• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    غنى الخالق عن خلقه وافتقار جميع خلقه إليه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    قبسات من أنوار عفوه وصفحه صلى الله عليه وسلم عمن ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    واجبنا قبل رمضان
    الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم
  •  
    دموع الخشية من الله عز وجل
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    حسن الاستعداد لموسم الزاد (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    تفسير: (من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: يا محمد، ألا تخبرني ما الإيمان؟
    الشيخ طارق عاطف حجازي
  •  
    تحويل القبلة: تأملات وعبر
    د. عبدالمحمود يوسف عبدالله
  •  
    يسمونها بغير اسمها
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    جدول أحوال أصحاب الفروض
    علي بن يحيى بن محمد عطيف
  •  
    رفيقك عند تلاوة القرآن (تفاسير مختصرة)
    سالم محمد أحمد
  •  
    خطبة بين يدي رمضان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    أحكام العارية ونوازلها والأدلة والإجماعات الواردة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    المرشد اليسير للتعامل مع التفاسير
    منى بنت سالم باخلعة
  •  
    القرآن سكينة القلوب (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    تفسير قوله تعالى: { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / الكتب السماوية والرسل
علامة باركود

المحبة امتثال لا احتفال (خطبة)

المحبة امتثال لا احتفال (خطبة)
الشيخ عبدالله محمد الطوالة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/10/2022 ميلادي - 17/3/1444 هجري

الزيارات: 3434

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المحبة امتثال لا احتفال

 

الحمدُ للهِ، الحمدُ للهِ الملكِ العزيزِ الجبَّارِ، ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16]، سبحانهُ وبحمده، ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]... وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ لهُ، ﴿ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴾ [ص: 66]، جلَّ جلاله: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ [الأنعام: 103].

 

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، النبيُّ المجتبى المخُتار، هوَ صفوةُ الباريِ وخاتمُ رُسلِهِ.. وأمينُهُ المخصوصُ منهُ بفضلهِ، لا درَّ درُّ الشِعرِ إنْ لمْ أُملِهِ.. في مدحِ أحمدَ لؤلؤًا منثورًا.. صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأطهارِ، وصحابتهِ الأبرارِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ، ما تعاقبَ الليلُ والنهارُ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أمَّا بعدُ: فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، والتزموا سنَّةَ نبيكم صلى الله عليه وسلم تهتدوا، وأخلِصوا لله تعالى نياتِكم تُفلِحوا، وابتعدوا عن المنكرات تسْلموا، واستبِقوا الخيراتِ تغنموا وتربحوا، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].

 

معاشر المؤمنين الكرام: إذا كان لكل أمَّةٍ من الأمم، أمجادٌ ومآثر، تتشرفُ بها وتفاخر، فإن أعظمَ وأجلَّ ما أكرمَ الله به هذه الأمَّةَ المرحومةَ؛ قرآنُها العظيم، ورسولها الكريم صلى الله عليه وسلم: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10]، ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].

 

وإذا كان الحديث عن العظماء يحلو، فكيف بالحديث عن أعظمهم.. محمد بن عبدالله: الذي زكاهُ ربهُ تزكيةً ما عُرِفت لأحدٍ غيرهِ من المخلوقين، فلقد زكَّى اللهُ عقلهُ فقال: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2]، وزكَّى لسانهُ فقال: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]، وزكَّى قلبهُ فقال: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]، وزكَّى بصرهُ فقال: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17]، وزكَّى أخلاقهُ فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وزكَّى شرعهُ فقال: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ﴾، نعتهُ بالرسالة: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 29]، وناداهُ بالنبوة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ ﴾ [الأنفال: 64]، وشرفهُ بالعبودية فقال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء: 1].. فنحنُ أمامَ أعظم رجلٍ في التاريخ قاطبة، ما من صِفة كمالٍ إلا واتّصفَ بها، وما من خِصلةِ خيرٍ إلا وتحلَّى بها.. جمعَ اللهُ فيه من الخصائصِ والفضائلِ والمزايا، ما تفرقَ بين سائرِ الرسل الكرام، عليهم جميعًا أفضل الصلاة وأتم السلام، وشرحَ اللهُ له صدرَهُ، ووضعَ عنهُ وزرَه، ورفعَ له ذكرَه، وأتمَّ له أمرَه، وأعلى في العالمين قدرَه، وقرنَ اسمهُ باسمه، فلا ينقطعانِ لحظةً، أتمَّ عليه نعمته، واسبغَ عليهِ لُطفهُ وهدايته، وأكمَلَ لهُ دِينهُ، وبرّ يمينهُ، وكفاهُ قرينه، وولاّه قبلةً يرضاها.. فهو صَفْوةُ عبادِ الله، وخير خلق الله، وأحب عباد الله إلى الله.

 

محمد بن عبدالله: أزكَى الأنامِ، وبَدرُ التمَامِ، ومِسكُ الخِتامِ، وخَيرُ من صلّى وصامَ، وطاف بالبيت الحرام.. محمد بن عبدالله: أجملُ النّاس خَلْقًا، وأحسنُهم خُلُقًا، وأعزُهم نسبًا، وأعرقُهم حسَبًا، وأشرفُهم مكانةً، وأعلاهم منزلةً.. قال أنسٌ رضي الله عنه: "ما مسستُ حريرًا ولا ديباجًا ألينَ من كفِّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم"... محمد بن عبدالله: أوفرُ الناسِ عقلًا، وأسدُّهم رأيًا، وأصحُهم فِكرةً، وأشجعُهم قلبًا، يصيح في أرض المعركة بأعلى صوته: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبدالمطلب.

 

محمد بن عبدالله: أرفقُ الناس بالمحتاجين، وأعظمُهم رحمةً بالمساكين، وأكرمهم عطاءً، وأسخاهُم يدًا، وأكثرهم جودًا وكرمًا، يُعطِي عطاء من لا يخشى الفقر.

 

محمد بن عبدالله: أعفُّ الناس لسانًا، وأفصحهم بيانًا، وأرحبهم صدرًا، وأوسعُهم حُلمًا، وأسهلهم طباعًا، وأكثرهم تواضعًا، وألينُهم عريكةً، ما خُيِّر بين أمرين إلا اختارَ أيسرهما ما لم يكن إثمًا.

 

محمد بن عبدالله: أعدلُ الناسِ حُكمًا، وأنصفُهُم في الخصومة، يُقسِمُ بالذي نفسُهُ بيده: لو أن بِنتَهُ فاطمةُ سَرقَتْ لقطعَ يدَها.

 

محمد بن عبدالله: أزهدُ الناسِ في الدنيا، وأبعدهم عن زخارفها، لا يُردُّ موجُودًا، ولا يتكلّفُ مفقودًا، ينامُ على الحصير حتى يؤثرَ في جنبه.

 

أظهرَ اللهُ على يديه من المعُجزاتِ ما يُبهرُ العقولَ، فلقَ لهُ القمرَ فلقتينِ، وتكلمت الحيواناتُ بحضرته، وسبَّحَ الطعامُ بين يديه، وسلَّمَ الحجرُ والشجرُ عليه، وتكاثرَ الطعامُ والشرابُ بين كفَّيه، وأخبرَ بالمغيبات، فما زالت تتحققُ في حياته وبعد وفاته.

 

إنه محمدٌ صلى الله عليه وسلم وكفى، الأخشَى لربِّه والأتقَى، والأطهرُ سريرةً والأنقى، والأَحسنُ أخلاقًا والأرقى، أنموذجُ الإنسانيةِ الكاملة، ومُلتقى الأخلاقِ الفاضِلة، بلَّغَ الرسالةَ أحسنَ بلاغٍ، وأدى الأمانةَ أحسنَ أداءٍ، ونصحَ الأمَّةَ أصدقَ نُصحٍ، وجاهدَ في الله حقَّ جهاده.. ومهما قِيلَ، ومهما قُلنا، فسنظلُ جميعًا كأننا لم نّقُلْ شيئًا.. وعلى تفنُنِ واصِفِيهِ بوصْفهِ.. يفْنى الكَلامُ وفيهِ مالم يُوصَفِ.. وصدق حسانُ وأحسنَ أيَّما إحسان: وأجملُ منكَ لمْ ترَ قَطُّ عَينٌ.. وأفضلُ منكَ لم تَلِدِ النساءُ.. خُلِقتَ مبرًّا من كُلِّ عَيبٍ..كأنّكَ قد خُلِقتَ كما تَشاءُ.. وصدَقَ اللهُ: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، وصدق الله: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].

 

أحبتي في الله: ومعَ حُبِّ المسلمينَ الكبيرَ لنبيّهِم، ومع توقيرَهم الشديد لجنابه الكريم، فإنّ عقيدتهَم فيهِ أنهُ بشرٌ، عبدٌ لا يُعبَد، ورسُولٌ لا يُكذَّب، بل يُحبُّ ويُطاعُ ويُتَّبَعُ.. ولقد علَّمَنا ربُّنا موقِعَ نبيّنا منّا، فقال جلَّ وعلا: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، فهو أقربُ إلى قلوبنا من قلوبِنا، وأحبُّ إلى نُفُوسِنَا من نُفُوسِنَا، ولن يَذوقَ المسلمُ حلاوةَ الإيمانِ حتى يكونَ الرسول صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليهِ من ولده ووالدهِ والناسِ أجمعين".. فالقلوبُ مجمِعةٌ على حُبِّه صلى الله عليه وسلم، ولكن الأمر الأهمَّ هو كيف نعبِّرُ عن هذا الحُبِّ، التعبيرَ الصحيح.. تأمَّلوا قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].. فالاتباعُ إذن هو برهانُ المحبةِ، ودليل صحتها.

 

نعم أيها الكرام: حبُّ النبي صلى الله عليه وسلم اتباعٌ لا ابتداع، امتثالٌ لا احتفال، اقتداءٌ لا ادعاء.. حبُّه عليه الصلاة والسلام ليس مناسبةً مؤقتة، بل هي عبادةٌ مستمرةٌ من أجلِّ العبادات، كما أنَّ طاعتهُ ودِقة اتباعهِ هِدايةٌ من أعظمِ الهدايات، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54].. وَإِذَا كُنَّا نُحِبُّهُ حَقًَّا، ونطيعهُ صدقًا، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم حَذَّرَنَا أَنْ نُقَلِّدَ النصارى فِي إطرائهم لنَبِيِّهِمْ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ فقولوا: عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ"، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ)؛ والحديثان في صحيح البخاري.

 

ثم لنكُن يا عباد الله صُرحَاءُ مع أنفُسِنا، ولنتساءل بصدقٍ: هل يكفِي أن نقول أننا نحبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم، دُونَ أن يكُونَ لهذا الكلام واقعٌ حقِيقِيٌ في حياتِنا.. هل يكفي أن نحبُه بألسنتنا، وأن نتغنى بمناقِبهِ، ونشدُو بسيرتِهِ، حتى إذا رجعنا إلى حياتِنا، فإذا نحن في بُيوتِنا، وفي سلوكنِا وفي علاقاتِنا، وفي شكلِنا وفي لباسِنا هيئاتِنا.. وفي كثيرٍ من شؤونِ حياتنِا، لا نلتزِمُ بمبادئه الرفيعة، ولا نمتثلُ أخلاقهُ الكريمة، ولا نقتدي بأفعاله وأقواله القويمة، فأينَ الدليلُ العمَليُ على صدق محبته صلى الله عليه وسلم؟.

 

أو ليست سنَّتهُ قد حفِظت لنا كاملةً غيرَ منقوصة، محققةً صحيحة، فكم منَّا من حَرِصَ على تَعلُّمِ هذهِ السُنةِ كما يريدُ مِنَّا المصطفى صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسُنتي وسُنةُ الخلفاءِ الراشدينِ المهديينِ من بعدي، تمسكوا بها وعَضْوا عليها بالنواجِذ".

 

كم منَّا من قرأ صحيحَ البخاري ومُسلِم ولو لمرةٍ واحدة، بل كم منَّا من قَرأَ مختَصَرَهُمَا، أو حتى مختَصَرَ المخْتَصَر، وكل هذا موجودٌ ومتوفر، وفي المقُابل فكم من سُنةٍ من سُنَن المصطفى صلى الله عليه وسلم، نعلَمُهَا جيدًا، ونعرفها تمامًا، ولكننا لا نُطبِقُها ولا نَعْمَلُ بِها، فَضلًا عن أن نعْلمِهَا لأقرب الناس إلينا.. وإذا فتشتَ عن السبب، وجدت أن أكثرنا مشغولين بمحبوبين آخرين، يُتابعونَهم بإعجابٍ كبير، ويقلِدُونهُم تقلِيدًا أعمى.. فراجع نفسك يا عبدالله.. وتعلم كيفَ تحبُّ رسولَك صلى الله عليه وسلم الحبَّ الصادِقَ الصحيح.. واعلم أنَّ أصدَقَ وسيلَةٍ للتعبير عن حُبِّ المصطفى صلى الله عليه وسلم هيَ تعلُّمُ سُنتِهِ وتطبقيِها، ثم نشرِها والدعوةِ إليها.. والذبِّ عنها والصبرِ فيها؛ فقد جاءَ في الحديث الصحيح: "لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يكونَ هواهُ تبعًا لما جِئتُ به"، وفي محكم التنزيل: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 50].

 

أقول ما تسمعون....

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب.

 

معاشر المؤمنين الكرام: من القواعدِ المقرَّرةِ شرعًا: أن الأصلَ في العباداتِ والمحاكماتِ المنعُ والتوقفُ حتى يأتي الدليل بالسماح.. وأن الأصل في المعاملات والعادات السماح والإباحةَ حتى يأتي الدليلُ بالمنع والتوقف، ومعنى ذلك أنه لا يصِحُ لعبدٍ أن يتعبدَ بعبادةٍ أو يتحاكم بحُكمٍ إلا ولديه دليلٌ شرعيٌ صحيحٌ يُجيز له ذلك، وإلا فعملُه مردودٌ، قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وفي روايةٍ: "من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، متفق عليه، وقال أيضًا: "كُلُّ محدثةٍ بدعةٌ، وكُلُّ بدعةٍ ضلالة، وكُلُّ ضلالةٍ في النار".

 

ونزيد هذا الأمرَ وضوحًا فنقول: أنَّ كُلَّ العباداتِ والمحاكماتِ التي يَقومُ بها المسلمُ قد قرَّرها الشرعُ الحكِيمُ بتفاصِيلها الدقيقة، "صلوا كما رأيتموني أصلي".. "خُذوا عني مناسِككم".. وهكذا سائرُ أبوابِ العبادات والمحاكمات كُلها حظيت بتفصِيلاتٍ دقيقٍة، ولم تترك لمجتهدٍ مجالًا، أمَّا المعاملات والعادات والوسائِل العامة، فكُلها جائزةٌ شرعًا إلا ما نصَّ الدليل على منعه.. الأطعمةُ مثلًا من العادات، الأصلُ فيها السماحُ إلا ما جاءَ الدليلُ بمنعه كالخمر والخنزيرِ ونحوها. اللباسُ أيضًا من العادات فالأصلُ فيه الإباحةُ إلا ما جاءَ الدليلُ بمنعهِ كالذهبِ والحريرِ للرجالِ والتشبهُ بالجنسِ الآخرِ وما هو خاصٌ بالكفار.. وهكذا نقيسُ على كلِّ ما هو ليس بعبادة.

 

وقد أكملَ اللهُ للأمةِ هذا الدين ورضيهُ وأتمَّ به نعمتهُ، ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وروى الطبراني بإسنادٍ صحيحٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما تركت شيئا يقربُكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئًا يُبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه".. فالشرع الحكيم رسمَ للعبادات والتكاليفِ طُرقًا خاصةً بأوجه خاصةٍ، وقيدها زمانًا ومكانًا، هيئةً وعددًا، وأخبر أن الخير فيها والشر في تجاوزها وتعديها، وقال أهل العلم: من زعمَ أن ثمَّةَ طُرقًا أخرى للعبادات، وعَبَدَ اللهَ بمستحسنات العقول، فقد قدحَ في كمال هذا الدين وخالفَ ما جاءَ به المصطفى الأمين، وكأنهُ يستدركُ على الشريعة نقائصَ لم يفطن إليها الشارع، والله جل وعلا يقول: ﴿ بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [الروم: 29].

 

معاشر المؤمنين الكرام: إن على الأمَّة واجبٌ كبيرٌ نحو نبيها العظيم.. يتمثلُ في طاعتهِ واتباعِ هديهِ، فقد أرسلهُ الله تعالى ليطاع ويُتَّبع، فقال سبحانه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [النساء: 64]، بل إنَّ اللهَ حصرَ الهدايةَ في طاعته فقال: ﴿ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54]، وجعلَ الفتنةَ والعذابَ في مخالفة أمرهِ، فقال: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].

 

وحين يقولُ الرسولُ العظيمُ مُحذرًا ومُوصيًا: فإنهُ من يعش مُنكم فسيرى اختلافًا كثيراُ، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدي تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومُحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلُّ بدعةٍ ضلالة”.. فهو صلى الله عليه وسلم لا ينطقُ عن الهوى، فقد وقعَ اختلافٌ كثيرٌ.. فلا بدَّ أن يقابلهُ اجتهادٌ في التمسك بهديه القويم، والعضُ بالنواجذِ على سنَّته الشريفة.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَنًا فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰتٍ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُون ﴾ [فاطر: 8].

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

 

اللهم صل على محمد..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • منزلة المحبة
  • المحبة بين المؤمنين
  • مجتمع المحبة

مختارات من الشبكة

  • أقسام المحبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • من درر العلامة ابن القيم عن المحبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم المحبة في الإسلام وتطبيقاته مقارنة بالأديان والفلسفات المعاصرة: دراسة نقدية (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • وصل الأحبة بأسانيد حديث المحبة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • محبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضل المحبة في الله ومصاحبة الصالحين (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المحبة من شروط لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقيقة المحبة في العقيدة الإسلامية(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • حجب المحبة أو الشقاق بين الزوجين .. سحر(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي
  • إفطار جماعي على أرضية ملعب ستامفورد بريدج
  • 3 دورات للغة العربية والتربية الإسلامية بمدينة أليكانتي الإسبانية
  • بنك الطعام الإسلامي يلبي احتياجات الآلاف بمدينة سوري الكندية
  • متطوعون مسلمون يحضرون 1000 حزمة طعام للمحتاجين في ديترويت

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/8/1444هـ - الساعة: 14:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب