• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكرامة قبل العطاء
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    شموع (113)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    مبادرة لا تغضب
    د. خالد بن حسن المالكي
  •  
    محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    شرب النبيذ في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    مختصر شروط صحة الصلاة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    حكم من ترك أو نسي ركنا من أركان الصلاة
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الماعون (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تفسير قوله تعالى: {أفمن اتبع رضوان الله كمن باء ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    احترام كبار السن (خطبة)
    الشيخ أحمد إبراهيم الجوني
  •  
    نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء ...
    الشيخ الحسين أشقرا
  •  
    من عظماء الإسلام
    عبدالستار المرسومي
  •  
    بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الأخلاق من أدلة إثبات وجود الخالق جل وعلا
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة: وصايا نبوية إلى كل فتاة مسلمة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    بيع العينة
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)

محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
د. عبد الرقيب الراشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/10/2025 ميلادي - 9/4/1447 هجري

الزيارات: 79

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محبة النبي صلى الله عليه وسلم

 

الخطبة الأولى

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:

فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ((أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: أنت مع من أحببت، قال أنس: فما فرحنا بشيء، فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت، قال أنس: فأنا أحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر، وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم)).

 

أيها المؤمنون: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعجبهم أن يأتي الرجل البسيط من الأعراب، فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسئلة المتعلقة بأمور دينه أو دنياه، وربما أن بعض هذه الأسئلة كانت تجول في أذهان بعض الصحابة، فما سألوا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حياءً منه أو تعظيمًا له، فيأتي هذا الأعرابي فيطرح هذه الأسئلة بدون تحفظ، فيجيب عنه النبي صلى الله عليه وسلم إجابة تفيد الأعرابي، ويستفيد منها الصحابة رضي الله عنهم، ومن هذه الأسئلة ما سأله الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة وعن وقت قيامها، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم إجابة نفعته، وانتفع بها الصحابة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك سينتفع بها كل مسلم جاء بعدهم إلى قيام الساعة، وهذه الإجابة تتمثل بالاستعداد بالأعمال الصالحة التي تنفع صاحبها إذا قامت الساعة، فأخبر الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل عفوية أنه لم يُكثر من الأعمال الصالحة، ولكنه يحمل في قلبه حب الله ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حبه هذا سيكون سببًا لدخوله الجنة، وسيصحب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ((أنت مع من أحببت))، قال أنس بن مالك معلقًا على هذا الحديث: "فما فرحنا بشيء، فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت مع من أحببت".

 

أيها المؤمنون: محبة الله تعالى هي أساس الإيمان، فالمؤمن الحق يحب الله أعظم مما سواه؛ لأن الله تعالى هو الذي خلقه وأوجده، وهو الذي يحييه، وإليه مرجعه ومآبه؛ وقد دل على هذه المحبة قوله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

 

تأتي بعد محبة الله تعالى محبةُ رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أنقذنا الله به من النار، وهو الذي بيَّن طريق الهدى من طريق الضلال، وقد بذل كل ما في وسعه لإنقاذ أمته من مهاوي الرَّدى والضلال؛ وصدق الله القائل عن رسوله صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

 

وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم حاله مع أمته، وكيف أنه يحرص على إنقاذها من النار وهي تتقحمها، كالفراشات والجنادب؛ ففي صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مَثَلي ومَثَلُكم كمثل رجل استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حوله، جاءت الفراش والجنادب، فجعل يذُبهما، وجعلوا يقعون فيها، فأنا آخذ بحُجَزكم عن النار، وأنتم تفرون فيها))؛ لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم؛ كما قال الله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6].

 

أيها المؤمنون: حكم الله تعالى في كتابه الكريم بالفسق على من قدَّم محبوباته الدنيوية على محبة الله ورسوله؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

 

قال الإمام القرطبي في تفسيره: "في هذه الآية دليل على وجوب حب الله ورسوله، ولا خلاف في ذلك، وأن ذلك مقدَّم على كل محبوب".

 

أيها المؤمنون: وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى، فأخبر أن المؤمن لن يتذوق حلاوة الإيمان حتى تكون محبة الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما من المحبوبات؛ ففي الحديث المتفق على صحته، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يُلقى في النار)).

 

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن يكتمل إيمان المؤمن، حتى تكون محبة رسول الله أعظمَ من محبته لنفسه وماله، وولده ووالده، والناس أجمعين؛ ففي الحديث المتفق على صحته قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده، والناس أجمعين))، وفي صحيح البخاري أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: ((يا رسول الله، لَأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن، والله لأنت أحب إليَّ من نفسي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر)).

 

أيها المؤمنون: ولما علِم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منزلة محبة رسول الله في الإسلام، ضربوا أروع الأمثلة في محبته، وكان الواحد منهم لا يطيق فراق مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الواحد إذا عاد إلى منزله، اشتاقت نفسه إلى رؤية النبي صلى الله عليه وسلم؛ أخرج الطبراني في الأوسط بسند رجاله ثقاتٌ، عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنك لأحب إليَّ من نفسي، وإنك لأحب إليَّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك، عرفت أنك إذا دخلت الجنة، رُفعت مع النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت ألَّا أراك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا؛ حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الآية: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]))، وكانوا يلقون بأنفسهم في مواطن الهلكات؛ دفاعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقتصاصًا ممن سبه وآذاه؛ قال: ((بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فإذا أنا بغلامين من الأنصار، حديثة أسنانهما، تمنيت أن أكون بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قلت: نعم، ما حاجتك إليه يا بن أخي؟ قال: أُخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، قلت: ألَا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني، فابتدراه بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه فقال: أيكما قتله؟ قال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: هل مسحتما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاكما قتله)).

 

أيها المؤمنون: وكان الواحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أكرمه الله بخدمة النبي، تفانى في خدمته، ورأى أنه قد أعطيَ عطاء لم ينَله أحد، كيف لا وهو يخدم سيد الأولين والآخرين، من تُرجى شفاعته، وتُجاب دعوته؟

 

فكان كل همه أن يرافق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة كما رافقه في الدنيا؛ ففي صحيح مسلم، عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال: ((كنت أبِيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: سَل، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أو غيرَ ذلك؟ قلت: هو ذاك، قال: فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود)).

 

أسأل الله تعالى أن يرزقنا محبته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، قلت ما قد سمعتم، فاستغفروا الله، يا فوز المستغفرين.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد أيها المؤمنون:

فقد بلغت محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم أن الواحد منهم كان يتنازل عن بعض حقه؛ سمعًا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ روى الإمام مسلم في صحيحه: ((أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دَينًا كان له عليه، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد، فارتفعت أصواتهما، حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته، ونادى كعب بن مالك، فقال: يا كعب، فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار إليه بيده أن ضع الشطر من دَينك، قال كعب: قد فعلت، يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قُم فاقضه)).

 

أيها المؤمنون: كل أهل الإيمان يدَّعون محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الفرق بين المحب الصادق والكاذب هي المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمؤمن الصادق يتابع رسول الله في كل أحواله، والكاذب يدعي محبة رسول الله ولا يتابعه؛ ومصداق ذلك قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، وهذه الآية يسميها أهل التفسير بآية الامتحان في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

والمؤمن الحقُّ يتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شأن من شؤونه، يتابعه فيما أحبت نفسه وفيما تكره، ويتابعه فيما يعقله وفيما لا يعقله؛ لأن المعيار عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل هذا الأمر وما عليه إلا المتابعة؛ ففي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أنه جاء إلى الحجر الأسود فقبَّله، وقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّلك ما قبلتك"، وعند أبي داود بسند صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو كان الدين بالرأي، لكان مسح باطن الخُف أولى من مسح ظاهره)).

 

أيها المؤمنون: على المسلم أن يحرص على متابعة الرسول في كل أحواله، وليحذر من أن يحدث في الدين ما لم يأمر به الله، ولم يفعله رسوله صلى الله عليه وسلم، وليعلم أن عمله هذا مردود عليه، وأنه مخالفة تستوجب عذاب الله له وفتنته؛ قال الله تعالى: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ((من عمِل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة)).

 

وهذا ما كان أئمة الإسلام يحرصون على تعليمه للناس؛ ذكر القاضي عياض في كتابه (الشفا) أن الإمام مالك بن أنس جاءه رجل وقال له: يا أبا عبدالله، أريد أن أُحرم من جوار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الإمام مالك: لا تفعل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع ذلك، وإنما شرع الإحرام من المواقيت، قال الرجل: فمن أين أُحرم؟ قال: من الميقات الذي يمر به إذا أراد الحج أو العمرة.

 

فاحرصوا - أيها المؤمنون - على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطاعته واتباعه في سائر أحوالكم، تنالوا جنة ربكم؛ روى الإمام البخاري في صحيحه، عن حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)).

 

أسأل الله أن يرزقنا محبته ومحبة رسوله، واقتفاء آثاره في كل أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا.

 

الدعاء...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم
  • محبة النبي صلى الله عليه وسلم ولوازمها (خطبة)
  • أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من مائدة العقيدة: وجوب محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • وفد النصارى.. وصدق المحبة..(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الرضا كنز المحبين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة العقيدة: وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متى تزداد الطيبة في القلوب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحبة تاج الإيمان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب النجاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تحبيب الله إلى عباده(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/4/1447هـ - الساعة: 16:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب