• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | المكتبة المرئية   المكتبة المقروءة   المكتبة السمعية   مكتبة التصميمات   كتب د. خالد الجريسي   كتب د. سعد الحميد  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    نفحات تربوية من الخطب المنبرية (PDF)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    شرح كتاب الأصول الثلاثة: من قول المؤلف: فدليل ...
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    أفضل الصيغ: جمع لأفضل الصيغ الواردة في التشهد، ...
    أحمد علي سالم أحمد
  •  
    المنهل الروي بشرح منظومة الإمام اللغوي محمد بن ...
    أ. د. حسن بن محمد بن علي شبالة
  •  
    وفد النصارى.. وصدق المحبة..
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    لقط الفوائد ونتف الفرائد للإمام العلامة يوسف بن ...
    د. إياد العكيلي
  •  
    التذكير بما ورد في فضل التهجير (PDF)
    سعد بن صالح بن محمد الصرامي
  •  
    شذرات الفوائد من صحيح البخاري (PDF)
    د. ابراهيم شذر حمد الصجري
  •  
    لقاء حول الفتوى والاجتهاد (PDF)
    أ. د. عبدالله بن محمد الطيار
  •  
    الموسوعة الندية في الآداب الإسلامية - آداب ...
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    خمسون قاعدة في فقه البيوع (PDF)
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    تدبر سورة العاديات (PDF)
    عبدالله عوض محمد الحسن
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

التحذير الشديد من آفة التقليد (خطبة)

التحذير الشديد من آفة التقليد (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2023 ميلادي - 13/6/1445 هجري

الزيارات: 12465

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التَّحذِيرُ الشَّدِيد من آفَةِ التَّقْلِيد


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَالتَّقْلِيدُ: هُوَ أَنْ يَتْبَعَ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ فِيمَا يَقُولُ أَوْ يَفْعَلُ، مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَتَأَمُّلٍ فِي الدَّلِيلِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْمُتَّبِعَ جَعَلَ قَوْلَ الْغَيْرِ أَوْ فِعْلَهُ قِلَادَةً فِي عُنُقِهِ. فَالتَّقْلِيدُ: هُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِلَا حُجَّةٍ، وَلَا دَلِيلٍ.

 

وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَشْرَعْ لِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِقَوْلِ أَحَدٍ - يُوجِبُ مَا يُوجِبُهُ، وَيُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُهُ، وَيُبِيحُ مَا يُبِيحُهُ - غَيْرَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَهُوَ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّبَاعِهِ، وَالْتِزَامِ قَوْلِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَتَصْدِيقِ خَبَرِهِ، وَأَمَّا سِوَاهُ فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ، وَلَا يُجْعَلُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى دِينِ اللَّهِ؛ إِذِ الْحُجَّةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

 

وَلِذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى أُنَاسًا قَلَّدُوا آبَاءَهُمْ وَزُعَمَاءَهُمْ وَسَادَتَهُمْ دُونَ حُجَّةٍ وَدَلِيلٍ: فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 170]، وَهَذِهِ عَادَةٌ لَمْ تَشِذَّ عَنْهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ: ﴿ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 22-23].

 

وَقَالَ تَعَالَى – فِي ذَمِّ اتِّبَاعِ الرُّؤَسَاءِ وَالْكُبَرَاءِ وَتَقْلِيدِهِمْ بِلَا حُجَّةٍ، وَلَا بُرْهَانٍ: ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَاْ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 66-68]. وَالْآيَاتُ وَإِنْ كَانَتْ فِي شَأْنِ الْكُفَّارِ؛ إِلَّا أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى ذَمِّ التَّقْلِيدِ، قَالَ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (فَهَذِهِ الْآيَاتُ وَغَيْرُهَا مِمَّا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ ‌نَاعِيَةً ‌عَلَى ‌الْمُقَلِّدِينَ مَا هُمْ فِيهِ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَ تَنْزِيلُهَا فِي الْكُفَّارِ، لَكِنَّهُ قَدْ صَحَّ تَأْوِيلُهَا فِي الْمُقَلِّدِينَ لِاتِّحَادِ الْعِلَّةِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، وَأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا).

 

فَأَقْوَالُ الْآبَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَالْعُلَمَاءِ لَا تُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّمَا تُقَيَّدُ بِالشَّرْعِ؛ إِذِ الْمَعْصُومُ الَّذِي تُؤْخَذُ أَقْوَالُهُ عَلَى إِطْلَاقِهَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ: 59]؛ فَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِطَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ عَلَى إِطْلَاقِهَا، وَقَيَّدَ طَاعَةَ وُلَاةِ الْأَمْرِ – وَهُمُ الْعُلَمَاءُ وَالْأُمَرَاءُ – بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهَذَا هُوَ سِرُّ عَدَمِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ: "أَطِيعُوا" مَعَ وُلَاةِ الْأَمْرِ.

 

وَمِنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمُ الذَّامَّةُ لِلتَّقْلِيدِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ:

1- قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَلَا ‌لَا ‌يُقَلِّدَنَّ ‌رَجُلٌ ‌رَجُلًا دِينَهُ، فَإِنْ آمَنَ آمَنَ، وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ).

 

2- وَقَالَ مُعَاوِيَةُ - لَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (‌أَنْتَ ‌عَلَى ‌مِلَّةِ ‌عَلِيٍّ؟ قَالَ: لَا، وَلَا عَلَى مِلَّةِ عُثْمَانَ، وَلَكِنِّي عَلَى مِلَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَأَمَّا أَقْوَالُ أَهْلُ الْعِلْمِ - مِنْ غَيْرِ الصَّحَابَةِ - فَكَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى، وَمِنْ ذَلِكَ:

1- قَالَ ابْنُ حَزْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ ‌التَّقْلِيدَ ‌لَا ‌يَحِلُّ ‌الْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا التَّقْلِيدُ أَخْذُ الْمَرْءِ قَوْلَ مَنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ لَمْ يَأْمُرْنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِاتِّبَاعِهِ قَطُّ، وَلَا يَأْخُذُ قَوْلَهُ؛ بَلْ حَرَّمَ عَلَيْنَا ذَلِكَ، وَنَهَانَا عَنْهُ).

 

2- وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ‌تَقْلِيدُ ‌شَخْصٍ ‌بِعَيْنِهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْتِزَامُ مَذْهَبِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا يُوجِبُهُ وَيُخْبِرُ بِهِ؛ بَلْ كُلُّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).

 

وَالتَّقْلِيدُ بِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ أُوجِدَتْ بَعْدَ الْقُرُونِ الْمُفَضَّلَةِ: اسْتَدْرَجَ بِهِ الشَّيْطَانُ فِئَةً عَظِيمَةً مِنَ الْأُمَّةِ، وَجَرَفَهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى اتِّبَاعِ غَيْرِهِ مِنَ الْبَشَرِ، وَأَنْزَلَ أَقْوَالَهُمْ مَنْزِلَةَ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ؛ حَيْثُ تُعَظَّمُ أَقْوَالُهُمْ وَتَقَدَّسُ، وَيُدَافَعُ عَنْهَا، وَيُبْغَضُ لِأَجْلِهَا وَيُحَبُّ!

 

وَمَا حَدَثَ التَّقْلِيدُ إِلَّا حِينَ ضَعُفَ الْعِلْمُ، وَتَمَسَّكَ بِهِ الْجُهَّالُ وَالْعَوَامُّ: وَعَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى عَلَى مَرِّ الدُّهُورِ فِي الْأَنَامِ، وَالَّذِي تَوَلَّى أَمْرَ التَّقْلِيدِ هُمُ الْجُهَّالُ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَلَا يُقَلِّدُونَ؛ إِذِ التَّقْلِيدُ لَيْسَ عِلْمًا، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِنَّ النَّاسَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْعِلْمَ هُوَ الْمَعْرِفَةُ الْحَاصِلَةُ عَنِ الدَّلِيلِ، وَأَمَّا بِدُونِ الدَّلِيلِ ‌فَإِنَّمَا ‌هُوَ ‌تَقْلِيدٌ... وَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ وَرَثَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَجْهَدُ وَيَكْدَحُ فِي رَدِّ مَا جَاءَ بِهِ إِلَى قَوْلِ مُقَلِّدِهِ وَمَتْبُوعِهِ، وَيُضَيِّعُ سَاعَاتِ عُمْرِهِ فِي التَّعَصُّبِ وَالْهَوَى، وَلَا يَشْعُرُ بِتَضْيِيعِهِ؟ تَاللَّهِ إِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ، وَرَمَتِ الْقُلُوبَ فَأَصْمَتْ، رَبَا عَلَيْهَا الصَّغِيرُ، وَهَرِمَ فِيهَا الْكَبِيرُ).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. إِنَّ الْأَخْذَ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الْحَقُّ الْعَاصِمُ مِنَ الزَّيْغِ: وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مَهْمَا كَانَتْ مَنْزِلَتُهُ، فَنَحْنُ مُتَعَبِّدُونَ بِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا بِأَقْوَالِ الْبَشَرِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ التَّقْلِيدُ مَزْلَقًا مِنَ الْمَزَالِقِ الَّتِي تَحْرِفُ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَالْمَنْهَجِ الْحَقِّ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَإِنَّمَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ ‌وَتَفَاقَمَ ‌أَمْرُهُ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ وَأَهْلِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ فَرَّقُوا الدِّينَ وَصَيَّرُوا أَهْلَهُ شِيَعًا، كُلُّ فِرْقَةٍ تَنْصُرُ مَتْبُوعَهَا، وَتَدْعُو إِلَيْهِ، وَتَذُمُّ مَنْ خَالَفَهَا، وَلَا يَرَوْنَ الْعَمَلَ بِقَوْلِهِمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ مِلَّةٌ أُخْرَى سِوَاهُمْ، يَدْأَبُونَ وَيَكْدَحُونَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَيَقُولُونَ: "كُتُبُهُمْ، وَكُتُبُنَا، وَأَئِمَّتُهُمْ وَأَئِمَّتُنَا، وَمَذْهَبُهُمْ وَمَذْهَبُنَا").

 

وَلَا يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الطَّعْنُ فِي أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَعُلَمَائِهِ الْأَجِلَّاءِ: وَاحْتِقَارُهُمْ وَازْدِرَاءُ أَقْوَالِهِمْ، وَخَاصَّةً الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ؛ فَأَهْلُ الْعِلْمِ وَالْأَئِمَّةُ يُجَلُّونَ وَيُقَدَّرُونَ وَيُعْرَفُ لَهُمْ فَضْلُهُمْ وَمَكَانَتُهُمْ وَأَمَانَتُهُمْ، فَقَدْ كَانُوا نَاصِحِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ، وَحَرَصُوا عَلَى إِبْلَاغِهِ لِلنَّاسِ.

 

فَأَقْوَالُهُمْ مَوْضِعُ الِاحْتِرَامِ وَالتَّقْدِيرِ، يُسْتَعَانُ بِفَهْمِهِمْ، وَيُسْتَضَاءُ بِنُورِ عِلْمِهِمْ؛ لِبَيَانِ مَعْنَى النُّصُوصِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهَا مَا وَافَقَ الدَّلِيلَ، وَيُرَدُّ مَا خَالَفَهُ، فَلَا تُهْدَرُ كُلُّ أَقْوَالِهِمْ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُ كُلُّهَا؛ فَهُمْ بَشَرٌ يُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ، وَهُمْ مَعْذُورُونَ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ؛ بَلْ مَأْجُورُونَ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. فَهُمْ أَرَادُوا الْحَقَّ، وَسَعَوْا إِلَيْهِ، وَاجْتَهَدُوا فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا يَعْنِي هَذَا قَبُولَ كُلِّ مَا قَالُوهُ، فَقَدْ يَقَعُ مِنْهُمُ الْخَطَأُ وَالْهَفْوَةُ، قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَقَدْ ‌نَهَى ‌الْأَئِمَّةُ ‌الْأَرْبَعَةُ ‌عَنْ تَقْلِيدِهِمْ، وَذَمُّوا مَنْ أَخَذَ أَقْوَالَهُمْ بِغَيْرِ حُجَّةٍ).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. إِنَّ أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا تُجْعَلُ أَصْلًا تُحْمَلُ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ؛ بَلْ هِيَ تَابِعَةٌ لَا مَتْبُوعَةٌ: وَمِنَ الْخَلَلِ فِي الْمَنْهَجِ أَنْ تُعَظَّمَ تِلْكَ الْأَقْوَالُ، وَيُتَعَدَّى بِهَا مَقَامُهَا، وَتُسَخَّرَ النُّصُوصُ لِخِدْمَتِهَا؛ بَلْ تُلْوَى أَعْنَاقُهَا لِتَصُبَّ فِي مَصَبِّهَا، دَعْكَ مِنَ التَّبْرِيرَاتِ وَالتَّأْوِيلَاتِ الْبَارِدَةِ، وَتَعْظُمُ الْمُصِيبَةُ إِذَا كَانَ الْمُبَرِّرُ لِقَوْلِهِ مِنَ الْمُنَظِّرِينَ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ مِنَ الْمُتَرَبِّعِينَ عَلَى قِمَمِ الْجَمَاعَاتِ الْمُنْتَسِبَةِ لِلْإِسْلَامِ، أَوِ الْأَحْزَابِ الَّتِي ضَجَّ مِنْهَا أَهْلُ الْإِسْلَامِ، وَالَّتِي شَوَّهَتْ جَمَالَهُ، وَذَهَبَتْ بِبَهَائِهِ، وَالَّتِي دَفَعَتْ فِئَةً عَظِيمَةً مِنْ أُمَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَى الِانْحِرَافِ عَنِ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ، وَتَنَكُّبِ سُلُوكِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آفة التقليد الأعمى (خطبة)
  • والله الغني وأنتم الفقراء (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية والإعراض عن الآخرة الباقية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • من مائدة الحديث: التحذير من الإضرار بالمسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من كتابي: التحذير من فتنة التكفير، وصيحة نذير(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السنامكي لعلاج الإمساك(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • التحذير من التقليد الأعمى(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خطبة المسجد النبوي 4/3/1433 هـ - التحذير من ضياع الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وجوب صلة الرحم وفضلها والتحذير الشديد من قطعها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب: الحفاظ على مقصد حفظ النفس في الشريعة(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • من فضائل النبي: أن الله تعالى قذف حبه الشديد في قلوب أمته التي جاءت من بعده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث أبي هريرة: ليس الشديد بالصرعة وغيره(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو
  • مركز تعليمي إسلامي جديد بمنطقة بيستريتشينسكي شمال غرب تتارستان
  • 100 متطوع مسلم يجهزون 20 ألف وجبة غذائية للمحتاجين في مينيسوتا
  • مسابقة الأحاديث النبوية تجمع أطفال دورات القرآن في بازارجيك
  • أعمال شاملة لإعادة ترميم مسجد الدفتردار ونافورته التاريخية بجزيرة كوس اليونانية
  • مدينة نابريجناي تشلني تحتفل بافتتاح مسجد "إزجي آي" بعد تسع سنوات من البناء
  • انتهاء فعاليات المسابقة الوطنية للقرآن الكريم في دورتها الـ17 بالبوسنة
  • مركز ديني وتعليمي جديد بقرية كوياشلي بمدينة قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/3/1447هـ - الساعة: 10:36
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب