• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إدمان السفر
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من درر العلامة ابن القيم عن اللذات
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    نصيحتي لكم: خلاصة ما علمتني التجارب
    بدر شاشا
  •  
    تفسير سورة التكاثر
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تخريج حديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الشتاء وميادين العبادة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    الله الله في إسلامكم (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    الحديث السادس عشر: تحريم سب الأموات
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    حقوق المطلقات
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    بيان حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على العمل بكل ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    أقسام القلوب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    وقفات تربوية مع سورة الفلق
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    سر الإلحاح في الدعاء
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    صفة الرحمة
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    حديث: المطلقة ثلاثا: ليس لها سكنى ولا نفقة
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

خطبة: { ولا يغتب بعضكم بعضا }

خطبة: { ولا يغتب بعضكم بعضا }
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/1/2023 ميلادي - 2/7/1444 هجري

الزيارات: 11595

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]

 

الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه.. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا الأحزاب ﴾ [الأحزاب: 70].

 

معاشر المؤمنين الكرام: الكلمةُ عنوان المرءِ، ودلالة على أصله وعقلِه، وعجيبة هي الكلمة: إذ أنها ترتقي حتى تكون أفضل الأعمال.. ففي الحديث الصحيح: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم.. وفي آخره قال: "ذكر الله".. وتسفل حتى تكون شرَّ الأعمال، ففي الحديث الصحيح: "قال كلمةً أوبقت دنياه وأخراه".. وفي الحديث الآخر: " إنَّ الرجلَ لَيتكلَّمُ بالكلمةِ لا يرى بها بأسًا يهوي بها سبعين خريفًا".. فالكلمة عمارٌ أو دمار.. رحمةٌ أو نقمة.. مغنمٌ أو مغرم.. هكذا أيها الكرام: كلمةٌ طيبة، وأخرى خبيثة، وما بينهما أبعدُ ما بين المشرق والمغرب.. تأمل: ﴿ أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ﴾ [إبراهيم: 24-26].

 

عجيبة هي الكلمة: فكلمةٌ تبني وكلمةٌ تهدم.. كلمةٌ تجمع وكلمةٌ تفرق.. كلمةٌ تُصلح وكلمةٌ تفسد.. كلمةٌ ترفع صاحبها وأخرى تخفضه.. فاحفظ لسانك أيها الانسان.. لا يلدغنك إنه ثعبان.. فالكلمةُ إذا نُطِقت، كالرصاصة إذا انطلقت، لا يمكن إرجاعها ولا التَّحكم بها.. وإنما تكمن سلامة الانسان في ضبط اللسان.. لسان العاقل من وراء عقله، يحكمه ويتحكَّم فيه، وعقل الأحمق من وراء لسانه، يتكلم بلا زمامٍ ولا خطام.. في الحديث المتفق عليه، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخرِ فليقل خيرًا أو ليصمُت) وفي صحيح البخاري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ).. قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: يا نبيَّ اللهِ وإنَّا لمُآخذونَ بما نتكلَّمُ بهِ فقال عليه الصلاة والسلام: "ثَكِلَتْكَ أمُّكَ يا معاذُ وهل يُكِبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجوهِهم أو قالَ: على مَناخِرِهم إلَّا حَصائِدُ ألْسِنتِهم".

 

أيها الأحبة الكرام: آفاتُ اللسان كثيرةٌ، وعواقبها خطيرة، لكن أخطرها وأشنَعها الاستطالة في أعراض المؤمنين بغير حقٍّ، ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "الرِّبا اثَنانِ وسبعونَ بابًا، أَدْناها مثلُ إِتْيانِ الرجلِ أُمَّهُ، وإِنَّ أَرْبَى الرِّبا اسْتِطَالَةُ الرجلِ في عِرْضِ أَخِيهِ"، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 58].. وفي صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ، والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ ما نَهَى اللَّهُ عنْه".. وفي صحيح الامام مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟) قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ ولا مَتَاعَ، فَقَالَ: (إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وصِيَامٍ وزَكَاةٍ ويَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا‏، ‏وَقَذَفَ ‏هَذَا، وأَكَلَ مَالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وضَرَبَ هَذَا؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ ‏يُقْضَى مَا عَلَيْه، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ).

 

ومع الأسف يا عباد الله: فالغَيبَة وَالنَّمِيمَة أمست فَاكِهَةُ أغلبِ المَجَالِسِ وَاللِّقَاءَاتِ، وَمرتعُ الأَلسُنِ في أَكثَرِ الاتِّصَالاتِ وَالمُكَالَمَاتِ، يُحَرِّكُ الشَّيطَانُ إِلَيهَا الألسن تَحرِيكًا، وَيَؤُزُّ النُّفُوسَ نحوهَا أَزًّا، ولذا فقد حذَّر منها القرآن تحذيراً عجيباً، فقَالَ جَلَّ وَعَلا محذراً وزاجرا: ﴿ وَلا يَغتَبْ بَعضُكُم بَعضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُم أَن يَأكُلَ لَحمَ أَخِيهِ مَيتًا فَكَرِهتُمُوهُ ﴾ [الحجرات: 12]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، وفي الحديث المتفق عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنّة نمّام)، وفي البخاري ومسلم، أنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: "إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ".. وَفي الحديث الحسن، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعشَرَ مَن آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلم يَدخُلِ الإِيمَانُ قَلبَهُ، لا تَغتَابُوا المُسلِمِينَ وَلا تَتَّبِعُوا عَورَاتِهِم، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَورَاتِهِم يَتَّبِعِ اللهُ عَورَتَهُ، وَمَن يَتَّبِعِ اللهُ عَورَتَهُ يَفضَحْهُ في بَيتِه".. فالغيبة والنميمة آفةٌ خطيرة، ومصيبةٌ كبيرة، ففي صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: "لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرتُ بِقَومٍ لَهُم أَظفَارٌ مِن نُحَاسٍ يَخمِشُونَ وُجُوهَهُم وَصُدُورَهُم، فَقُلتُ: "مَن هَؤُلاءِ يَا جِبرِيل" قَالَ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ في أَعرَاضِهِم"... وقد عرفها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بقوله: "أَتَدرُونَ مَا الغِيبَةُ؟! " قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ، قَالَ: "ذِكرُكَ أَخَاكَ بما يَكرَهُ" قِيلَ: أَرَأَيتَ إِن كَانَ في أَخي مَا أَقُولُ، قَالَ: "إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغتَبتَهُ، وَإِن لم يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَد بَهَتَّهُ".. وهي تشملُ كلَّ ما يُفهمُ منه الذم، سواء أكانت بالكلام، أو بغيره... والغيبة والنميمة فيها هتكٌ للأستار، وإفشاءٌ للأسرار، وخرابٌ للعامر من الديار، تورثُ الضغائن والشحناء، وتولدُ الحقد والبغضاء، وتتلف المودة والصفاء، قال يحيى بن كثير: يفسد النمام في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة.. وقال الامام ابن الجوزي رحمه الله: "كم أفسدت الغيبة من أعمال الصالحين، وكم أحبطت من أجور العاملين، وكم جلبت من سخط رب العالمين.. نعم يا عباد الله: فاللسان حبلٌ مرخيٌ في يد الشيطان، إن لم يُلجمهُ صاحبه بلجام التقوى، فإنه يورده موارد الردى، قال جلَّ وعلا: ﴿ وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 112].. ولقد ‏سمع علي بن الحسين رضي الله عنه رجلاً يغتاب فقال: ‏إياك والغيبة فإنها إدامُ كلاب الناس.. ويقول عمر بن عبدالعزيز رحمه الله: أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم والصلاة، ولكن في الكفِّ عن أعراضِ الناس.. والإمام البخاري رحمه الله يقول: ما اغتبت أحداً منذُ علمتُ أنَّ الغيبةَ حرامٌ.. وجاءَ رجلٌ للحسن البصري فقال له: "بلغني أنك تغتابني، فقال: لم يبلغ قدرك عندي أن أُحكمك في حسناتي".. وحين قيل له أنَ فلانً يغتابك، قال: مرحباً بحسنةٍ لم أعملها، ولم أتعب فيها، ولم يدخلها رياءٌ ولا سمعة".. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].

 

أقول ما تسمعون.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى.

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

 

معاشر المؤمنين الكرام: المسلمُ العاقلُ هو من يحافظُ على أعماله وحسناتهِ، أشدُّ من محافظته على أمواله وممتلكاته.. فيا لها من صدمةٍ كبيرةٍ حين يبحث المسلم عن حسناته يوم القيامة فيجدها في حساب من اغتابه.. ولذا يقول الامام ابن المبارك: "لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديَّ لأنهما أحق بحسناتي".

 

وللسلامة من آفة الغيبة والنميمة وشؤم عاقبتها، فينبغي للمسلم أن يتأدب بآداب القرآن والسنة، فلنتأمل ولنتدبر هذا التوجيه القرآني الحكيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، قال سهل بن عبد الله: من أراد أن يسلم من الغيبة، فليسدَّ على نفسه باب الظنون، فمن سلمَ من الظنِّ سلمَ من التجسسِ، ومن سلمَ من التجسسِ سلمَ من الغيبة، ومن سلمَ من الغيبة سلمَ من الزور، ومن سلمَ من الزور سلمَ من البُهتان.

 

ثم اعلموا يا عباد الله: أنَّ إحسانَ الظنِّ بالمسلمين، والتماسِ المعاذيرِ لهم، من سلامة القلوب، ويقطع الطريق على الشيطان، وعلى ناقل الكلام ومرضى القلوب.. ففي الحديث الحسن: "لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ"... ثم إنَّ ضبطَ اللسانِ من دلائل الإيمان: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمُتْ".. والحديث في البخاري ومسلم.. واسمعوا لهذا الضمانِ العجيب ممن لا ينطقُ الهوى صلى الله عليه وسلم.. يقولُ عليه الصلاة والسلام: "من يَضمَنْ لي ما بين لَحْيَيْهِ وما بين فخذيه، أضمن له الجنة".. وحين سألَ الصحابيُ الجليلُ عقبةُ بن عامرٍ رضي الله عنهُ النبي صلى الله عليه وسلم عن النجاة: قال له: "أَمسِكْ عليك لسانك، ولْيَسَعْكَ بيتُك، وابكِ على خطيئتك" والحديث صححه الألباني.. وكان العقلاء ولا يزالون يقطعون الطريق على المغتابين والنمامين؛ فكان ابن أبي زكريا لا يُذكُر في مجلسه أحدا، يقول: ‏إن ذكرتم الله أَعَنّاكم، وإن ذكرتم الناس تركناكم، وقال ابن المبارك لسفيان ما أبعدَ أبا حنيفةَ من الغيبة، ما سمعتهُ يغتابُ عدوا له قطُّ فقال سفيان: هو والله أعقلُ من أن يُسلّطَ على حسناته مَن يذهبُ بها... فيا أيها المبارك: قف مع نفسك وراقب لسانك، فالصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول: "والله الذي لا إله غيره، ما على ظهر الأرض شيءٌ أحوجَ إلى طولِ سجنٍ من لسان"، وحبرُ الأمة عبدالله ابن عباسٍ رضي الله عنهما، يخاطب لسانه ويقول: "يا لسان، قل خيرًا تغنم، أو اسكت عن شرٍّ تَسلَم".

 

أَلا فاتقوا اللهَ عباد الله وَاعلَمْوا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَارِكُ الغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ قَد فَعَلَ بِنَفسِهِ خَيرًا كثيراً، وسلم مِن أَوزَارٍ كَثِيرَةٍ، وَتنزه عن صِفَاتٍ ذَمِيمَةٍ.. فَإِنَّ الأَرقَى مِن ذلك، والأكمل تَدَيُّنًا وَخُلُقًا، مَن نَصَحَ لإخوانه المسلمين بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن، وَذَبَّ عَن أَعرَاضِ إِخوَانِهِ ودافع عنهم، ففي الحديث الصحيح، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَن رَدَّ عَن عِرضِ أَخِيهِ رَدَّ اللهُ عَن وَجهِهِ النَّارَ يَومَ القِيَامَةِ".

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صل على محمد.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إعداد الخطبة: نصائح وإرشادات
  • خطبة: التأريخ الهجري شعار أمة
  • خطبة: وتحبون المال حبا جما
  • خطبة: فضل بناء المساجد
  • خطبة: تنبيهات حول الطلاق
  • خطبة: الاعتصام بالكتاب والسنة

مختارات من الشبكة

  • الوالدان القدوة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشتاء وميادين العبادة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الله الله في إسلامكم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين حمدين تبدأ الحياة وتنتهي (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع حديث جامع لآفات النفس (خلاصة خطبة جمعة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الاستسقاء (خطبة)(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • العدل في الرضا والغضب (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ليس منا (الجزء الأول)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة بدع ومخالفات في المحرم(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • الـعـفة (خطبة)(مقالة - موقع أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله الحميضي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • متطوعو أورورا المسلمون يتحركون لدعم مئات الأسر عبر مبادرة غذائية خيرية
  • قازان تحتضن أكبر مسابقة دولية للعلوم الإسلامية واللغة العربية في روسيا
  • 215 عاما من التاريخ.. مسجد غمباري النيجيري يعود للحياة بعد ترميم شامل
  • اثنا عشر فريقا يتنافسون في مسابقة القرآن بتتارستان للعام السادس تواليا
  • برنامج تدريبي للأئمة المسلمين في مدينة كارجلي
  • ندوة لأئمة زينيتسا تبحث أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير رسالة الإمام
  • المؤتمر السنوي التاسع للصحة النفسية للمسلمين في أستراليا
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 2/6/1447هـ - الساعة: 16:12
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب