• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: الغزو الفكري … كيف نواجهه؟ (2)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    {قل من كان في الضلالة} (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    بيان مقام الخلة التي أعطيها النبي صلى الله عليه ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أكـرم البنات... تكن رفيق النبي صلى الله عليه وسلم ...
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    التحذير من صفات المنافقين (خطبة)
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    سوء الظن وآثاره على المجتمع المسلم (خطبة)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    تفسير سورة الزلزلة
    أ. د. كامل صبحي صلاح
  •  
    تحريم سب الريح أو الشمس أو القمر ونحوها مما هو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    الملك المحدث: إجازة بخط الإمام الحافظ عبدالرحيم ...
    محمد الوجيه
  •  
    أكرمها الإسلام فأكرموها (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    إكرام المرأة في الإسلام (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

اسم الله المقيت (خطبة)

اسم الله المقيت (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2019 ميلادي - 27/6/1440 هجري

الزيارات: 27308

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اسمُ اللهِ المُقِيت


الْخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

 

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ، لَا بُدَّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ مَعْرِفَةِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَعْبُدَهُ حَقَّ الْيَقِينِ، وَحَقَّ الْعِبَادَةِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى اسْمُهُ الْمُقِيتُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مَرَّةً وَاحِدَةٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ﴾ [النساء: 85]، وَمِنْ مَعَانِي هَذَا الاسْمِ الْعَظِيمِ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءِ حَفِيظٌ وَشَهِيدٌ، وَالْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ بِالتَّدْبِيرِ، وَمِنْ مَعَانِي هَذَا الاسْمِ -بَلْ قَدْ يَكُونُ أَرْجَحَهَا- الْقَدِيرُ، ومِنْ مَعَانِي الاسْمِ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي يُعْطِي الْقُوتَ وَالْأَرْزَاقَ، فَهُوَ الَّذِي أَوْصَلَ لِكُلِّ مَوْجُودٍ مَا بِهِ يَقْتَاتُ، وَأَوْصَلَ إِلَيْهَا أَرْزَاقَهَا، وَصَرَّفَهَا كَيْفَ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ، وَلُطْفِهِ، وَفَضْلِهِ، فَلَوْلَا اللَّهُ -جَلَّ وَعَلَا- لَمَا اسْتَطَاعَتِ النَّمْلَةُ أَنْ تَعِيشَ وَسَطَ هذِهِ الأَمْوَاج الْهَائِلَةِ مِنَ الْإِنْسِ، وَالْحَيوَان،ِ وَالْحَشَرَاتِ، وَالْدَوَابِ، وَمَع ذَلِكَ يَصِلُ إِليْهَا قُوْتَهَا وَمَا يَكْفِي حَاجَتهَا. فَسُبْحَانَ مَنْ أَتْقَنَ كُلُّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدَى، حَيْثُ هَدَاهُمْ إِلَى مَا بِهِ يَقْتَاتُون،َ وأَرْشَدَهُمْ إِلَى مَا عَلَيْهِ يَعِيْشُوْن، وَكذَلِكَ نَتَأَمَلُ لِحَيَاةِ الْبِحَارِ كَيْفَ يَقْتَاتُ مَنْ يَسْكُنُ فِيْ أَعْمَاقِهَا؟ وَكَيْفَ اسْتَطَاعَتْ صِغَارُ الْأَسْمَاكِ أَنْ تَقْتَاتَ حَتَّى نمَتْ وَكَبُرَتْ وَسَطَ أَسْمَاكٍ مُسْتَعِرَةٍ تَتسَلَطُ فِيْها الصِغَارِ عَلَى الْكِبَار؟ِ ولَوْ كَانَ بِمَقْدُوْرِهَا لَمْ تُبْقِ وَلَم تَذَر سَمكَةً صَغيْرَةً حَتَى تَكْبُر، فَاللَّهُ تَكَفَّلَ بِالْأَرْزَاقِ، وَسَخَّرَ الْآبَاءَ لِلْأَوْلَاَدِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِم، قَالَ صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ)، فَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هُوَ الْمُقِيتُ، يُقَدِّرُ حَاجَةَ الْخَلَائِقِ بِعِلْمِهِ، ثُمَّ يَسُوقُهَا لَهُمْ بِقُدْرَتِهِ، يُقِيتُهُمْ بِهَا، وَيَحْفَظُهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ﴾ [فصلت: 10]، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ- رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ -: وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا:وَهُوَ مَا يَحْتَاجُ أَهْلُهَا إلَيْهِ مِنَ الْأَرْزَاقِ، وَالْأَمَاكِنِ الَّتِي تُزْرَعُ وَتُغْرَسُ. انْتَهَى كَلَاَمُهُ. فَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يُعْطِي كُلَّ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ قُوتَهُ عَلَى مَرِّ الْأَوْقَاتِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، فَهُوَ يَمُدُّهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا جَعَلَهُ قَوَامًا لَهَا، إِلَى الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ الَّذِي يَحْبِسُهُ عَنْهُمْ، إِذَا كَتَبَ لَهُمُ الْهَلَاكُ أَوِ الْوَفَاةُ. وَالْمُقِيتُ يَخْتَلِفُ عَنِ الرَّزَّاقِ بِأَنَّهُ أَخَصُّ، فَإِنَّ الرَّزَّاقَ يَشْمُلُ كُلَّ أَنْوَاعِ الرِّزْقِ، وَأَمَّا الْمُقِيتُ فَهُوَ يَخْتَصُّ بِالْقُوتِ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ بَعْضُهَا يُعطِّي مَعْنًى أَشْمَلَ مِنَ الْبَعْضِ، فَقَدْ قَدَّرَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ عِنْدَ خَلْقِهِ لِلْأَرْضِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ﴾، فَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَ أَهْلِهَا، وَمَا يَصْلِحُ لِمَعَايِشِهِمْ مِنَ التِّجَارَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَالْمَنَافِعِ فِي كُلِّ بَلَدَةٍ مَا يُلَائِمُ احْتِيَاجِ أَهْلِهَا وَيَجْعَلُ فِيْ كُلِّ بلَدٍ قُوْتٌ مُخْتَلِفٌ عنْ أقْوَاتِ البِلاَدِ الأُخْرَى، حَتَّى يُسَخِّرَ بَعْضهُمْ لِبَعْضٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ﴾ [فصلت: 10]، فَاللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هُوَ الْقَائِمُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَهُوَ الَّذِي أَمَدَّ الْعَبْدَ بِمَا يُقِيمُ صُلْبَهُ، لمُزَاوَلَةَ أَعْمَالِهِ، وَكُلُّ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ هِيَ الْأَقْوَاتُ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا الْإِنْسَانُ، فَمَهْمَا كَانَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ مِنْ أَمْوَالٍ وَعَقَارٍ فَبِدُونِ الْقُوتِ لَا يَعِيشُ، وَالَّذِي رَزَقَ الْعِبَادَ هَذِهِ الْأَقْوَاتَ خَلَقَ لَهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ مَا يُعِينُهُمْ عَلَى الاسْتِفَادَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَاتِ، وَمَا يَتَوَصَّلُونَ بِهِ لِهَذِهِ الْأَقْوَاتِ لِلانْتِفَاعِ مِنْهَا، وَهُوَ الَّذِي يُقَدِّرُ بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ مَا يُنَاسِبُ الْأَجْسَادَ، فَخَلَقَ الْأَقْوَاتَ الْمُنَاسِبَةَ لِأَجْسَادِ خَلْقِهِ، وَمَا يَتَلَاءَمُ مَعَ أَجْسَادِهِمْ وَزَمَنِهِمْ وَمَكَانِهِمْ، وَخَلَقَ فِي كُلِّ زَمَانٍ الْأَقْوَاتَ الَّتِي تُناسُبِ أَعْدَادَهُمْ، فَانْظُرْ إِلَى كَثْرَةِ الْخَلْقِ وَكَثْرَةِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَكُلٌّ لَهُ قُوتُهُ، فَمَنِ الَّذِي قَدَّرَ لَهُمْ أَقْوَاتَهُمْ وتكفل بها غَيْرَ الْمُقِيتِ جلَّ فِيْ عُلَاه فَانْظُرْ إِلَى بَعْضِ الْبِلَادِ سُكَّانُهَا يَتَجَاوَزُونَ الْمِلْيَارَ، ويَحْتَاجُونَ إِلَى مِئَاتِ الْمَلَاَيِينِ مِنَ الْأَطْنَانِ مِنْ كَافَةِ أَنْوَاعِ الأَرْزَاقِ يَوْمِيًّا، وَسَاقهَا إليهم وَانْظُرْ إِلَيْهِمْ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ، الْمَلَاَيِينُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ ضَيِّقٍ مُزْدَحِمٍ وَمَعَ ذَلِكَ سَخَّرَ اللَّهُ مَلَاَيِينَ الْأَطْنَانِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ فِي تِلْكَ الْأيَّامِ الْمَعْدُودَةِ وَيَسَّرَهَا لَهُمْ. وَلَقَدْ طَمْأَنَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْزَاقَ فِي عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، لَا يَمْنَعَهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، بَلْ وَزَادَ فِي طَمْأَنَةِ عِبَادِهِ أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُمْ هَذِهِ الْأَرْزَاقَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي، قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الروم: 40]، بَلْ خَلَقَ لَهُمُ الْوَسَائِلَ الَّتِي تُوصلُهُمْ إِلَى أَقْوَاتِهِمْ، فَاللَّهُ هُوَ الْمُقِيتُ الَّذِي يَحْفَظُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْجُوعِ وَالْهُلَّاكِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُقِيتُ الَّذِي رَزَقَ الرِّزْقَ، وَتَكَفَّلَ بِهِ، فَمِنْ سُوءِ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ الْمُقِيتِ جَلَّ فِي عُلَاه أَنْ يَقْتَاتَ الْإِنْسَانُ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُوتِ، فَلَا يَأْكَلُ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللَّهُ لِذَاتِهِ كَالْخِنْزِيرِ وَالْكِلْابِ وَالْحَمِيرِ، أو لشَيْء حَرَّمَهُ اللَّهُ لِسَبَبٍ كَالْقُوت الْمَسْرُوْق فَعليه ألَا يَأْكَلُ إِلَّا الْحَلَالَ الطَّيِّبَ، كَمَا أَنَّ مِنْ حُسْنِ التَّدْبِيرِ، أَنْ هَيَّأَ اللَّهُ لِكُلِّ نَفْسٍ قُوتَهَا.

 

وَمِنْ هُنَا يَنْبَغِي عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَرُدَّ فَضْلَ هَذِهِ الْأَقْوَاتِ إِلَى الْمُقِيتِ الْمُتَفَضِّلِ الَّذِي أَوْجَدَهَا وَهَيَّأَهَا لِخَلْقِهِ، وَلَا يَسْنِدُ قُوتًا لِخَلْقِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ نِسْبَةُ الصُّنْعِ لِغَيْرِ الصَّانِعِ، وَسُوءُ أَدَبٍ مَعَ الْخَالِقِ، وكما قال تعالى: ﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ [الواقعة: 82] أَيْ تَنْسِبُونَهَا لغَيْرِ الله.

 

الخطبة الثانية

عِبَادَ اللَّهِ، فَعَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ بِهِ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى نَفْعِهِ وَضُرِّهِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، وَجَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِاللَّهِ، وَأَلَّا يَتَعَلَّقَ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَسْبَابِ دُونَ التَّعَلُّقِ بِهَا، أَوِ الاعْتِمَادِ عَلَيْهَا، وَالرُّكُونِ إِلَيْهَا، لَأَنَّ التَّعَلُّقَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يُرِيحُ الْقَلْبَ، وَيَقُودُهُ إِلَى أَنْ يَزْدَادَ مَحَبَّةً لِلَّهِ الَّذِي بِيَدِهِ قُوتُهُ دَفْعُهُ وَمَنْعُهُ، فَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ أَحْسَنَ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ وَهُوَ أَصْلًا إحْسَانٌ مِنَ اللَّهِ وَتَدْبِيرِهِ أثْنَى عَلَيْهِ وَمَدَحَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَى هَذَا الْإِنْسَانِ، أمْرٌ مَحْمُوْد لَكِنِ المَذْمُوْم أن تَجِدُهُ يُفَرِّطُ وَيُقَصِّرُ بِشُكْرِ الْمُنْعِمِ الْمُتَفَضِّلِ عَزَّ وَجَل، وَهَذَا لَا شَكَّ مِنَ الْخِذْلَاَنِ، وَمِنْ كُفْرَانِ النِّعْمَةِ، فَشُكْرُ الْبَشَرِ إِذَا أَحْسَنُوا إِلَيْكَ مِنْ شُكْرِ اللَّهِ، فَكَيْفَ الْمُقِيتُ الَّذِي بِيَدِهِ قُوتُ الْمَخْلُوقَاتِ جَمِيعًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

 

عِبَادَ اللَّهِ، إِنَّ الْمُقِيتَ -جَلَّ جَلَالُهُ- هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ الَّذِي يُقْتَاتُ مِنْهُ، وَالْأَرْزَاقُ الَّتِي يَعِيشُ بِهَا الْعِبَادُ، فَالْأَجِنَّةُ الَّتِي فِي الْأَرْحَامِ تَقْتَاتُ مِمَّا رَزَقَهَا اللَّهُ بشكل عجيب، فَالْمُقِيتُ هُوَ الْمُنْقِذُ مِنَ الْهَلَاكِ، الَّذِي يَعْلَمُ بِأَسْبَابِ الْقُوتِ، وَالْمُقِيتُ هُوَ الْكَرِيمُ، فَإِذَا كَانَ الْبَشَرُ يُجِلُّونَ وَيُحِبُّونَ مَنْ يُعْطِيهِمْ مِنَ الْقُوتِ وَالْأَرْزَاقِ، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يُجِلُّوا مَنْ بِيَدِهِ قُوتُهُمْ، وَقُوتُ مَنْ يُعْطِيهِمْ مِنْ فَضْلِ قُوتِهِ. فَمَعرِفَةِ أَسْمَاءِ اللهِ عَلَى وَجْهِهَا الْصَحِيْح تُقَرِّبُ الْعِبَادِ مِنْ رَبِّهِم،ْ وَتَزِيْدُ مِنْ مَحَبَتهِمْ لِخَالقِهِمْ.


اللَّهُمَّ اهْدِنا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِنا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قْضَيْتَ، إِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، لَكَ الْحَمدُّ عَلَى مَا قَضَيْت، وَلكَ الشُّكْرُ علَى مَا أَعطَيتْ، نسْتَغفِرُكَ اللَّهُمَّ مِنْ جَمِيعِ الذُنُوبِ والْخَطَايَا وَنَتُوبُ اٍلَيْك. الَّلهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ, وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا, لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، «اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ». اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ. وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اسم الله الرزاق
  • اسم الله الرقيب
  • اسم الله .. أعذب الأسماء ( تغريدات )
  • اسم الله الأعظم
  • اسم الله الحكيم (خطبة)
  • اسم الله الطيب
  • اسم الله العظيم (خطبة)
  • اسم الله: الكريم
  • اسم الله الخبير
  • خطبة عن اسم الله الكبير
  • بيان أن اسم الله الأعظم هو الله

مختارات من الشبكة

  • حكم قول: باسم الشعب، باسم العروبة، باسم الوطن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المشتقات (اسم الفاعل - اسم المفعول - الصفة المشبهة - اسم التفضيل)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • سلسلة الأسماء الحسنى (2) اسم (الرب)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رقية المريض بقول: باسم الله أَرقيك، وقول: باسم الله يبريك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اسم الجمع واسم الجنس في اللغة العربية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شرح أسماء الله الحسنى أو (إعلام اللبيبة الحسنا بمعاني أسماء الله الحسنى) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • اسم الله (العلي) واسم الله (العظيم)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى اسم الجواد من أسماء الله الحسنى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح الأسماء الحسنى معنى اسم الكريم(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/6/1447هـ - الساعة: 19:28
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب