• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم إنكار إرادة الله تبارك وتعالى أو إرادة ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة: عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    القواعد الشرعية المستنبطة من النصوص الواردة في ...
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    أقنعة الزيف.. حين يصبح الخداع طبعا (خطبة)
    محمد الشقيري
  •  
    خذ العفو (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    خلاف العلماء في ترتيب الغسل بين أعضاء الوضوء
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    رسائل قلبية إلى المبتلى بالأمراض الروحية
    د. صلاح عبدالشكور
  •  
    سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (38) «من عادى ...
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    فضل كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الجزاء من جنس العمل
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    استجابة الله تعالى لأدعية الأنبياء عليهم السلام
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    نماذج من سير الأتقياء والعلماء والصالحين (11) ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)
    د. عبد الرقيب الراشدي
  •  
    الآيات الإنسانية في القرآن الكريم
    محمد عبدالعاطي محمد عطية
  •  
    آثارك بعد موتك (خطبة)
    السيد مراد سلامة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع
علامة باركود

خطبة عن الأب

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/3/2018 ميلادي - 24/6/1439 هجري

الزيارات: 125274

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن الأب

 

الْحَمْدُ للهِ الَّذِي حَذَّرَنَا مِنْ دَارِ الْغُرُورِ، وَأَمَرَنَا بِالاسْتِعْدَادِ لِيَوْمِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، أَحْمَدُهُ وَهُوَ الْغَفُورُ الشَّكُورُ، أَمَرَ بِالبِرِّ وَحَذَّرَ وَنَهَى عَنِ العُقُوقِ.. وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلىَ يَوْمِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالىَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ طَاعَتَهُ أَقْوَمُ وَأَقْوَى، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.

 

أيهَا المؤمنونَ.. لَقدْ أَوْصَى اللهُ بالإحْسَانِ إلى الوَالِدينِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ فقالَ سُبحانَهُ: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} وقالَ تعَالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} فَلِلَّهِ سُبْحَانَهُ نَعْمَةُ الْخَلْقِ والإِيجَادِ، ولِلْوَالِدَيْنِ بِإِذْنِهِ نِعْمَةُ التَّرْبِيَةِ والإِيلاَدِ، ولعلَّ في زيارةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبرَ أُمِّهِ مَا يُحفِّزُ النفُوسَ للبِرِّ والطَّاعَةِ؛ فقدْ رَوَى الإمامُ مُسلمٌ مِن حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ.

 

فَرِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ. وَقَدْ قَالَ حَبِيبُكُمْ وَإِمَامُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِأُمَّهَاتِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِآبَائِكُمْ، إِنَّ اللَّهَ يُوصِيكُمْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ". أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وابْنُ مَاجَه.

 

غَيرَ أَنَّ كَثيرًا مِنَ النَّاسِ حِينَمَا نَتَكَلَّمُ عَن بَرِّ الوَالِدينِ يَتبَادَرُ إِلى أَذهَانِهِمْ دَائمًا بَرُّ الأُمهَاتِ فَحَسبُ، مَعَ أَنَّ هَذا لَيسَ مَقصُودًا، وإذَا كَانَ شَأنُ الأُمِّ عَظيمًا وَفَضلُهَا كَبِيرًا وتَعَبُهَا فِي تَربِيتِنَا جَسِيمًا فإنَّ الأَبَ لاَ يَقلُّ عَنهَا في تَعبِهِ وَجِدِّهِ واجتِهَادِهِ، وإنَّمَا نُوِّهَ باسمِ الأُمِّ أَكثَرَ مِن مَرَّةٍ لِضعفِهَا وقِلَّةِ حِيلَتِهَا ولأنَّهَا لاَ تَملِكُ مِن أَمرِهَا شَيئًا، ولَو كَانَ الابنُ مَعهَا عَاقًّا فإنَّ حَياتَهَا تَتَنَكَّدُ عليهَا؛ إِذْ هُوَ أَمَلُهَا في الحَياةِ وسَنَدُهَا في الكِبَرِ - بعدَ اللهِ -.

 

وإذَا أَردْتَ أنْ تَعلَمَ فَضلَ أَبِيكَ وحَقَّهُ فَانْظُرْ إِلَيه كَيْفَ يَكْدَحُ وَيَتْعَبُ، وَمِنْ أَجْلِ تَرْبِيَتِكَ وَتَعْلِيمِكَ يَعْمَلُ وَيَجْهَدُ.

 

كَمْ سَابَقَ الْفَجْرَ يَسعَىَ فِي الصَّبَاحِ وَلا = يَعُودُ إلاَّ وَضَوْءُ الشَّمْسِ قَدْ حُجِبَا

تَقولُ أُمِّي: صِغَارُ الْبيتِ قَدْ رَقَدُوا = ولَمْ يَرَوْكَ, أنُمضِي عُمُرَنَا تَعَبَا؟!

يُجِيبُ: إنِّي سَأسعَى دَائِمًا لِأَرَى = يَوْمًا صِغَارِي بُدُورًا تَزْدَهِي أَدَبَا

وَصَدَقَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله حِينَ قَالَ: (أَطِعِ الإِلَهَ كَمَا أَمَرْ.. وَامْلأْ فُؤَادَكَ بِالحَذَرْ.. وَأَطِعِ أَبَاكَ فَإِنَّهُ.. رَبَّاكَ مِنْ عَهْدِ الصِّغَرْ).

 

أيهَا الإِخوةُ.. إِذَا كَانَ التَّاريخُ حَافِلٌ بصُورٍ عَظيمَةٍ مِن بِرِّ الأُمهَاتِ، فإنَّه زَاخِرٌ أَيضًا بصُورٍ جَليلةٍ في بِرِّ الآبَاءِ؛ فَهَذَا إِسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَمَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ مَعَ أَبِيهِ فيِ قِصَّةِ الذَّبْحِ، يَدعُوهُ أَبوهُ لِيَذْبَحَهُ طَاعةً للهِ عَزَّ وجلَّ، فمَا كانَ مِنهُ إلاَّ أنْ قَالَ: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ}... وَمَا كَانَ هَذَا الْبِرُّ مِنْ إِسْمَاعِيلَ إِلاَّ مُكَافَأَةً لإِبْرَاهِيمَ الَّذِي عَاشَ بَارًّا بَأَبِيهِ آزَرَ مَعَ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا، قَالَ تَعَالَى: {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدْ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} ولَمْ يَمَلَّ إبراهيمُ مِنْ دَعوَةِ أَبيهِ حتَّى كَانَ آخِرُ مَا قَالَ لَهُ: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}؛ ولذا كُونُوا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ الْحَيَاةَ جَزَاءٌ وَمُكَافَأَةٌ؛ فَمَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ إِلَى أَبَوَيْهِ وَحَنَا عَلَيْهِمَا وَبَرَّهُمَا عُومِلَ بِالْمِثْلِ، وَمَنْ عَقَّ والِدَيْهِ حَصَدَ مَا زَرَعَ، واللهُ يَقولُ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}.

 

واعلمُوا يَا - رعَاكُمُ اللهُ - أَنَّ الْبِرَّ لَمْ يَكنْ مَقصُورًا عَلَى حَياةِ الوالِدِ فَقَط، بلْ وَبعدَ وَفَاتِهِ؛ فَقدْ رَوَى الإمامُ مُسْلِمٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا بَيْنَمَا هُوَ رَاكِبٌ عَلَى حِمَارِ، إِذْ مَرَّ بِهِ أَعْرَابِيٌّ - وَكَانَ صَدِيقًا لأَبِيهِ عُمَرَ -، فَأَعْطَاهُ الْحِمَارَ، وَأَلْبَسَهُ عِمَامَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَبَرِّ الْبِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ، وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ صَدِيقًا لِعُمَرَ».

 

فَلْنَحْرِصْ عَلَى بِرِّهِمْ وَوُدِّهِمْ فسَيَأْتِي الْيَوْمُ الَّذِي لَنْ تَرَ أَبَاكَ فِيهِ... سَيَأْتِي الْيَوْمُ الَّذِي سَتُحْرَمُ فِيهِ مِنْ حُبِّهِ وعَطْفِهِ وحَنَانِهِ (ومَن جَرَّبَ الحِرمَانَ عَرَفَ)، وَسَتَبْكِي نَدَمًا أَنْ لَوْ بَرَرْتَ بِهِ، فَاتَّقُوا اللهَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ اللِّقَاءُ إلَّا بَيْنَ يَدَيْهِ.

 

مَا دُمْتُ حَيًّا لَسْتُ أَنسَى عِندَمَا = أَقصَاكَ لَيْلُ الْقَبْرِ عَنْ أَحْضَانِي

إنْ كُنْتُ لاَ أَقْوَى لِبُعدِكَ لَيلَةً = كَيفَ السَّبِيلُ لِمُقبِلِ الأَزْمَانِ

أَبَتِي وَحِيدًا صِرْتَ تَحتَ التُّرْبِ = فِي قَبْرٍ بَعِيدٍ ضَائِعِ الْعِنْوَانِ

أَبَدًا.. فَقدْ جَاوَرْتَ رَبًّا شَاكِرًا = يَجزِيكَ رَوضًا مِن رِياضِ جِنَانِ

وأَنَا الْوَحِيدُ هُنَا وَفَوقَ التُّربِ = لاَ سَنَدٌ يُعِينُ وَلا أَنِيسٌ دَانِ

رَحَلَ الَّذِي يَبكِي بِلا دَمْعٍ إذَا = سَمِعَ الأَنِينَ يَجُولُ فِي وِجْدَانِي

رَحَلَ الَّذِي لا يَغْمَضُ الْجَفْنُ الْكَلِيلُ = لَهُ إذَا دَمَعَتْ أَسىً أَجْفَانِي

رُحمَاكَ رَبِّي لَيسَ غَيرُكَ عَاضِدِي = في مِحنتي بِمَهَامِهِ الأَحْزَانِ

 

هذَا، والحمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ، وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

 

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا محمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا...أمَّا بَعْدُ:

أَيُّهَا النَّاسُ.. اعْلَمُوا أَنَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ عُقُوبَتُهُ مُعَجَّلَةٌ في الدُّنْيَا قَبْلَ الآخِرَةِ؛ فَكُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللهُ تَعَالىَ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلاَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ قَبْلَ الْمَمَاتِ؛ فقدْ جَاءَ عِنْدَ الحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ"..

 

وَفيِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ» قِيلَ: مَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ». ويَكفِي أَن نَعلَمَ حَسرَةَ الأَبِ عِندَمَا يَجِدُ العُقُوقَ مِن وَلَدِهِ، ولَعَلَّك تَجِدُ هَذَا في كَلِمَاتِ هذَا الأَبِ الَّذِي يُخَاطِبُ ولَدَهُ العَاقَّ قائلاً:

غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وَمِنْتُكَ يَافِعًا = تُعَلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ

إِذَا لَيْلَةٌ ضَافَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبَتْ = لِسُقْمِكَ إِلَّا سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ

تَخَافُ الرَّدَى نَفْسِي عَلَيْكَ وَإِنَّهَا = لَتَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْتَ وَقْتٌ مُؤَجَّلُ

كَأَنِّي أَنَا الْمَطْرُوقُ دُونَكَ بِالَّذِي = طُرِقْتَ بِهِ دُونِي فَعَيْنَايَ تَهْمُلُ

فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالْغَايَةَ الَّتِي = إِلَيْهَا مَدَى مَا فِيكَ كُنْتُ أُؤَمِّلُ

جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً = كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ

فَلَيْتَكَ إِذْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِي = كَمَا يَفْعَلُ الْجَارُ الْمُجَاوِرُ تَفْعَلُ

 

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ والصِّلَةِ.. ولْنَحْذَرِ الْعُقُوقَ والْقَطِيعَةَ فَقدْ قَالَ ربُّكُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ * أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.

 

فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تُعِينَنَا عَلَى بِرِّ وَالِدَيْنَا وَأَدَاءِ حُقُوقِ أَخَوَاتِنَا، اللَّهُمَّ إنَّنَا قَدْ قَصَّرْنَا فِي بِرِّهِمَا، وأَخْطَأْنَا فِي حَقِّهِمَا، اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَنَا وتَجَاوزْ عَنَّا، اللهمَّ واغفرْ لنَا إسرَافَنَا في حَقِّهِمَا، اللهمَّ امْلأْ أَلْسِنَتَنا بِالدُّعَاءِ لَهُمْا، يَا ذَا الْجَلاَلِ والإِكْرَامِ.. اللَّهُمَّ وَإِنْ كَانَا مَيِّتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَاغْفِرْ لَهُمَا وَارْحَمْهُمَا، وَأَعِنَّا عَلَى الإِحْسَانِ إِلَيْهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا، اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.

 

اللَّهُمَّ انْصُرْ الْإِسْلامَ وَأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ انْصُرْ دِينَكَ وَكتَابَكَ وَسُنَّةَ نَبِيِّكَ وَعِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ...

اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

اللَّهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الْحَدِّ الْجَنُوبِيِ، اللَّهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُمْ وَارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَسَدِّدْ رَمْيَهُمْ وَبَارِكْ فِي جُهُودِهِمْ.

اللَّهُمَّ اجْمَعْ كَلِمَتَنَا وَوَحِّدْ صَفَّنَا وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً؛ وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى النَّبِيِّ الْأَمِينِ، وَعَلَى خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بر الوالدين
  • خطبة عن بر الوالدين
  • حين أصبحت أبا
  • الأب القدوة

مختارات من الشبكة

  • خطبة: تهديد الآباء للأبناء بالعقاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقنعة الزيف.. حين يصبح الخداع طبعا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خذ العفو (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة العلماء في ضوء الكتاب والسنة وهدي السلف (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • التعامل النبوي مع الفقراء والمساكين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة المطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آثارك بعد موتك (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع سورة قريش (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: علموا أولادكم كيف نتعامل مع المعلم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/4/1447هـ - الساعة: 13:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب