• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق العمال
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة التفسير: سورة الهمزة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    سورة الإخلاص وعلاقتها بالتوحيد
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة: علموا أولادكم الاستغفار والتوبة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من مشاهد القبر وأحداث البرزخ (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    أحكام من أدرك وقت الصلاة فلم يصل ثم زال تكليفه
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الهداية من أدلة اثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    ثمرات قوة الإيمان بقوله سبحانه (والله على كل شيء ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أسباب انقطاع الرزق - أكل المال الحرام
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    أيها المبتلى في جسده تسل باسم ربك الجبار (خطبة)
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    خطبة الوصية
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    نعمة البيوت والمساكن (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (39) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)
    محمد الشقيري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

حقوق العمال

حقوق العمال
د. أمير بن محمد المدري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/10/2025 ميلادي - 19/4/1447 هجري

الزيارات: 144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقوق العمال

 

الحمد ﴿ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62]، ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ﴾ [الفرقان: 47]، أحمده ـ سبحانه ـ حمدًا طيبًا مباركًا كثيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الملك العظيم والرب الرحيم، لا إله إلا هو رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، المبعوث من ربه بالهدى ودين الحق، بشيرًا ونذيرًا للمكلفين من الخلق، فأوضَح الله به المحجة، وأقام به الحجة، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

فإن الإسلام أعزَّ العامل ورعاه وكرَّمه، واعترف بحقوقه لأول مرة في تاريخ العمل، بعد أن كان العمل في بعض الشرائع القديمة معناه الرق والتبعية، وفي البعض الآخر معناه المذلة والهوان.

 

وقد قرَّر الإسلام للعمال حقوقهم الطبيعية مواطنين من أفراد المجتمع، كما جاء بكثير من المبادئ لضمان حقوقهم، قاصدًا بذلك إقامة العدالة الاجتماعية وتوفير الحياة الكريمة لهم ولأُسرهم في حياتهم وبعد مماتهم.

 

كما دعا الإسلام أصحاب الأعمال إلى معاملة العامل معاملة إنسانية كريمة، وإلى الشفقة عليه والبر به، وعدم تكليفه ما لا يطيق من الأعمال، إلى غير ذلك من الحقوق التي منحها الإسلام للعامل، والتي يمكن إجمالها فيما يلي:

أولًا: حق العامل في الأجر:

أجر العامل ( مرتبه الشهري ) هو أهم التزام مُلقى على عاتق صاحب العمل، ولذلك عنى به الإسلام عنايةً بالغة، ولقد رأينا كيف يَعُدُّ الإسلام العملَ عبادة، ويضعه فوق العبادات جميعًا، ويجعل الأخ الذي يعول أخاه العابد أعبد منه، وعلى أساس هذه النظرة المقدسة للعمل يُقدِّس الإسلام حق العامل في الأجر، ويحث على أن يُوفَّى كل عامل جزاء عمله، وقد ورد الأجر في القرآن الكريم في خمسين ومائة موضع، وجاء وروده بالمعنى المتداول في الحياة العملية، كما ورد في أسمى المعاني وأكثرها تجردًا في شؤون الحياة الدنيا وعرضها الزائل، ومن الأمثلة على المعنى المتداول في الحياة العملية قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [سبأ: 47]، وفي موضع آخر من قصة شعيب وموسى: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ [القصص: 25]، وفي هذين المثلين الأجر: هو ما عرفناه من عوض المشقة، أو جزاءً عن الخدمة.

 

وفي أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم نجد أيضًا تلازمًا بين الأجر والعمل، وهذا كله عموم في الدنيا والآخرة، فجميع الآيات التي ذُكر فيها العمل والأجر ليست خاصة بالأعمال ذات الطابع الديني، وإنما هو قانون عام شامل لكل نوع من أنواع العمل؛ سواء كان عملًا دينيًّا، أو عملًا دنيويًّا.

 

ثانيًا: سرعة دفع الأجر:

الإسلام يقرِّر سرعة دفع الأجر للعامل بعد الانتهاء من عمله مباشرة؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أعطوا الأجير حقه، قبل أن يجف عرقه"[1]، ويروي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أُعطى بي ثم غدر، ورجل باع حُرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا، فاستوفى منه ولم يعطه أجره"[2].

 

ثالثًا: مناسبة الأجر للعامل:

فمن حق العامل الأجر المناسب لقدراته ومواهبه، فيقول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ [الأعراف: 85]؛ أي: لا تنقصوا أموالهم، كما يحذِّر الله من سوء العاقبة إذا لم يتناسب الأجر مع العمل؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [المطففين: 1 - 3]، ومعنى المطفف: هو المقلل حقَّ صاحب الحق، وأصل الكلمة من الطفيف، أي القليل.

 

رابعًا: حق العامل في الاستمرار في عمله إذا نقصت مقدرته على الإنتاج:

ليس لصاحب العمل أن يفصل العامل عن عمله إذا انتقصت مقدرته على الإنتاج لمرض لحقه من جراء العمل، أو بسبب هرم العامل وشيخوخته.

 

والقاعدة العامة أنه: إذا اتفق صاحب العمل مع شاب على العمل، فقضى شبابه معه ثم أصابه وهن في نشاطه بسبب شيخوخته مثلًا، فليس لصاحب العمل طرده من العمل، بل عليه أن يرضى بإنتاجه في شيخوخته كما كان يرضى عن إنتاجه في عهد شبابه وقوته، ويرمز إلى هذه القاعدة ما تضمنه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من أن رجلًا أرهق جملًا له في العمل، فهرم فأراد أن يذبحه ليستريح من عبء مؤونته، فقال له: "ما لبعيرك يشكوك زعم أنك سانيه، حتى إذا كبر تريد أن تنحره، قال: صدقت والذي بعثك بالحق نبيًّا قد أردت ذلك، والذي بعثك بالحق لا أفعل"[3].

 

خامسًا: حق العامل في المحافظة على كرامته:

يجب على صاحب العمل أن يحفظ كرامة العامل، فلا يضعه موضع الذليل المسخر، أو العبد المهان، وفي الإسلام وحياة عظمائه كثير مما يؤيد ذلك الأصل.

 

فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل مع الأجير، ويساعده في احتمال أعباء ما يقوم به من عمل، كما لا يصح أن يضرب صاحب العمل العامل، أو يعتدي عليه، فإن ضربه فعطب كان عليه الضمان.

 

سادسًا: حق العامل في أداء ما افترضه الله عليه:

يجب على صاحب العمل أن يُمكِّن العامل من أداء ما افترضه الله عليه من طاعة كالصلاة والصيام، فالعامل المتدين أقرب الناس إلى الخير، يؤدي عمله في إخلاص ومراقبة، وأداء للأمانة، وصيانة لما عُهِدَ إليه به.

 

وليحذر صاحب العمل أن يكون في موقفه هذا ممن يصد عن سبيل الله، ويعطل شعائر الدين: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 3]، ويقول تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾ [العلق: 11 - 14].

 

سابعًا: حق العامل في الشكوى وحقه في التقاضي:

لم تقتصر الأحكام الإسلامية الخاصة بعلاقات العمل على تنظيم القواعد الموضوعية المتصلة بحقوق العمال، وإنما تناولت هذه الأحكام أيضًا القواعد الإجرائية التي تنظم حق العامل في الشكوى وحق التقاضي.

 

فالإسلام لم يترك أطراف العقد فرطًا، بل يسر لهم سبيل اقتضاء حقوقهم إن رضاءً، أو اقتضاءً، كما حرص أشد الحرص على المحافظة على حقوقهم، واتخذ لذلك جميع الوسائل التي تحفظ هذه الحقوق وتصونها جميعًا.

 

ومن هذه الوسائل إقامة الحق والعدل بين الناس، ذلك أن إقامة الحق والعدل هي التي تشيع الطمأنينة وتنشر الأمن، وتشد علاقات الأفراد بعضهم ببعض، وتقوي الثقة بين العامل وصاحب العمل، وتنمي الثروة، وتزيد من الرخاء، وتدعم الأوضاع، فلا تتعرض لأي اضطراب، ويمضي كل من العامل وصاحب العمل إلى غايته في العمل والإنتاج دون أن يقف في طريقه ما يعطِّل نشاطه أو يعوقه عن النهوض.

 

وقد جاءت الآيات والأحاديث داعية إلى العدل، ومحذرة من الظلم ومحرِّمة له، والله سبحانه وتعالى لا يظلم الناس شيئًا، بل لا يريد الظلم؛ يقول تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ﴾ [غافر: 31]، وفي الحديث القدسي: "يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا"[4].

 

وما هلكت الأمم السابقة إلا بظلمها وبَغْيها: ﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ﴾ [يونس: 13]، ويقول تعالى: ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: 52]، ويقول تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18]، ويقول تعالى: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [الحج: 71]، وفي الحديث: "اتقوا المظلوم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"[5]، وفي حديث آخر: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته "[6].

 

ثامنًا: حق العامل في الضمان:

كلمة ضمان أو " تضمين " في الشريعة الإسلامية أقرب ما تؤدي المعنى المراد في كلمة "المسؤولية المدنية " في الفقه الحديث.

 

ومن الواضح أن تضمين الإنسان عبارة عن الحكم بتعويض الضرر الذي أصاب الغير من جهته، وقد قرر القرآن الكريم – وهو الأصل الأول للتشريع الإسلامي – مبدأ المسؤولية المدنية في قول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 92].

 

وقرَّرتها السنة – وهي الأصل الثاني للتشريع – في عدة مناسبات، فقررتها في الإتلاف المباشر، عن أنس رضي الله عنه قال: أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعامٌ في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "طعام بطعام وإناء بإناء"[7]، وقررتها على الرجل الذي يمد يده إلى مال الغير، فيأخذه قهرًا بدون إذن ثم يَهلك، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على اليد ما أخذت حتى ترد"[8].


وهذا أصل المسؤولية الناشئة عن الاستيلاء القهري، وهو المسمى في اصطلاح الفقهاء "بالغصب".

 

هذا ومن يتتبع السنة في قضاء الرسول وأصحابه من بعده، يجد كثيرًا من جزئيات المسؤولية المدنية.

 

وطبقًا للأسس المتقدمة يَحق للعامل أن يطالب صاحب العمل بحقه في الضمان إذا توافرت شروطه التي عرَضنا لها، وله أن يلجأ إلى القضاء للمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر، والله تعالى يقول: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 85].

 

تاسعًا: حق ترقية العامل:

عرف الإسلام ترقية الموظفين منذ إنشاء دولته الأولي، وتم تطبيق ذلك عمليًّا على الرغم من عدم وجود قواعد معينة تتبع بالنسبة للترقية؛ كما هو الشأن بالنسبة لترقية الموظفين في النظم الحديثة، إلا أن ممارسة الترقية قد تمت بالفعل، ووجد ما يدل على ذلك، فقد حدث في أيام الخليفة أبي بكر الصديق عندما عزم على فتح بلاد الشام، وجعل يزيد بن أبي سفيان على رأس الجيش الفاتح وأوصاه قائلًا: " إني ولَّيتك لأبلوك وأختبرك وأحرجك، فإن أحسنت رَددتك إلى عملك وزِدتك، وإن أسأت عزلتك فعليك بتقوى الله"[9].

 

ويقوم معيار الترقية في الإسلام على أساس الصلاحية والكفاءة والجدارة بصرف النظر عن أقدمية الموظف.

 

عاشرًا: حق العامل في عدم الإرهاق إرهاقًا يضر بصحته أو يجعله عاجزًا عن العمل:

يجب على صاحب العمل عدم إرهاق العامل إرهاقًا يضر بصحته، ويجعله عاجزًا عن العمل، ولقد قال شعيب لموسى عليه السلام حين أراد أن يعمل له في ماله: ﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ﴾ [القصص: 27].

 

فإذا كلَّفه صاحب العمل بعمل يؤدي إلى إرهاقه، ويعود أثره على صحته ومستقبله، فله حقُّ فسخ العقد، أو رفع الأمر إلى المسؤولين؛ ليرفعوا عنه حيف صاحب العمل.

 

حادي عشر: حق العامل في الحصول على حقوقه التي اشترطها صاحب العمل:

يجب على صاحب العمل أن يوفي العامل حقوقه التي اشترطها عليه، وألا يحاول انتقاص شيء منها، فذلك ظلم عاقبته وخيمة، ولذلك يجب على صاحب العمل ألا ينتهز فرصة حاجة العامل الشديدة إلى العمل، فيبخسه حقه، ويَغبنه في تقدير أجره الذي يستحقه نظير عمله، فالإسلام يحرم الغبن، ويقرر لا ضرر ولا ضرار.

 

كما يجب على صاحب العمل أن يحفظ حق العامل كاملًا إذا غاب أو نسيه، وعليه ألا يؤخر إعطاءه حقه بعد انتهاء عمله، أو بعد حلول أجله المضروب.

 

كما يجب على صاحب العمل ألا يضن على العمل بزيادة في الأجر إن أدى عملًا زائدًا على المقرر المتفق عليه، فإن الله يأمرنا بتقدير كل مجهود ومكافأة كل عمل.

 

هذه هي أهم حقوق العمال، وبها يكون الإسلام أَوفى العمال حقوقهم وأكرمهم ووفر لهم حياة كريمة وأقام عدالة اجتماعية.

 

واجبات العمال

أما واجبات العمال، فنلخصها في النقاط التالية:

• أن يعرف العامل ما هو المطلوب منه، وما واجباته ومنطلقات عمله، وأن يكون العقد بين العامل وصاحبه واضحًا لا لبس فيه.

 

• أن يشعر بالمسؤولية تجاه العمل الذي كُلِّف أو تعاقد عليه وارتبط به.

 

• أن يؤدي عمله على أحسن الوجوه أيًّا كان نوع العمل، سواء كان موظفًا أو صانعًا أو مزارعًا، أو مهندسًا أو طبيبًا أو معلمًا، ونحو ذلك.

 

• أن يؤدي ذلك بأمانة وإخلاص دون غشٍّ أو إهمالٍ، أو تقصير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملًا أن يتقنه"[10]، وهذا يعني بداهة أن الله يمقت التقصير والإهمال في العمل؛ قال صلى الله عليه وسلم: "مَن غشَّ فليس منا"[11].

 

• عدم الخيانة في العمل بكل صورها وأشكالها، فتضييع الأوقات خيانة، والغش خيانة، وأخذ الرشوة خيانة، وتعطيل أعمال الناس خيانة، فكل من تقلد عملًا ما مهما كان نوعه، ولم يؤدِّه وَفق ما طلبه منه الشرع الحنيف، فهو خائن لأمانته، والله تعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

 

• عدم استغلال عمله ووظيفته؛ ليجر بذلك نفعًا إلى نفسه أو قرابته، أو من هم دونه، دون حق شرعي أو قانوني، فإن هذا الاستغلال يعد جريمة، إذ المال العام أمانة عند من استؤمنوا عليه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من استعملناه على عمل، فرزقناه رزقًا فما أخذ بعد ذلك، فهو غلول"[12].

 

فقد شدَّد الإسلام على ضرورة التعفف من استغلال النفوذ، وشدد على رفض المكاسب المشبوهة، وقصة ابن اللتبية معروفة مشهورة، فقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: "استعمل رسول الله رجلًا من بني أسد يقال له: ابن اللتبية على صدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، فقام النبي فصعد المنبر فحمد الله، وأثنى عليه ثم، قال: ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول: هذا أهدي لي؟ فهلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأتي بشيء إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته؛ إن كان بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيْعَر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ألا هل بلغت ـ ثلاثًا ـ "[13].

 

واجبات صاحب العمل

كما يُطلب من العامل أن يكون متخلقًا بأخلاق معينه، كذلك الحال بالنسبة إلى رب العمل هو الآخر مطلوب فيه توافر أخلاق معينة، وعليه واجبات يجب القيام بها حتى تستمر العلاقة علاقة إنسانية كريمة، ومن تلك الأخلاق والواجبات ما يلي:

• أن يبين للعامل ماهية العمل المراد إنجازه مع بيان ما يتعلق بالمدة والأجر.

 

• ألا يكلِّفه فوق طاقته؛ لقول الله تعالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]. وفي الحديث: "ولا تكلفوهم ما لا يطيقون" [14]، وإذا كلَّفه فوق طاقته فعليه أن يعينه.

 

• أن يعامله بالحسنى، فلابد أن تكون نظرة صاحب العمل إلى العامل نظرة إنسانية يحترم فيها إنسانية، فالعامل إنسان يتمتع بكل خصائص الإنسانية، فلا يُهينه ولا يحتقره، وقبل ذلك كله لا يظلمه.

 

• ألا يَبخَسه حقَّه عند التعاقد على أي عمل من الأعمال، فينبغي أن يكون الأجر على قدر العمل، ففي ظلال الإسلام يتحتم على صاحب العمل أن يُعطي العامل جزاء عمله وثمرة جهده بصورة متناسبة مع حقه تناسبًا تامًّا، وأن على العامل أن يقتصر على أخذ حقه فحسب، فلا ينبغي له أن يطالب صاحب العمل بأكثر من حقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لك من الأجر على قدر نصيبك ونفقتك"[15].

 

• أن يعطيه حقَّه عند فراغه من عمله دون مماطلة؛ لأن هذا الحق أصبح دينًا وأمانة في عنق صاحب العمل عليه أن يؤديه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه"[16].

 

• أن يكون رحيمًا بالعمال حين الخطأ والصفح عنه إذا لم يكن ثمة تقصير، و لو تكرر منه الخطأ، جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال: كم يعفو عن الخادم؟ فصمت رسول الله ثم قال: "اعفُ عنه في اليوم سبعين مرة "[17].



[1] سنن ابن ماجه: كتاب الرهون، باب أجر الأجراء 2/ 817.

[2] البخاري- الفتح 4 (2227).

[3] رواه احمد ج4/ 173

[4] حديث قدسي رواه مسلم (2577).

[5] مسلم (2578)، وخرَّج البخاري أوله من حديث ابن عمر الفتح 5 (2447).

[6] البخاري- الفتح 8 (4686). ومسلم (2583) واللفظ له.

[7] أخرجه البخاري.

[8] رواه الترمذي (1266)، والحاكم (2302)، وكذا أبو داود (3561).

[9] راجع (الكامل) لابن الأثير الجزء الثاني عند ذكر فتوح الشام

[10] أخرجه البيهقي في الشعب (5312)، وأخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط (897)، وأبو يعلى (4386) من حديث عائشة رضي الله عنها، قال الهيثمي في المجمع (4/ 98): "وفيه مصعب بن ثابت، وثقه ابن حبان وضعّفه جماعة"، وله شواهد صححه بها الألباني في السلسلة الصحيحة (1113).

[11] أخرجه الترمذي (3/ 606، رقم 1315) وقال: حسن صحيح.

[12] أخرجه أبو داود في الخراج (2943) من حديث بريدة رضي الله عنه، وصححه ابن خزيمة (2369)، والحاكم (1/ 563)، وأقره الذهبي، وقال الشوكاني في النيل (4/ 232): "رجاله ثقات"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (779).

[13] صحيح، صحيح البخاري: كتاب الهبة وفضلها... باب من لم يقبل الهدية لعلّة، حديث (2597)، وأخرجه أيضًا مسلم: كتاب الإمارة - باب تحريم هدايا العمال، حديث (1832)..

[14] رواه النسائي وابن ماجه

[15] أخرجه الحاكم (1/ 644 رقم 1733)، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أيضًا: البخاري (2/ 634، رقم 1695)، والدارقطني (2/ 286)..

[16] سنن ابن ماجه: كتاب الرهون، باب أجر الأجراء 2/ 817.

[17] أخرجه أحمد (2/ 111)، وأبو داود في الأدب (5164)، والترمذي في البر (1949) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2289).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من صور الاتجار بالبشر (1) هضم حقوق العمال واستغلالهم (خطبة)
  • حقوق العمال والتحذير من ظلمهم

مختارات من الشبكة

  • حقوق الطريق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الوطن (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من حقوق الوالدين(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • حقوق غير المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حقوق الجار وأنواعه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق كبار السن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: حقوق كبار السن في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الميت (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الميت (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق العلماء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/4/1447هـ - الساعة: 12:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب