• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها (WORD)
    د. محمود مقاط
  •  
    الفاتحة وتوحيد الألوهية
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    حكم الإكرامية
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    الدعاء في رمضان فضله ومكانته (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحكام صيام رمضان (خطبة)
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطبة: { فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون }
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    هل تريد بيتا في الجنة؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    أركان الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    من سلسلة أحاديث رمضان حديث: خيركم قرني ثم الذين ...
    عصام الدين بن إبراهيم النقيلي
  •  
    خطبة عن أبي هريرة
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    الوصية بإتباع السيئة بالحسنة
    السيد مراد سلامة
  •  
    رحمة وشفقة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته
    السيد مراد سلامة
  •  
    سجود جميع الكائنات لله وخضوعها لسلطانه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    شروط صحة الصيام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    الفاتحة وتوحيد الربوبية
    محمد بن سند الزهراني
  •  
    { أحل لكم ليلة الصيام }
    د. خالد النجار
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: ( مثلكم ومثل أهل الكتابين )

الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: ( مثلكم ومثل أهل الكتابين )
فواز بن علي بن عباس السليماني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2020 ميلادي - 18/3/1442 هجري

الزيارات: 15697

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ)

 

قال المصَنِّفُ: وفي "الصحيحين"[1] عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما[2]، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ غُدْوَةَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ؟ فَعَمِلَتْ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ؟، فَعَمِلَتْ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ عَلَى قِيرَاطَيْنِ فَأَنْتُمْ هُمْ، فَغَضِبَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالُوا: مَا لَنَا أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَقَلَّ عَطَاءً؟ قَالَ: هَلْ نَقَصْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ).


قوله: (وفي "الصحيحين"):

فائدة: في إطلاق اسم الصحيحين على البخاري ومسلم أو اسم الصحيح على أحدهما:

أُطلق على البخاري ومسلم اسم "الصحيحين"؛ لصحتهما، وكذا أطلق اسم "الصحيح" على أحدهما.


وأيضًا لُقِّبا بالصحيحين؛ لتلقي الأمة لهما بالقبول، سوى أحرف يسيرة، انتقدها بعض الحفاظ، كالدار قطني وغيره، والبخاري أصح من مسلم على الصحيح، والله أعلم. انظر: "الباعث الحثيث" (ص4) وغيره.


قوله: (ومثل أهل الكتابين): أهل الكتابين هم اليهود بفِرقهم، والنصارى بفِرقهم.


وقد افترقت اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، ويأتي بسط ذلك في أبواب قادمة. إن شاء الله تعالى. والله أعلم.


هل أمر النصارى باتباع التوراة والإنجيل معًا أم أمروا باتباع الإنجيل فقط؟

قال الله تعالى مخبرًا عن عيسى عليه السلام: ﴿ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ الآيات إلى قوله تعالى: ﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [آل عمران:48 ـ 50].


قال ابن كثير في "تفسيره" (2 /44): التوراة: هو الكتاب الذي أنزله الله على موسى بن عمران.


والإنجيل: الذي أنزله الله على عيسى عليهما السلام، وقد كان عيسى يحفظ هذا وهذا، وقوله: ﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾؛ أي: مقرر لهم ومُثَبِّت.


﴿ وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ فيه دلالة: على أن عيسى نسَخ بعض شريعة التوراة.


قال ابن كثير: وهو الصحيح من القولين.


ومن العلماء من قال: لم يَنسخْ منها شيئًا، وإنما أحَلَّ لهم بعض ما كانوا يتنازعون فيه فأخطؤوا، فكشف لهم عن المغطى في ذلك؛ كما قال في الآية الأخرى: ﴿ وَلأبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ ﴾ [الزخرف:63]، والله أعلم؛ اهـ.


قلت: ومما يتنازع فيه القولان أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾ الآية إلى قوله: ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ الله فِيهِ ﴾ [المائدة: 46، 47].


قال ابن كثير في "تفسيره" (3 /126): يقول تعالى: ﴿ وَقَفَّيْنَا ﴾؛ أي: أتبعنا ﴿ عَلَى آثَارِهِمْ ﴾؛ يعني: أنبياء بني إسرائيل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ ﴿ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾؛ أي: مؤمنًا بها حاكمًا بما فيها.


﴿ وَآتَيْنَاهُ الإنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ ﴾؛ أي: هدى إلى الحق، ونور يستضاء به في إزالة الشُّبهات وحل المشكلات.


﴿ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ﴾؛ أي: متبعًا لها، غير مخالف لما فيها، إلا في القليل مما بين لبني إسرائيل بعض ما كانوا يختلفون فيه؛ كما قال تعالى إخبارًا عن المسيح أنه قال لبني إسرائيل: ﴿ وَلأحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾ [آل عمران: 50]، ولهذا كان المشهور من قوليَ العلماء أن الإنجيل نسخ بَعْضَ أحكام التوراة.


وقوله: ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنْجِيلِ بِمَا أَنزلَ الله فِيهِ ﴾ قُرئ ﴿ وَلْيَحْكُمَ ﴾ ـ بالنصب على أن اللام لام كي ـ أي: وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور؛ ليحكم أهل ملته به في زمانهم.


وقرئ: ﴿ وَلْيَحْكُمْ ﴾ ـ بالجزم واللام لام الأمر ـ أي: ليؤمنوا بجميع ما فيه، وليقيموا ما أمروا به فيه، ومما فيه البشارة ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم والأمر باتباعه وتصديقه إذا وجد؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [المائدة: 68].


وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ ﴾ [الأعراف: 157]؛ اهـ.


قال أبو محمد السليماني حفظه الله: والقولان قويان، والأقرب هو ما رجحه ابن كثير: من أنهم أمروا بالإيمان بالإنجيل، وما لم ينسخ من التوراة مما بينه لهم نبيهم عيسى، والله أعلم.


بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هل أمر اليهود والنصارى باتباع نبينا وما جاء به فقط أم أمروا باتباعه وباتباع أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام وما جاؤوا به جميعًا؟

 

في آيتي المائدة والأعراف المتقدمتان ما يؤكد أن النصارى وجب عليهم العمل بما في الكتابين سوى ما نسخ من التوراة، وبعد نزول القرآن، أمروا أن يعملوا به.


وقال ابن كثير في "تفسيره" (3 /155): يقول تعالى: قل يا محمد: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ ﴾ [المائدة: 68]؛ أي: من الدين.


﴿ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ ﴾؛ أي: حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء، وتعملوا بما فيها ومما فيها الأمر باتباع بمحمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بمبعثه، والاقتداء بشريعته، ولهذا قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد، في قوله: ﴿ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾؛ يعني: القرآن العظيم؛ اهـ.


والخلاصة: هي أنهم ببعثة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن عليه، وجب عليهم الاستسلام التام لِما دلَّا عليه، كما فعل عبدالله بن سلام، وسلمان الفارسي رضي الله عنه وغيرهما من مؤمني أهل الكتاب الذين آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم.


وكان ما فعله هؤلاء هو السير على ما سار عليه الصحابة ومن بعدهم من المسلمين، ولهذا الموضوع تتمة، تأتي في (باب وجوب الاستغناء بالقرآن...) إن شاء الله تعالى  والله أعلم.


قوله: (كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ):

تعريف الأجير:

قال في "المعجم الوسيط" (1/ 14): الأجير: من يعمل بأجر؛ اهـ.

وفي "تكملة المعاجم" (1 /85): الأجير: من يعمل بأجر يومي، أو من يعمل مياومة؛ اهـ.


من المراد بالرجل في قوله صلى الله عليه وسلم: (كمثلٍ رجلٍ استأجر أجراء)؟

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 /563) في السياق حذف تقديره: مثلكم مع نبيكم، ومثل أهل الكتابين مع أنبيائهم، كمثل رجل استأجر.


فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم، والممثَل به الأجراء مع من استأجرهم؛ اهـ.


وقال بعض أهل العلم: الممثَّل به هو الله جل جلاله؛ حيث هو الذي تعبَّد عباده بالعبادات، وهو الذي يعطيهم الأجر، فعبَّر بقوله: (كَمَثَلِ رَجُلٍ)؛ لأن في القرآن تمثيل الحقوق بحق الله جل وعلا وحق عباده، ونحو ذلك بالرجل ومن يعمل عنده؛ كقوله جل وعلا: ﴿ وَضَرَبَ الله مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل:76]، ونحوها من الآيات التي فيها هذا التمثيل.


فالتمثيل تمثيل حال بحال، تمثيل عمل بعمل بما يقرب الأمر إلى سامعه، والله أعلم.


راجع "عمدة القاري" (12 /88)، و"شرح فضل الإسلام"؛ لصالح آل الشيخ عند هذه الفقرة.


قوله: (مِنْ غُدْوَة):

تعريف الغدوة:

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 /563): الغدوة: هي وقت صلاة الفجر؛ اهـ.

قلت: ومعناه: من يعمل لي من صلاة الفجر إلى وسط النهار على أن أعطية قيراطًا، والله أعلم.


قوله: (عَلَى قِيرَاطٍ):

تعريف القيراط والدانق:

قال الحافظ في "الفتح" (4 /563): القيراط: نصف دانق، والدانق: سُدُس درهم؛ اهـ.


قوله: (قَالَ: فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ):

قلت: هذا هو الشاهد من الحديث، فأهل الإسلام يعملون قليلًا ويؤجرون كثيرًا، وقد وضع الله عنهم الآصار وما لا طاقة لهم به، فنحمد لله على أن هدانا للإسلام والسنة، ونسأله الثبات عليهما حتى الممات، والله أعلم.


هل يستفاد من الحديث تحديد المدة الزمنية المحدودة لبقاء هذه الأمة؟

أقول: قد يستفاد ذلك من ظاهر الحديث، وقد لا يستفاد، فقد يراد بالتمثيل: أن نفهم نسبة ما لنا من الأجر، مقابل أجر الأمم السابقة، لا كم عمَّرت تلك الأمم، وكم تُعمَّر هذه.


وهذا الأخير هو الأظهر، وهو ما يفهم من كلام ابن حجر، ويفهم أيضًا من رواية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه التي تقدم ذكرها في تخريج الحديث، والله أعلم، وانظر: "الفتح" لا بن حجر (4 /446).


بعض ما في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن يعمل لي من غدوة إلى وسط النهار؛ الحديث، من الفوائد:

الأولى: فضل الإسلام على غيره من الأديان، وأن المسلم الصادق يُعطى من الأجر ما لا يحصل لأحد من أتباع الأنبياء غير النبي محمد - صلوات الله وسلامه عليهم - أجمعين، مع قلة العمل، وعظم الأجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلام: (فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ)، والله أعلم.


الجمع بين هذا الحديث وبين ما جاء من أن بعض أهل الكتاب يضاعف لهم الأجر؟

أقول وبالله ثقتي وتوفيقي: لا إشكال بين هذا الحديث، وبين قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ * أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا.. ﴾ [القصص: 52 - 54]، وأن المقصود بها من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب.


وقوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين)، ومنهم: (رجلٌ من أهل الكتاب آمن بنبيه ثم آمن بي، فله أجران)، رواه البخاري (97)، ومسلم (154) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.


فعند النظر تجد أن ما حصل لهم من مضاعفة للأجر، إنما هو بسبب إيمانهم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن من لم يؤمن به صلى الله عليه وسلم ولو آمن برسوله، يكون كافرًا بإجماع المسلمين، وقد تواترت أدلة الكتاب والسنة على ذلك، والله أعلم.


الثانية: خيرية هذه الأمة أولها وآخرها على غيرها من الأمم؛ قال الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله ﴾ [آل عمران:110].


قال ابن كثير في "تفسيره" (2 /94)- بعد أن ساق الخلاف: والصحيح أن هذه الآية عامةٌ في جميع الأمة، كل قَرْن بحسبه، وخير قرونهم الذين بُعثَ فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يَلونهم، ثم الذين يلونهم؛ كما قال في الآية الأخرى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ [البقرة: 143] أي: خيارًا.


وروى أحمد (4 /447)، والترمذي (3001)، وابن ماجه (4287)، عن مُعَاوية بن حَيْدَة صلى الله عليه وسلمقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً، أنْتُمْ خَيْرُهَا، وأنْتُمْ أكْرَمُ عَلَى الله عز وجل».


وهو حديث مشهور، حَسَّنه الترمذي، ويروى من حديث معاذ بن جبل، وأبي سعيد نحوه[3].

 

بعض الأسباب التي حصلت بها هذه الأمة على مضاعفة الأجر:

قال ابن كثير عقب كلامه السابق: وإنما حازت هذه الأمة قَصَبَ السَّبْق إلى الخيرات بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه أشرفُ خلق الله وأكرم الرسل على الله، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يُعْطه نبيًّا قبله ولا رسولًا من الرسل، فالعمل على منهاجه وسبيله، يقوم القليلُ منه ما لا يقوم العملُ الكثيرُ من أعمال غيرهم مقامه... إلخ؛ اهـ.


قلت: وقد يقال أيضًا أن من أسباب تعظيم أجر عاملي هذه الأمة، هو قصر أعمارها، والله أعلم.


هل يفهم من هذا الحديث أن صالحي هذه الأمة خير من صالحي غيرها من الأمم جملةً وتفصيلًا؟

أقول وبالله التوفيق: هذا محتمل، وذلك لما تواتر واشتَهر من أن أبا بكر رضي الله عنه خير رجل بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-  وأن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من غيرهم من صحابة الأنبياء الآخرين.


وقد يحمل أيضًا على أن ذلك يراد به الإجمال لا التفصيل، كما يقال: العرب أفضل من العجم جملةً، أما تفصيلًا، فربما كان الأعجمي المسلم يساوي ألف عربي مسلم، والله أعلم.


الثالثة: جواز التفضيل بين العمال، بشرط ألا يُنْقِص حق أحد، ولو مثقال ذرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من يعمل لي من بعد العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين).


ووجه الدلالة هو أن الذين عملوا من غدوة إلى وسط النهار، أعطوا من الأجرة ما اتفق عليه، ورضوا به، وهم أهل له، وهو ما يستحقونه مقابل عملهم، ومثلهم من عمل من وسط النهار إلى العصر، بخلاف الذين عملوا من بعد العصر إلى المغرب، وأُعطوا ضعفي الأجرة، فذلك لما يستحقونه، ولما تفضَّل به عليهم من استعمَلَهُمْ، والله أعلم، وأحكم، وهو اللطيف الخبير، سبحانه وتعالى.


الرابعة: جواز إعطاء العامل زيادة على أجرته؛ لقوله: (ذلك فضلي أوتيه من أشاء).


الخامسة: جواز ضرب الأمثال في أمور الدين، وهذا كثير في الكتاب والسنة.


السادسة: كمال عدل الله، فيمن أطاعه أو عصاه، ومضاعفة الأجر لمن شاء.


السابعة: قال ابن المنذر: في حديث ابن عمر ذكر الإجارة الصحيحة بالأجر المعلوم إلى الوقت المعلوم؛ اهـ من "شرح ابن بطال على صحيح البخاري" (6 /393).


الثامنة: فضيلة الفجر والعصر، وفي القرآن والسنة ما يدل على ذلك، والله أعلم.



[1] انفرد به البخاري (2268) ولم يخرجه مسلم، كما في "تحفة الأشراف" (5 /462)، و(6 /276)، وجاء عن أبي موسى رضي الله عنه أخرجه البخاري (2271)، ولم يخرجه مسلم أيضًا، والله أعلم.

[2] هو عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي، أبو عبدالرحمن، ولد بعد المبعث بيسير، واستصغر يوم أحد وهو ابن أربع عشرة، وهو أحد المكثرين من الصحابة والعبادلة، وكان من أشد الناس اتباعًا للأثر، مات سنة ثلاث وسبعين في آخرها أو أول التي تليها؛ اهـ من "التقريب" (ص315).

[3] وهو في "صحيح الترمذي" (3001)، وفي "الصحيح المسند" (1113).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

مقالات ذات صلة

  • الكلام على قوله تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم )
  • الكلام على قوله تعالى: { قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني.... }
  • الكلام على قوله تعالى: { ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله...}
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة
  • الكلام على قول أبي بن كعب: (عليكم بالسبيل والسنة)
  • الكلام على قول أبي الدرداء: (يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم...إلخ)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدثنا في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (أمتهوكون يا بن الخطاب ...)
  • أحكام خاصة بأهل الكتاب
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (آمركم بخمس الله أمرني بهن...)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: «من فارق الجماعة شبرا، فمات؛ فميتة جاهلية»
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم»
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أنا عليه وأصحابي)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء)
  • الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (أينما لقيتموهم فاقتلوهم...)

مختارات من الشبكة

  • الترهيب من الكلام فيما لا يعني وفضول الكلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الكلام فيما لا يعني (ترك فضول الكلام)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (3)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تلاميذنا من فهم الكلام إلى إبداع الكلام (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الكلام عند ابن جني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حفظ اللسان وفوائده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة تحقيق التوفيق بين كلامي أهل الكلام وأهل الطريق(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصارا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة فائدة في الكلام في القرآن والكلام هل هو حرف وصوت أم ليس كذلك(مخطوط - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • افتتاح أكبر مسجد بجنوب داغستان
  • مؤتمر عن "أثر الصيام في حياة الإنسان" في ألبانيا
  • على خطى أندية إنجليزية: برايتون يقيم إفطارا جماعيا بشهر رمضان
  • ورشة عمل ترفيهية للأطفال استقبالا لرمضان في أونتاريو
  • التحضير لإطعام المئات خلال شهر رمضان بمدينة فيلادلفيا
  • أعداد المسلمين تتجاوز 100 ألف بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • فيلا بارك يستضيف إفطار للصائمين للمرة الأولى
  • مدينة بيفيرتون تحتفل بأول شهر للتراث الإسلامي

  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1444هـ / 2023م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 5/9/1444هـ - الساعة: 13:40
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب