد الأغنياء، يتمتعون فيه كما يشاؤون، ويحرمون منه الفقراء.

 

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد تحولت هذه المنظمات إلى أداة لتطويع الشعوب والدول، والهيمنة عليها من خلال الشروط التي تأمرهم بتنفيذها، في حال أنهم اقترضوا منها، حتى تصبح الدول بلا سيادة ولا إرادة أمام هذه المنظمات الدولية الخبيثة.

 

أيها المؤمنون عباد الله: أما منهج الإسلام فهو منهج عظيم، أنزله الله سبحانه وتعالى الذي خلق الخَلق، ويعلم ما يصلحهم وما يفسدهم، إنه منهج اقتصادي شامل لمعالجة المشكلات الاقتصادية كلها، فهو منهج يقوم على إضافة المال ملكًا وإيجادًا ومصدرًا إلى الله، فإن الله هو الرزاق، وإن خزائن المال بيده سبحانه، وهو سبحانه وتعالى الذي يُعطي وهو الذي يمنع، وأن الناس مستخلفون على هذا المال، وليسوا مُلَّاكًا له على الحقيقة، فإن المال ينتقل من يد شخصٍ إلى آخر.

 

لقد جاء منهج الإسلام في موضوع المال منهجًا شاملًا ومعتدلًا، يدعو الناس إلى العمل والإنتاج، ويُشعرهم أنهم كلهم محتاجون إلى الله، ولذلك حين نقرأ في نصوص الآيات التي تتحدث عن الفقر، فسنجد ثلاثة معانٍ في القرآن الكريم للفقر:

المعنى الأول: حاجة الخَلق جميعًا إلى الله، مهما امتلكوا من المال والثروات، فهم محتاجون إلى ربهم وخالقهم وموجدهم؛ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، فهذا أحد معاني الفقر في نص القرآن أن البشرية كلها محتاجة إلى الله، ولذلك كان من أسماء الله الحسنى: الصمد؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ [الإخلاص: 1، 2]؛ أي: الذي تصمد إليه الخلائق وتحتاجه، وتطلب منه حوائجها؛ لأنها فقيرة مربوبة له سبحانه وتعالى.

 

المعنى الثاني: هو الحاجة والفاقة التي تصيب بعض الناس بسبب ظروف معينة، وهم ما يُطلق عليهم الفقراء؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 271]، فالفقراء هنا هم أصحاب الحاجة والفاقة، الذين قُدرت عليهم أرزاقهم لسببٍ أو لآخرَ، وهم صنف من الناس يحتاجون إلى العناية والرعاية.

 

المعنى الثالث: هو الوسوسة التي يقذفها الشيطان في نفوس الأغنياء والأثرياء، وعموم من يمتلكون المال؛ قال الله سبحانه: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ [البقرة: 268]، فمواعيد الشيطان هي وسوسته التي يقذفها في القلب بالبخل والشح، وإن كان الإنسان يملك أموالًا، فيجعله يقبض عليها ويمنعه من إنفاقها في مرضاة الله سبحانه وتعالى وطاعته، وربما فتح له أبواب الإنفاق في الحرام والفساد، وشجَّعه على ذلك، فيُوسوس له بالمنع في باب الخير، ويوسوس له بالتشجيع في باب الشر.

 

أيها المؤمنون عباد الله: لقد خلق الله الخَلْقَ كلهم، وتكفل بأرزاقهم في هذه الأرض، وطلب منهم أن يتعاملوا وفقًا للسنن الكونية في إدارة المقدَّرات والثروات والأموال؛ حتى لا يقعوا فيما وقعت فيه البشرية اليوم من مصائب الفقر والحاجة، والفاقة والبطالة.

 

لقد خلق الله الخلق واستعمرهم في هذه الأرض؛ أي: أمرهم بعمارتها، وعمارة الأرض تحتاج إلى العلم والعمل، والجِد والاجتهاد، والنشاط والحيوية، فإن الله قدَّر الأرزاق للخلق وهم في بطون أمهاتهم، وطلب منهم أن يأخذوا بالأسباب لكي تتحقق لهم أرزاقهم.

 

وهذا هو الذي فرط فيه كثير من الناس اليومَ، فتعاملوا مع الفقر على أنه مرض لا علاج له، فاستسلموا له فازدادوا فقرًا.

 

والحقيقة أن الفقر سُنة كونية قدرية أنزلها الله في الخلق، وأوجد سننًا كونية أخرى تدفعها، وأمر الخلق أن يدفعوا القَدَرَ بالقدر، فيُدفع الفقر والحاجة بالعمل والجِد والاجتهاد، والبحث عن أسباب الرزق، كما يُدفع قدر المرض بالبحث عن العلاج، وكما يُدفع قدر الانحراف بالبحث عن الصلاح والهداية، فهذه من سنن الله جل وعلا في كونه، فلو أخذ بها البشر، لعاشوا في وئام وسلام.

 

وذكر الله سبحانه وتعالى أن هذا المال مصدره منه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53]، وفي شأن الرزق قال: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22]، فالمال مال الله، والعبد مستخلف فيه؛ كما قال: ﴿ آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [الحديد: 7].

 

وحثَّ الإسلام على الكسب والعمل، ونهى عن الكسل والعجز، ودعا الإنسان إلى أن يكسب المال، وحبَّبه إلى نفسه؛ كما قال: ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20]؛ فالنفس تحب المال فطرةً، وأمَرَ الله الناس أن يسعوا في كسب المال الحلال بالجد والاجتهاد، ودعاهم إلى بذل الأسباب، ونهاهم عن الكسل والتواكل؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكله، لَرزقكم كما يرزُق الطير، تغدو خماصًا))؛ أي: تنطلق من أعشاشها صباحًا مبكرة، تبحث في الآفاق عن أرزاقها، ((وتعود بطانًا))، قد شبعت من رزق الله في هذه الأرض؛ وقال الله تعالى للبشر: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ﴾ [الملك: 15]؛ أي: مذللة ممهدة ميسرة لكم، ﴿ فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15]، فأمرهم بالمشي وهو السعي والطلب، والجد والاجتهاد، وسيأتيهم الله بأرزاقهم التي كتبها لهم، وهم في بطون أمهاتهم.

 

وبيَّن أن تحقيق العمران في الأرض ليس مخصوصًا بأُناس معينين، بل جعل العمرانَ في الأرض لكل البشرية، أمرهم بعمارة الأرض بعد أن خلقهم وأوجدهم فيها، ومن أخذ بسُنن عمارة الأرض، استفاد منها وعاش حياة راقية، لا فرق في ذلك بين مؤمن وكافر؛ ولذلك تجدون الأمم الكافرة التي أخذت بسنن الجد والاجتهاد، والعمل وعمارة الأرض، لديهم من الغِنى والثراء ما ليس عند بعض الأمم المؤمنة التي أُصيبت بالكسل والخمول، والعجز وعدم الإنتاج والعمل.

 

انظروا – مثلًا - إلى الصينيين الذين يعبدون الأوثان، وبعضهم ملحد، كيف يتعاملون مع استعمار الأرض وعمارتها؟ كيف ينطلقون إلى أعمالهم مبكرين ويعودون إلى بيوتهم متأخرين؟ كل أوقاتهم جدٌّ وإنتاج وعمل، واختراعات وبذل وتضحيات، ولذلك صارت الصين يُضرب بها المثل في الإنتاج والعمل، في مقابل شعوب مسلمة كسولة تشتغل ساعاتٍ محددة، بشيء من الكسل والخمول، ثم تذهب إلى القيل والقال، والنوم والخمول، ثم تقول: لماذا نحن فقراء؟

 

الجواب: لأنها لم تأخذ بسنن هذا الكون التي لا محاباة فيها للمؤمن ولا الكافر، فمن أخذ بها وجد نتائجها في الواقع، مهما كان دينه وعقيدته.

 

لذلك أمر الإسلام بالعمل، وحث عليه ودعا إليه، ونهى عن الكسل والخمول والبطالة.

 

وقد دخل عمر رضي الله عنه ذات يوم المسجد في الضحى، فوجد مجموعة من الناس جالسين داخل المسجد، فأخذ دِرَّتَه رضي الله عنه وقال: ماذا تصنعون في هذا الوقت؟ قالوا: نتعبد، قال: اذهبوا إلى طلب الرزق، وقال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الجمعة: 10]، إن دعوى الرهبنة والجلوس في المسجد، وبقاء الشخص عالةً على الصدقات، فهذا أمر يُبغضه الإسلام وينهى عنه؛ قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأن يغدو أحدكم إلى الجبل، فيحتطب فيبيع في السوق، خير له من أن يسأل الناس؛ أعطَوه أو منعوه))، فالإسلام دعا إلى العمل والإنتاج والسعي لمحاربة الفقر، وجعل الفقر بسُنة كونية أخرى؛ وهي سُنة العمل والإنتاج، والبحث عن الرزق.

 

كما أن الإسلام حرص كل الحرص على حماية الممتلكات العامة والمصادر العامة للثروة، فجعل الدولة هي من يتصرف بها ويحميها، ويوزعها على الناس دون ظلم ولا إجحاف، ونهى عن تملُّك الماء العام، والكلأ العام، ومصادر الطاقة العامة، من أجل ألَّا يكون المال وأصوله دولة بين الأغنياء فقط، وهو ما تقوم عليه اليوم النظرية الاقتصادية التي تدعو إلى الخصخصة للمصالح العامة، فتُباع الشركات الكبرى التي تملكها الدول إلى أفراد الناس، فيتحكمون فيها؛ كالشركات الصحية والمستشفيات، وشركات الكهرباء وشركات المياه، والشركات الأخرى التي بها تُحفظ حقوق الناس من قِبل الدولة التي تُشرف على مثل هذه المقدرات والثروات العامة، فلما صارت بأيدي الناس، صار فيها شيء من الاحتكار؛ فأدى ذلك إلى التضييق على فقراء الناس وضعفائهم.

 

فالإسلام أمر أن تقوم الدولة بحماية المال العام واستثماره، واستخراج الطاقات والثروات والعناية بها، وتوزيعها بعدلٍ على الناس، ولذلك وُجد ما يسمى في الإسلام بـبيت مال المسلمين، كل المسلمين لهم حقٌّ في هذا المال، تُجمع الأموال إليه من الركاز الذي يُستخرج من باطن الأرض، من موارد النفط والغاز ونحوها، ومن الغنائم ومن موارد الدولة الأخرى، ثم بعد ذلك تدوَّن الدواوين ويُكتب فيها أسماء الناس، وتُمنح لهم حاجاتهم على قدر احتياجاتهم من بيت مال المسلمين، أين بيت مال المسلمين اليوم؟ رغم وجود الثروات الكثيرة وخاصة في البلدان العربية الإسلامية، التي هي مليئة بموارد المال والثروة والنفط وغيرها، لقد ذهبت في جيوب المتنفذين من الناس، وزاد الفقراء فقرًا، وأُصيب الأغنياء بالتخمة؛ من كثرة ما يملكون من الأموال.

 

أيها المؤمنون عباد الله: كما نهى الإسلام عن اكتناز المال وخزنه واحتكاره، ودعا إلى إنفاقه، وحرم الربا؛ لأن فيه أخذًا لأموال الناس بالباطل، ودعا إلى التعاون والتكافل بين المسلمين، وشرع الإسلام الكفَّارات لبعض الأخطاء التي يقع فيها الإنسان، فيدفع مالًا للفقراء؛ من أجل أن يعالج مشكلة الفقر من المجتمع.

 

كما أن الإسلام دعا إلى تربية النفس على العزة وعدم الذل؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((اليد العليا)) وهي التي تعطي ((خير من اليد السفلى)) وهي التي تأخذ، فدعا إلى أن تكون عزيزَ النفس، فلا تمد يدك إلى غيرك، وكن أنت الذي يعطي لا الذي يأخذ، وحرَّم المسألة إلا للمضطر، وهي سؤال الناس المال، فلا تسأل الناس شيئًا أعطَوك أو منعوك، فالمسألة لا تحل إلا لذي حاجة شديدة، كالذي أُصيب بجائحة، أو تحمَّل ديونًا، أو أُصيب بمصيبة ضاعت فيها أمواله، يشهد على ذلك ثلاثة من قومه، فيجوز له أن يسأل الناس، أما أن يتحول الإنسان إلى ممتهن للشحاذة والسؤال، وتسأله: ما عملك؟ قال: لا عمل لي، ويطوف المساجد والأسواق، ويسأل هنا وهناك، وهو شابٌّ قويٌّ لديه قدرة على العمل والإنتاج، ولديه قدرة على أن يبحث عن رزقه، هذا أمر لا يجوز شرعًا؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس على وجهه مضغة لحم))؛ حيث يُنتزع لحم وجهه، ويُبعث يوم القيامة هيكلًا عظميًّا؛ بسبب عدم حيائه من الناس وكثرة سؤاله لهم، وهذه المشكلة التي صارت معضلة اليوم، ولذلك تشاهدون عددًا كبيرًا من الذين يسألون الناس بعضهم قد يكون صادقًا، وبعضهم قد يكون ممتهنًا لهذه الحرفة؛ لأنه وجدها أسهل من غيرها.

 

إن العمل يحتاج إلى جدٍّ وبذل وتضحية، وعرق وسهر ونشاط وغربة، وهذا يريد أن يحصل على المال بأبسط وسيلة، كلها خمسة فروض يمر بها على خمسة مساجد، يجمع فيها خمسة آلاف، فحصل على مبلغ أكثر أو يساوي لذلك الشخص الذي يصبح من الفجر يبحث عن عمل، فيعمل إلى العصر بأعمال شاقة.

 

وهي دعوة إلى الترهل، وعدم الإنتاج والبذل والعطاء، حتى صارت مهنة عند كثير من الناس.

 

كما أوجب الإسلام على الدولة المسلمة أن توفِّر سُبل العيش، وتسهِّل الوظائف للناس حتى يرفعوا عن أنفسهم الفقر، بحيث توجد مشاريع وتدعمها، وتشجِّع الناس على العمل، وتحذِّرهم من الكسل والبطالة، وتهيئ الظروف المتنوعة حتى ينطلق الناس إلى أعمالهم، وتشجع مشاريع الزراعة والصناعة والإنتاج، وتصدير المعرفة، وغير ذلك حتى ينطلق الناس في البحث عن الرزق بأنفسهم؛ فيتصدقوا ويعطوا لغيرهم مما أعطاهم الله، فيرتفع مستوى الناس اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وتدخل عليهم البهجة والسرور، وتنتهي الكثير من مشكلاتهم التي نراها اليوم موجودة بكثرة في المجتمع بسبب الفقر، فبسبب الفقر باعت بعض النساء أعراضها، وبسبب الفقر تحول بعض الناس إلى سرَّاق وقطَّاع للطرق.

 

وكذلك أوجب الإسلام حقًّا للفقير في مال الغني، وهي الزكاة؛ كما قال: ﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ [الذاريات: 19]، فالزكاة واجبة على الغني، وعليه أن يخرجها للفقير وجوبًا وليس فضلًا منه ولا مِنة، بل إذا لم يخرجها يعذَّب في الآخرة بسبب ذلك، كما عليه أن يشكر الفقير الذي أخذ زكاته؛ لأنه خلصه من واجب في عنقك.

 

وقد أمر الإسلام بأداء الزكاة، وحدد أنواع وأصناف الذين تُصرف لهم الزكاة؛ بنص قرآنيٍّ غير قابل للاجتهاد حتى لا تدخل فيها المحاباة، ولا المجاملات، ولا ما شابه ذلك.

 

كما شرع الإسلام الصدقةَ غير الزكاة، وهي مال مُطلق، يتصدق به الإنسان وخاصة على أقاربه؛ كما قال سبحانه، ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ﴾ [الإسراء: 26]، وهذه حقوق من القريب لقريبه ومن الجار لجاره؛ حتى يوجد نوع من التكافل الاجتماعي في المجتمع، وتذهب الحساسية من النفوس.

 

كما شرع الإسلام نوعًا هامًّا من الصدقات؛ وهي ما تسمى بالصدقات الجارية، التي لا تنقطع، وهي ما يطلق عليه اليوم بالوقف، فالوقف علاج لكثير من مشكلات الفقر، وهو حبس العين وتنميتها، وصرف ريعها لمن وُقفت عليهم؛ كالفقراء أو المرضى أو طلبة العلم، أو للأعمال الخيرية الأخرى، وقد كان آباؤنا وأجدادنا حريصين كل الحرص على هذه العبادة العظيمة، وانظروا كم من أراضٍ وعقارات أُوقفت في قرى ومدن اليمن! كل ذلك كان نتيجة لقناعتهم أن هذه من الصدقة الجارية؛ وفي الحديث: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من إحدى ثلاث: ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به، أو صدقة جارية))، والصدقة الجارية هي أحد علاجات مشكلة الفقر في المجتمع، خاصة إذا اعتُني بها وقام عليها الثِّقات الأمناء، وصُرفت فيما أُوقفت له، فإن شرط الواقف كنصِّ الشارع، فالوقف له ثمرته وآثاره إذا قام الأمناء عليه، وأنفقوه فيما أُوقف له، وغالبًا يوقف ليكون في القربات، فمن أوقف أرضًا أو عقارًا أو مزرعة، إنما يريد أجرها عند الله، لا يريد أن تنشر بسببها المعاصي والمنكرات، أو أن يأكلها المتنفذون والبطَّالون.

 

​كذلك؛ شرع الإسلام جانبًا معنويًّا ترفع به الفقر عن نفسك، سواء كان الفقر فقر النفس أو فقر الحاجة؛ وهو: التوبة، والاستغفار، والدعاء، واللجوء إلى الله.

 

فنحن جميعًا فقراء مهما كنا أغنياء، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15]، قال سبحانه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12]، وهذه وسيلة عظيمة لرفع الفقر، صحيح أنها معنوية، ولكنها مؤثرة، فملكوت السماوات والأرض بيد الله، والرزق والخزائن بيد الله، يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، و قد يُحرَم الإنسان الرزقَ وبركتَه بسبب المعصية، فتوبوا إلى الله، واستغفروه وخذوا بالأسباب المادية بالعمل والإنتاج، والله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

 

نسأل الله سبحانه أن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد عباد الله:

فلقد سمعتم كيف عالج الإسلام مشكلةَ الفقر بتلك التدابير والتشريعات، والمنهج القويم الذي لو أخذت به البشرية، لَنَجَتْ من هذه المعضلة وتلك الأزمة، ولكن الناس اليوم تنكَّبوا الصراط، وابتعدوا عن منهج الله، فما جعلهم يعيشون في أزمات متتابعة، ولكي نستفيد في واقعنا المعاصر من هذا المنهج العظيم المحفوظ في القرآن والسنة، يجب أن ننزل هذا المنهج على الواقع الذي نعيشه.

 

فلو أننا في واقعنا اليوم في اليمن – مثلًا - درسنا مشكلة الفقر التي نعاني منها: ما هي مظاهرها؟ وما هي أسبابها؟ وما العلاج العملي لها؟ وتعاونَّا جميعًا في ذلك؛ لَخرجنا بحلٍّ لهذه المعضلة.

 

فلا يكفي فقط تشخيص المرض والحديث عنه، ولا كثرة الشكوى منه، فالجميع يشكو.

 

بل لا بد من ذكر التدابير التي يجب أن نساهم فيها جميعًا كل من موقعه، حتى نعالج هذه المشكلة.

 

أيها المؤمنون عباد الله: إن مظاهر مشكلة الفقر في بلادنا قد تعددت، وأصبحت واضحة لكل ذي عينين، فانخفاض مستوى المعيشة لا ينكره أحد.

 

فقد كان الناس ثلاث طبقات: أغنياء ومتوسطين وفقراء، فزالت الطبقة الوسطى، وازداد الأغنياء غِنًى، وازداد الفقراء فقرًا.

 

ومن المظاهر: انتشار كثير من الأمراض والأسقام في المجتمع جاء بسبب سوء التغذية، وقلة الخدمات، وهذا أمر لا ينكره عاقل.

 

ومن المظاهر: انخفاض مستوى التعليم والاهتمام به، وخروج الطلاب من المدارس والجامعات، والبحث في الشوارع عن مصادر للرزق، مما أدى إلى جهل المجتمع، وكلما ازداد الجهل في المجتمع، ازدادت مصائبه ومشكلاته.

 

ومن المظاهر: انتشار ظاهرة التسول بحقٍّ وبباطل، فما تجد سوقًا أو مسجدًا إلا والناس يقومون بالسؤال وطلب الناس المعونةَ، وكثير منهم صادقون، وبعضهم قد جعلها مهنة وحرفة.

 

ومن المظاهر: انتشار البطالة وقلة العمل، فتجد مئات من العمال من الفجر إلى الظهر يتجمعون هنا وهناك، ولا يجدون أعمالًا.

 

ومن المظاهر: كثرة المشرَّدين والساكنين في الشوارع وفي الخيام وغيرها؛ بسبب قلة الدخل وقلة ذات اليد، وغير ذلك تشاهدونه أنتم في الواقع الذي نعيشه جميعًا.

 

ولذلك لا بد من معالجة هذه الظاهرة بالتعاون من جميع أفراد المجتمع، وحتى نعرف كيف نعالج المشكلة لا بد أن نبحث عن أسبابها، فإن المرض لا يصرف له علاج حتى يشخِّص الطبيب سببه، ثم يعطي العلاج المناسب له.

 

ومن أسباب هذه المعضلة التي نعيشها اليوم: الحروب والنزاعات، فإن الحروب والنزاعات التي دخلت فيها البلدان الإسلامية ومنها اليمن، دمرت الاقتصاد، وأدت إلى البطالة، وأوجعت الناس بالفقر والحاجة.

 

وأيضًا الحصار المفروض على البلد ونهب ثرواتها، وتعطيل اقتصادها.

 

أيضًا الفساد المالي والإداري المستشري في أجهزة الدولة؛ فيوجد في البلد ثروات، وتوجد خيرات في المجتمع، ولكنَّ هناك مفسدين نهبوا هذه الثروات، وحوَّلوها إلى جيوبهم وممتلكاتهم الخاصة.

 

كذلك ضعف الوازع الديني عند كثير من الناس، فيبحث عن المال من أي طريق، أهم شيء أن تصل إليه يده، لا يسأل هل هو حلال أم حرام؟ وبسلب الجشع والطمع لا يكتفي الإنسان بما أعطاه الله، وهذه طبيعة الإنسان إذا لم يرقِّق قلبه بالإيمان والتقوى؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لو كان لابن آدمَ وادٍ من ذهبٍ لتمنَّى الثاني، ولا يملأ جوفه إلا التراب)).

 

كذلك الكسل والخمول وطبيعة المجتمع التي تعوَّد عليها، فمقدار الإنتاج والعمل والدوام لدى الناس ضعيف جدًّا، وساعاته قليلة جدًّا مقارنة بساعات الجلوس في المقاهي والمقايل وأماكن تضييع الأوقات، والبعض لا يعمل بصدق في هذا الوقت القليل.

 

فهذا الكسل وهذا الخمول الذي أُصيبت به الشعوب المسلمة، سببٌ لفقرها، بخلاف غيرها من الشعوب التي تهتم بقيمة العمل والإنتاج بجدٍّ ونشاط، فجعلته يتقدم ويخرج من دائرة الفقر.

 

ومن الأسباب: غياب العدل وانتشار الظلم والمحسوبيات، وتخلي الدول والحكومات عن واجباتها في حماية الثروة العامة، وتوزيع المال بالعدل بين الناس، وإعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه.

 

ومن الأسباب عدم وجود مشاريع اقتصادية منتجة، وتشجيع المشاريع التي لا إنتاج منها، وهذه من مصائب البنك الدولي والقروض التي يعطيها للدول الفقيرة، ويشترط عليهم ألَّا تعمل مشاريع منتجة، إنما مشاريع خدمية، لا إنتاج من ورائها ولا تشغيل للطاقات.

 

ومن الأسباب: كثرة الضرائب والجبايات، وإنهاك المزارعين والصنَّاع والتجار بالطلبات المالية، حتى هرب رأس المال خارج البلد، وبحث له عن مكان آخرَ آمنٍ يستثمر فيه.

 

أيها المؤمنون عباد الله: وهناك أسباب كثيرة تعرفونها ولا داعي للغوص فيها كثيرًا، فما هو العلاج؟

 

العلاج هو معالجة هذه الأسباب، والاعتراف بها ومشاركة الجميع في علاجها؛ ومن ذلك:

إقامة العدل، وحماية الناس وحل مشكلاتهم دون مماطلة ولا ظلم، وتشجيع المشاريع الاقتصادية، وجلب المستثمرين للعمل وحمايتهم، وتسهيل هذه المشاريع ودعمها من قِبل الأثرياء ومن قِبل الدولة، ومحاربة الربا والكسب الحرام، وإيجاد البيئة الآمنة للمستثمر، وتوفير البنية التحتية التي تؤدي إلى أن يشتغل الناس وينتجوا، بدلًا من أن يهربوا بأموالهم خارج البلد، ويعيش الشعب في فقرٍ وحاجة.

 

ومن العلاج محاربة الفساد والمحسوبيات، والأخذ على يد الظلمة والمجرمين وسرَّاق المال العام، وإيجاد الشفافية في محاسبة المعتدين، وتشجيع الناس على العمل، وحمايتهم من تسلُّط التجار الكبار والمحتكرين، وغير ذلك.

 

وأخيرًا إصلاح النفوس وعودتها إلى الله؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96].

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح أحوال المسلمين أجمعين في كل مكان، وأن يرفع الفقر عنا وعن المسلمين، وأن يردنا إليه ردًّا جميلًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإسلام واجه مشكلة الفقر بحكمة والزكاة وسيلة لتحقيق التكامل الاجتماعي
  • مشكلة الفقر
  • كيف واجه الإسلام مشكلة الفقر؟
  • مشكلة الفقر والغنى بين العلم والقانون والإيمان
  • مشكلة الفقر بعيدا عن نور الشريعة
  • علاج مشكلة الفقر
  • نظرات حول مشكلة الفقر
  • معالجة الزكاة لمشكلة الفقر والمشاكل الاجتماعية

مختارات من الشبكة

  • السماحة في التعاملات المالية في الإسلام (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • خطبة: حقوق كبار السن في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تحفة الأنام بأهمية إدارة الوقت في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة الأحزاب وتحزب الأعداء على الإسلام في حربهم على غزة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام والبيئة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من دروس خطبة الوداع: أخوة الإسلام بين توجيه النبوة وتفريط الأمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطفل العقدية في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة مهنية تبحث دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم الإسلامي
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/4/1447هـ - الساعة: 15:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب