• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج أهل السنة والجماعة في تقرير مسائل الاعتقاد ...
    إيلاف بنت فهد البشر
  •  
    أثر البركة والبركات محقها بالسيئات وللحصول عليها ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    التسبيح مكفر للخطايا
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    دعاء الأنبياء عليهم السلام على الكفار
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    وعد الآخرة
    محمد حباش
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    كفى بالموت واعظا (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    متى ينال البر؟
    سعيد بن محمد آل ثابت
  •  
    فقه العمل الصالح (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الحذر من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    علة حديث: ((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة))
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    شرح حديث دعوات المكروب
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    وجعلت قرة عيني في الصلاة (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    فضل التيسير على الناس وذم الجشع (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    نعمة الأمن ووحدة الصف (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    {ليس عليكم جناح}: رفع الحرج وتيسير الشريعة
    بدر شاشا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصلاة وما يتعلق بها
علامة باركود

وجعلت قرة عيني في الصلاة (خطبة)

وجعلت قرة عيني في الصلاة (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/10/2025 ميلادي - 28/4/1447 هجري

الزيارات: 301

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وجعلت قرة عيني في الصلاة

 

إنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون ﴾ [آل عمران:102].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر:18].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب:70]..

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ في النار..

 

معاشر المؤمنين الكرام: الحياةُ فُرَصٌ سانحة، والأعمارُ لحظاتٌ فائتة، والموفَّقُ مَنِ اغتنم الفرصَ قبل فواتها.. وإنما اغتنامُ الفرصِ في أن يتقربَ بها المسلمُ إلى الله، وما من شيءٍ يقربُ العبدَ إلى مولاه، مثل الصلاة.. الصّلاةُ يا رعاكم الله: ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، وفريضةُ اللهِ الثابتةِ على المسلمين، وآخرُ ما يُفقدُ من عرى الدِّين، وآكدُ ما وصى به سيدُ المرسلين.. الصّلاةُ أيها الموفقون: مُستراحُ الأرواح، ومفتاحُ الأرباح، وطريقُ النَّجاح والفلاحِ، تأمّل: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون:1]، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ...

 

الصّلاةُ يا أهل الصّلاة: نورٌ في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وطمأنينةٌ في النفس، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، وسِعة في الرزق، تأمل: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ﴾ [آل عمران:37]..

 

الصّلاة أيها المباركون: تَكفَّيرٌ للسيئات، ومضاعَفُةٌ للحسنات، ورفَعُةٌ في الدرجات، تأمل: ﴿ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ ﴾ [هود:114]..

 

الصلاةُ أُيها الموفقون: علاجٌ للخطوب، وتكفيرٌ للذنوب، وتفريجٌ للضيق والكروب.. تأملوا: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴾ [المعارج:19].. وتأملوا أيضاَ: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ﴾ [الحجر:97]، ولذا كان المصطفي صلى الله عليه وسلم: إذا حزبهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصّلاة.. يقول: أرحنا بها يا بلال..

 

وللصلاةُ طعمٌ ولذةٌ وسعادة، من حرمها فهو المحروم، في الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: «وجُعلت قُرةُ عيني في الصلاة».. قال الامام الحسن البصري رحمه الله: تفقدوا اللذة في الصلاة والقرآنِ والذكر، فإن وجدتموها فامضوا وأبشروا، وإن لم تجدوها فاعلموا أن الباب مغلق، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا لم تجد للعمل حلاوةً في قلبك وانشراحًا فاتهمه، فإن الربَّ شكور".. يعني إذا لم تجد للطاعة حلاوةً، فإنّ في أدائها خللًا..

 

ووالله إنه لسؤالٌ جوهريٌ هام.. هل تجد لصلاتك لذةً وأنسًا؟ هل أنت راضٍ عن صلاتك؟ هل أنت حريصٌ عليها وعلى اتقانها وتحسين أدائها؟ هل أنت مستوفٍ لشروطها وواجباتها وآدابها ومستحباتها.. وماذا عن الطمأنينة والخشوع فيها! في صحيح مسلم، قال عليه الصلاة والسلام: "يا فُلَانُ، ألَا تُحْسِنُ صَلَاتَكَ؟ ألَا يَنْظُرُ المُصَلِّي إذَا صَلَّى كيفَ يُصَلِّي؟.. فإنَّما يُصَلِّي لِنَفْسِهِ".

 

فيا أيها المبارك حاسب نفسك، وأعلم أن قدرك عند الله جلَّ وعلا، على قدر إحسانك في صلاتك.. قال بعض السلف: إن الرجلين ليقومان في الصف وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض.. وقال بعضهم: إن العبد قد يصلي وهو يعصي الله في صلاته..

 

ولا شك يا عباد الله: أن الصلاة عند المسلم أهمُّ من جميع مقتنايته، أهمُّ من ساعته، ومن جواله وشماغه.. وهذا ما جعلَ أحدَ الصالحين يقول: لقد رضيتُ منكم أن يهتمَّ أحدكم بصلاته كما يهتمَّ بعمامته.. فأحدنا حين يختارُ عمامتهُ ينتقي الأفضل، ثم هو يعتني بها نظافةً وكويًا، ثم يحرصُ على سلامتها وجمالِ مظهرها.. فهل تكون العمامة أغلى من الصلاة.. وإن أردت برهانا أعمق من هذا، فقارن بين بين أحوال الناس في المناسبات وعند زيارة الأماكن الرسمية وبين حالهم في المسجد.. قارن من حيث اللبس وجمال الهيئة وحسن الاستعداد، وطيب الرائحة، وقارن حين يقف المراجع أمام مديرٍ كبيرٍ أو مسؤول مرموق، وكيف تسكن جوارحه، وتنضبط حركاته، ويحضر تركيزه وانتباهه، فلا تفوته كلمةٌ أو لفتة من لفتات ذلك المسؤول، بينما ترى في المسجد أحوالًا يندى لها الجبين.. فالهندامُ غير مرتب، والملابسُ غير لائقة.. والرائحةُ مزعجة، والقلب هائمٌ في أودية الدنيا.. واليد تتحرك بلا وعي.. وتارةً ينظر في ساعته، ومرةً يعدل غترته، أو يطقطق أصابعه، أو ينظر في غير موضع سجوده.. في الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الله مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه)..

 

فلا بدَّ من الاهتمام بالصلاة يا عباد الله، فهي أغلى ما عند المسلم من العبادات والطاعات، في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "استقيمُوا ولنْ تُحصوا، واعلَمُوا أنَّ خيرَ أعمالِكمُ الصلاةُ، ولا يحافظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ".. لا بدَّ من الاهتمام بالصلاة، ففي الحديث الصحيح قال عليه الصلاة والسلام: "أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ، فإنْ صَلَحَتْ، صَلَحَ سائِرُ عَمَلِه، وإنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سائِرُ عَمَلِه".. لا بدَّ من الاهتمام بالصلاة، ففي الحديث الصحيح، أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا لا يتمُّ ركوعه وينقرُ في سجوده فقال: «لو مات هذا على حاله مات على غير ملةِ محمد»..

 

وكيف لا يهتمُّ المسلمُ بصلاته، وفي صحيح مسلم أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "ما مِن امرئٍ مُسْلمٍ تحضُرهُ صلاةٌ مكتوبةٌ فيحسَنَ وضوءَها وخشوعَها وركوعَها إلَّا كانَتْ كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم يُؤتِ كبيرةً وذلك الدهرَ كُلَّه".. وفي الصحيحين: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وفي صحيح مُسلمٍ: "ما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ"..

 

ووالله يا عباد الله: لو تيقن المسلمُ أنَّ الملائكةَ تصعدُ بصلاته فتعرضها على ملك الملوك جلَّ جلاله، وأنها بمنزلة الهدايا التي يتقرب بها الناس لملوكهم، لاستحى العبد أن يقرب هدية زهيدةٍ ساقطة.. والله يا عباد الله: لو تمكَّنَ حُبُّ الصلاةِ من قلوبنا فلن نجِدَ حلاوةً ألذَّ منها، ولا أُنسًا أطيب منها، واسألوا عن ذلك المُوفَّقون، أهلُ التُّقَى والهُدَى، المُعلَّقةِ قلوبُهم بالمساجِدِ، المُبكِّرون إلى الصلوات، المشَّاؤُون إليها في الظُّلَم، المُجيبُون لداعِيَ الفلاحِ، المتنافُسون على الصف الأول، المُدرِكُون لتكبيرةِ الإحرام مع الإمام..

 

لقد كان حُبُّ النبيِّ الكريمِ صلى الله عليه وسلم للصلاة ظاهرٌ ومتواترٌ، فقد صحَّ عنهُ عليه الصلاةُ والسلام أنهُ قال: «أرِحنا بها يا بلال!» وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: «وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة».. ووالله ما قالَ صلى الله عليه وسلم هذا الكلامَ العجيبَ إلا حينَ وجَدَ في الصلاةِ ما تَقرُّ بهِ عينهُ، وينشرِحُ بهِ صدرهُ، ويأنسُ بهِ قلبهُ، وتفرحُ به روحهُ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يُطيلُ صلاتهُ حتى تتفطَّرَ قدماه.. وهكذا كل من ذاق حلاوة الصلاة فإنه يطيل فيها ويتمهل.. وكثيرٌ من السلف، كانت الطيور والعصافير تحطُّ على رؤوسهم من طول قيامهم في الصلاة..

 

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوّ وَٱلآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ يَخَـٰفُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأبْصَـٰرُ * لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور:36]..

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين..

 

معاشر المؤمنين الكرام: الخشوع هو لُبّ الصلاة وروحها.. فلا صلاة لمن لا خشوع له.. الخشوع هو أول وأهم أسباب الفلاح في الدنيا والآخرة: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُون ﴾ [المؤمنون:1].. وتأملوا يا عبد الله واعتبروا، فالصلاة بلا خشوع صلاةٌ ثقيلةٌ وشاقةٌ، قال تعالى: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة:45].. أي ثقيلةٌ شاقةٌ إلا على الخاشعين.. ولمن يسأل كيف اخشع في صلاتي، فهناك أسباب كثيرة، منها: استحضار عظمة الصلاة وعلو قدرها عند الله جل وعلا.. قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه:132].. وفي الحديث الصحيح، حين سئل صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال الصلاة لوقتها..

 

السبب الثاني: أن يعلم العبد ويوقن أنه لا غنى له ربه، وأن حاجة القلب للعبادة والصلاة، أعظم من حاجة الجسم للطعام والشراب، فلئن كان الجسد بدون الطعام يموت، فالموت مصير كل حي، لكن القلب إذا ابتعد عن الله عاش في ظنك وشقاء، ومصيرهُ وادي في جهنم يسمى غيّا.. ويقول ابن القيم رحمه الله: (إنَّ في القلب شعثٌ، لا يلمه إلا الإقبالُ على الله، وعليه وحشةٌ، لا يزيلها إلا الأنسُ به في خلوته، وفيه حزنٌ، لا يُذهبهُ إلا السرورُ بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلقٌ، لا يسكنهُ إلا الاجتماعُ عليه)..

 

السبب الثالث: ان يتجمل لها بأحسن ما يستطيع، فيلبس أحسن ثيابه، ويتطيبَ من أحسن طيبه، والله جميل يحبُّ الجمال.. ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده، لا سيما إذا وقف بين يديه.. ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ﴾ [الأعراف:31]..

 

السبب الرابع: الاستعداد المبكر للصلاة.. فالتبكير دليلٌ عمليٌ على محبَّةِ الصلاةِ وتعظِيمِ قدرها وتعلُّقِ القلبِ بها، والمبكر بإذن الله داخلٌ في السبعة الذين يظلهم الله بظله.. وداخِلٌ فيمن عنَاهم عليه الصلاة والسلام بقولِه في الحديث المتفق عليه: "لو يعلمُ الناسُ ما في النداء والصفِّ الأول ثمَّ لم يجِدوا إلا أن يستهِمُوا عليه لاستَهَمُوا عليه".. وداخل في قولِه صلى الله عليه وسلم: "إن الله وملائكتَهُ يُصلُّونَ على الصفِّ المُقدَّم".. والمبكرُ لا يزالُ في صلاةٍ ما انتظَرَ الصلاة؛ تُصلِّي عليه ملائكةُ الرحمن، وتدعُو له بالمغفِرَة والرحمةِ والرضوان..

 

والسبب الخامس: الاهتمام بتحسين الصلاة، يقول أهلُ العلم: "إن سببَ حُضورِ القلبِ في العبادة هو الهمُّ والاهتمام؛ فمتى أهمَّكَ أمرٌ حضرَ قلبُكَ فيه".. في الحديث الصحيح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى صلاتك فصل صلاة مودع»؛ وفي الصحيح أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «اذكُر الموت في صلاتك، وصلِّ صلاة رجل لا يظن انه سيصلي صلاةً غيرها».. وحين سئل حاتم الأصم كيف يؤدي صلاته قال: أكبر تكبيرًا بتحقيق، وأقرأ قراءةً بترتيل، وأركع ركوعًا بخضوع، وأسجد سجودًا بتذلل، وأتصور الجنة عن يميني، والنار عن شمالي، والصراط تحت قدمي، والكعبةُ بين حاجبي، وملك الموت فوق رأسي، وذنوبي محيطةٌ بي، وعين الله ناظرةٌ إلي، وأعدها آخرَ صلاةٍ في عمري، وأُتبِعُها الإخلاص ما استطعت ثم أسلم، ولا أدري، أيقبلها الله مني، أم يقال: اضربوا بها وجه صاحبها..

 

يقول أحد طلاب العلم: صليت يومًا صلاةً ليست كصلاتي المعتادة، حيث شعرت فيها بسكينة لم أعهد مثلها، ووجدت لها لذةً وخشوعًا، فأطلت فيها، وحينما سلمت، قلت لنفسي، لعل هذا هو سبب إطالةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم والسلفِ الصالح لصلاتهم، فإنهم يجدون فيها من الأنس واللذة ما يجعلهم لا يشعرون بطولها.. وتذكرت قول أحد السلف: إن في الدنيا جنةً من لم يدخلها، لم يدخل جنة الآخرة.. فآليت على نفسي أن أقرأ وأتعلم وأهتم، واتعمق في أسباب الخشوع، فأكرمني الله بتغيرٍ إيجابيٍ كبيرٍ في صلاتي، فقد كنت من النادر أن أذهب مبكرًا للمسجد، أما الآن فلا يكادُ يؤذنُ إلا وقد انتهيت من الوضوء، وأصبحت أجد للصلاة طعمًا ولذة ما كنت أجدها سابقًا.. حتى أصبحت أطيل الصلاة ولا أشعر..

 

والخلاصة يا عباد الله: أن مَنْ خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ وَجَدَ لها أُنسًا ولَذَّةً، وطمأنينةً وَرَاحَةً، وَوالله ليجدنَّ لها شَوْقًا ورغبة، واقبالًا ومحبة.. وبذلك تصلح أحواله، وتستقيم أموره، وَمَنْ قَرَأَ سِيَرَ الْخَاشِعِينَ، وَرَاقَبَ أَحْوَالَهُمْ وَجَدَ ذَلِكَ واضحًا فِيهِمْ.. ومن لم يخشع في صلاته: حُرم من ذلك كلِّه، وثقُلَ عليه أدائها، حتى يتكاسل ويصعب عليه القيام لها.. وعندها فيخشى عليه أن يكون ممن قال الله عنهم: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء:142].. نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا لَّذَّةَ المناجاة، وَحَلَاوَةَ وأنس الصَّلَاةِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.. ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • (الحث على الخشوع في الصلاة) من بلوغ المرام
  • القراءة في الصلاة
  • قراءة الفاتحة تامة في الصلاة
  • الدعاء بعد التشهد الأخير في الصلاة
  • صفة التورك في الصلاة
  • الالتفات في الصلاة
  • الخشوع في الصلاة، وحضور القلب فيها وعلاج الوسوسة

مختارات من الشبكة

  • وجعلت قرة عيني في الصلاة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • خطبة: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجعلت قرة عيني في الصلاة (بطاقة)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • وجعلت قرّة عيني في الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجعل بينكم مودة ورحمة(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الذكر الدائم يجعلك تسبق غيرك إلى الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نقض شبهة "البخاري بشر يخطئ فلم تجعلون صحيحه فوق النقد؟!"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذنبي يجعلني أرفض الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • كفى بالموت واعظا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فتح المعين بشرح قره العين بمهمات الدين (النسخة 2)(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسلمو ألميتيفسك يحتفون بافتتاح مسجد "تاسكيريا" بعد أعوام من البناء
  • يوم مفتوح بمسجد بلدة بالوس الأمريكية
  • مدينة كلاغنفورت النمساوية تحتضن المركز الثقافي الإسلامي الجديد
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا
  • الدورة العلمية الثانية لتأهيل الشباب لبناء أسر مسلمة في قازان
  • آلاف المسلمين يشاركون في إعادة افتتاح أقدم مسجد بمدينة جراداتشاتس
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/4/1447هـ - الساعة: 16:3
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب