• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ذكر الله سبب من أسباب إعانة الله لك
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    عداوة الشيطان للإنسان
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    تحريم الحلف بالملائكة أو الرسل عليهم الصلاة ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    قسوة القلب (2)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    بيان اتصاف الأنبياء عليهم السلام بالرحمة
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    القوامة بين عدالة الإسلام وزيف التغريب (خطبة)
    د. مراد باخريصة
  •  
    لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها
    بدر شاشا
  •  
    مناقشة بعض أفكار الإيمان والإلحاد (WORD)
    الشيخ سعيد بن محمد الغامدي
  •  
    مجلس ختم صحيح البخاري بدار العلوم لندن: فوائد ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالعهود (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الإمامة في الدين نوال لعهد الله وميراث الأنبياء ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    الاستمرارية: فريضة القلب في زمن التقلب
    أحمد الديب
  •  
    هشام بن حسان ومروياته عن الحسن المرفوعة: جمعا ...
    حصة بنت صالح بن إبراهيم التويجري
  •  
    دعاء الشفاء ودعاء الضائع
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / عون الرحمن في تفسير القرآن
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم ...}

تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم .
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/8/2025 ميلادي - 10/2/1447 هجري

الزيارات: 63

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ...َ ﴾

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 81 - 83].

 

قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

 

قوله: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ ﴾ الواو: استئنافية، ﴿ وَإِذْ ﴾: ظرف بمعنى «حين»، متعلق بمحذوف تقديره «اذكر»، أي: اذكر يا محمد حين أخذ الله ميثاق النبيين، اذكره بنفسك ولأمتك ولأهل الكتاب، و«الميثاق»: العهد المؤكد، وسُمِّيَ العهد ميثاقًا لأن كلًا من المتعاهدين يتوثق به مع الآخر، كالوثاق وهو الحبل الذي يُشد به.

 

والمراد بـ﴿ النَّبِيِّينَ ﴾: ما يشمل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وميثاق النبيين ميثاق على أممهم.

 

﴿ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾: فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب.

 

قرأ حمزة بكسر اللام «لـِما»، وقرأ الباقون بفتحها: ﴿ لَمَا ﴾، وقرأ نافع وأبو جعفر بنون العظمة ﴿ آتَيْناكُمْ ﴾، وقرأ الباقون بتاء المتكلم ﴿ آتَيْتُكُمْ ﴾.

 

واللام في قوله «لِـما» على قراءة فتح اللام: موطئة للقسم؛ لأن أخذ الميثاق في معنى اليمين، ويجوز كون اللام للابتداء، و«ما»: شرطية أو موصولة، أي: للذي آتيتكم.

 

أو لمهما آتيتكم من كتاب وحكمة، أي: لمهما أعطيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به، ولتنصرنه، ولا يمنعكم ما أوتيتم من علم الكتاب والحكمة من ذلك.

 

وعلى قراءة كسر اللام تكون اللام للتعليل، و«ما»: مصدرية، أي: من أجل إيتائي إياكم بعض الكتاب والحكمة، ولمجيء رسول مصدِّق لما معكم لتؤمنن به.

 

ويجوز كون «ما»: موصولة، أي: لأجل الذي آتيتكم، ولمجيء رسول مصدق، أي: شكرًا على إيتائي إياكم أو على الذي آتيتكم وعلى أن بعثت رسولًا مصدقًا لما معكم لتؤمنن به.

 

﴿ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾ «مِن»: تبعيضية، أي: بعض الكتاب والحكمة، وقيل: بيانية.

 

وقوله: ﴿ كِتَابٍ ﴾: كالتوراة والإنجيل.

 

﴿ وَحِكْمَةٍ ﴾ الحكمة: الشريعة، والحكم بها بين الناس.

 

﴿ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ﴾ يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم.

 

ويحتمل أن يشمل قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ﴾ محمدًا صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل - عليهم السلام - بأن أخذ الله الميثاق على النبيين جميعًا بأن يؤمن المتقدم منهم بمن يأتي بعده ويُناصره، ويصدق بعضهم بعضًا[1].

 

وقوله: ﴿ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ ﴾؛ أي: مصدق لما معكم من كتب الله تعالى؛ كالتوراة والإنجيل وغيرهما، ببيان أنها حق من عند الله تعالى، وذلك باشتماله على ما يشهد بصدقها، وبكونه مصداق ما أخبرت به؛ حيث أخبرت هذه الكتب ببعثته صلى الله عليه وسلم؛ كما قال عيسى بن مريم عليه السلام: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [الصف: 6]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

 

فكانت بَعثته الله صلى الله عليه وسلم مصداق ما أخبرت به هذه الكتب، فكان بهذا مصدقًا لها.

 

﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾، اللام: واقعة في جواب القسم، فالجملة جواب القسم، ويجوز أن تكون اللام: موطئة للقسم، أي: لتصدقنه.

 

﴿ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ﴾ معطوف على قوله: ﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ﴾، أي: ولتُعِيْنُنَّه على تبليغ رسالته ونشرها، وعلى قتال أعدائه، فالنصر هنا يشمل نصره باللسان، والدعوة إلى الله، وبالسنان والعُدة والعتاد. والمراد: لتؤمنن به ولتنصرنه أنتم وأتباعكم.

 

﴿ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ ﴾ أي: اعترفتم والتزمتم بذلك.

 

﴿ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي ﴾: معطوف على ما قبله؛ أي: وأخذتم على ذلكم عهدي، أي: ميثاقي الشديد المؤكد الثقيل، والإصر: العهد الثقيل، وجمعه: آصار؛ قال تعالى: ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف: 157].

 

﴿ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ ﴾؛ أي: اعترفنا والتزمنا بأن نؤمن به وننصره.

 

﴿ قَالَ فَاشْهَدُوا ﴾؛ أي: ليشهد كل منكم على نفسه؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [الأعراف: 172، 173].

 

وأيضًا ليشهد بعضكم على بعض، واشهدوا على أممكم بذلك.

 

﴿ وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾: على العهد الذي أخذته عليكم وعلى أُممِكم؛ قال تعالى: ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79].

 

فاستشهَدهم عز وجل على أنفسهم، وعلى بعضهم، وعلى أُممهم على الميثاق الذي أخذه عليهم، وشهد عز وجل عليهم كلهم بذلك.

 

قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.

 

ذكر الله - عز وجل - أخذه ميثاق النبيين إن بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به وينصُروه، وأن يؤمن بعضهم بعضًا، ويصدِّق بعضهم بعضًا، وإقرارهم وشهادتهم على أنفسهم بذلك، وشهادته تعالى عليهم، وهو ميثاق عليهم وعلى أُممهم، ثم أتبع ذلك ببيان حكم مَن تولَّى من أُممهم عن الالتزام بهذا الميثاق، وأنه من الفاسقين، وفي هذا تحذيرٌ لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبخاصة أهل الكتاب الموجودين في عهده صلى الله عليه وسلم من التولي عن الإيمان به ونُصرته.

 

قوله: ﴿ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ ﴾ الفاء: استئنافية، و«من»: شرطية، و﴿ تَوَلَّى ﴾: فعل الشرط، وجوابه جملة: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾، ومعنى «تولي» أي: أعرض بقلبه وبدنه.

 

﴿ بَعْدَ ذَلِكَ ﴾؛ أي: بعد أخذ ميثاق الأنبياء، وتقريرهم، وإشهادهم على ذلك، وشهادة الله عليهم بذلك.

 

والمعنى: من تولى وأعرَض من أتْباع الأنبياء وأُممهم عن الإيمان بالرسل ونُصرتهم، وبخاصةً خاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد تبليغ أنبيائهم لهم بما أخذ من الميثاق عليهم في ذلك؛ ولهذا لم يقل: «فمن تولى بعد ذلك منكم»؛ كما قال في سورة المائدة في خطاب بني إسرائيل: ﴿ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [المائدة: 12].

 

﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾؛ لأن الميثاق الذي أُخِذَ على الأنبياء ميثاق عليهم وعلى أممهم، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قطعة من التوراة غضب؟ فقال: «أمُتهوكون فيها يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاءَ نقية، لا تسألوهم عن شيء فيُخبروكم بحق، فتكذبوا به، أو بباطل فتُصدقوا به، والذي نفسي بيده، لو أن موسى صلى الله عليه وسلم حيًّا ما وسعه إلا أن يتبعني»[2].

 

والفاء في قوله: ﴿ فَأُولَئِكَ ﴾ رابطة لجواب الشرط، والجملة جواب الشرط.

 

والإشارة في قوله: «أولئك» لـ «من» في قوله: ﴿ فَمَنْ تَوَلَّى ﴾؛ لأن معناها الجمع، وقد أُكِدت هذه الجملة بكونها اسمية مُعَرَّفة الطرفين، وبضمير الفصل «هم».

 

أي: فأولئك الذين بلغوا غاية الفسق، و(الفسق): الخروج عن طاعة الله تعالى.

 

وهو نوعان: فسق مُخرِج من الملة وكفر؛ كما في قوله: ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾ [الحشر: 12]، وقوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴾ [السجدة: 18]، وفسق دون ذلك، لا يُخرِج من الملة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].

 

والمراد بالفسق هنا في قوله: ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾: الفسق المخرج من الملة، المؤدِّي إلى الكفر؛ لأن مَن تولَّى وأعرَض عن الإيمان بالرسل وتصديقهم ونُصرتهم - وخصوصًا خاتمهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم - فهو كافر.

 

قوله تعالى: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾.

 

حذَّر عز وجل عن التولِّي والإعراض عن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل ونُصرتهم؛ ثم أتبع ذلك بالإنكار على الذين يَبْغُون غير دين الله من أهل الكتاب وغيرهم، وقد أسلم له سبحانه الخلق كلهم وإليه مرجعهم.

 

قوله: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ ﴾: الاستفهام للإنكار والتوبيخ.

 

والفاء: حرف عطف على ما سبق، وقد أخِّرت لتكون الصدارة لهمزة الاستفهام، والتقدير: «فأغير دين الله يبغون»، ويجوز أن يكون حرف العطف عاطفًا لما بعده على مقدر بينه وبين الهمزة، والتقدير: «أيتولون فغير دين الله يبغون؟».

 

و﴿ دِينِ اللَّهِ ﴾: شرعه الذي شرعه لعباده، وهو دين التوحيد والعدل والإسلام، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

وأضافه - عز وجل - إليه؛ لأنه سبحانه هو الذي شرعه، وهو الذي يجازي عليه، وتعظيمًا له وتشريفًا.

 

﴿ يَبْغُونَ ﴾: قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم ويعقوب بياء الغيبة: ﴿ يَبْغُونَ ﴾، وقرأ الباقون بتاء الخطاب «تبغون»، والمعنى: أفغير دين الله وشرعه وحكمه يطلبون ويريدون، أو تطلبون وتريدون، والمراد بهذا أهل الكتاب وغيرهم ممن يبتغي غير دين الله.

 

﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ الواو: حالية، أي: والحال أنه أسلم له مَن في السماوات والأرض، وقدَّم الخبر: ﴿ لَهُ ﴾ للدلالة على الحصر والاختصاص، أي: وله وحده أسلم مَن في السماوات والأرض.

 

ومعنى «أسلم»: أي استسلم وانقاد كونًا، وليس المراد الاستسلام شرعًا؛ لأن الإسلام الشرعي لا إكراه فيه؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ﴾ [البقرة: 256]، ولأن الإسلام الشرعي لا يعم كل مَن في الأرض، بل أكثرهم لا يُسلم.

 

و﴿ مَنْ ﴾: موصولة تدل على العموم، أي: جميع مَن في السماوات والأرض.

 

وفي التعبير بـ﴿ مَنْ ﴾ تغليب لجانب العقلاء تكريمًا لهم؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، ولأنهم هم المكلفون دون غيرهم، ولأنهم أكثر من غيرهم؛ لأن من بينهم الملائكة.

 

وفي الحديث: «أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تئط ما مِن موضع شبرٍ إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد»[3].

 

والسماوات أكبر من الأرض، بل السماء الدنيا أكبر من الأرض، وكل سماء أكبر من التي تحتها.

 

﴿ طَوْعًا وَكَرْهًا ﴾: منصوبان على الحال، أي: طائعين وكارهين، و«الطوع»: ما فُعِلَ بالاختيار، و«الكُره»: ما فُعِلَ بغير الاختيار؛ أي: استسلم له من فيها طوعًا وكرهًا؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴾ [الرعد: 15]، وقال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ * وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [النحل: 48 - 50].

 

فالمؤمن مستسلم لله تعالى طوعًا بقلبه وقالبه، والكافر مستسلم لله تعالى كرهًا، والخلق والكون كله مستسلم منقاد لله تعالى طوعًا؛ كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11].

 

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾: قرأ حفص عن عاصم ويعقوب بياء الغيبة ﴿ يُرْجَعُونَ ﴾، والضمير على هذه القراءة يعود إلى الذين يبغون غير دين الله، أو إلى «من» في قوله: ﴿ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾، أو إليهما معًا، وهو أَولى.

 

فجميعهم إليه يرجعون، أي: يُرَدُّون يوم القيامة، فيُحاسبهم ويفصِل بينهم بحُكمه، من كان منهم من أهل التكليف أو غيرهم.

 

وقرأ الباقون بتاء الخطاب: «ترجعون» وفقًا لقراءة «تبغون»، فيعود الخطاب للذين يبغون غير دين الله، وفي هذا وعيدٌ وتهديد لهم.

 

وقدَّم المتعلق في قوله: ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ لإفادة الحصر والتخصيص، أي: وإليه وحده يرجعون، لا إلى غيره، فلله - عز وجل - استسلم كل مَن في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا في الدنيا، وإليه رجوعهم في الآخرة، فيُحاسبهم ويجازيهم على أعمالهم، فكيف لعاقلٍ أن يبتغي غير دين الله ويعدل به غيره؟!!



[1] انظر: «جامع البيان» (5 /539-544).

[2] أخرجه أحمد (3 /387)، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه.

[3] أخرجه الترمذي في الزهد (2312)، وابن ماجه في الزهد (4190)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ...)
  • تفسير قوله تعالى:(فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)
  • تفسير قوله تعالى: (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض ...)
  • تفسير قوله تعالى: (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ...)
  • تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
  • تفسير قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم ...)
  • تفسير قوله تعالى: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ...)
  • تفسير قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم)
  • تفسير قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم ...)
  • تفسير قوله تعالى: (ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين)

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شناعة جحود النعم وقوله تعالى (إن الإنسان لربه لكنود)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيان نسبة القول أو الفعل إلى الله تعالى وهو قول أو فعل الملائكة بأمره (WORD)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • {وما كان لنبي أن يغل}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد جديد يزين بوسانسكا كروبا بعد 3 سنوات من العمل
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/2/1447هـ - الساعة: 1:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب