• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الضحك وآدابه
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فساد القلب بين القسوة والسواد
    شعيب ناصري
  •  
    تحريم رفع الصوت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    الغفلة في وقت المهلة (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    حقوق كبار السن (خطبة)
    خالد سعد الشهري
  •  
    ألق بذر الكلمة؛ فربما أنبتت!
    عبدالرحيم بن عادل الوادعي
  •  
    إجلال كبار السن (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الإنابة إلى الله (خطبة)
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    فضل الأذكار بعد الصلاة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كل الطعام كان حلا ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    خطبة: مولد أمة وحضارة
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    محبة الرسول صلى الله عليه وسلم اتباع لا ابتداع ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    البركة مع الأكابر (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    فوائد الإجماع مع وجود الكتاب والسنة
    عمرو عبدالله ناصر
  •  
    بين النبع الصافي والمستنقع
    أ. شائع محمد الغبيشي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / تربية الأولاد
علامة باركود

أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)

أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين (خطبة)
د. عبدالرزاق السيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/9/2025 ميلادي - 16/3/1447 هجري

الزيارات: 186

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أولادنا بين التعليم والشركاء المتشاكسين

 

الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رفع قدر العلم وأهله، وأعلى منزلته ونوَّه بفضله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه الله في الأميين رسولًا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

أهمية الحديث عن التعليم:

أيها المسلمون: قبل أيام عادت المدارس والجامعات لتستقبل أبناءنا وبناتنا، لينهلوا من مناهل العلم والمعرفة، حتى يكونوا أداةَ إعمارٍ لهذه الأرض التي استخلفنا الله فيها، ولا يكون العمار إلا بالعلم الذي رفع الله شأنه، ولا تُبنى الأوطان إلا به؛ فهو أساس الهوية ومرتكز الشخصية، والسبب الأول بعد توفيق الله لإعطاء أي أمة مكانةً مرموقة وكلمةً مسموعة، لأن العلم أساس النهوض، وركن التنمية، فلا تُقاس قوة الشعوب بعدد جيوشها، ولا بكثرة سكانها، وإنما تُقاس بمدى اهتمامها بالتعليم، وحرصها على التعلم، فذلك الضمان المهم لديمومتها وبقائها واستمرارها.

 

ولا شيء أضر على الأمم والشعوب من الجهل والتجهيل؛ فإن الجهل جامع لكل خِصال الشر، وصاحبه لا يملك من أمره شيئًا، بل يسيِّره أعداؤه حيث يريدون؛ ولذا كان الواعون من أبناء الأمم قديمًا وحديثًا يتوجهون للعلم والتعليم، والدول التي أنفقت على العلم والتعليم فاقت الدول التي أنفقت على العمران والتسليح؛ لأن العلم يأتي بالعمران والتسليح، وهما لا يأتيان بالعلم؛ ذلك أن العلم فيه بناء الإنسان، وإذا أحسن بناءه، استطاع أن يشيِّد العمران والحضارة.

 

العلم والتعليم في القرآن والسنة:

أيها المسلمون: لقد جاءت نصوص الكتاب والسنة دالَّة على فضل العلم، حاثَّةً عليه، مرغبةً في طلبه، مبينةً عِظمَ أجره، وكان أول وحيه أن سما بقدر القلم، ونوَّه بقيمة العلم؛ قال الله تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5]، وقال تعالى: ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الزمر: 9]، وقد أعلى الله سبحانه من شأن أهل العلم، ورفع قدرهم، وبيَّن أنهم هم أهل الخشية له والخوف منه، وهم أهل الرفعة والدرجات، وهم أهل الإيمان والتصديق؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وقال جل وعلا: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]، وقال الله سبحانه: ﴿ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا ﴾ [الإسراء: 107]، وقال الله تعالى: ﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [سبأ: 6]، وفي السنة النبوية المطهرة عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لَتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم لَيستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر))؛ [صحيح أبي داود].

 

بين البيت والمدرسة تكامل وتعاون:

أيها المسلمون، أيها الآباء والأمهات، ومع عودة الأبناء والبنات للمدارس والجامعات، استشعِروا المسؤولية بين يدي الله تعالى عن أولادكم وبناتكم، واعلموا أن المسؤولية المُلقاة على عاتقنا كبيرة وعظيمة تجاه أولادنا وبناتنا، خصوصًا في بلاد الغرب، وتحتاج منا أن نحذر من التفريط فيها؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((وإن لولدك عليك حقًّا))؛ [مسلم]، ومن هذه الحقوق والواجبات عليك نحو ولدك، حق توفير المأكل والمشرب، والملبس والمسكن، وفي أي شيء من أمور الدنيا، وهذه الحقوق مؤدَّاة من الآباء لأولادهم، فالجميع يحرصون على ذلك كله، ولا نرى والدًا يبخل على أولاده في شيء من أمور الدنيا، بل ينفق بسخاء وكرم دون ملل أو تضجر، بل قد يبادر زوجته وأولاده بالسؤال عن كل ما يحتاجون إليه؛ لأن ذلك من قيامه بالمسؤولية المُلقاة على عاتقه، ومن تمام المسؤولية إكمال حاجيات البيت، ومراعاة صحة أهله وأولاده.

 

لكنَّ هناك حقوقًا أخرى هي من الأهمية بمكان، قلَّ من يعطيها حقها، وقلَّ من يستشعر المسؤولية عنها، ألَا إنها حق التربية وحق التعليم؛ لأن أولادنا أمانة في أعناقنا، ووديعة بين أيدينا، وتربيتهم وتعليمهم، والعناية بهم، والاستثمار فيهم من أعظم التجارات الرابحة في الدنيا والآخرة، التي يجب أن يقدمها العاقل على كل أمور الدنيا، والتربية تعني صناعة الإنسان، وهي تحصيل للمعرفة وتوريث للقيم، كما أنها توجيه للتفكير وتهذيب للسلوك، وتشمل كلَّ مجهود أو نشاط يؤثر في قوة الإنسان وتكوينه؛ لأنه هو الأثر الذي سيبقى لك في هذه الدنيا أيها الأب المبارك بعد الرحيل؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ [مسلم]، ولا يمكن تحقيق التربية والتعليم للأبناء والبنات إلا إذا وُجد التعاون والتكامل بين المدرسة والبيت والمسجد، ولكي يتحقق هذا التكامل، كان من الضروري على كلٍّ من المدرسة والمسجد والأسرة التفهُّم الكامل لأبعاد دورهما التربوي، والاستفادة من التنوع والتكامل المجتمعي، والعمل معًا على تنسيق جهودهما، ووضعها في الإطار التربوي السليم، خاصة بعد ازدياد الأعباء التربوية المُلقاة على عاتق كلٍّ من المدرسة والأسرة، نتيجة لتغيرات الحياة المعاصرة.

 

كما أن المدرسة لا يمكن لها أن تعمل بمعزِلٍ عن الأسرة، بل هي في حاجة دائمة إلى الأسرة، مما يستلزم وجود نوع من الشراكة بين الأسرة والمدرسة، وإن إشراك الأسرة في العملية التعليمية يُسهم في التغلب على كثير من المشكلات والصعوبات التعليمية، ويرفع من مستوى تحصيل الطالب، ويزيد من دافعيته للتعلم، ويعزز السلوك الإيجابي، وينمي القيم والاتجاهات الإيجابية المرغوبة؛ لأن الأسرة الواعية هي التي تعتبر نفسها المسؤولَ الأول وبالذات عن تعليم وتربية أبنائها وبناتها، وأنها الأكثر حرصًا على نجاحهم، والأكثر رعاية ومتابعة لهم، لأنها مخاطَبة من الناحية الدينية بتحمُّل هذا الواجب، ولأن حبها لأبنائها وحرصها على مصلحتهم يجب أن يدفعها للاهتمام بتعليمهم وتربيتهم، ولأنها هي التي ستجني ثمار نجاحهم أو تدفع ثمن إخفاقهم.

 

أيها الأبناء: إن توفر فرص التعليم في هذه البلاد يساعد على مواصلة التعليم، فيتخرج وهو يحمل شهادة ينفع بها نفسه وأسرته، وبلده الذي فتح له آفاق التعليم، ويكون مواطنًا صالحًا يملك عقلًا واعيًا، وخلقًا رفيعًا، محافظًا على دينه، متميزًا على غيره بما يحمل من قيم صالحة تثمر محبة الله أولًا، ثم نافعًا للناس في مجاله العلمي؛ طبيبًا كان أو طبيبة، أو مهندسًا أو مهندسة، أو أستاذًا أو أستاذة أو غيرها من التخصصات، فيكون ذلك الإنسان الصالح النافع لنفسه وأبويه، ومجتمعه وأمته.

 

قال ابن القيم رحمه الله: "إن العلم يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة ما لا يرفعه المُلك ولا المال ولا غيرهما، فالعلم يزيد الشريف شرفًا، ويرفع العبد المملوك حتى يُجلسه مجالس الملوك".

 

والإنسان بلا علمٍ مهما خلَّف من مال وعقِبٍ، ليس له قيمة في هذه الحياة، فهو غير معدود من الناس إذا عاش، وغير مفقود إذا مات، وكما قيل:

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قومٌ وهم في الناس أمواتُ

قال ابن عبدالبر: "أحسن كلمة توارثها الناس بعد كلام النبوة قول عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: قيمة كل امرئ ما يُحسن".

 

أبناؤنا بين شركاء متشاكسين:

أيها المسلمون: في الماضي، كانت الأسرة تربي، والمسجد يربي، والمدرسة تربي، والشارع يربي، والجيران يربُّون، هذه هي مصادر التربية الرئيسية، أما اليوم فهناك شركاء لنا في تربية أبنائنا وبناتنا، شركاء متشاكسون، من الصعب على الأهل التحكم في القيم والمبادئ التي يكتسبها أبناؤهم بسبب هؤلاء الشركاء؛ حيث إن تأثيراتها تتعارض مع ما يسعَون إلى غرسه في نفوسهم من القيم الحميدة، والسلوك الفاضل.

 

لقد نافَسَنا وشاركنا في تربية أبنائنا؛ الأجهزة الذكية والإنترنت، ووسائل التواصل بأنواعها، وألعاب الجيم، فأصبح استخدام التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الأبناء، فتحوَّل إلى إدمان أثَّر سلبًا على حياتهم الاجتماعية والنفسية والعلمية، وهو ما جعل منها تحديًا تربويًّا كبيرًا على الآباء، للحفاظ على الصحة النفسية لأطفالهم الصغار، وأبنائهم الشباب من سلبياتها، إذا لم تُستخدم بشكل صحيح، ومن أبرز هذه السلبيات أن مواقع التواصل أصبحت أشبهَ بالريح الصرصر العاتية، التي تهب حاملةً العذابَ والهلاك، فتدخل كل بيت حتى إلى غرف النوم، وتدمر ما تواجهه في الطريق، من بنيان الأسرة من الأساس، وهو ما يجعلنا نطلق صافرات الإنذار للتنبيه وأخذ الحيطة، فالخطر داهم، وعواقبه ستطول أو قد طالت المجتمع بأسره، خاصة وأن تلك المواقع أصبحت تستهلك الجزء الأكبر من وقت كل فرد في الأسرة، وليس الأولاد فقط، وإن كان الأبناء يأخذون الحظ الأكثر، وقد كشف تقرير موقع داتا ريبورتال لعام 2023م، أن معدل الوقت المستهلك على مواقع التواصل الاجتماعي شهريًّا للفرد الواحد خلال عام 2022م، كالآتي: (23) ساعة يوتيوب، (19) ساعة فيسبوك، (17) ساعة على واتساب، (12) ساعة إنستجرام، (23) ساعة تيك توك، (3) ساعات ماسنجر، (3) ساعات على تليجرام، (5) ساعات تويتر، و(10) ساعات سناب شات؛ [تابع: التقرير السنوي لموقع داتا ريبورتال datareportal.com]، هؤلاء الشركاء المتشاكسون يشاركوننا في تربية أبنائنا وبناتنا وأسرنا، فينتج عن هذا تأثيرها السلبي في صحة الأبناء والبنات العقلية، بل ويزيد مشاعر القلق والاكتئاب والوحدة؛ حيث يمكن أن يؤدي التعرض المستمر لنسخ مثالية ومنسقة بعناية من حياة الآخرين المكذوبة، إلى الشعور بعدم الكفاءة، وانخفاض احترام الذات بين الأبناء والبنات، ناهيكم عن تعرضهم للتنمر، من خلال نشر الشائعات والتعليقات المؤذية، أو مشاركة الصور ومقاطع الفيديو المحرجة والمحرَّمة، والإدمان والإلهاء والمقارنة غير الواقعية بينهم وبين من يشاهدون، ونقل صورة مشوَّهة للعلاقات بين الناس، بل قد تصل إلى الإخوة الذين هم من أب واحد وأم واحدة، وتجاوز الخصوصية، فيعرِض بعض المؤثرين بهذه الوسائل، تفاصيلَ حياتهم العائلية والخاصة على الملأ، بل قاموا بـ «تسليع أنفسهم وأطفالهم، وزوجاتهم وبناتهم، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم»؛ سعيًا وراء شهرة وتحقيق أرباح، بحصد التفاعلات والمشاهدات وإحراز «الترندات» عبر المنصات المختلفة، ومع مرور الوقت يشارك المؤثر «جمهوره» كلَّ شيء في حياته، وتذوب الحدود الفاصلة بين العام والخاص، حتى إنه يتوهم أن هذا الجمهور هو عائلته البديلة، فيشاركه الأمور التافهة، ثم الحرِجة والحسَّاسة، ثم إظهار جوانب الضعف والضياع، كأسلوب تسوُّل ومَسكنة يعزِّز به بناء صورة إنسانية لدى المتابعين، وهناك أيضًا من أدمن هذه الوظيفة الرقمية، فلا يستطيع العيش بعيدًا عن «الكاميرا»، فتصير لديه قناعة بأن أي حدث في حياته لا بد أن يتم توثيقه وعرضه على وسائل التواصل، غير مدرك لعواقب ذلك.

 

وشاركنا في تربية أبنائنا وبناتنا أصدقاء السوء في الشارع، وفي المدرسة، وفي الجامعة والبيئة المدرسية، لسنا بحاجة إلى من يثبت لنا بالدليل والبرهان أن خطر رفاق السوء على الأولاد والبنات في المدرسة والجامعة، أشدُّ من سموم العقارب والحيَّات، فرفقة السوء بما تملكه من عواملَ جاذبة للتأثير والتغيير؛ بحكم التقارب السِّني بينهم، وتقارب الأفكار والرغبات، ومرحلة التغيير التي يمر بها الأبناء والبنات، وقضاء أوقات طويلة معًا، وغياب رقابة الأسرة تلك الفترة، فإنهم يستطيعون تغيير مستوى الطالب من مجيد إلى راسب، ومن مجتهد إلى مهمل، ومن مؤدب إلى متمرد، حتى القضايا التي يقع فيها الأبناء أغلبها إن لم يكن أجمعها كانت عبر بوابة رفاق السوء؛ ففي صحيح مسلم، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مَثَلُ الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك، إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير، إما أن يُحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً)).

 

أيها الإخوة: لا بد أن نكون على قدر المسؤولية تجاه أبنائنا وبناتنا؛ ونتذكر قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

توجيهات للآباء مع عودة المدارس:

أيها المسلمون: التربية اليوم هي شراكةٌ متعددة الأطراف، وذكاء الأهل يتركز في أن يكونوا الطرفَ الأقرب والأكثر حضورًا، لا الغائب، ويتم ذلك بالعلم والسؤال والمعرفة؛ لأن تربية الأبناء رحلة مهمة، ولكنها شاقة ومعقَّدة في ذات الوقت، فبداخل كل أب وأم رغبةٌ عارمة في رؤية أبنائهم ناجحين ومتفوقين في حياتهم المستقبلية؛ لأنهم هم ثمرة الآباء، والاستثمار الأمثل للسعي في تكوين شخصية صالحة ونافعة، ولا يكون ذلك إلا بالتعاون بين المدرسة والأب، والمدارس في جاليتنا تشتكي وليًّا لا يزورها، وأبًا لا يدري أين سورها، تشتكي أبًا لا يرى التقارير الشهرية، لا يتابع الواجبات، ولا يهتم بالكراسات، لا يهتم بالتقويم، ولا يكترث للتقييم، دَع أبناءك يشعروا بقربك لهم، وسؤالك عنهم، ووقوفك عليهم، ومشيك إليهم، وزيارتك لمدارسهم، وعلاقتك بمعلمهم، فذلك يُسهم في سد الفجوات، وحل المشكلات، وعلاج النزوات، ويبعث فيهم الثقة، وينمي لديهم الرجولة، ويحدوهم للتفوق والنجاح.

 

ألَا فليحذر الآباء والأمهات أن يجعلوا بداية دراسة الأبناء في المدارس هو موعد الانقطاع عن المسجد، وعن الدراسة المسجدية والمدرسة العربية؛ فإن ذلك من أعظم الأغلاط، ومظاهر الجناية على الأولاد، وعلى مستقبلهم في الدنيا والآخرة؛ لأنه ليس لأبنائنا ملاذ للحفاظ على دينهم وأخلاقهم ولغتهم إلا المساجد والمدارس العربية؛ لأن من أعظم مظاهر التربية الصالحة، ومن أسباب التفوق الدراسي ربطَ الأبناء بالقرآن الكريم، حفظًا وتلاوة وتدبرًا، وتعلم اللغة العربية؛ فعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثَلُ الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السَّفَرةِ الكِرام البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يقرؤه وهو يتعاهده، وهو عليه شديد، فله أجران))؛ [رواه البخاري ومسلم].

 

أيها الآباء والأمهات، إليكم هذه النصائح:

1- أنتم شركاء للمدرسة في مسؤوليتها، فعليكم التواصل وزيارة المدرسة في بعض الأوقات لمعرفة وضع الأبناء في المدارس.

 

2- نصح الأبناء وإرشادهم ومساندتهم في التعرف على أهدافهم، ومتطلبات عامهم، وصناعة رؤاهم، والتماشي مع رسالتهم الدينية والمجتمعية.

 

3- المراقبة المنضبطة الواثقة والحريصة للأبناء ونشاطاتهم وعلاقاتهم، والجهات أو الأدوات التي يتعاملون معها، ويحتكُّون بها.

 

4- التواصل المستمر مع مديري المدارس والمدرسين والمشرفين، وعناصرها؛ لمعرفة واقع الطالب وتفاعلاته، ومدى انسجامه داخل البيئة المدرسية.

 

5- تعظيم احترام المعلم والمدرسة في نفوس الطلبة والأبناء، وتوجيههم لاحترامهم وتقديرهم، والنهل من معارفهم وعلومهم، والكسب العلمي منهم.

 

6- تعديل سلوكيات الأبناء بالأساليب المنهجية الإنسانية والتربوية، بعيدًا عن تحطيم النفس، واستخدام التعنيف الجسدي واللفظي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المسلمون بين التأثير والتأثر في المجتمع الأمريكي
  • تعظيم الله وأثره في حياتنا (خطبة)
  • عيسى ابن مريم النبي المبارك والرسول الصادق (خطبة)
  • المنهج التربوي القلبي الصحيح وأثره (خطبة)
  • سنة المغالبة وفقهها (خطبة)
  • المسلم بين حر الدنيا وحر الآخرة (خطبة)
  • العطايا والمنح بعد المحن (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • خطبة: أولادنا وإدمان الألعاب الإلكترونية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: تزويج الأولاد حق واجب فقهًا ونظاما(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • خطبة: كيف أتعامل مع ولدي المعاق؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولادنا بين الاهتمام والإهمال (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أولادنا بين الاهتمام والإهمال (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلنا رجال تربية وتعليم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موقفان تقفهما بين يدي الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • البناء والعمران بين الحاجة والترف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللسان بين النعمة والنقمة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان
  • اختتام فعاليات المسابقة الثامنة عشرة للمعارف الإسلامية بمدينة شومن البلغارية
  • غوريكا تستعد لإنشاء أول مسجد ومدرسة إسلامية
  • برنامج للتطوير المهني لمعلمي المدارس الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/3/1447هـ - الساعة: 16:8
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب