• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: آداب المجالس
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    الغايات والأهداف من بعثة الرسول صلى الله عليه ...
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    آيات الصفات وأحاديثها
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    صحبة النور
    دحان القباتلي
  •  
    منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم ...
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    بلدة طيبة ورب غفور (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    مواقيت الصلوات: الفرع الرابع: وقت صلاة العشاء
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    تلقي الركبان
    عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان
  •  
    خطبة: الأعمال الصالحة وثمراتها
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    التربية القرآنية (خطبة)
    أبو سلمان راجح الحنق
  •  
    حكم سواك الصائم بعد الزوال
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    النهي عن التسمي بسيد الناس أو بسيد ولد لآدم لغير ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    آية الله في المستبيحين مدينة البشير والنذير ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    خطبة (النسك وواجباته)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    خطبة: وحدة الكلمة واجتماع الصف
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    سلسلة آفات على الطريق (1): الفتور في الطاعة
    حسان أحمد العماري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

بشارة الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم

بشارة الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم
أبو عبدالله فيصل بن عبده قائد الحاشدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/1/2024 ميلادي - 23/6/1445 هجري

الزيارات: 5844

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بِشَارَةُ الأَنْبِيَاءِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


الخُطْبَةُ الأُوْلَى

إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمِدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أَمَّا بُعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ:

فَمَا زَالَ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَحَدِيْثِي مَعَكُمْ اليَوْمَ عَنْ « بِشَارَةُ الأَنْبِيَاءِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ».


- أَيُّهَا النَّاسُ -لَقَدْ أَخَذَ اللهُ-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- المِيْثَاقُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَنْصُرُوهُ إِذَا بُعِثَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَأَنْ يُبَلِّغُوا أَقْوَامَهُمْ بِذَلِكَ لِيَشِيْعَ خَبَرُهُ بَيْنَ جَمِيْعِ الأُمَمِ، قَالَ اللهُ-سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [آل عمران: 81].

 

- أَيُّهَا النَّاسُ - لَقَدْ كَانَ الرُّسُلُ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - يُبْعَثُونَ فِي أَقْوَامِهِمْ خَاصَّةً وَبُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلنَّاسِ كَافَّةً، وَلِهَذَا بُشِّرَ بِهِ جَمِيْعُ الأَنْبِيَاءِ.

 

وَكَانَ مِمَّا قَالَهُ عَيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِقَوْمِهِ كَمَا ذَكَرَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ [الصف: 6].

 

وَكَانَتْ صِفَاتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَامَاتُهُ - أَيُّهَا النَّاسُ - قَدْ وَرَدَتْ فِي كُلٍّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ بِشَكْلٍ صَرِيْحٍ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].

 

وَأَهْلُ الكِتَابِ - أَيُّهَا النَّاسُ - يَعْرِفُونَ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ، قَالَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 146].

 

وَقَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 43].

 

وَقَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴾ [الشعراء: 196].

 

وَقَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الشعراء: 197].

 

- أَيُّهَا النَّاسُ - قَدْ جَاءَتْ البِشَارَاتُ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الكُتُبِ السَّابِقَةِ مُبَيِّنَةً اسْمُهُ وَصِفَاتِهِ البَدَنِيَّةَ وَالمَعْنَوِيَّةَ، وَنَسَبَهُ وَمَكَانَ مَبْعَثِهِ، وَصِفَةَ أَصْحَابِهِ، وَصِفَةَ أَعْدَائِهِ عِنْدَ ظُهُورِهِ وَانْطِبَاقَ تِلْكَ الأَوْصَافِ عَلَيْهِ، وَهِيَ أَوْصَافٌ وَبِشَارَاتٌ تَلَقَّاهَا أَهْلُ تِلْكَ الأَدْيَانِ، نَقْلًا عَنْ رُهْبَانِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ وَكَهَنَتِهِمْ، قَبْلَ وِلَادَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُرُونٍ كَثِيْرَةٍ.

 

فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا جَحَدُوا ذَلِكَ وَكَفَرُوا كَمَا ذَكَرَ اللهُ عَنْهُمْ؛ قَالَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89].

 

وَمِمَّا جَاءَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ - أَيُّهَا النَّاسُ - مَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقٍ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ»[1]، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ، قَالُوا: إنَّ مِمَّا دَعَانَا إلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى وَهَدَاهُ لَنَا، لَمَا كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ رِجَالِ يَهُودَ، كُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ أَصْحَابَ أَوَثَانٍ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ، عِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ لَنَا، وَكَانَتْ لَا تَزَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ شُرُورٌ، فَإِذَا نِلْنَا مِنْهُمْ بَعْضَ مَا يَكْرَهُونَ، قَالُوا لَنَا: إنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ الْآنَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمٍ فَكُنَّا كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ.

 

فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَبْنَاهُ، حِينَ دَعَانَا إلَى اللهِ تَعَالَى، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَعَّدُونَنَا بِهِ، فَبَادَرْنَاهُمْ إلَيْهِ، فَآمَنَّا بِهِ، وَكَفَرُوا بِهِ، فَفِينَا وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 89].

 

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقٍ، بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ»[2]، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ - قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَسِيرٍ فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا عَلَيَّ بُرْدَةٌ مُضْطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَقَالَ: ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوْثَانٍ لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ.

 

فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ تَرَى هَذَا كَائِنًا إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوَدَّ أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي الدُّنْيَا يُحَمُّونَهُ، ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا، قَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ، قَالَ: نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ، قَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ، قَالَ: سَلَمَةُ فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا: وَيْلَكَ يَا فُلَانُ أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ قَالَ بَلَى وَلَيْسَ بِهِ».

 

وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقٍ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ السِّيْرَةِ»[3]، عَنْ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَ لِي: هَلْ تَدْرِي عَمَّ كَانَ إسْلَامُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْيَةَ وَأَسِيدِ بْنِ سَعْيَةَ وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ؟ نَفَرٍ مِنْ بَنِي هَدْلٍ، إخْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ ثُمَّ كَانُوا سَادَتَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ.

 

قَالَ: قُلْتُ: لَا [وَاَللَّهِ] قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ يَهُودَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ: ابْنُ الْهَيْبَانِ، قَدِمَ عَلَيْنَا قُبَيْلَ الْإِسْلَامِ بِسِنِينَ، فَحَلَّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، لَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطْ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَفَضْلَ مِنْهُ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا فَكُنَّا إذَا قَحِطَ عَنَّا الْمَطَرُ قُلْنَا لَهُ: اُخْرُجْ يَا ابْنَ الْهَيْبَانِ فَاسْتَسْقِ لَنَا. فَيَقُولُ: لَا وَاَللَّهِ حَتَّى تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ مَخْرَجِكُمْ صَدَقَةً.

 

فَنَقُولُ لَهُ: كَمْ؟ فَيَقُولُ: صَاعًا مِنْ تَمْرٍ: أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ، قَالَ: فَنُخْرِجُهَا ثُمَّ يَخْرُجُ بِنَا إلَى ظَاهِرِ حَرَّتِنَا فَيَسْتَسْقِي اللهُ لَنَا، فَوَاَللَّهِ مَا يَبْرَحُ مَجْلِسَهُ حَتَّى يَمُرَّ السَّحَابُ وَنُسْقَى، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ، قَالَ: ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ عِنْدَنَا، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَيِّتٌ، قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ؟ قَالَ: قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ.

 

قَالَ: فَإِنِّي إنَّمَا قَدِمْتُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ أتَوَكَّفُ خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ؛ وَهَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهَاجَرُهُ، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعَثَ فَأَتَّبِعَهُ، وَقَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ، فَلَا تُسْبَقُنَّ إلَيْهِ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ خَالَفَهُ، فَلَا يَمْنَعْكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ.

 

فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ، وَكَانُوا شَبَابًا أَحْدَاثًا: يَا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَاَللَّهِ إنَّهُ لِلنَّبِيِّ الَّذِي كَانَ عَهِدَ إلَيْكُمْ فِيهِ ابْنُ الْهَيْبَانِ ؛ قَالُوا: لَيْسَ بِهِ.

 

قَالُوا: بَلَى وَاَللَّهِ، إنَّهُ لَهُوَ بِصِفَّتِهِ، فَنَزَلُوا وَأَسْلَمُوا، وَأَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ.

 

وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَّ جَمِيْعَ ا لأَنْبِيَاءِ بَشَّرُوا بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ، وَأَنَّ عُلَمَاءِ أَهْلِ الكِتَابِ الَّذِيْنَ وَرِثُوا العِلْمَ عَنْ أَنْبِيَائِهِمْ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ.

 

لَكِنَّ الهِدَايَةَ مِنَ اللهِ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ.

 

وَقَدْ قَالَ اللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129]، وَأَسْتَغْفِرُ اللهُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

شَهَادَةُ عَالِمِ اليَهُودِ وَسَيِّدِهِمْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَام - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -

 

الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ المُرْسَلِيْنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَتَقَدَّمُ الحَدِيْثُ مَعَكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - عَنْ « بِشَارَةُ الأَنْبِيَاءِ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وَالآنَ حَدِيْثِي مَعَكُمْ عَنْ « شَهَادَةُ عَالِمِ اليَهُودِ وَسَيِّدِهَا عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَام - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ».

 

أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ مِنَّا يَجْهَلُ حَالَ اليَهُودِ وَعَدَاوَتَهُمْ الشَّدِيْدَةِ لِأُمَّةِ الإِسْلَامِ، وَلِنَبِيِّ الإِسْلَامِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَقَدْ قَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة: 82].

 

وَلِشِدَّةِ عَدَاوَتِهِمْ وَحِقْدِهِمْ وَحَسَدِهِمْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ إِلَّا القَلِيْلُ يُعَدُونَ بِالأَصَابِعِ.

 

وَفِي «الصَّحِيْحَيْنِ»[4]، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَة َ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ، لآمَنَ بِي الْيَهُودُ».


وَفِي رِوَايَةَ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ تَابَعَنِي عَشَرَةٌ مِنْ الْيَهُودِ، لَمْ يَبْقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِيٌّ إِلَّا أَسْلَمَ».


فَاليَهُودُ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَهْلُ عِنَادٍ وَمُكَابَرَةٍ وَهُمُ المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْصِدُ فِي هَذَا الحَدِيْثِ اليَهُودِ الَّذِيْنَ حَوْلَهُ فِي المَدِيْنَةِ، قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمُ الَّذِينَ كَانُوا حِينَئِذٍ رُؤَسَاءَ فِي الْيَهُودِ وَمَنْ عَدَاهُمْ كَانَ تَبَعًا لَهُمْ، فَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ كَعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ وَكَانَ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالرِّيَاسَةِ فِي الْيَهُودِ عِنْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »[5].

 

وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ - أَيُّهَا النَّاسُ - صَحَابِيٌّ جَلِيْلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيْلَ، بَلْ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ يُوسَفَ الصِّدِّيْقَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَانَ يَهُودِيًّا مِنْ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، فَأَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا فَأَسْلَمَ.

 

قَالَ عَنْهُ الذَّهَبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «السِّيَرِ» [6]: « الْإِمَامُ الْحَبْرُ، الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْجَنَّةِ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ، مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمَ مَقْدِمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المَدِيْنَةِ، وَلْنَدَعَهُ - أَيُّهَا النَّاسُ - يُحَدِّثُنَا عَنْ قِصَّتِهِ.

 

فَفِي «سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ» بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي «الصَّحِيْحَةِ»[7]، عَنْ عَوْفٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( ثَلَاثًا)، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ.

 

- أَيُّهَا النَّاسُ - إِنَّهُ بَعْدَ أَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذَّابٍ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ أَشْيَاءَ لاَ يَعْرِفُهَا إِلَّا نَبِيٌّ.

 

فَفِي «صَحِيْحِ البُخَارِيُّ»[8]، مِنْ حَدِيْثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ:

فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟.

وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟.

وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟.

قَالَ: أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا.

قَالَ: جِبْرِيلُ.

قَالَ: نَعَمْ.

 

قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْآيَةَ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 97].

 

أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ.

 

قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِي.

 

فَجَاءَتْ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللهِ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ؟.

 

فَقَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَانْتَقَصُوهُ.

 

قَالَ: فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ وَفِي «رِوَايَةَ لِلبُخَارِيِّ»[9]، جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ، وَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وَأَعْلَمُهُمْ وَابْنُ أَعْلَمِهِمْ، فَادْعُهُمْ فَاسْأَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فِيَّ مَا لَيْسَ فِيَّ.

 

فَأَرْسَلَ نَبِيُّ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلُوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ وَيْلَكُمْ، اتَّقُوا اللهَ فَوَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ حَقًّا، وَأَنِّي جِئْتُكُمْ بِحَقٍّ فَأَسْلِمُوا، قَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ.

 

قَالَ: فَأَيُّ رَجُلٍ فِيكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ؟ قَالُوا: ذَاكَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، وَأَعْلَمُنَا وَابْنُ أَعْلَمِنَا، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ؟ قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ، قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ، قَالَ: أَفَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ، قَالُوا: حَاشَى لِلَّهِ مَا كَانَ لِيُسْلِمَ.

 

قَالَ يَا ابْنَ سَلَامٍ: اخْرُجْ عَلَيْهِمْ، فَخَرَجَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ اتَّقُوا اللهَ، فَوَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّهُ جَاءَ بِحَقٍّ، فَقَالُوا: كَذَبْتَ فَأَخْرَجَهُمْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

 

وَفِيْهِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 10].

 

اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ العَافِيَة فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةِ فِي دِيْنِنَا وَدُنْيَانَا وَأَهْلِنَا وَمَالِنَا، اللهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا.

 

اللهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَاتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ.

 

وَسُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.



[1] (صَحِيْحٌ) «سِيْـرَةُ ابْن هِشَامٍ » (1/ 225)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (57) .

[2] (صَحِيْحٌ) «سِيْـرَةُ ابْن هِشَامٍ» (1/ 225-226)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (59) .

[3] (صَحِيْحٌ) «سِيْـرَةُ ابْ هِشَامٍ» (1/ 226-228)، وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي «صَحِيْحِ السِّيْـرَةِ» (60).

[4] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3725) ، وَمُسْلِمٌ (2793).

[5] «فَتْحُ البَارِيِّ » (7/ 275).

[6] «السِّيَرُ » (3/ 413).

[7](صَحِيْحٌ)أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيِّ(2485)،وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ-رَحِمَهُ اللهُ-فِي«الصَّحِيْحَةِ»(569).

[8] رَوَاهُ البُخَارِيُّ (4210).

[9] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ( 3911).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لماذا نذكر إبراهيم عليه السلام في التشهد عن دون الأنبياء؟
  • من مآلات القول بجواز الاستغاثة بالأموات من الأنبياء والأولياء
  • عبودية حواريي الأنبياء وأصحابهم
  • الأنبياء قبل النبوة (خطبة)
  • ما جاء في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه
  • حق الأنبياء علينا
  • نوادر الفقهاء في مدح سيد الشفعاء

مختارات من الشبكة

  • بشارة أولي الفهم بنظم زغل العلم للإمام محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بشارة القرآن لأهل التوحيد (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • هل من خصائص النبي محمد عليه الصلاة والسلام أنه لا يورث دون غيره من الأنبياء؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طامع في مال قريش إلى مؤمن ببشارة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عصمة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ما ورد من استغفار الأنبياء عليهم السلام في القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قصص الأنبياء (3)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قصص الأنبياء (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من قصص الأنبياء (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 28/3/1447هـ - الساعة: 9:41
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب