• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية القرآنية (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    حكم سواك الصائم بعد الزوال
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

أجور لا تنقطع بعد الموت (خطبة)

أجور لا تنقطع بعد الموت (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/7/2024 ميلادي - 24/1/1446 هجري

الزيارات: 17699

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أُجورٌ لا تَنْقَطِعُ بَعد المَوت


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَصِيرَةِ آجَالُهَا، أَنْ دَلَّهَا عَلَى أَعْمَالٍ يَسْتَمِرُّ ثَوَابُهَا إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ وَلِذَا حَرَصَتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى تَرْغِيبِ الْمُسْلِمِ بِالسَّعْيِ إِلَى عَدَمِ انْقِطَاعِ عَمَلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَنْ يَبْقَى سِجِلُّ حَسَنَاتِهِ مَفْتُوحًا، فَتَتَضَاعَفَ فِيهِ الْأُجُورُ، وَتَتَلَخَّصُ هَذِهِ الْأَعْمَالُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْبَعَةٌ تُجْرَى عَلَيْهِمْ أُجُورُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ: مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ‌وَمَنْ ‌عَلَّمَ ‌عِلْمًا أُجْرِيَ لَهُ عَمَلُهُ مَا عُمِلَ بِهِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَجْرُهَا يَجْرِي لَهُ مَا وُجِدَتْ، وَرَجُلٌ تَرَكَ وَلَدًا صَالِحًا؛ فَهُوَ يَدْعُو لَهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ"؛ فَدَلَّ الْحَدِيثُ: عَلَى أَنَّ عَمَلَ الْمَيِّتِ يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ، وَيَنْقَطِعُ تَجَدُّدُ الثَّوَابِ لَهُ إِلَّا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبَهَا، فَإِنَّ الْوَلَدَ الصَّالِحَ مِنْ كَسْبِهِ، وَكَذَلِكَ الْعِلْمُ الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَصْنِيفٍ، وَكَذَلِكَ الرِّبَاطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ؛ وَهِيَ الْوَقْفُ. وَتَفْصِيلُهَا فِيمَا يَلِي:

1- الْمَوْتُ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ: وَالرِّبَاطُ: هُوَ مُلَازَمَةُ الْمَكَانِ الَّذِي بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ؛ لِحِرَاسَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: «وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ، إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ يُنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

فَهَذِهِ فَضَائِلُ عَظِيمَةٌ لِلْمُرَابِطِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، الَّذِي يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ وَهُوَ فِي رِبَاطِهِ؛ فَإِنَّ عَمَلَهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ يُنَمَّى لَهُ وَيُضَاعَفُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ عَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتَنَهُ، قَالَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (اسْتَدَلَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُرَابِطَ لَا يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ كَالشَّهِيدِ). وَالْمُرَابِطُ يُجْرَى عَلَيْهِ رِزْقُهُ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 169]. وَيُبْعَثُ الْمُرَابِطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الْأَنْبِيَاءِ: 103]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [النَّمْلِ: 87].

 

فَكَمْ مِنَ الْأُجُورِ الْعَظِيمَةِ تَحْصُلُ لِمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الْحَدِيدِ: 21].

 

2- الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ: وَهِيَ: الصَّدْقَةُ الدَّارَّةُ الْمُتَّصِلَةُ؛ كَالْوَقْفِ الْمَرْصُودِ لِأَبْوَابِ الْبِرِّ. وَأَنْوَاعُهَا كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا: حَفْرُ الْآبَارِ، وَبِنَاءُ الْمَلَاجِئِ، وَغَرْسُ الْأَشْجَارِ، وَبِنَاءُ الْمَسَاجِدِ، وَدُورِ الْأَيْتَامِ، وَالتَّبَرُّعُ بِالْأَعْضَاءِ بِضَوَابِطِهِ المَعْرُوفَةِ؛ كَبُعْدِهِ عَنِ الْمُتَاجَرَةِ والْبَيْعِ، وَيَكُونُ مِنَ الْحَيِّ لِلْحَيِّ أَوْ مِنَ الْمَيِّتِ لِلْحَيِّ. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ» - وَذَكَرَ مِنْهَا: «مُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

 

وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ» - وَذَكَرَ مِنْهَا: «صَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِيهِ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَعَظِيمِ ثَوَابِهِ، وَأَنَّ الصَّدَقَةَ يَصِلُ ثَوَابُهَا لِلْمَيِّتِ بِالْإِجْمَاعِ).

 

فَالْبِدَارَ الْبِدَارَ قَبْلَ فَوَاتِ الْأَعْمَارِ، اغْتَنِمْ – يَا عَبْدَ اللَّهِ – مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْكَ؛ مِنْ مَالٍ، وَبَادِرْ بِإِيقَافِ بَعْضِهِ فِي الْمَكَانِ الْمُنَاسِبِ؛ لِيَدِرَّ عَلَيْكَ حَسَنَاتٍ عَظِيمَةً، وَأَنْتَ فِي قَبْرِكَ، فَإِنَّ الْمُوَفَّقَ مَنْ عَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْبَائِسَ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَكَانَ عَمَلُهُ مُجَرَّدَ أُمْنِيَاتٍ!

 

3- الْعِلْمُ النَّافِعُ: وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ إِذَا أُطْلِقَ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ الصَّنْعَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَمَا كَانَ مِنَ الْعُلُومِ وَسِيلَةً إِلَى آيَةٍ مُحْكَمَةٍ، أَوْ سُنَّةٍ قَائِمَةٍ، أَوْ فَرِيضَةٍ عَادِلَةٍ فَلَهُ حُكْمُهَا. وَتَعْلِيمُ الْعِلْمِ يَشْمَلُ: التَّأْلِيفَ، وَالتَّدْرِيسَ، وَالنَّسْخَ، وَتَصْحِيحَ كُتُبِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ).

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ» - وَذَكَرَ مِنْهَا: «عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ» - وَذَكَرَ مِنْهَا: «عِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ أَيْضًا: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ...» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِيهِ بَيَانُ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ، وَالْحَثُّ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ، وَالتَّرْغِيبُ فِي تَوْرِيثِهِ؛ بِالتَّعْلِيمِ، وَالتَّصْنِيفِ، وَالْإِيضَاحِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْعُلُومِ الْأَنْفَعَ فَالْأَنْفَعَ).

 

وَالدَّعْوَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى تَدْخُلُ فِي عُمُومِ تَعْلِيمِ النَّاسِ الْعِلْمَ النَّافِعَ، الَّذِي يَنْفَعُ صَاحِبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَجَالُ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ أَعْظَمِ الْمَجَالَاتِ وَأَخْصَبِهَا فِي إِطَالَةِ الْعُمْرِ الْإِنْتَاجِيِّ، وَزِيَادَةِ الْحَسَنَاتِ، وَاسْتِمْرَارِهَا بَعْدَ الْمَمَاتِ.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأُجُورِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ:

4- دُعَاءُ الْوَلَدِ الصَّالِحِ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ» - وَذَكَرَ مِنْهَا: «وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ...» صَحِيحٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ» - وَذَكَرَ مِنْهَا: «وَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فِيهِ ‌فَضِيلَةُ ‌الزَّوَاجِ؛ لِرَجَاءِ وَلَدٍ صَالِحٍ، وَأَنَّ الدُّعَاءَ يَصِلُ ثَوَابُهُ إِلَى الْمَيِّتِ بِالْإِجْمَاعِ).

 

وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ عُمْرٌ إِضَافِيٌّ لِلْوَالِدَيْنِ؛ وَامْتِدَادٌ لِحَسَنَاتِهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا، فَلْيَحْرِصَا عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ وَتَنْشِئَتِهِمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَلَنْ يَعْرِفَ الْوَالِدَانِ قِيمَةَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ إِلَّا إِذَا وُسِّدَا فِي الْقَبْرِ، ثُمَّ رَأَوُا الْهَدَايَا تِلْوَ الْهَدَايَا فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِهِمَا؛ مِنْ ثَوَابِ اسْتِغْفَارٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ دُعَاءٍ، أَوْ نَحْوِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُقَدِّمُهَا لَهُمْ أَبْنَاؤُهُمْ وَبَنَاتُهُمْ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِصْدَاقًا لِمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ: جَاءَ فِي حَدِيثِ أُمِّ الْعَلَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ حَيْثُ قَالَتْ: رَأَيْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فِي النَّوْمِ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «ذَاكَ عَمَلُهُ يَجْرِي لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. أَيْ: شَيْءٌ مِنْ عَمِلَهُ بَقِيَ لَهُ ثَوَابُهُ جَارِيًا كَالصَّدَقَةِ. قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: "كَانَ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَدٌ صَالِحٌ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا؛ وَهُوَ السَّائِبُ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو لِأَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَأَيْضًا كَانَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صَدَقَةٌ اسْتَمَرَّتْ بَعْدَ مَوْتِهِ".

 

وَقَدْ نَظَمَ السُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ – فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي يَسْتَمِرُّ ثَوَابُهَا إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ – فَقَالَ:

إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ ‌لَيْسَ ‌يَجْرِي
عَلَيْهِ مِنْ فِعَالٍ غَيْرِ عَشْرِ
عُلُومٌ بَثَّهَا، وَدُعَاءُ نَجْلٍ
وَغَرْسُ النَّخْلِ، وَالصَّدَقَاتُ تَجْرِي
وِرَاثَةُ مُصْحَفٍ، وَرِبَاطُ ثَغْرٍ
وَحَفْرُ الْبِئْرِ، أَوْ إِجْرَاءُ نَهْرِ
وَبَيْتٌ لِلْغَرِيبِ بَنَاهُ يَأْوِي
إِلَيْهِ، أَوْ بَنَاهُ مَحَلَّ ذِكْرِ
وَتَعْلِيمٌ لِقُرْآنٍ كَرِيمٍ
فَخُذْهَا مِنْ أَحَادِيثٍ بِحَصْــــــرِ

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الصدقات والأجور المترتبة عليها (خطبة)
  • أعمال يسيرة أجورها كبيرة (خطبة)
  • التواصل المأجور
  • أعمال يسيرة وأجور وفيرة (خطبة)
  • سلامة الصدور.. ثمرات وأجور (خطبة)
  • الموت

مختارات من الشبكة

  • منابع الأجور لمنافسة أهل الدثور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التجارة مع الله (تجارة لن تبور)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحج عبادة وتجارة، دنيا وآخرة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • ما حكم أخذ الأجر على الضمان؟(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • أعمال يسيرة وأجور عظيمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الليلة الحادية والعشرون: (أعمال يسيرة وأجور عظيمة) (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الليلة العشرون: (أعمال يسيرة وأجور عظيمة) (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأجور الوفيرة في العشر الأخيرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأجور الوفيرة في عشر رمضان الأخيرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع حديث: ذهب أهل الدثور بالأجور(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- أُجورٌ لا تَنْقَطِعُ بَعد المَوت
أبو سلمان يونس محمود علي الزيلعي - فنلندا 20/09/2024 09:30 AM

أود أن أعبر عن خالص شكري وتقديري لكاتب هذا النص الذي يسلط الضوء على فضل الله تعالى علينا وعلى أهمية السعي للأعمال الصالحة التي يمتد ثوابها حتى بعد الموت. بارك الله فيك وجزاك خيراً على هذا الشرح القيم.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب