• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | اللغة .. والقلم   أدبنا   من روائع الماضي   روافد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    حالات الربط بالواو في ضوء معنى المعية والحال
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    عشرون وصية في الكتابة الأدبية (2)
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    أصل كلمة (السنة) في التعبير العربي
    د. عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
  •  
    حفظ المال العام (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    أثر علوم القرآن في نشأة الدرس البلاغي
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    التحليل الدلالي ونظرية السياق (PDF)
    د. أحمد محمود الخضري
  •  
    الشاب الصغير
    أسامة طبش
  •  
    القول بواو الحال ألغى معنى الحال
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    الترجمة الأدبية (خصائصها وطرائقها ومميزاتها)
    أسامة طبش
  •  
    كيفية كتابة مقال علمي ناجح
    بدر شاشا
  •  
    دور الترجمة في تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين ...
    أسامة طبش
  •  
    إلغاء المفعول معه المفرد وظهور واو الحال الداخلة ...
    د. عبدالجبار فتحي زيدان
  •  
    لك السعادة والفرح (بطاقة أدبية)
    رياض منصور
  •  
    علم اللسانيات بين الصعوبة والحلول
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    الطرطور بين الدلالة الحسية والمعنوية: دراسة ...
    د. أحمد محمود الخضري
  •  
    كيف تتعلم لغتك وترتقي بذوقك الأدبي؟
    أسيد بن محمد
شبكة الألوكة / حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي
علامة باركود

حالات الربط بالواو في ضوء معنى المعية والحال

حالات الربط بالواو في ضوء معنى المعية والحال
د. عبدالجبار فتحي زيدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/12/2025 ميلادي - 19/6/1447 هجري

الزيارات: 77

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حالات الربط بالواو في ضوء معنى المعية والحال


يتفق النحويون على منع ربط الحال المفردة بالواو، فلا يصح مثلًا أن تقول: أقبل زيد ومبتسمًا، وهم مجمعون على منع ذلك؛ لأنهم مجمعون على أن المعنى في حالة الإفراد، هو وصف زيد بالابتسامة في أثناء إقباله؛ أي: هم مجمعون على عدم ربطه بالواو لإجماعهم على تعيين معنى الحال، لكن لا مانع البتة من ربط الاسم المشتق في هذا المثال ونحوه بالواو، بل هذا ما يجب إذا عيَّنَّا فيه معنى المعية، وقصدنا أن زيدًا أقبل مع رجل آخر كان مبتسمًا في أثناء إقباله معه، فحينئذ يجب الربط، وأن تقول: أقبل زيد ومبتسمًا؛ لأننا نريد: أقبل زيد ورجلًا مبتسمًا، كما تقول: أقبل زيد وخالدًا، وهذا هو تفسير الربط بالواو وعدمه في الجملة.

 

فالنحويين قد فرَّقوا بين صيغة الربط بالواو، وصيغة عدم الربط في المعنى، في حالة الإفراد، وكان ينبغي لهم أن يفعلوا هذا أيضًا في حالة الجملة، لا أن يجعلوا مثلًا جملة (وعندهُمُ التوراة)، وجملة (فيها حكم الله) كلتيهما حالية في قوله تعالى: ﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 43]، ولم يفرِّقوا بينهما، إلا أن الأولى كانت مرتبطة بالواو، والثانية ليس كذلك[1].

 

وفي هذا الخلط إفسادٌ للمعنى والتفسير، والحقيقة أن الجملة الأولى أريد منها أن تكون مفعولًا معه، لذلك ارتبطت بالواو والمعنى: أنهم كيف يحكمونك مع أن التوراة التي فيها حكم الله بين أيديهم؟ أما الجملة الثانية فلم ترتبط بالواو؛ لأنه أُريد منها معنى الحال، ولم تجعل كالأولى مفعولًا معه؛ لأنه قصد أن تكون المعية بين أمرين، لا بين ثلاثة أمور، وقد جعلت الثانية بمعنى الحال، لوصف التوراة بها بأن فيها حكم الله؛ لكي تتأهل بهذا الوصف أن يكون وجودها عندهم مانعًا من اجتماع تحكيمها بتحكيم رسوله؛ لأن الذي عنده كتاب متصف بذلك، فليحتكم إليه؛ لأنه سيكون احتكامًا لله.

 

فالجملة من جهة الربط بالواو أو عدمه، تكون على ثلاث صيغ؛ صيغة تصلح فيها إرادة معنى الحال والمعية، ففي هذه الحالة يجوز فيها الربط وعدمه، إلا أنه يتعيَّن حسب المعنى المراد، وصيغة يَمتنع صلاحها لمعنى الحال، فحينئذ يجب ربطها بالواو، وصيغة تصلح لمعنى الحال أكثر من صلاحها لمعنى المعية، فعندئذ يَكثُر عدم ربطها بالواو، وفيما يأتي نماذج من ذلك:

1-الفعل المضارع:

مرَّ أنه يجب ربط الجملة الحالية بالواو عند النحويين، إذا كانت بصيغة المضارع المقترن بقد؛ كقوله تعالى: ﴿ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾ [الصف: 5].

 

لو نظرت إلى هذه الآية نظرة عامة، لأدركت أن مثل هذا الأسلوب مُعد لمعنى المعية بلا شك، فالواو بين جملتين مضارعتين، وقد أُريد من اقترانهما اقتران حكميهما في زمن واحدٍ، وهذا من معنى المعية لا من معنى الحال، لذلك تعيَّن الربط بالواو.

 

فلو جعلت الجملة الأولى فعلًا ماضيًا، والثانية بقيت مضارعًا، وقلت مثلًا: أقبل زيد يضحك، لعمَدت إلى إبعاد هذا الأسلوب من صلاحه لمعنى المعية، وصار مُهيَّأً أكثر لمعنى الحال، فالفعلان اختلف زمانهما، فصعُب إرادة اقترانهما في زمن واحد، وجلب الواو لهذا الغرض؛ إذ صار المعنى وصف زيد بالضحك في أثناء إقباله، وهو من معنى الحال؛ لذلك ندر أو قل ربط المضارع المثبت بالواو، أو امتنع إلا بتأويل، فإذا جزمته بـ(لم) جاز بالاتفاق ربطه بالواو؛ لأنه بهذا الجازم انقلب المضارع إلى معنى الماضي، فابتعَد عما يلائم الحال، وهو الدلالة على الزمن الحاضر، واقترب من المعية لاتحاد زمنه بزمن ما قبله، فسهُل قصد اقترانهما في وقت واحد، وإرادة معنى المعية.

 

2-خلو الجملة من الضمير العائد:

مرَّ أن النحويين مجمعون على وجوب ربط الجملة الحالية بالواو عند خلوها من الضمير العائد إلى صاحبها، فهم بذلك قد أكدوا أن الجملة، تعيَّن عدم كونها حالية؛ لأن الحال يجب أن يكون لها صاحب، لذا وجَب أن تكون مفعولًا معه، وأن تربط بالواو.

 

والنحويون هنا قد عبَّروا عن المفعول معه بذكر معناه، دون التصريح بلفظه، فحين قال بعضهم عن إعراب الجملة الاسمية المرتبطة بالواو حالًا، في مثل قول الشاعر:

وقد أغتدي والطيرُ في وُكناتِها
.........................

"إنه جعل الجملة حالًا مع خلوِّها من عائد إلى صاحب الحال"[2]: إنه جعل الجملة حالًا مع عدم صلاحها لهذا المعنى.

 

وحين ذكر النحويون أن الجملة الحالية في نحو: جاء زيد والشمس طالعة، يجب ربطها بالواو دون الضمير، فقد عنوا؛ من حيث لم يشعروا، أنه وجب جعلها مفعولًا معه، لعدم صلاح جعلها حالًا؛ لأن رابط المفعول معه، هو الواو، ورابط الحال، هو الضمير.

 

وحين قال بعضهم عن الجملة المذكورة، ونحوها: "فإن عريت عن ضمير ذي الحال لزمت الواو[3]، فكأنه قال: فإن عرِيت عن معنى الحال، لزِم جعلها مفعولًا معه، ولزم ربطها بالواو.

 

3-الجملة المصدرة بضمير منفصل:

مرَّ أيضًا أن جمهور النحويين ذهبوا إلى وجوب ربط الجملة الاسمية المصدرة بضمير منفصل بالواو؛ نحو: جاءني زيد وهو يسرع.

 

ومثل هذه الجملة في الحقيقة وجب ربطها بالواو؛ لأنه أُريد منها بهذه الصيغة أن تكون مفعولًا معه، لا حالًا، فالضمير المنفصل لم يؤت به هنا، لغرض ربط الحال بصاحبها إذ هذا حاصل بالضمير المستتر في (يسرع)، وإنما جيء به، لإعادة ذكر الفاعل الذي احتاجت إليه المعية، لتؤلف منه وجهًا آخر؛ ليكون لزيد وجهان، اتصافه بالمجيء، واتصافه بالسرعة، تمهيدًا لفسح المجال لمجيء الواو وتأدية وظيفتها، لربط هذين الوجهين على معنى المصاحبة؛ لأن هذا لا يتحقق إلا بوجود شيئين، ليصاحب أحدهما الآخر؛ أي: إن الضمير هذا جاءت به الواو لحاجتها إليه؛ لأنه أُريد منها أن تدخل على جملة اسمية، فجلبته معها، ليكون مبتدأ في هذه الجملة، لذلك، حذف أحدهما يقضي بحذف الآخر، واثبات أحدهما يقضي بإثبات الآخر، فأصبح مصيرهما واحدًا، يذكران معًا، أو يُحذفان معًا، حتى لتشعر بلغو ذكر أحدهما، أو بعدم حصول الفائدة، إذا أثبت دون الثاني، وقلنا، مثلًا: جاءني زيد هو يسرع، أو جاءني زيد ويسرع.

 

وقد أوضح الجرجاني هذه الحقيقة، فعلَّل ربط المثال المذكور بالواو بقوله: "إن السبب في ذلك أن المعنى في قولك: جاءني زيد وهو يُسرع، على معنى استئناف إثبات، ولم يكن ذلك في جاءني زيد يسرع؛ وذلك أنك إذا أعدت ذكر زيد، فجئت بضميره المنفصل، كان بمنزلة أن تعيد اسمه صريحًا، فتقول: جاءني زيد وزيد يسرع.... لأنك إن لم تفعل ذلك، تركت المبتدأ الذي هو ضمير زيد، أو اسمه الظاهر بمضيعة، وجعلته لغوًا في البين"[4]؛ أي: بينهما.

 

فالمفعول معه عند وقوعه جملة اسمية، يحتاج إلى إعادة ذكر الفاعل؛ لأنه شيء آخر غير مصاحبه في الأصل، فبهذا يتأكد إرادة معنى المعية، أما الحال فإنها لا تحتاج إلى إعادة ذكره؛ لأنها صفة له، فهما كِيان واحد، فمن العبث تَكرار الصاحب كما صرَّح بذلك الجرجاني، وبهذا يتأكَّد عدم إرادة معنى الحال، فلما تعيَّن معنى المعية دون الحال تعيَّن الربط بالواو.

 

فمثل هذه الجملة لا يجوز فيها حذفُ الواو البتة؛ كما قال الجرجاني، وهو محق في ذلك لكن ليس محقًّا في العلة التي ذكرها، إن هذا الوجوب جاء لغرض الاستئناف، مع بقاء إفادتها لمعنى الحال، وهذا الحذف الذي لا يجوز في نحو المثال الذي استشهَد به يجوز في أمثلة أخرى؛ كقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 39]، فقد تعرَّض أبو علي النحوي لإعراب الحال هنا، وأصاب حين أجاز فيها الوجهين[5]، فالجملة الحالية في هذا الشاهد القرآني قد أُريد منها أن تكون حالًا، وإن الضمير المنفصل فيها لم يُؤت به لغرض المعية، وإنما لغرض آخر، غير أساسي شأنه في ذلك شأن المبتدأ الذي يذكر مع جواز حذفه زيادة في التقرير، والإيضاح، أو لأغراض أخرى كالإهانة؛ حيث يدخل البلاغيون هذا ضمن مبحث ذكر المسند إليه؛ كقوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 4، 5]، وقوله تعالى: ﴿ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [هود: 19]، وقوله تعالى: ﴿ وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 16]، وقوله تعالى: ﴿ قَالَ هِيَ عَصَايَ ﴾ [طه: 18][6].

 

فالضمير المنفصل في قوله تعالى: ﴿ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ النارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾، لم يربط بالواو؛ لأنه جاء لغرض التقرير أو الإيضاح، لا لغرض المعية، والمعنى أن الله سبحانه لم يقل: أولئك أصحاب النار خالدين فيها، بل قال جل شأنه: (هم فيها خالدون)، فأعاد ذكر أصحاب النار بصيغة الضمير المنفصل تحقيرًا لهم، أو ليؤكِّد نسبة هذه الحالة إليهم، وهذا عينُ ما حصل في قوله تعالى: ﴿ فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]، فالجملة الحالية في هذه الآية لم يمتنع ربطها بالواو كراهةَ اجتماع حرفي عطف صورة؛ كما ذهب جمهور النحويين، أو استغناء عنها بوجود الضمير العائد، كما ذهب الفريق الآخر منهم، بل امتنع ربطها بالواو؛ لأنه لم يرد منها معنى المعية، بل معنى الحال، ويعد هذا هو الأصل في مثل هذه الجمل، فالجملة معطوفة على مفرد، لا يشك في أنه حال، فأُريد عطف حال على حال، فهو أكثر مناسبة من عطف مفعول معه على حال؛ لذا وجب أو كثر فيها حذف الواو.

 

فالضمير المنفصل في هذا الباب يُؤتى به لغرضين: الأول للمعية، والثاني للتوكيد، ولكون الأول معنى أساسيًّا دون الثاني، كثرت من دونه شواهده في القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، وقوله تعالى: ﴿ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ﴾ [هود: 72].

 

فقد وجب ربط الضمير المنفصل هنا بالواو؛ لأنه ما جيء به في هذا المقام، إلا لغرض المعية، فزوجة إبراهيم عليه السلام، حين بشرتها الملائكة بأن الله سبحانه، سيهب لها ولدًا، وقالت: (أألد وأنا عجوز)، لم ترد في كلامها أن تتعجب من كونها امرأة عجوزًا، أو من إنجابها، فحصول كل من هذين الأمرين وحده ليس غريبًا، وإنما أرادت أن تتعجب من نتيجة الجمع بينهما؛ أي: كيف تلد مع أنها عجوز، وكذلك لم يرد الله سبحانه أن يقول: (فلا تجعلوا لله أندادًا) وحدها، ولا (وأنتم تعلمون) وحدها، وإنما أراد جل شأنه المعنى الحاصل من اجتماعهما، فشدَّد نهيه لمن يشرك بالله مع علمه بهذا الإشراك وبطلانه وإثمه.

 

فالجملة بعد الواو في هاتين الآيتين صارت متمِّمة لمعنى ما قبلها، فلا مجال للضمير المنفصل هنا أن يكون للتوكيد أو الإيضاح أو التقرير؛ لأنه مشتغل بما هو أهم.

 

وقد بيَّنا في الفصل الأول أن الزجاج ومن تبِعه أجازوا الوجهين عندما تعرَّضوا لإعراب قوله تعالى: ﴿ فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ [الأعراف: 4]؛ حيث منعوا إضمار واو الحال في هذه الآية، لعدم الحاجة إليها لوجود الضمير العائد، ثم قرنوها بغيرها من الأمثلة من غير المعطوفة على حال، فقالوا: كما جاز أن نقول: جاءني زيد راجلًا أو هو فارس، جاز أن نقول: جاءني زيد هو فارس، وقد صرح بعض الدارسين المحدثين بجواز الوجهين مستشهدًا بالآيات السابقة المرتبطة بالواو وغير المرتبطة موحدًا بينهما في الحكم[7].

 

وأستطيع هنا أن أُضيف إلى السبب اللفظي الذي ذكرته في موضعه في الفصل الأول السبب المعنوي الذي دفع هذا الفريق من النحويين إلى جواز الوجهين في الجملة المصدرة بضمير منفصل، هو أنهم خلَطوا بين غرض المعية الذي يوجب ربط الضمير بالواو، وبين غرض التوكيد الذي لا يوجب ذلك.

 

نستنتج من هذا أنه لا يَصِح إعمام حكم الجواز، ولا حكم الوجوب وأن كُلًّا من الفريقين وقَع في مأخذ مناظر لمأخذ الفريق الثاني.

 

فقد مرَّ أن الجرجاني حكم بشذوذ حذف الواو في: نحو: جاءني زيد هو يسرع، وفساد هذا الأسلوب، حتى جعل ذكر الضمير المنفصل منفردًا بدون الواو لغوًا.

 

وهذا هو حكم مذهب جمهور النحويين؛ إذ لم يجيزوا حذف الواو البتة، وهو حكم صحيح في الأمثلة التي استشهدوا بها، إلا أنه لاستناده إلى أن الجملة المرتبطة بالواو وغير المرتبطة، يعنيان كلاهما معنى الحال، فقد شمل أيضًا الآيات التي وردت فيها الجمل الاسمية الحالية المصدرة بضمير منفصل وهي غير مرتبطة بالواو.

 

فقد وردت غير مرتبطة بالواو بصيغة ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 39] في عشرة مواضع من القرآن الكريم[8] وبصيغة: ﴿ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 82] في أربعة مواضع[9].

 

وكذلك وردت غير مرتبطة بالواو في قوله تعالى: (﴿ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 107]، وفي قوله تعالى: ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴾ [الأنبياء: 98]، وفي قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 11]، وفي قوله تعالى: ﴿ وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ﴾ [الزخرف: 48].

 

فلو أن الجرجاني وجمهور النحويين قالوا بأن المرتبطة بالواو، هي مفعول معه، وغير المرتبطة هي حال، لما وقعوا في مثل هذا المأخذ الكبير من حيث لم يشعروا، إذ كيف تسنى للنحويين والجرجاني (رحمه الله) أن يحكموا بشذوذ حذف الواو في الجمل الحالية المصدرة بضمير منفصل، وكيف تسنَّى لهم أن يحكموا بفساد مثل هذا الأسلوب، مع ورود هذا الأسلوب في القرآن الكريم؟ وكيف يصدر من الجرجاني وفي كتابه دلائل الإعجاز مثل هذا الحكم؟

 

وكذلك لما وقع الفريق الثاني الذين أجازوا عدم الربط بالواو مطلقًا في المأخذ الذي وقع فيه جمهور النحويين؛ ذلك أن الجملة المصدَّرة بضمير منفصل في نحو قوله تعالى: ﴿ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 22]، وقوله تعالى: ﴿ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ ﴾ [هود: 72]، يجوز حسب مذهبهم حذف الواو منها، وأن تتلى فلا تجعلوا لله أندادًا أنتم تعلمون، وأن تتلى: أألد أنا عجوز، وهو حذف غير مستساغ، بل هو فاسد، كما قال الجرجاني بحق، ويتضح فساد هذا الحذف في نحو قوله تعالى:

﴿ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾ [يوسف: 14]، وفي قوله تعالى: ﴿ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [القصص: 11]، وفي قوله تعالى: ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾ [القلم: 19].

 

فحذف الواو في هذه الشواهد القرآنية، يجعل الكلام فيها مفككًا، لا معنى له؛ لأنه يجرد الجملة الاسمية من أي رابط يربطها بما قبلها، لعدم صلاح الضمير المنفصل فيها للعود إليه، وهذا مُمتنع بالإجماع.

 

وهذا أيضًا أوضحُ دليل على أن الضمير المنفصل هنا، جيء به لغرض المعية، لا لغرض التوكيد، أو لغرض ربطه بصاحب الحال، ولهذا وجب ربطه بالواو؛ لأنه أصبح شأن الاسم الظاهر الأجنبي؛ نحو: أقبل زيد وعمرو يتكلم.

 

لا شك أن الذي استدرج الفريقين للوقوع في هذا المأخذ وذاك، قولهم بواو الحال، الذي قادهم إلى عدم التفريق بين الجملة التي جاز فيها حذف الواو لعدم وجوب إرادة معنى المعية فيها، وبين التي وجب فيها الربط بالواو لوجوب إرادة هذا المعنى.

 

والحقيقة أن قضية الربط بالواو - من حيث الجواز والوجوب والمنع - غير متعلقة بالقواعد اللفظية التي حدَّدها النحويون، فقد بيَّنا في الفصل الأول أن النحويين منعوا ربط الجملة الحالية بالواو عند وقوعها بعد (إلا)؛ حتى حكموا بشذوذ ذكرها في هذا الموضع، إلا أنهم مع ذلك أوجبوا ربطها في نحو: ما كلمت أحدًا إلا وزيد حاضر معه[10].

 

فحالات الربط بواو الحال إذًا يتحكم فيها المعنى، فإذا تعينت المعية في جمل وامتنعت فيها الحالية، وجب ربطها بالواو في أي موضع وقعت، وفي أي صيغة كانت والعكس صحيح.



[1] التأويل النحوي، ص779-780.

[2] شرح المفصل لابن يعيش 2/ 66.

[3] تقريب المقرب لأبي حيان الاندلسي، ص64.

[4] دلائل الإعجاز، ص215-216.

[5] الحجة 2/ 158-159.

[6]في هذا الباب من كتب البلاغة: الإيضاح، غير المحقق، ص23، وجواهر البلاغة، ص123.

[7] التأويل النحوي 1/ 779.

[8] في سورة البقرة، من الآية 39، ومن الآية 81، ومن الآية 217، ومن الآية 257، ومن الآية 275، وفي سورة آل عمران من الآية 116، وفي سورة الأعراف من الآية 36، وفي سورة يونس، من الآية 27، وفي سورة الرعد من الآية 5، وفي سورة المجادلة من الآية 17.

[9] في سورة البقرة من الآية 82، وفي سورة الأعراف من الآية 42، وفي سورة يونس من الآية 26، وفي سورة هود من الآية 23.

[10] شرح المفصل لابن يعيش 2/ 93.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التأويل بالحال السببي
  • إضمار (أن) ومعنى العطف
  • النصب على الصرف مذهب الكوفيين
  • النصب بغير إضمار أن عند جماعة من البصريين
  • المفعول معه بصيغة المضارع المرفوع والجملة الاسمية
  • إلغاء المفعول معه الجملة وظهور واو الحال الداخلة على الجملة
  • القول بواو الحال ألغى معنى الحال

مختارات من الشبكة

  • معنى الحال ورفع المضارع بعد الواو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • وجوب الربط بالواو(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حالات صفة صلاة الوتر على المذهب الحنبلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حالات الربط بواو الحال(مقالة - حضارة الكلمة)
  • واو الحال وواو المصاحبة في ميزان المعنى(مقالة - حضارة الكلمة)
  • واو الحال وواو المصاحبة في ميزان الفصل والوصل(مقالة - حضارة الكلمة)
  • علة جواز ربط الجملة الحالية بالواو دون الوصفية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من مائدة الفقه: الاغتسال(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى اسم النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم في اثنتين وثمانين لغة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فصل آخر: في معنى قوله تعالى: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين}(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية
  • مسلمات سراييفو يشاركن في ندوة علمية عن أحكام زكاة الذهب والفضة
  • مؤتمر علمي يناقش تحديات الجيل المسلم لشباب أستراليا ونيوزيلندا
  • القرم تشهد انطلاق بناء مسجد جديد وتحضيرًا لفعالية "زهرة الرحمة" الخيرية
  • اختتام دورة علمية لتأهيل الشباب لبناء أسر إسلامية قوية في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/6/1447هـ - الساعة: 11:7
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب