• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: خيركم قرني ثم الذين ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    خطبة عن أبي هريرة
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    الوصية بإتباع السيئة بالحسنة
    السيد مراد سلامة
  •  
    رحمة وشفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته
    السيد مراد سلامة
  •  
    سجود جميع الكائنات لله وخضوعها لسلطانه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شروط صحة الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    الفاتحة وتوحيد الربوبية
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    { أحل لكم ليلة الصيام }
    د. خالد النجار
  •  
    من آداب الصيام: الدعاء عند رؤية الهلال وتجديد ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    المستحقون للزكاة وأحكام زكاة الفطر (خطبة)
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    أثر المعاصي في الصيام
    عادل علي قاسم
  •  
    صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان بأصحابه ...
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    معجزة النور
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصيام
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    لماذا خلقنا الله؟ (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    حكم اختلاف مطالع الهلال في الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر

خاتم النبيين (34) أحداث وقعت بعد غزوة خيبر
الشيخ خالد بن علي الجريش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/2/2023 ميلادي - 17/7/1444 هجري

الزيارات: 523

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خاتم النبيين (34)

أحداث وقعت بعد غزوة خيبر


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأُصلِّي وأسلِّم على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه ومن تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين.


أيها الأكارم، مرحبًا بكم في برنامجكم خاتم النبيين، وقد أسلفنا في الحلقة الماضية الحالة الشديدة من الجوع والجهد الذي أصاب المسلمين في غزوة خيبر، وأيضًا ذكرنا كيف وفَّقَهم الله تعالى للنصر مع تلك الحال، وذكرنا أيضًا كيف فتحوا تلك الحصون لليهود على شِدَّتها، وذكرنا أيضًا كذلك قدوم مهاجري الحبشة على النبي عليه الصلاة والسلام في خيبر، وأيضًا ذكرنا كيف فرح النبي صلى الله عليه وسلم بقدومِهم مع انتصاره على أعدائه، وذكرنا كذلك الأحداث التي حصلت في رجوعهم إلى المدينة، ثم ختمنا الحلقة بالدروس والعِبَر المستفادة منها، ونزدلف أيها الكِرام في حلقتنا هذه إلى أحداث كانت بعد خيبر، ومنها غزوة ذات الرقاع، وهذه الغزوة اختُلِف في تاريخها؛ فقال بعضهم: هي في الرابعة من الهجرة، وقال آخرون: هي في الخامسة، والصحيح الذي عليه أكثرُ أهل العلم أنها في السابعة بعد خيبر، كما ذكر ذلك في صحيح البخاري، وأيضًا كذلك ذكره ابن كثير وابن القيم وغيرهما، وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن جموعًا من اليهود قد أجمعوا على حربه عليه الصلاة والسلام، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة من أصحابه حتى وصل إليهم، فهرب رجالهم على رؤوس الجبال، وبقي النساء، فأخذهن سبيًا، ثم خاف المسلمون أن يُغِيرَ هؤلاء اليهود عليهم، وقد حضرت الصلاة فصلَّى بهم صلاة الخوف، ومكثوا هناك صولات وجولات لمدة خمسة عشر يومًا، ولم يُقتَل بحمد الله أحدٌ من المسلمين، ورجعوا منتصرين بهذا السَّبْي من النساء، وكان مع السَّبْي امرأة وضيئة لرجل من اليهود؛ ففي صحيح البخاري (أن هذا الرجل كان غائبًا فلمَّا رجع بعد انصراف المسلمين بالسَّبْي ومعهم زوجته أقسم أن يَلحَق بالمسلمين فيمسك بزوجته أو يصيبهم بدم وقتل، فخرج يتبع أثرهم، وكان المسلمون قد نزلوا بشعب من الشعاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه؟)) فقال عمار بن ياسر وعباد بن بشر: نحن يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فكونا على فم الشعب))، فخرج الرجلان إلى فم الشعب، فقال عباد لعمار: أي الليل تريد أوَّله أو آخره؟ فقال عمار: آخره، فاضطجع عمَّار فنام أول الليل، وقام عبَّاد رضي الله عنهما يُصلِّي، فوصل الرجل زوج المرأة إلى الشعب، فلمَّا رأى سواد عباد علم أنه حارسُهم، فرماه بسهم فأصابه، فانتزعه عباد من جسده، فرماه الرجل بسهم ثانٍ فانتزعه عباد من جسده، فرماه الرجل بسهم ثالث فانتزعه كذلك عباد، ثم ركع وسجد فأنهى صلاته، وأيقظ عمارًا، فقال: قم، فلمَّا رأى زوجُ المرأة عمارًا قد قام عرَف أن القوم علموا به، فهرب، فقال عمار لعباد: سبحان الله! أفلا أيقظتني أول ما رمى؟ فقال عباد: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها؛ رواه البخاري في صحيحه.


ومن الأحداث التي حدثت بعد خيبر ما ورد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم؛ وهو مرداس بن ناهيك، فلما غشيناه قال الرجل: لا إله إلا الله، فكفَّ عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا المدينة بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ((يا أسامة، أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟))، قلت: يا رسول الله، إنما قالها متعوذًا، فقال عليه الصلاة والسلام: ((فهلا شقَقْتَ عن قلبه حتى تعلم أنه إنما قالها فَرَقًا من السلاح، كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)) وأخذ يُكرِّرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال أسامة رضي الله عنه: تمنيتُ أنِّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم؛ متفق عليه، وقال أسامة بعد ذلك: أعاهد الله ألا أقاتل أحدًا يشهد أن لا إله إلا الله؛ ولذلك تخلَّف أسامة عن موقعتي الجَمَل وصفِّين، وكان سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه يقول: لا أُقاتِل أحدًا حتى يقاتله أسامة، وفي نهاية السنة السابعة في غرة ذي القعدة أحرم المسلمون لعمرة القضاء، والمراد بالقضاء ليس هو قضاء عمرة الحديبية؛ لأنها لم تكن قد فسدت، فقد حلوا منها بالحلق والنَّحْر؛ لأنهم أحصروا؛ ولكن المراد بالقضاء- وتُسمَّى أيضًا عمرة القضية- هو ما وقع من المقاضاة بين المسلمين والمشركين الذي وقع في الحديبية السنة السادسة، فقد اتفقوا على عدة شروط، ومنها أن يعتمروا من قابل عمرة أخرى وليست بديلةً عن الأولى، فلو قلنا بديلة؛ لكانت الأولى فاسدة؛ ولكنها لم تفسد، فقد فعلوا الواجب عند الإحصار وهو الحلق والنحر؛ فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك العمرة الأخرى ولم يتخلَّف عنه أحد ممن شهد الحديبية إلَّا مَن توفي، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم بألفين سوى النساء والصبيان، وساق النبي صلى الله عليه وسلم معه ستين بدنة، وحمل معه السلاح والرماح والدروع؛ خوفًا من غدر المشركين، فلما وصل إلى ذي الحليفة أحرم ولبَّى ولبَّى معه المسلمون، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة رضي الله عنه أن يتقدَّم بالخيل والسلاح إلى مَرِّ الظهران، وهو مكان بين مكة وعسفان؛ وذلك لاستقبالهم هناك، فلمَّا وصل محمد بن مسلمة إلى مَرِّ الظهران وجد فيها نفرًا من قريش، فسألوا محمد بن مسلمة عن ذلك فقال: إنَّ محمدًا عليه الصلاة والسلام يُصبِّحكم غدًا في هذا المكان، فخرج هؤلاء النفر إلى قريش فأخبروهم، فلمَّا وصل النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ معه إلى مَرِّ الظهران، ومكثوا فيه، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: لو نحرنا من أظهرنا شيئًا وأكلناه لنقدم مكة شباعًا، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمعوا أزوادهم بدل أن ينحروا ظهورهم، فجمعوها فدعا بالبركة فيها فأكلوا وشبعوا، وأخذوا الفضلة معهم، ثم ساروا حتى قربوا من مكة، فبعثت قريش مكرز بن حفص، فقابل النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة بقليل، فحدَّثه عن مجيئه، فعلم مكرز أنه جاء معتمرًا، فرجع إلى قريش، فأخبرهم بذلك، وأنه الشرط المشروط في صلح الحديبية، وقد أشيع في مكة أن أهل المدينة أصابتهم الحُمَّى، فخرج كثيرٌ من أهل مكة إلى الجبال المحيطة بالمسجد الحرام حتى لا تُصيبهم العدوى من تلك الحُمَّى، فلمَّا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالرمل في الطواف؛ وهو الإسراع بالخطى مع تقارُبها، فلمَّا رأى المشركون ذلك النشاط منهم، قال بعضهم لبعض: ليس فيهم من حُمَّى، هؤلاء كأنهم الغزلان، وعند دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة يقول عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه: (سترناه وحرصناه من المشركين وغلمانهم أن يؤذوه، وقد صف المشركون صفوفًا ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يدخل المسجد الحرام مُلبِّيًا ومن معه بقوة ونشاط، فلمَّا اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه جلسوا ثلاثة أيام، فلمَّا انقضت الثلاثة أيام جاءت قريش إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقالوا: أخرج عنا صاحبك فقد مضى الأجل الذي بيننا وبينه، فذكر عليٌّ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((نعم)) فخرج)؛ رواه البخاري.


وهكذا أتمَّ الله تعالى لنبيِّه عليه الصلاة والسلام ولأصحابه العمرة، قال ابن هشام: فأنزل الله تعالى قوله: ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 27]، وهو فتح خيبر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في دخوله إلى مكة سأل عن خالد بن الوليد، فقال: ((أين خالد؟)) وكان أخوه الوليد بن الوليد ممَّن اعتمر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب الوليد لأخيه خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عنك، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما مثله جهل الإسلام))، وكان خالد قد خرج من مكة كراهية للنبي صلى الله عليه وسلم والإسلام، فلمَّا اطَّلع خالد على الكِتاب وقَعَ الإسلامُ في قلبِه؛ فأسلم رضي الله عنه قبيل الفتح.


أيها الكرام، في ختام تلك الحلقة أذكر شيئًا من الدروس والعِبَر المستفادة مما سبق، ومنها الدروس التالية:

الدرس الأول: في قصة عباد بن بشر وصلاته أثناء حراسته للصحابة رضي الله عنهم أخذ يصلي، فضُرِب بالسهام فصبر، وأقبل على صلاته، وهذا يعطينا درسًا عظيمًا في المحافظة على روح الصلاة وعلى لُبِّها وهو الخشوع، فهو متلذِّذ من جهة ومُعظِّم لها من جهة أخرى أن يقطعها، فإذا كان هذه حاله في الحرب، فكيف بحاله في السلم؟!


فيا أيها الكرام الأفاضل، هل من عودة حازمة وجازمة في حضور القلب في الصلاة وعدم الاسترسال مع الخواطر والأفكار؟ ولنعلم جميعًا أن الشيطان هو من سيضيع تلك الصلاة في هذه الخواطر، فكن أخي الكريم ذا حزمٍ وعزمٍ في محافظتك على صلاتك، واعلم أنه لا يُكتَب لك إلَّا ما حضر قلبك فيه منها، فهذا المكان الصغير الذي تُصلِّي فيه، والذي لا يتجاوز مترًا في نصف متر، هو ميدان الجهاد بينك وبين الشيطان في الصلاة في المحافظة عليها أو تضييعها، فالحزمَ الحزمَ والعزمَ العزمَ على الاجتهاد في خشوعنا في صلواتنا، وأمَّا في انتقاص الصلاة سيُقال يوم القيامة: ((انظروا هل لعبدي من تطوُّع؟)) فعليك بالإكثار منها لعلها تكون مُتمِّمة، وكلٌّ أعلم بحاله في صلاته.


الدرس الثاني: في قتل أسامة بن زيد رضي الله عنه للرجل الذي قال: "لا إله إلا الله" عاتبه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يُعطينا قاعدةً عظيمةً اجتماعيةً وشرعيةً ونفسيةً وتربويةً، وهي أنك تتعامل مع الناس حسب ظواهرهم، وتترك البواطن إلى الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أشققت عن قلبه؟)) فلو أن الناس تعاملوا بتلك القاعدة، لزال كثير من المشاكل بأنواعها، وإنَّما الواقع عند البعض- وربما أنهم قلة ولله الحمد- أنهم يظنُّون ظنونًا أخرى بالآخرين، والله عز وجل يقول: ﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12] فسلموا رحمكم الله صدوركم ولا تُنقِّبوا عن البواطن؛ فذلك أزكى لكم وأربح وأنجح، أمَّا من تابَعَ الظنون السيئة فهو المتضرِّر الأول سلوكًا وسوءًا، فالأخذ بالظواهر هو الأيْسَر في الأفعال والأقوال، وأيضًا في سلامة الصدور ونقاء القلوب، وليس لذلك توابُع سيئة، أمَّا من كان غير ذلك فهو من سوء إلى سوء ولن تنتهي مشاكِلُه عند حدٍّ؛ بل هي تتكاثر وتتفرَّع.


الدرس الثالث: في قصة قتل أسامة لهذا الرجل حصل ذلك التأثُّر الكبير من أسامة رضي الله عنه، فعندما كرَّر عليه النبي صلى الله عليه وسلم: ((أشقَقْتَ عن قلبه؟)) تأثَّر رضي الله عنه وأرضاه، ونحن في هذه القرون المتأخِّرة ها هي سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم نقرؤها ونسمعها، فهل المخالفون لها يتأثَّرون كما تأثَّر أسامة؟ فهي تُقرأ عليهم وهم يقرؤونها، فالمُسبِل لثوبه مثلًا يقرأ ويسمع قول النبي عليه الصلاة والسلام ((ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار))؛ رواه البخاري، وأيضًا كذلك النمَّام يسمع ويقرأ قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((لا يدخل الجنَّةَ نمَّام))، وأيضًا كذلك التارك لصلاته يقرأ قول النبي عليه الصلاة والسلام: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاةُ، فمَنْ تَرَكَها كَفَر))، وهكذا جميع المنهيات، فلنتأثَّر عند المخالفة أسوةً بهؤلاء الصَّحْب الكِرام حتى تمنَّى أسامة رضي الله عنه أنه لم يسلم إلَّا اليوم، وإن هذا التأثُّر له أثره الإيجابي على السلوك، وإيَّاك أخي الكريم واستدامة المعصية أيًّا كانت، فهي سبب لملء كِفَّة السيئات، وربَّما حصل في القلب الران؛ وهو تتابُع الذنوب على القلب، واعلم أن السيئة تجُرُّ أختها كما الطاعة تجُرُّ أختها، فلنحذر من سيئات أعمالنا، ولنعمل أيضًا على تكفيرها ومحوها.


الدرس الرابع: فيه بركة النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه؛ حيث جمعوا ما تبقَّى من طعامهم، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة فيه، فأكلوا وشبعوا، وبقي شيء كثير، وإن كان ذلك استجابة من الله تبارك وتعالى لدعاء نبيِّه عليه الصلاة والسلام، وبركة في هذا النبي الكريم، فنقول أيضًا: ممَّا يساهم في بركة الطعام أن يجتمع الناس عليه؛ ولذلك لما سأل بعضُ الصحابةِ النبي صلى الله عليه وسلم إنهم يأكلون ولا يشبعون، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لعلَّكم تتفرَّقون))، فقالوا: نعم، فأمرهم بالاجتماع، فإن الاجتماع على الطعام سببٌ ايجابيٌّ في كفايته لهم بإذن الله تعالى وحلول البركة فيه.


الدرس الخامس: لقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن خالد بن الوليد في عمرة القضاء، وكان ذلك قبل إسلامه رضي الله عنه، وكان خالد قد خرج من الحرم كراهيةً للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلمَّا سمع الوليد ذلك وهو أخ لخالد سمع ذلك السؤال فبلَّغَه أخاه خالدًا، فكان ذلك سببًا في إسلام خالد، فكم هو جميل أننا في مناسباتنا نسأل عن الغائب ونطمئنُّ عليه، فإن هذا السؤال سيبلغه وسيزيد من الأُلْفة بيننا خصوصًا إذا رافق ذلك السؤال إرسال السلام أو المهاتفة ونحو ذلك، فهو نور على نور، وسلوك يوجب التآلف والتكاتُف، ومثل ذلك إذا ذكر فلان في المجلس فلنذكر إيجابيَّاته، فإن هذا سيبلغه فتزيد الأُلْفة والمحبَّة، وهذه سلوكيات طيبة يدعو إليها الإسلام وهي من محاسنه.


الدرس السادس: إذا وصل المعتمر إلى مكة فإن الأفضل له أن يبدأ بالعمرة مباشرةً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا يُؤجِّلها؛ لكن إن كان متعبًا وقد لا يؤدي العمرة بارتياح وطُمَأْنينة، فله تأجيلها إلى الغد، ويبقى على إحرامه، وسبب ذلك؛ لأن النظر إلى ذات العبادة أفضل من النظر إلى زمانها ومكانها، ومثال ذلك صلاة النافلة في البيت أفضل من صلاتها في المسجد من حيث المكان؛ لكن إن كان يحصل على المصلي بصلاته لها في البيت انشغالٌ وذهولٌ بينما في المسجد أخشع، فصلاتُه لها في المسجد أفضلُ، وهكذا باقي النوافل، أمَّا الفرائض المحدَّدة بوقت معين فلا تُؤخَّر عن وقتها ويُؤدِّيها المسلم حسب قدرته وطاقته، وهذا كله من أجل أن تُؤدَّى العبادة بخشوع وطُمَأْنينة وحضور قلب.


الدرس السابع: في قتل أسامة للرجل الذي قال: "لا إله إلا الله" عاتبه النبي صلى الله عليه وسلم عتابًا شديدًا، وتأثَّر أسامة أيضًا رضي الله عنه تأثُّرًا بالغًا وهو يظنُّ أن هذا الرجل غير مسلم، فكيف بمَن يقتل المسلم عمدًا، أو رُبَّما حصل شجار وخصام ثم تماسُك بالأيدي؛ فأغوى الشيطان أحدهما على قتل صاحبه بضربة يظنُّ أنَّها لا تقتله؛ لكنها قتلته، فإن كان العتاب على فعل أسامة وهو في الجهاد، فكيف بهذا الفعل في إغواء الشيطان بخصومة ربما على أشياء تافهة لا تستحق الذكر، فيا ليتنا جميعًا قبل أن نفعل أو نقول شيئًا نتفكَّر في العواقب والمآلات، فإنها قد تكون وخيمةً وشديدةً على أشياء يسيرة يندم صاحبها أشد الندم؛ فلنحذر ذلك أشد الحذر، فإن الخصومة والشجار قد يبدآن صغيرين ثم يكبران وينموان من كلا الطرفين، والشيطان يؤزُّهم أزًّا، ثم يقع ما لا تُحمَد عُقْباه.


فيا أخي الكريم، كُنْ عاقِلًا حكيمًا حتى في خصومتك، واستعذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، فإنَّه أصلح وأفلح لك في دُنْياك وأُخْراك، وما أجملَ الحكمةَ والعقل حتى في الخصومة! وما أجمل أيها الأخوة في أفعالنا وأقوالنا أن ننظر إلى مآلات الأمور! لا نستحضر اللحظة الحاضرة التي نعيشها الآن، وإنما ننظر ونتأمَّل ونتفكَّر فيما هو قادم، وفي نهايات الأشياء، فإن الأشياء قد تكون في لحظتها الحاضرة أمرًا سهلًا؛ لكنها في مآلاتها وعواقبها شيء شديد، فلنكن أيها الكرام على مستوى التفاعُل والحكمة مع هذه السيرة النبوية مقتبسين منها ما يفيدنا قولًا وفعلًا تربيةً لأولادنا وذلك بقراءتها والاطِّلاع عليها والمناقشة فيها، وأيضًا كذلك سماع كلام أهل العلم فيها، فإن هذا أيها الأخوة يُؤصِّل عندنا قاعدةً عظيمةً؛ وهي أن نتعامل مع أنفسنا ومع غيرنا سواء من الأقربين أو الأبعدين أن نتعامل حسب ما تُمْليه علينا تلك السيرة العَطِرة لا على ما تُمليه أهواؤنا ونفوسنا، فإن نفوسنا قد تُخْطئ وتُصيب، أمَّا هذه السيرة فهي سيرة المعصوم عليه الصلاة والسلام، وهو قدوتنا، والله عز وجل يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]، اللهُمَّ إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة لنا ولجميع المسلمين، اللهُمَّ أوصلنا السلام بسلام، ووفِّقْنا لهُداك، واجعل عملنا في رِضاك، وصلَّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • خاتم النبيين (28)
  • خاتم النبيين (29)
  • خاتم النبيين (30)
  • خاتم النبيين (31): كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والزعماء
  • خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة
  • خاتم النبيين (33)
  • خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة
  • خاتم النبيين (36) أحداث غزوة مؤتة
  • خاتم النبيين (37)
  • خاتم النبيين (38)
  • خاتم النبيين (39)
  • خاتم النبيين (40)

مختارات من الشبكة

  • اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بكونه خاتم النبيين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (2)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • مقتطفات من سيرة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المرسلين (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خاتم النبيين (لا نبي بين محمد وعيسى عليهما الصلاة والسلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (42) أحداث السنة التاسعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (17) الأحداث بين بدر وأحد، وعددها 15 حدثا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (19) تكميل لأحداث غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (22) بعض الأحداث بين أحد والخندق (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (21) بعض الأحداث بين أحد والخندق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (20) بعض الحكم والأحكام في أحد مع استكمال بعض أحداثها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • على خطى أندية إنجليزية: برايتون يقيم إفطارا جماعيا بشهر رمضان
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 4/9/1444هـ - الساعة: 14:0
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب