• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    زاد الداعية (10): التوحيد أولا وقبل كل شيء
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ذلكم وصاكم به (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    المحبة تاج الإيمان (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (31) «ازهد في ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    التحقيق في كون سورة الكوثر مكية لا مدنية
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فضل ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الأمر بإكرامه صلى الله عليه وسلم وتوقيره وإعزازه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    ما ورد من استغفار الأنبياء عليهم السلام في القرآن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مفهوم اليسر
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين ...
    محمد بن حسن أبو عقيل
  •  
    اسم الله تعالى: المجيد (1)
    ناصر عبدالغفور
  •  
    خلاف العلماء في حكم النية في الوضوء
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الاحتكار

الاحتكار
محمد علي عباد حميسان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2025 ميلادي - 23/3/1447 هجري

الزيارات: 93

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الاحتكار


تعريف الاحتكار:

الاحتكار لغة:

جاء في معجم مقاييس اللغة: حَكَرَ الحاء والكاف والراء أصل واحد، وهو الحبس، وَالْحُكْرَةُ: حبس الطعام منتظرًا لغلائه، وهو الْحُكْرُ، وأصله في كلام العرب الحَكَرُ، وهو الماء المجتمع، كأنه احتكر لقلته[1].

 

وجاء في المصباح المنير: ح ك ر: احتكر زيد الطعام: إذا حبسه إرادة الغلاء، والاسم الْحُكْرَةُ؛ مثل: الْفُرْقَةِ من الافتراق، وَالْحَكَرُ بفتحتين وإسكان الكاف لغة بمعناه[2].

 

الاحتكار اصطلاحًا:

عرَّفه الحنفية بأنه حبس الأقوات متربصًا للغلاء[3].

 

وعرَّفه المالكية بأنه: ادِّخار المبيع وطلب الربح فيه بانتقال الأسواق[4].

 

وعرفه الشافعية بأنه: إمساك ما اشتراه وقت الغلاء ليبيعه بأكثر مما اشتراه عند اشتداد الحاجة[5].

 

وعرفه الحنابلة بأنه: شراء الطعام مُحْتَكِرًا له للتجارة مع حاجة الناس إليه، فيُضيِّق عليهم[6].

 

ما يجري فيه الاحتكار:

اتفق الفقهاء على أن الاحتكار وَفق القيود التي ذكرها كلٌّ منهم محظور؛ لما فيه من الإضرار بالناس والتضييق عليهم، إلا أنهم اختلفوا فيما يجري فيه الاحتكار إلى ثلاثة أقوال، وهي على النحو التالي:

القول الأول: إن الاحتكار يجري في أقوات الآدميين والبهائم.

 

وهذا مذهب الحنفية[7]، والشافعية[8]، قال في تحفة الملوك: "وَيحرُم احتكار أقوات النَّاس ‌والبهائم فَقَط فِي الْبَلَد الصَّغِير"[9].

 

وقال في التنبيه: "ويَحرُم ‌الاحتكار في الأقوات، وهو أن يبتاع في وقت الغلاء فلا يبيعه، ويمسكه ليزداد في ثمنه"[10].

 

قال في فتح الجواد: "وكذا قوت البهائم"[11].

 

واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:

ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث تخصِّص النهي عن الاحتكار بالطعام، ومنها:

أ - عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "مَن احتكَر على المسلمين طعامهم، ضرَبه الله بالجذام والإفلاس"[12].

 

ب - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من احتكَرِ طعامًا أربعين ليلة، فقد بَرِئ من الله تعالى، وبرئ الله تعالى منه"[13].

 

ج - عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُحتكر الطعام[14].

 

وجه الدلالة أن الحديث نص على النهي عن احتكار الطعام، فدل على أن غيره يجوز[15].

 

2 - إن الضرر في الأعم الأغلب إنما يَلحق العامة بحبس القوت والعلف، فلا ضرر في احتكار غير الأقوات فلم يمنع منه[16].

 

3 – ثبت أن معمر وسعيد بن المسيب[17] - وهما راويا حديث: "من احتكر فهو خاطئ"[18] - كانا يَحتكران الزيت، وأن سعيد بن المسيب كان يحتكر النوى؛ أي: نوى التمر، والخبط، أي: علف الدواب، والبذر، أي: بذور النبات، قالوا: ولا يعقل أن هذا الإمام يخالف روايته، إلا وأن هذا خارج عن روايته، فدل هذا على أن المحتكر الممنوع احتكاره إنما هو القوت[19].

 

القول الثاني: إن الاحتكار يجري في كل ما يحتاجه الناس ويتضرَّرون من حبسه، من قوت وإدام ولباس، وغير ذلك، وهذا مذهب المالكية[20].

 

قال في الجامع لمسائل المدونة: "قال مالك: والحكرة في كل شيء من طعام أو إدام أو كتان أو صوف أو عصفر أو غيره، فما كان احتكاره يضر بالناس مُنع محتكره من الحكرة، وإن لم يضرَّ ذلك بالأسواق فلا بأس به"[21].

 

واستدلوا بالآتي:

1 – حديث: "لا يحتكر إلا خاطئ"[22].

 

وجه الدلالة أن هذا الحديث بحكم إطلاقه وعمومه، يدل على أن الاحتكار في كل شيء[23].

 

واعترض أصحاب القول الأول على هذا بأن هذا العموم وهذا الإطلاق مخصوص ومقيد بالأحاديث المصرِّحة بلفظ الطعام، والمقرر في قواعد الأصول: أن المطلق يحمل على المقيد وأن العام يحمل على الخاص[24].

 

وأُجيبَ عن هذا الاعتراض بأن التصريح بلفظ الطعام في بعض الروايات، لا يصلُح لتقييد بقية الروايات المطلقة، بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يُطلق عليها المطلق، وذلك لأن نفي الحكم عن غير الطعام، إنما هو لمفهوم اللقب، وهو غيرُ معمول به عند الجمهور، وما كان كذلك لا يصلح للتقييد على ما تقرَّر في الأصول[25].

 

2- أن المعتبر في منع الاحتكار هو حقيقة الضرر، وهو ليس مختصًّا بالقوت[26].

 

القول الثالث: إن الاحتكار إنما يجري في قوت الآدمي فقط، وهذا مذهب الحنابلة[27].

 

قال في الإقناع: "ويَحرُم ‌الاحتكار في قوت الآدمي فقط، وهو أن يشتريَه للتجارة، ويَحبِسَه ليقلَّ فيغلو، ويصح الشراء ولا يَحرُم في الإدام كالعسل والزيت ونحوهما، ولا احْتِكَارَ في علف البهائم"[28].

 

واحتجوا بما يلي:

1- أن سعيد بن المسيب وهو راوي حديث الاحتكار، كان يحتكر الزيت والخبط والبذر كما مرَّ معنا[29].

 

2- أن هذه الأشياء - غير قوت الآدمي - مما لا تعمُّ الحاجة إليها، فأشبهت الثياب والحيوانات[30].

 

الظاهر - والله أعلم - أن الاحتكار هو حبس كل ما يحتاج إليه الناس في معاشهم، ولا يبيعها المحتكر لأجل أن يُزاد في ثمنها، فيترتَّب على هذا الحبس إضرار بالناس؛ لأن حبس ما يحتاجون إليه يؤدي إلى قلته في السوق، فيرتفع سعره فيتضرَّرون، وقد جاء في الحديث عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن دخل في شيء من أسعار المسلمين، ليغلبه عليهم، كان حقًّا على الله أن يُقعده بِعُظْمٍ من النار يوم القيامة"[31].

 

أما التنصيص الوارد في الطعام، فمن باب التنصيص على بعض أفراد العام، ولا شك أن التنصيص يقتضي الأهمية، فالاحتكار يكون في كل شيء، ولا سيما في الطعام.

 

قال الإمام الشوكاني: "والتصريح بلفظ: "الطعام" في بعض الروايات، لا يصلح لتقييد بقية الروايات المطلقة، بل هو من التنصيص على فرد من الأفراد التي يطلق عليها المطلق؛ وذلك لأن نفي الحكم عن غير الطعام، إنما هو لمفهوم اللقب، وهو غير معمول به عند الجمهور، وما كان كذلك لا يصلح للتقييد على ما تقرَّر في الأصول"[32].

 

وقال: "والاحتكار والحكرة قد فسِّرا بحبس السلع عن البيع، وهذا يدل على تحريم ‌الاحتكار لكل ما تدعو إليه حاجة الناس، ويؤيد هذا حديث: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين"، فإنه يعم كلَّ ما له سعر، فلا يكون التنصيص على الطعام في بعض الأحاديث مقتضيًا لتخصيص تحريم ‌الاحتكار؛ لأن ذلك من التنصيص على بعض أفراد العام، وأيضًا إذا كانت العلة الإضرار بالمسلمين، فهو يشمل كل ما يتضررون باحتكاره، وتدعو حاجتهم إليه، وإن كان التضرر باحتكار الطعام أكثر لمزيد الحاجة إليه، ويدخل في ذلك قوت الدواب"[33].

 

أما فعل سعيد بن المسيب، فليس من الاحتكار المنهي عنه، فقد روى أبو الزناد قال: قلت لسعيد بن المسيب: بلغني عنك أنك قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحتكر بالمدينة إلا خاطئ"، وأنت تحتكر؟ قال: ليس هذا الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن يأتي ‌الرجل ‌السلعة عند غلائها، فيُغالي بها"، فأما أن يأتي الشيء وقد اتَّضع - انخفض سعره - فيَشتريه، ثم يضعه، فإن احتاج الناس إليه أخرجه، فذلك خيرٌ[34].

 

قال ابن حزم: "والمحتكر في وقت رخاء ليس آثمًا، بل هو محسن؛ لأن الجُلاب إذا أسرعوا البيع أكثَروا الجلب، وإذا بارت سلعتهم، ولم يَجدوا لها مبتاعًا تركوا الجلب، فأضرَّ ذلك بالمسلمين؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]"[35].

 

ففعل سعيد بن المسيب فيه رِفق وإحسان بالناس، فهو يدَّخر ليوسع على الناس وقت الحرج والحاجة.

 

فمناط التحريم غير متحقِّق هنا، بل بالعكس، وهذا المنهج تتَّبِعه الدول التي تحافظ على استقرارها ومصلحة مواطنيها إذا توجَّست أو توقَّعت الحاجة العامة، فحينئذ يكون واجبًا لا محرَّمًا؛ لأن العبرة بالمآل والنتائج، وهذا أصل معنوي، وهو النظر في المآل من الحكم، فالاحتكار أثره ومآله الإضرار بالناس، والنهي عن الاحتكار؛ لأنه ذريعة أن يضيق على الناس حاجاتهم[36].

 

وعلى هذا فاحتكار وسائل الإنتاج والسلَع زراعية كانت أم صناعية، كآلات الحراثة والصناعة والأسمدة الكيماوية، وما إليها، ومواد البناء اللازمة لإنشاء المساكن، لأنها وسائل إنتاج الزراعة والصناعة، وتشييد العمران توفيرًا للانتفاع بها إذا استحكَمت أزمتها بالناس، كل أولئك وما في معناه يأخذ حكمَ احتكار الأقوات أو السلع أو المنافع الضرورية ذاتها شرعًا عملًا بمبدأ سد الذرائع، فإن من مقرَّرات الشرع الإسلامي التي أشار إليها الفقهاء في أكثر من موضع - أنها كلما اشتدت الأزمة وطأة نتيجة للاحتكار، ازداد تعلُّق حقِّ المسلمين بما عند المحتكرين وثاقةً وقوةً[37].

 

حكم الاحتكار:

أجمع العلماء على حرمة الاحتكار المضرِّ بالناس، وأنه نوع من أنواع الظلم الذي جاءت الشريعة لرفْعه عن العباد؛ قال ابن حزم في مراتب الإجماع: "وَاتَّفَقُوا أَن ‌الحكرة الْمضرَّة بِالنَّاسِ غير جَائِزَة"[38].

 

أدلة الإجماع:

1- قوله صلى الله عليه وسلم: "من احتكر فهو خاطئ"، وفي لفظ: "لا يحتكر إلا خاطئ"[39].

 

2- عَنْ ‌‌عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ: "‌مَنِ ‌احْتَكَرَ عَلَى ‌الْمُسْلِمِينَ ‌طَعَامَهُمُ، ابْتَلَاهُ اللهُ بِالْجُذَامِ، أَوْ قَالَ: بِالْإِفْلَاسِ"[40].


3- عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ، وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ"[41].


4- عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "‌مَنِ ‌احْتَكَرَ ‌طَعَامًا ‌أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَبَرِئَ اللهُ تَعَالَى مِنْهُ..."[42].


5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "‌مَنِ ‌احْتَكَرَ ‌حُكْرَةً، ‌يُرِيدُ ‌أَنْ ‌يُغْلِيَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ خَاطِئٌ"[43].


6- وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "مَنْ ‌دَخَلَ ‌فِي ‌شَيْءٍ ‌مِنْ ‌أَسْعَارِ ‌الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فِي مُعْظَمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[44].


7 – وعن ابن عمر قال: "الحكرة خطيئة"[45].

 

8 – وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه نهى عن الحكرة[46].

 

9 – وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لَا حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا لَا يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا..."[47].

 

قال الشوكاني - رحمه الله تعالى -: "ولا شك أن أحاديث الباب تنتهض ‌بمجموعها للاستدلال على عدم جواز الاحتكار، ولو فُرض عدم ثبوت شيء منها في الصحيح، فكيف وحديث معمر المذكور في صحيح مسلم، والتصريح بأن المحتكر خاطئ كافٍ في إفادة عدم الجواز؛ لأن الخاطئ: المذنب العاصي..."[48].

 

شروط تحريم الاحتكار[49]:

1– أن يكون الاحتكار مضرًّا بالناس، فإذا كان لا حاجة لهم فيه لم يَحرُم.

 

2– أن يكون المحتكر متَّجرًا به، فلو ادخر مِن غَلَّته شيئًا لم يكن محتكرًا.

 

3– أن يكون المُحْتَكَر قوتًا، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وقد رجَّحنا مذهب المالكية وابن حزم بأن كل ما يحتاج إليه الناس يكون محتكرًا.

 

تكوين جمعية من التجار للتحكم في الأسعار[50]:

وينبغي أن يكون في حكم الاحتكار ما شاع في أسواقنا اليوم من أنَّ أصحاب صنعةٍ واحدة، أو تُجَّار سلعة واحدة يكوِّنون جميعة Cartel تتحكم في أسعار تلك السلع.

 

وبما أنهم ليس بينهم منافسة في الأسعار، فإن الناس لا يبقى لهم خيار إلا بأن يشتروا تلك السِّلَع بتلك الأسعار المرتفعة التي اتفقت جميعةُ التجار عليها، فيحصل ضررٌ مثل ضرر الاحتكار، فينبغي ألا تتركهم السلطات المعنيَّة بتكوين مثل هذه الجمعية، وقد نص على ذلك بعضُ الفقهاء في بعض المسائل، فقد جاء في الهداية:

"‌ولا ‌يَترُك ‌القُسَّام يَشتركون"؛ كيلا تصير الأجرة غالية بتواكُلهم، وعند عدم الشركة يتبادر كل منهم إليه خيفةَ الفوت، فيَرخُص الأجر"[51].

 

والمراد من القُسَّام الذين يقسمون الأراضي المشتركة بين الشركاء بأجرة، فينبغي للسلطات أن تمنعهم من إحداث جمعية مشتركة بينهم؛ ليتحكموا في تحديد أُجرة القسمة، وظاهرٌ أن ضرر غلاء الأثمان في الأطعمة والأقوات وغيرها، أشدُّ بالنسبة إلى الغلاء في أجور القسمة، فينبغي أن يكون الحكمُ كذلك في اشتراك التجار في تحديد أسعار ما يحتاج إليه الناس، والله سبحانه وتعالى أعلم.



[1] معجم مقاييس اللغة: 2/ 92.

[2] المصباح المنير 1/ 145.

[3] العناية شرح الهداية 10/ 58.

[4] روضة المستبين في شرح كتاب التلقين 2/ 997.

[5] مغني المحتاج 2/ 392، والنجم الوهاج 4/ 100، وحاشية الجمل على شرح المنهج 3/ 93.

[6] المبدع في شرح المقنع 4/ 47، ومطالب أولي النهى 3/ 63.

[7] تبيين الحقائق 6/ 27، والبناية شرح الهداية 12/ 213، والبحر الرائق 8/ 229، والدر المختار وحاشية ابن عابدبن 6/ 398.

[8] الغرر البهية 2/ 437، وفتح الجواد بشرح الإرشاد 6/ 36. وإعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين (هو حاشية على فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين): 3/ 31.

[9] تحفة الملوك (في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان): 235.

[10] التنبيه في الفقه الشافعي: 96.

[11] فتح الجواد: 2/ 77. وإعانة الطالبين/ 3/ 31.

[12] رواه ابن ماجه 2/ 729 برقم (2155) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع حديث رقم (5351).

[13] أحمد 8/ 481 برقم (4880)، وابن أبي شيبة 4/ 302 برقم (20396)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 2/ 14 برقم (2165).

[14] مصنف ابن أبي شيبة 4/ 301 برقم (20387)، والمعجم الكبير للطبراني 8/ 188 برقم (7776)، ومستدرك الحاكم 2/ 14 برقم (2163).

[15] المجموع 13/ 44.

[16] بدائع الصنائع 5/ 129، وتبيين الحقائق 6/ 27، والمجموع 13/ 44.

[17] سَعِيد بن المُسَيَّب (13 - 94 هـ = 634 - 713 م) سعيد بن المسيّب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، أبو محمد: سيد التابعين، وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، جمع بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان يعيش من التجارة بالزيت، لا يأخذ عطاءً، وكان أحفظ الناس لأحكام عمر بن الخطاب وأقضيته، حتى سمي راوية عمر؛ توفي بالمدينة سنة 94هـ؛ تُنظر ترجمته في: [المعارف لابن قتيبة: 437، ووفيات الأعيان: 2/ 375، وسير أعلام النبلاء: 4/ 212، والأعلام للزركلي: 3/ 102].

[18] مسلم 2/ 1227 برقم (1605)، والترمذي 3/ 559 برقم (1267)، وأحمد 25/ 40 برقم (15761).

[19] المغني 4/ 167، والمجموع 13/ 47، ونيل الأوطار 5/ 262.

[20] مواهب الجليل 4/ 227، وروضة المستبين 2/ 997، والجامع لمسائل المدونة 13/ 1047، والنوادر والزيادات 6/ 452.

[21] الجامع لمسائل المدونة: 13/ 1047.

[22] أخرجه مسلم في المساقاة، بَاب تَحْرِيمِ الِاحْتِكَارِ فِي الْأَقْوَاتِ، برقم (1605).

[23] البيان والتحصيل 17/ 285، ومواهب الجليل 4/ 227..

[24] المجموع 13/ 46.

[25] سبل السلام 2/ 34، ونيل الأوطار 5/ 262.

[26] البيان والتحصيل 17/ 285، ومواهب الجليل 4/ 227، وشرح التلقين 2/ 1008.

[27] المغني لابن قدامة 4/ 167، والمبدع في رشح المقنع 4/ 47، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف 4/ 338، وشرح منتهى الإرادات 2/ 27، وكشاف القناع 3/ 187.

[28] الإقناع: 2/ 77.

[29] سبق تخريجه.

[30] المغني 4/ 167، وكشاف القناع 3/ 187، ومطالب أولي النهى 3/ 63.

[31] أخرجه أحمد في المسند برقم (20313)، والطبراني في الكبير (480)، والحاكم: (2618)، والبيهقي في الكبرى (11261).

[32] نيل الأوطار: 5/ 262.

[33] السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار للشوكاني: 515.

[34] المجموع شرح المهذب: 13/ 44.

[35] المحلى: المسألة رقم (1568).

[36] اختيارات الحافظ ابن عبد البر القرطبي في فقه المعاملات: 157، نقلاً عن "بحوث مقارنة" للدكتور الدريني": 479.

[37] بحوث مقارنة: 479.

[38] مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات لابن حزم: 89. والإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان: 2/ 232.

[39] سبق تخريجه.

[40] أخرجه أحمد (135)، وأبو داود الطيالسي في مسنده برقم (55). وإسناده ضعيف.

[41] أخرجه ابن ماجه في أبواب التجارات، باب الحكرة والجلب، برقم (2153). وإسناده ضعيف.

[42] أخرجه أحمد (4880)، وأبو يعلى (5746)، والحاكم (2165)، وإسناده ضعيف.

[43] أخرجه أحمد (8617)، وقال محققه الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن لغيره.

[44] أخرجه أحمد في المسند (20313) وأبو داود الطيالسي (970)، والطبراني في الكبير (480)، والحاكم (2168)، والبيهقي في الكبرى (11261)، وقال الشيخ شعيب الأناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد: إسناده جيد.

[45] المصنف لابن أبي شيبة (21606)، وإسناده صحيح.

[46] مصنف ابن أبي شيبة (21604). بإسناد حسن.

[47] موطأ الإمام مالك برقم (2398).

[48] نيل الأوطار: 5/ 261.

[49] فقه المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية: 1/ 144.

[50] فقه البيوع على المذاهب الأربعة مع تطبيقاته المعاصرة مقارنة بالقوانين الوضعية لمحمد تقي العثماني: 2/ 999.

[51] الهداية في شرح بداية المبتدي: 4/ 326.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التسعير والاحتكار
  • حاربوا الاحتكار الجديد

مختارات من الشبكة

  • الاحتكار والرأسمالية والإجراءات الوقائية في الشريعة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاحتكار وجشع التجار(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • توطين صناعة المعرفة: تحديات الاحتكار وضرورات الابتكار(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الاحتكار والاستغلال والغش أدواء قاتلة حرمها الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عاقبة الاحتكار الجديد(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الاحتكار (دراسة تحليلية نقدية WORD)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • رئيس اقتصادية الشورى: الدولة تمنع الاحتكار والاستهلاك الشره يغري التاجر بزيادة الأسعار(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • لحل غلاء الأسعار وممارسة الاحتكار(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • التجارة في الإسلام (الاحتكار)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نحو إستراتيجية وطنية لتفكيك الحزمة التكنولوجية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/3/1447هـ - الساعة: 10:54
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب