زوجي يفضل أصدقاءه علي

بسم الله الموفِّق للصواب

وهو المستعان

سلامٌ عليك، أما بعدُ:

فلعلَّ الأسطرَ الأخيرة مِن استشارتك تُلَخِّص بعض أسباب مشكلتك، والتي تُشير جميعُها إلى أنك السبب الرئيس في اتِّساع الفجْوة بينك وبين زوجك.

اهتمامُك بنفسك وتزيُّنك - أختي الكريمة - ينبغي أن يكون جزءًا لا يتجزأ مِن أُسلوب حياتك، تزيَّني بأحسن زينتك حبًّا لذاتك، وحبًّا للجمال لذات الجمال، لا رغبةً في إقامة علاقة حميمة على الفراش، وسواء التفتَ زوجك إلى زينتك أو لم يلتفتْ، فينبغي ألا يُؤثرَ ذلك على استمرارك في التزيُّن والعناية بنفسك؛ لأنها الطبيعة التي تنشأ عليها كل أنثى؛ ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ ﴾ [الزخرف: 18]، وليس لأنك امرأة متزوجة!

لكن لأنك قد عودتِ زوجك منذ بداية زواجك حتى اللحظة على رُؤية الصورة الرَّثَّة للأنثى؛ لَم تعدْ تلك الصورة المثيرة التي لا يتمالك أن يديمَ النظر إليها تلفت نظره إليها، بل إنَّ ربطك التزيُّن شرطيًّا برغبتك في إقامة علاقةٍ حميمةٍ له انعكاساتٌ سلبيةٌ في ذِهْن زوجك، فأرجو أن تعطي الأنثى بداخلك حقَّها من الاهتمام والتجمل في الزينة، وتذكَّري أن زوجك ولا بد قد يرى - بقصد أو بدون قصد - مِن الصوَر الحية في الطريق أو في التلفاز أو الجوال ما يكفيه لإشباع حاجته الفطرية إلى رؤية الحسن والجمال، ومِن التقصير في حق زوجك ترْكُ هذه المهمة لأنثى غيرك، مثلما مِن النشوز عن زوجك منع نفسك منه.

الأمر الآخر أنَّ مِن حق كل إنسان أن يحتفظَ لنفسه بمساحة خاصة من الوقت، يخلو فيها بنفسه أو يختلي فيها مع بعض أصدقائه، فالمشكلةُ ليستْ في الصداقة والأصدقاء، بل في تفضيل وقت الصديق على وقت الزوج، ومنحه النسبة الأكبر من اليوم، لذلك يبدأ حل المشكلة بطرْح سؤال صريح على نفسك حول ما يجده زوجك عند أصدقائه خارج بيته ولا يجده عندك في بيته؟!

وبصياغة أخرى: ما الحاجات غير المُشْبِعة عند زوجك التي يبحث عن تعويضها عند أصدقائه؟!

راجعي فضلاً دور "الصاحبة" التي يفترض بها أن تكونَ نِعْم الزوجة وأفضل الأصدقاء، وتلمَّسي حاجةَ زوجك إلى الشعور بالمُتْعة والمرَح والأنس، فلعل زوجك يفْتَقد إلى مثْل هذه الأمور في صحبته معك؛ إما بسبب شخصيتك، أو بسبب أسلوب تعامُلك معه، أو لكثرة مَطالبك في ظل ضغوط الغربة والدراسة، وليكنْ لك مثله وقت للصداقة تشتغلين فيه بنفسك عن زوجك.

إضافةً إلى كل ما سبق أؤكِّد على أهمية تصحيح صورك الذهنية السلبية عن الأنثى بداخلك وعن زوجك (المقصر، الخائن، البخيل، القاسي)، واستبدلي بها صورًا أخرى أكثر إيجابية نحو: (الزوج المحبّ، المشبِع، المُخْلِص، الكريم، الحنون)، ثم تعامَلي مع نفسك وزوجك وفقًا لهذه الصور الإيجابية الجديدة، ولا تَيْئَسي مِن صلاح زوجك، إلا أن تَيْئَسي من صلاح نفسك، راجية أن يرجعَ الحالُ بينكما إلى المودَّة والصفاء، وأنت وزوجك في أحسن حال وأنعم بال، اللهم آمين.

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب