• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حقوق العمال
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    من مائدة التفسير: سورة الهمزة
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    سورة الإخلاص وعلاقتها بالتوحيد
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    خطبة: علموا أولادكم الاستغفار والتوبة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من مشاهد القبر وأحداث البرزخ (خطبة)
    محمد موسى واصف حسين
  •  
    أحكام من أدرك وقت الصلاة فلم يصل ثم زال تكليفه
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    الهداية من أدلة اثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    ثمرات قوة الإيمان بقوله سبحانه (والله على كل شيء ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أسباب انقطاع الرزق - أكل المال الحرام
    محمد أحمد عبدالباقي الخولي
  •  
    بيع حبل الحبلة والمضامين والملاقيح
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    أيها المبتلى في جسده تسل باسم ربك الجبار (خطبة)
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    خطبة الوصية
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    نعمة البيوت والمساكن (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (39) «إن الله ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    حين تمطر السماء.. دروس من قطرات الماء! (خطبة)
    محمد الشقيري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الدعوة وطلب العلم
علامة باركود

خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية

خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية
د. عبدالسلام حمود غالب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/10/2025 ميلادي - 19/4/1447 هجري

الزيارات: 144

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطاب إلى الدعاة: رؤية دعوية إصلاحية


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فإن الدعوة إلى الله تعالى تُعد من أجَلِّ القربات وأسمى المهامِّ في الإسلام، فقد اصطفى الله لها أنبياءه ورسله، ثم ورِثها عنهم العلماء الربانيون والدعاة المصلحون؛ ويؤكد القرآن الكريم هذا المقام الرفيع بقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ [فصلت: 33]، هذا النص القرآني يشير إلى أن الدعوة إلى الله، المقترنة بالعمل الصالح، تمثِّل قمة الإحسان في القول والفعل، مما يبرز الأهمية القصوى لهذه الوظيفة في البناء الحضاري والأخلاقي للأمة؛ [ابن تيمية، 1995، ج11، ص455].

 

أولًا: تعريف الداعية ومقامه:

الداعية في الاصطلاح الشرعي والعلمي: هو الفرد الذي يتولى مهمة تبليغ رسالة الإسلام، وتعليم الناس أحكامَه وقيمَه، وإرشادهم لما ينفعهم في شؤون دينهم ودنياهم، يُعد الداعية وريثًا لمهمة الأنبياء في البلاغ والإرشاد؛ حيث يستمد مشروعيته من النصوص الشرعية التي تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ يُعرِّف الإمام النووي (ت. 676هـ) الداعية بأنه الآمِر بالمعروف، الناهي عن المنكر، الموجِّه للخلق إلى الله على بصيرة؛ [النووي، 1972، ج2، ص22]، هذا التعريف يشير إلى أن البصيرة هي ركيزة أساسية في أداء هذه المهمة؛ حيث تستلزم الفهم العميق للشرع وواقع الناس.

 

ثانيًا: صفات الداعية:

نصَّ العلماء على ضرورة تحلِّي الداعية بجملة من الصفات المحورية ليكون مؤثرًا وفعَّالًا في دعوته؛ من أهم هذه الصفات ما يلي:

الإخلاص لله تعالى: يجب أن يكون الداعية مخلصًا في نيته وقصده لله وحده، مبتغيًا وجهه لا مدح الناس ولا منفعة دنيوية؛ قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5]، هذا الإخلاص يضمن للداعية القبول والتوفيق الربانيَّ؛ [ابن كثير، 1999، ج8، ص479].

 

العلم الشرعي والبصيرة: لا يمكن للداعية أن يؤدي مهمته بفاعلية دون أن يكون ذا علم راسخ بما يدعو إليه، وبصيرة نافذة بواقع المدعوِّين؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾ [يوسف: 108]، العلم يجنِّب الداعية الوقوع في الخطأ أو الزَّلل، ويمكِّنه من مخاطبة الناس بما يناسبهم؛ [القاسمي، 1997، ج9، ص178].

 

الرفق والحكمة والموعظة الحسنة: الدعوة ليست قسرية بل مبنية على الإقناع والتأثير اللين؛ قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]، الحكمة تعني وضع الشيء في موضعه، والرفق يجنب النفور، والموعظة الحسنة تلين القلوب؛ [الطبري، 2000، ج14، ص295].

 

الصبر والثبات: طريق الدعوة محفوف بالتحديات، من الإعراض والأذى والتكذيب؛ لذا، يجب على الداعية التحلي بالصبر والتحمل، اقتداءً بالأنبياء الذين واجهوا الشدائد بثباتٍ؛ [ابن باز، د.ت. ص25-33].

 

القدوة الحسنة: يُعد الداعية نموذجًا حيًّا لما يدعو إليه، فأفعاله وسلوكياته تترجم أقواله، مما يزيد من تأثير دعوته؛ قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].

 

ثالثًا: طريق الدعوة ووسائلها:

تتعدد طرق ووسائل الدعوة إلى الله، ويجب على الداعية توظيفها بمرونة وذكاء بما يتناسب مع السياق والمخاطَب؛ من أبرز هذه الوسائل:

الخطابة والتوجيه العام: تُعد المنابر والمحاضرات العامة وسيلة فعَّالة للوصول إلى شريحة واسعة من الناس، لتعليمهم وتوجيههم في المسائل الدينية والاجتماعية.

 

التأليف والكتابة والنشر العلمي: يسهم إنتاج المحتوى المكتوب، سواء كان كتبًا أو مقالاتٍ أو أبحاثًا، في ترسيخ المفاهيم ونشر العلم الشرعي بين الأجيال المتعاقبة.

 

وسائل الإعلام والتواصل الحديث: توفر القنوات الفضائية، والمنصات الرقمية، ومواقع التواصل الاجتماعي فرصًا غير مسبوقة للوصول إلى الملايين، مما يستدعي من الدعاة استثمارها بمهنية وحكمة.

 

النصيحة الفردية السِّرِّيَّة: تُعد النصيحة المباشرة والسرية من أنجع وسائل الدعوة، خاصة في معالجة الأخطاء الشخصية، فهي تحافظ على كرامة المدعو وتُعين على تقبل النصح.

 

الإصلاح بين المتخاصمين والسعي لتقريب وجهات النظر: يُعد هذا الجانب من أهم أدوار الداعية في بناء المجتمع؛ حيث يُسهم في حل النزاعات، وتعزيز الوحدة والتآلف بين أفراد المجتمع.

 

وقد نوَّع النبي صلى الله عليه وسلم في وسائله الدعوية بحسب المقام والحاجة، فكان أحيانًا يعِظ علنًا، وأحيانًا يعالج المشكلات بالسكوت الحكيم، وأحيانًا أخرى يشير بأسلوب غير مباشر، كقوله: ((ما بال أقوام...))، دون تسمية؛ حرصًا منه على وحدة الصف وتأليف القلوب، كما جاء في حديث أنس: ((ما خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا قال: ما بال أقوام...))؛ [البخاري، 1997، رقم: 7288]، هذا الأسلوب النبوي يجسد مبدأ مراعاة المآلات، وتغليب المصلحة العامة.

 

رابعًا: ضوابط النقد والإصلاح في الخطاب الدعوي:

تتطلب مهمة الإصلاح والنقد في الدعوة ضوابطَ شرعية وأخلاقية صارمة لضمان فعاليتها، وعدم تحولها إلى مصدر للفتنة أو الفرقة؛ ومن هذا الباب، نؤكد على ما يلي:

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع مراعاة المصلحة والمفسدة: يُعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلًا عظيمًا في الإسلام، لكنه مقيد بضوابط تقتضي مراعاة الأسلوب، والمصلحة الراجحة، والزمان والمكان؛ وقد قرر الإمام الشاطبي (ت. 790هـ) أن الاعتبار في الإنكار بترجح المصلحة على المفسدة؛ [الشاطبي، 1997، ج2، ص256]، وهذا يعني أن الإنكار لا يجوز أن يؤدي إلى مفسدة أكبر من المفسدة المراد إنكارها.

 

وظيفة الداعية الإصلاح لا التفريق أو التشهير: الداعية الحكيم يسعى إلى جمع الكلمة لا تفريقها، وإلى رأب الصدع لا إحداثه؛ لذا، لا ينبغي أن يكون سبَّابًا أو شتَّامًا، ولا ناقلًا للخصومات والشائعات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، هذا النهي القرآني يشدِّد على التحقق من المعلومات قبل تداولها؛ [ابن حجر العسقلاني، 1959، ج8، ص308].

 

الداعية ليس قناة إخبارية أو منصة لتتبع الزَّلَّات: يجب على الداعية أن يبتعد عن دور المنظِّر للأخطاء والمصدِّر للاتهامات، وظيفته هي الإصلاح الحكيم، وموازنة الأمور بميزان الشرع والعقل ومآلات الأفعال، مع التركيز على بناء لا هدم؛ [القرطبي، 1964، ج10، ص254].

 

الوعي بأولويات المعركة بين الحق والباطل: في زمن تتكالب فيه قوى الباطل والمشاريع التغريبية والعلمانية على الأمة، لا ينبغي أن يُستغل صوت الداعية في تثبيط المصلحين، أو إعانة الخصوم على الدعاة، يجب أن يكون الداعية سهمًا في صدر الباطل، لا سهمًا في صدور إخوانه، وأن يكون درعًا لهم لا نصلًا يصيبهم.

 

خامسًا: ما يجب على الدعاة اليوم:

يتوجب على الدعاة في هذا العصر أن يُولوا اهتمامًا خاصًّا لعدة قضايا محورية؛ لضمان فعالية دعوهم واستمرار تأثيرهم:

توحيد الصف وجمع الكلمة: في ظل التحديات المعاصرة، يصبح توحيد صف الأمة، لا سيما بين الصادقين من أبنائها، ضرورةً قصوى لمواجهة تكالب الأعداء وتكاثر الشبهات.

 

التركيز على القضايا الكبرى والمحورية: ينبغي للدعاة أن يركزوا جهودهم على ترسيخ الثوابت العقدية، وتعزيز وحدة الأمة، ومواجهة موجات الإفساد والانحلال الأخلاقي والفكري التي تهدد كيان المجتمع؛ [الفوزان، 2005، ص150].

 

تأليف القلوب وتربية الأجيال: يجب أن تُعطى الأولوية لتأليف قلوب الناس حول الحق، وتربية الأجيال الناشئة على القيم الإسلامية الأصيلة، مع تجنب المعارك الجانبية التي تستنزف الجهود، وتُفتِّت الصف.

 

النصح بالحكمة والنقد البنَّاء: يجب أن يكون النصح مبنيًّا على الحكمة والرفق، والنقد هادئًا وبناءً، بعيدًا عن التشهير والإسقاط والتعميم المخلِّ الذي يضر بالصالح والطالح.

 

سادسًا: النصح واجب ولكن بأسلوب راشد:

إن النصيحة واجب شرعيٌّ مُجمع عليه بين العلماء، فهي من أُسس التناصح في الإسلام، ومع ذلك، فإن هذه النصيحة لا تكون بالتشهير ولا بالتقريع العلني، وقد ورد عن السلف الصالح أنهم كانوا إذا أرادوا نصيحة أحد، نصحوه سرًّا؛ قال ابن رجب الحنبلي (ت. 795هـ): "كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد، نصحوه سرًا، فإن قبِل فبها، وإن لم يقبل تركوه"؛ [ابن رجب، 1999، ج1، ص236]، هذا المنهج يشير إلى الأهمية القصوى للحفاظ على كرامة المنصوح له وحرمته.

 

وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يترك المنافقين ظاهرًا على نفاقهم، ويكرس جهده في مواجهة الكفار المعتدين؛ حتى لا تختلط المعارك وتتشتَّت الجهود نحو الداخل بدلًا من الخارج، هذه المنهجية النبوية تشكل درسًا في فقه الأولويات؛ حيث يقدم إغلاق باب الفتنة الداخلية على كشف كل عيب، ما لم تكن هناك مفسدة شرعية كبرى تقتضي خلاف ذلك.

 

خلاصة القول:

إن الصف الدعويَّ في الأمة ليس ولن يكون نقيًّا مائة بالمائة من الأخطاء والزلَّات، ولا يتوقع وجود مجتمع ملائكي، ومن نزل ميدان العمل والدعوة، فلا بد أن يجد من يخطئ ويصيب، لكن العبرة الحقيقية تكمن في المقاصد النبيلة، والأولويات الشرعية، وميزان المصلحة والمفسدة.

 

نصرتنا للدين لا تعني التواطؤ مع الخطأ أو السكوت عن الانحراف، ولكنها تعني النصح البنَّاء والإصلاح الحكيم، وتقديم الوحدة على الفرقة، والصلاح على الجرح، إن الغاية الكبرى هي تحقيق مصلحة الأمة العليا، وجمع كلمتها على الحق، ودفع الشرور عنها.

 

إضافة رائعة وشاملة للنص، فقد صُغتها بأسلوب علميٍّ أكاديمي موثَّق، وأثرتها بالاستشهاد بالنصوص الشرعية وأقوال العلماء، مع الحفاظ على الخطاب الإصلاحي الهادئ والموجه.

 

لنتناول الإضافات التي طلبتها بأسلوب أكاديمي موثَّق، ومراعاة للسياق العام للنص:

سابعًا: أسباب ضعف وتراجع تأثير بعض الدعاة:

على الرغم من جلال مهمة الدعوة وعِظم أجرها، فإن تأثير بعض الدعاة قد يتراجع أو يفشل في تحقيق الأهداف المرجوة، يُعزى ذلك إلى جملة من الأسباب التي يمكن تحليلها من منظور شرعي ونفسي واجتماعي:

ضعف الإخلاص أو غياب البصيرة الشرعية: عندما يفتقد الداعية الإخلاصَ لله تعالى، أو يغيب عنه الفهمُ العميق للشرع ومقاصده، فإن دعوته تفقد بركتها وتأثيرها، الافتقار إلى البصيرة قد يؤدي إلى الخلط بين الأولويات، أو الدعوة إلى قضايا غير أصيلة، أو الحكم على الناس بغير علم، مما ينفرهم؛ قال الإمام ابن القيم (ت. 751هـ) في بيان أهمية العلم والبصيرة: "وكل علم وعمل لا يزيده من الله قربًا، ولا من نفسه بُعدًا، فليس بعلم ولا عمل"؛ [ابن القيم، 2005، ج1، ص27].

 

سوء الخلق وغِلظة الأسلوب: الدعوة إلى الله تتطلب حكمة ولينًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة في ذلك، الابتعاد عن الرفق، واستخدام أساليب الوعظ العنيفة أو التجريح العلني، ينفِّر الناس ويُغلق القلوب؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159]، الغلظة تُفقد الداعية الثقة، وتصوِّر الدين بصورة غير محبَّبة؛ [الزحيلي، 1991، ج3، ص214].

 

الجهل بواقع المدعوين وتغيرات العصر: الدعوة الفعَّالة تقتضي فهمًا عميقًا للسياقات الاجتماعية والثقافية والنفسية للمدعوين، عدم مواكبة التغيرات المجتمعية، والتمسك بأساليب قديمة لم تُعد ذات جدوى، أو معالجة مشكلات غير موجودة، يُضعف من صلة الداعية بالواقع واحتياجات الناس الحقيقية، وقد أشار العلماء إلى أهمية فقه الواقع؛ فالإمام أحمد بن حنبل (ت. 241هـ) كان يقول: "الناس أحوج إلى معرفة الإمام منهم إلى معرفة المفتي"؛ [الذهبي، 1985، ج11، ص193]، وذلك يشمل فهم واقع الناس وما يصلح لهم.

 

الانشغال بالخلافات الفرعية وتضخيمها: بدلًا من التركيز على الأصول والثوابت التي تجمع الأمة، ينشغل بعض الدعاة بالخوض في المسائل الخلافية الجزئية، وتضخيمها إلى درجة إحداث الفرقة والنزاع بين المسلمين، هذا التوجه يشغل الناس عن القضايا المصيرية، ويستنزف الطاقات في معاركَ جانبية، ويُفقد الدعاة مصداقيتهم لدى العامة؛ وقد حذَّر القرآن الكريم من الفرقة والاختلاف فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ﴾ [آل عمران: 105].

 

التناقض بين القول والفعل (فقدان القدوة): عندما لا تتطابق أقوال الداعية مع أفعاله وسلوكه، يفقد تأثيره واحترامه في نفوس المدعوين، فالقدوة الحسنة هي من أقوى وسائل الدعوة، فإذا انهدمت هذه القدوة، تلاشت مصداقية الدعوة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3].

 

عدم التخصص أو الاكتفاء بالوعظ العام: مع تعقيد القضايا المعاصرة، أصبح من الضروري أن يتخصص الدعاة في مجالات معينة؛ مثل فقه الأسرة، أو الاقتصاد الإسلامي، أو قضايا الشباب، بدلًا من الاقتصار على الوعظ العام الذي قد لا يُلبي حاجات محددة، عدم التعمق في التخصص يجعل الخطاب الدعويَّ سطحيًّا، وغير قادر على تقديم حلول عملية لمشكلات الناس.

 

التعامل مع الناس بعقلية الاستعلاء أو الإقصاء: الداعية الناجح هو من يتواضع للناس، ويستمع إليهم، ويتعامل معهم كشركاء في بناء المجتمع، لا كأدنى منه معرفة أو التزامًا، الأسلوب الذي يُشعر المدعوَّ بالإقصاء أو النقص يدفعهم بعيدًا عن الدعوة.

 

ثامنًا: مقترحات دعوية متنوعة لتعزيز الفاعلية:

لتحقيق أقصى قدر من التأثير في الدعوة إلى الله، يجب على الدعاة تبنِّي إستراتيجيات متنوعة ومبتكرة، تتناسب مع تحديات العصر واحتياجات المجتمع؛ من هذه المقترحات:

تفعيل الدعوة الفردية والتوجيه الشخصي: على الرغم من أهمية الخطاب العام، فإن الدعوة الفردية تعد أكثر فاعلية في كثير من الأحيان، فهي تتيح للداعية فهم المشكلات الخاصة للأفراد، وتقديم النصح المباشر والملائم، هذا الأسلوب ينمِّي الثقة والعلاقات الشخصية، ويشجع على التغيير الإيجابي.

 

الاستفادة القصوى من تقنيات التواصل الحديثة: لم يعد يكفي مجرد استخدام منصات التواصل الاجتماعي، بل يجب على الدعاة إنتاج محتوى دعوي احترافي، جذَّاب، ومتنوع (مرئي، ومسموع، ومكتوب)، يتناسب مع طبيعة هذه المنصات، ويتفهم خوارزمياتها وتوجهات جمهورها، يشمل ذلك البودكاست، والفيديوهات القصيرة الهادفة، والتصاميم الإبداعية، والمقالات العميقة.

 

بناء المؤسسات الدعوية المتخصصة: بدلًا من الجهود الفردية المتفرقة، يمكن للدعاة أن يتعاونوا في بناء مؤسسات دعوية متخصصة في مجالات معينة؛ مثل مراكز البحث الشرعي، ومؤسسات تأهيل الدعاة، ومراكز الإرشاد الأسري، ومنصات المحتوى الرقمي؛ مما يضمن استدامة العمل الدعوي وتراكم الخبرات.

 

التركيز على بناء الوعي لا مجرد نقل المعلومة: الدعوة الناجحة ليست مجرد إلقاء معلومات شرعية، بل هي بناء للوعي العميق بمقاصد الشريعة، وفَهم لروح الدين، وغرس للقيم والأخلاق الإسلامية في النفوس، بحيث يصبح الدين منهاجَ حياة متكاملًا.

 

تطوير مهارات الحوار والتفاوض مع الآخر: في عالم متعدد الثقافات والأفكار، يحتاج الداعية إلى مهارات عالية في الحوار البناء، والقدرة على عرض الفكرة الإسلامية بلغة مفهومة ومقبولة للآخرين، مع الاستعداد للاستماع وفهم وجهات النظر المختلفة، دون التنازل عن الثوابت.

 

دمج الدعوة في مجالات الحياة المختلفة: يمكن للدعاة أن يكون لهم تأثير كبير من خلال دمج العمل الدعوي في مجالات حياتية متنوعة؛ مثل التربية والتعليم، والاقتصاد، والإعلام، والصحة، والفن الهادف، الداعية ليس فقط في المسجد أو المنبر، بل هو في كل مكان يمكن أن يُحدث فيه فرقًا إيجابيًّا.

 

إبراز الجانب الجمالي والحضاري للإسلام: الدعوة المعاصرة تحتاج إلى تجاوز التركيز على الجانب التحذيري والتخويفي، إلى إبراز الجماليات والمحاسن والقيم الحضارية التي جاء بها الإسلام، وكيف أنه دين الرحمة، والعدل، والإنسانية، والبناء.

 

تاسعًا: أسباب اختلاف الدعاة وتحديات توحيد الصف:

تعد ظاهرة اختلاف الدعاة من القضايا المعقَّدة التي تشكل تحديًا أمام توحيد الصف الدعوي؛ يمكن إرجاع هذه الاختلافات إلى عدة عوامل متداخلة:

 

الاختلاف في المرجعية الفقهية والمنهجية: يتلقى الدعاة العلم الشرعي من مدارس فقهية ومنهجية مختلفة؛ كالمدرسة الأثرية، والعقلية، والمصلحية؛ إلخ، مما يؤدي إلى تباين في طريقة فهم النصوص وتطبيقها، وفي ترتيب الأولويات الشرعية، هذا الاختلاف، وإن كان محمودًا في أصله إذا بُني على الدليل، إلا أنه قد يتحول إلى خلاف يؤدي إلى الفرقة إذا غاب أدب الاختلاف؛ قال الإمام الشاطبي (1997، ج5، ص110): "إن الاجتهاد لا يرفع الخلاف، وإنما يرفعه الاتفاق بعد الخلاف أو رفع محل الخلاف".

 

تباين فهم الواقع وتقدير المصالح والمفاسد: قد يتفق الدعاة على الحكم الشرعي النظري، لكنهم يختلفون في تطبيقه على الواقع، نتيجة لتباين تقديرهم للمصالح والمفاسد، أو لعدم استيعابهم الكامل لتعقيدات المشهد السياسي والاجتماعي، فما يراه أحدهم مفسدةً كبرى تستدعي الإنكار العلني، قد يراه الآخر مفسدة صغيرة يمكن التغاضي عنها مؤقتًا للمصلحة الراجحة.

 

اختلاف البيئات الثقافية والاجتماعية: يشكل الداعية في بيئته الثقافية والاجتماعية التي نشأ فيها، مما يؤثر على أولوياته وأسلوب دعوته، الداعية في مجتمع محافِظ قد تختلف أولوياته عن الداعية في مجتمع منفتح، وهذا التباين قد يؤدي إلى سوء فهم أو اتهامات متبادلة بين الدعاة من بيئات مختلفة.

 

تأثير العوامل النفسية والشخصية: يمكن أن تلعب العوامل النفسية دورًا في الاختلاف؛ مثل حب الظهور، أو الرغبة في التميز، أو عدم تقبل النقد، أو التعصب للرأي، هذه العوامل البشرية قد تحوِّل الخلاف العلميَّ إلى نزاع شخصي أو فئوي.

 

التدخلات الخارجية والتأثيرات السياسية: قد تساهم بعض الأطراف الخارجية، سواء كانت سياسية أو غيرها، في تأجيج الخلافات بين الدعاة لأغراض غير دعوية، من خلال دعم تيار على حساب آخر، أو نشر الشائعات، مما يزيد من تعقيد المشهد الدعوي، ويعيق توحيد الصف.

 

ضعف التواصل وعدم وجود قنوات للحوار البنَّاء: في غياب آليات فعَّالة للحوار بين الدعاة من مختلف التوجهات، ومع انتشار التواصل غير المباشر عبر وسائل الإعلام، تتفاقم الخلافات وسوء الفهم، وجود مجالس علمية وحوارات مباشرة تتيح للدعاة التفاهمَ، وتبادلَ وجهات النظر يمكن أن يقلِّل من حِدة الاختلافات.

 

إن فهم هذه الأسباب يُعد الخطوة الأولى نحو معالجتها، يتطلب الأمر من الدعاة التحلي بسعة الأفق، والتواضع العلمي، والتجرد لله تعالى، وتقديم المصلحة العليا للأمة على أي مصلحة شخصية أو فئوية، مع التركيز على المشتركات التي تجمع، والتعاون فيما اتُّفق عليه، والتعاون في سد الثغرات.

 

نسأل الله أن يهدينا وإياكم لما فيه صلاح ديننا ودنيانا، وأن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يبارك في علمكم وعملكم، وأن يوفِّقكم لكل خير.

 

والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.

 

المراجع:

- ابن باز، عبدالعزيز بن عبدالله. (د.ت.). الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، دار الوطن.

 

- ابن تيمية، أحمد بن عبدالحليم. (1995). مجموع الفتاوى، المحقق: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف.

 

- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي. (1959). فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبدالباقي، دار المعرفة.

 

- ابن كثير، إسماعيل بن عمر. (1999). تفسير القرآن العظيم، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع.

 

- ابن رجب الحنبلي، عبدالرحمن بن أحمد. (1999). جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة.

 

- البخاري، محمد بن إسماعيل. (1997). صحيح البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير.

 

- القاسمي، محمد جمال الدين. (1997). محاسن التأويل (تفسير القاسمي)، تحقيق: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية.

 

- القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري. (1964). الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية.

 

- النووي، يحيى بن شرف. (1972). شرح صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي.

 

- السعدي، عبدالرحمن بن ناصر. (2000). تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، تحقيق: عبدالرحمن بن معلا اللويحق، مؤسسة الرسالة.

 

- الشاطبي، إبراهيم بن موسى. (1997). الموافقات، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان، دار ابن عفان.

 

- الطبري، محمد بن جرير. (2000). جامع البيان في تأويل آي القرآن، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة.

 

- الفوزان، صالح بن فوزان. (2005). مختارات من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان، دار ابن الجوزي.

 

- ابن القيم، محمد بن أبي بكر. (2005). مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، تحقيق: محمد المعتصم بالله البغدادي، دار الكتاب العربي.

 

- الذهبي، شمس الدين محمد بن أحمد. (1985). سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة.

 

- الزحيلي، وهبة. (1991). التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الهسكالاة: حركة اليهود الإصلاحية وتحولاتها الصهيونية
  • الولايات المتحدة: حارس إصلاحية مسلم يقاضي ولاية كاليفورنيا
  • معالم إصلاحية في نبأ بناء البيت (خطبة)
  • الشيخ الدمشقي هيثم إدلبي وجهوده الإصلاحية في دير عطية

مختارات من الشبكة

  • قصص يكثر تداولها عند الدعاة عن الانتكاسة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل يشرع قول: "ما شاء الله" عند رؤية نعمة غيرك أم ذلك خلاف السنة؟(كتاب - آفاق الشريعة)
  • المولد النبوي: رؤية تاريخية(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • أعلى النعيم رؤية العلي العظيم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • بين الثناء على البخاري ورد أحاديثه: تناقض منهجي في رؤية الكاتب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة والاستهلاك: رؤية اقتصادية(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • السنة النبوية وبناء الأمن النفسي: رؤية سيكولوجية للذات المعاصرة (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • الرؤى والأحلام (1) أنواع الناس في الرؤى(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بلاغة الخطاب التعليمي والحجاجي في القرآن والحديث لأيمن أبو مصطفى(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تكريم طلاب الدراسات الإسلامية جنوب غرب صربيا
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/4/1447هـ - الساعة: 12:21
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب