• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإلحاد جفاف معنوي.. وإفلاس روحي
    نايف عبوش
  •  
    الاحتكار
    محمد علي عباد حميسان
  •  
    البهائم تلعن عصاة بني آدم
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    رسول الرحمة والإنسانية (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    زاد الداعية (10): التوحيد أولا وقبل كل شيء
    صلاح صبري الشرقاوي
  •  
    أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    ذلكم وصاكم به (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    المحبة تاج الإيمان (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (31) «ازهد في ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    التحقيق في كون سورة الكوثر مكية لا مدنية
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    فضل ذكر الله بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الأمر بإكرامه صلى الله عليه وسلم وتوقيره وإعزازه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    ما ورد من استغفار الأنبياء عليهم السلام في القرآن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مفهوم اليسر
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    حسن الظن بالله تعالى (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

ذلكم وصاكم به (خطبة)

ذلكم وصاكم به (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/9/2025 ميلادي - 23/3/1447 هجري

الزيارات: 480

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ﴾

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1]، ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 70].. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 9]، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25].. وأشهدُ أنّ محمدًا عبدهُ ورسولهُ، وصفيهُ وخليلهُ، أجملُ النّاس خَلْقًا، وأحسنُهم خُلُقًا، وأعظمهم قدرًا.. صلواتُ اللهُ وسلامهُ عليهِ، وعلى آله الطيبين، وأصحابهِ الغرِّ الميامين، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدينِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فـ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 102]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: نحنُ في زمنٍ كثُرَت فيه الشواغل والملهيات، وتنوعت فيه أسبابُ الفتنِ والمغريات.. فضعفت القلوب، وغفلت النفوس، وإنَّ من نعم اللهِ على عباده، وفضله العظيم عليهم، أن يُهيئ لهم من يذكّرهم إذا نسوا، ويعظهم إذا غفلوا، ويعلمهم إذا جهلوا، ويأخذ بأيديهم إذا زلّوا؛ فالدينُ النصيحة، والذكرى تنفع المؤمنين.. فكلما أصيبت القلوب بالوهن والفتور، أو ركنت النفوس إلى الغفلة والهوى، عالجها المسلمُ ببلسم التذكير، ونشَّطها بمصل الوصايا، قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾..

 

فما أحوجَنا اليوم إلى شيءٍ من التذكير والوصايا، لتحيا بها القلوب، وتقوى بها العزائم، وتنشط بها الهمم، ونتزود بها على الطريق.. ولن تجدَ زادًا أنفعَ ولا أطيبَ ولا أزكى من زادٍ أوصى اللهُ به عباده في كتابه، وجعله مفتاح كل خير، وسبب كل فلاح.. إنها وصيّة الله للأوّلين والآخرين: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 70]..

 

فليكن زادك إلى الدار الآخرة تقوىً تُورثك الرضا، ويقينًا يثبّت قلبك على الهدى، وصبرًا يُقوّيك على البلاء، وإخلاصًا يبلغك القبول والزلفى، وعملًا صالحًا يشفع لك لدى المولى.. وسل نفسك دائمًا: ما الذي سيبقى معي حين أوسّد التراب؟.. وما الذي أعددته ليوم الحساب؟.. فالله تعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾ [الحشر: 18].. ويقول سبحانه: ﴿ وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب ﴾ [البقرة: 197].

 

ثم اعلموا أن الإخلاص هو الأساس، وأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، صوابًا وفق سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن اتباع الهوى أصل كل خطيئة، وأن النفس لا تجتمع على الله إلا بمخالفة هواها.. فاحذروا الهوى، فالهوى يُعمي عن الحق، ويزيّن الباطل، ويصدّ عن سماع الموعظة، ويقود صاحبه إلى العناد بعد البيان، والاستكبار بعد البصيرة، حتى يُختم على قلبه وهو لا يشعر.. في الحديث الحسن، قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثٌ مُهلِكات: شحٌّ مطاع، وهوى متَّبع، وإعجابُ المرء بنفسه».. فاحذر أيها العاقل هواك، فهو في القرآن قرينُ الضلال والهلاك، قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [الجاثية: 23].. وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [ص: 26].

 

والقلب هو مَلك الجوارح، ومستودع النوايا، ومناط التكليف.. وإذا صلح القلبُ صلح الجسدُ كلّه، وإذا فسد القلب فسد الجسد كله.. فطهّر قلبك من حظوظ النفس، وآفات الهوى، وامسح عنه غبار الغفلة، فإنها أشدُّ أدواء القلوب.. ونقهِ من الكِبر، فإنه يحرم التوفيق، وطهرهُ من الحسد فإنه يأكلُ الحسنات كما تأكلُ النار الحطب، واحمهِ من الرياء وطلبِ السمعة فإنه يفسدُ الاعمالَ كما يفسدُ الخل العسل.. واغسلهُ كل يومٍ بوابل التوبة، وأضئهُ بأنوار العلم، وطيّبهُ بعطور الذكر، وآنسهُ بمناجاة الله في الخلوات.

 

وتفكّر في حالك، وراقب نيتك، وجدد توبتك، وأحكمْ إدارةَ وقتك، فإنه رأس مالك.. واعلم أنّ العمرَ لا يقاسُ بالسنوات، وإنما بما أنجزتَ فيه من الأعمال الصالحات.. واعلم أنّ طريقَ الآخرة لا يصلح فيه التراخي، وأن كلّ يومٍ يمر عليك، إنما هو صفحةٌ تُطوى من عمرك، فإن لم تُودِعها عملًا صالحًا، كانت خسارة لا تعوض.. قال ابن مسعود رضي الله عنه: "ما ندمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غربتْ شمسُه، نقص فيه أجلي، ولم يزدَد فيه عملي".

 

وإياك أن تعتادَ الغفلة، فإنها بريدُ الشقاء، ولا تركن إلى الفتور، فإنه قاتلُ العزائم.. وصاحب أهل الصلاح، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم، وتعلّم ممن سبقك، فهكذا وصل كل من كان قبلك.. وإذا عزمت فبادر، فالموفّق من بادر، ولا تتراخى، فالمحروم من سوَّف وانتظر.

 

وافعل الخير، ولو كان قليلًا، فقليلٌ مستمر خير من كثيرٍ منقطع، وازرع المعروف، ولو في أرضٍ قاحلة، فإنما تزرعه ليثمر في الآخرة.. ومع الإخلاص وصدق النية فإن الله يربي اللقمة حتى تكون مثل جبل أحد.. ويضاعف الحسنة إلى سبعمائة ضعف.. و﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب ﴾ [الزمر: 10].

 

وتذكّر أنّ الطريق طويل، وأنّ الصوارف كثيرة، وأنّ النفس أمّارة، والهوى خطّاف، والشيطان لا ينام.. وأنّ الحياة قصيرة، وأنّ الموت يأتي بلا سابق إنذار.. فلا تغفل عن محاسبة نفسك، وإصلاح ما فسد من شأنك.. ومن علم أن كلامه محسوبٌ عليه، وأنه ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].. وأنه لا يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم.. فليتق الله وليمسك لسانه، فمن حفظَ لسانهُ حفظَ دينهُ ودنياه.. وفي الحديث الحسن: قال عليه الصلاة والسلام: "لا يستقيمُ إيمانُ عبدٍ حتَّى يستقيمَ قلبهُ، ولا يستقيمُ قلبُهُ حتى يستقيمَ لسانُهُ".. ومن حسن إسلام المرء تركهُ ما لا يعنيه.. وطوبي لمن شغلتهُ عيوبهُ عن عيوب الناس.. وتعوَّد قبل إخراج كلماتك، أن تمررها على مصفاة العقل، وميزان الشرع، فإن أجيزت وإلا فلا تخرجها.. فقد بلغ ديننا العظيم من الذوق والرقي أن يأمر المتحدث إن كان لديه أكثرَ من كلمةٍ تؤدِّي نفس المعنى، أن يختارَ الأحسَنَ من بينها؛ تأمل: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [الإسراء: 53]، فهو لم يأمر بالقول الحسَن، وإنما الأحسن.

 

واعلم أنّ "خير الناسِ أنفعهم للناس"، وأنَّ أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تدْخِلُهُ على مسلمٍ.. وأنّ أعظمَ أسبابِ السعادة: أن تجعل محبة الله غايتك، ورضاه مطلبك.. فاجعل بينك وبين الله ساعةً لا يطّلع عليها أحدٌ سواه.. فعلاقتك بالله، هي سرّك نجاحك وفلاحك.. وإذا أصلحت ما بينك وبين الله، أصلح الله لك ما بينك وبين الناس.. فلتكن محبتك لله هي الأصل الذي تُبنى عليه حياتك، والبوصلة التي تحدد اتجاهك وتضبطُ مسارك، والهدف الذي يمثل أغلى أهدافك وغاياتك.. ففي الحديث القدسي: "وما تقرّب إليَّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" [رواه البخاري].. فاجتهد أن تكون من أحباب الله، فليس بعد حبّه غاية، ولا أعظمَ من رضاهُ أمنية، فمن أحبه الله، فقد أفلح فلاحًا مبينًا، وفاز فوزًا عظيمًا.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيم * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِين ﴾ [آل عمران: 31]...

 

أقول ما تسمعون..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر: 18].

 

معاشر المؤمنين الكرام: ولا نزال مع التذكير والوصايا، عسى أن نكون ممن قال الله فيهم، ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِين ﴾ [الذاريات: 55].. وفي الحديث المتفق عليه، قال عليه الصلاة والسلام، "بلغوا عني ولو آية".. وفي البخاري: "فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعَى مِن سَامِعٍ".

 

فاعلم أن أعظم ما يُغرس في القلب هو تعظيمُ الرب جلّ جلاله.. فمتى ما سكن هذا المعنى العظيم أعماقَ القلب، استقام العبد على صراط مستقيم.. وكلما عَظُم الرب في القلب؛ صَغُرت الدنيا، وهان الحرام، وعَظُمت الطاعة، وسهُل البذل، وقوي الصبر، واستسهل البلاء، وتألق الحياء من الله.. وما من وصية أحق أن تُجعل تاجًا على وصايا القلب من هذه الوصية.. فمن عظّم الرب، هان عليه كل شيء سواه.. ولهذا كان أول ما يُنادى به في الصلاة: "الله أكبر"، تذكيرًا للنفس بعظمة من وقفتَ بين يديه..

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "فكلما كان العبد أعظم تعظيمًا لله، كان أشدّ حياءً منه، وأشدّ طاعةً، وأقلّ مخالفةً".. وقال ابن رجب: "أصل المعاصي كلها قلّة تعظيم الله في القلب، فالمعصية إنما تنشأ من جرأة العبد على ربّه".. وقال بعض السلف: إذا عظّم العبد ربه ترك هواه، وقدّم أمره على أمر كل محبوبٍ سواه..

 

فاغتنموا يا عباد الله فرص الخير السانحة فالحياة فرص، واسْتَبِقُوا الْخَيْرَات، ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين ﴾ [آل عمران: 133].. ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ﴾ [التوبة: 105]، وفي صحيح البخاري، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ.".

 

وإيّاكم والظّلمَ! فما سُمِّيَ ظُلمًا إلّا لسوء عاقبته المظُلمة، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار ﴾ [إبراهيم: 42].. في الحديث المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم، فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة».. وفي الحديث القدسي الصحيح: "يا عبادي، إنّي حرّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرّمًا، فلا تظالموا".. وفي صحيح مسلم "لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقَادَ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء".. فإذا كان القصاصُ يقامُ حتى بين البهائم، فكيف بالعباد؟!.

 

ولا تهملوا الاستغفار، فإنه سبب لمغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، وتحسين الأحوال، وبسط الأرزق، وتيسير الأمور، قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10].. وفي صحيح البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة».. وفي أثرٍ صحيح المعنى: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن ضيقٍ مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب".

 

واختم الوصايا بهذه الوصية الغالية، ففي الحديث الصحيح قال عليه الصلاة والسلام: "مَن عَجَزَ مِنكُم عَنِ اللَّيلِ أَن يُكَابِدَهُ، وَبَخِلَ بِالمَالِ أَن يُنفِقَهُ، وَجَبُنَ عَنِ العَدُوِّ أَن يُجَاهِدَهُ، فَلْيُكثِرْ ذِكرَ اللهِ".

 

ألا فاتقوا الله، وخذوا بأحسن ما سمعتم، واثبتوا على الحقّ ما استطعتم، واعتصموا بحبل الله جميعًا، ولا تفرقوا.. واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرًا لأنفسكم.

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفرقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صل على محمد...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • ذلكم وصاكم به (WORD)(كتاب - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • ذلكم وصاكم به (PDF)(كتاب - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • خطبة (المنافقون)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الخزي والذل على الكافرين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • {قل أؤنبئكم بخير من ذلكم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الجنة ذلكم الوطن الجميل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/3/1447هـ - الساعة: 2:4
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب