زوجتي تطلب الطلاق بسبب منعي لها من السفر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم على تواصلك معنا وثقتك في شبكة الألوكة.

قبل أن نُجيبك ونسترسل معك في مشكلتك نُحبُّ أن نُقدِّمَ أمرين مهمين:

الأول: لا بد مِن الصبر على الابتلاء بالزوجة والأبناء؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التغابن: 14].

الثاني: كون زوجتك أخطأتْ ووقعتْ في بعض الذنوب، فهذا لا يُعفيك من مُحاسبة نفسك وتفقُّد أحوالها؛ فقد يُصاب الزوجُ في زوجه وولده بسبب ذنوبه هو، وفي هذا يُؤثَر عن بعض السلَف أنه قال: "إني لأعلم ذنبي في خُلُقِ زوجتي ودابتي".

أما ما يتعلَّق بمشكلتك كزوجٍ صار له عشر سنوات في حياته الزوجية مع زوجه وأولاده، فإننا نُقدر لك صنيعك مع زوجتك التي أخطأتْ بتناولها المُسكِر وسَترتَ عليها، كما أنك كنتَ مُصيبًا في مَنْعِها مِن صديقات السوء اللائي أغوينَها حتى وَصَلَتْ إلى هذا الحال، ولا شك أنها أخطأتْ؛ ويبدو أنها لا تزال مُصِرَّة على الخطأ!

والسؤال هو: لماذا تُصرُّ على كلِّ هذه الأمور؟

صديقات السوء - شرب المسكر - السفر بدون محرم... إلخ.

أريدك أن تسألَ نفسك هذه الأسئلة مِن باب المراجَعة والتقييم قبل اتخاذ أي قرار بالطلاق ونحوه:

• هل زوجتك تُعاني مِن فراغٍ كبيرٍ بحيث ملأتْ هؤلاءِ الصديقاتُ حياتها، بينما انسحبتَ أنتَ مِن حياتها؟

• هل تعيش معك جَفافًا عاطفيًّا بحيث تُقَدِّم لها وجبة الطعام بينما هي تفتقد للوجبة العاطفية والحب الحقيقي منك؟

• هل تُعامِلها بشدة ولا تَتَلَطَّف معها؟ وهل لوظيفتك علاقةٌ بأخلاقك معها؟

الهدف مِن هذه الأسئلة صُنعُ تصوُّر عام لنقاط القوة والضعف عندك، والهدفُ النهائيُّ بلا شك هو عدم الوُقوع في الظُّلم، وتُحسَب لك مواقفك الإيجابية السابقة في الستر عليها ومُحاوَلة علاجها.

أما بخصوص طلَبِها الطلاق بسبب منعها مِن السفر بدون مَحرمٍ، فهنا أمران:

• الغرض من السفر - وليس واضحًا لنا - هل هو غرض مشروع أو لا؟ وإن كان مشروعًا هل يرتقي لدرجة الوجوب كحج الفريضة، أو هو مندوب فحسب، أو دون ذلك؟!

• سفر المرأة (يومًا وليلة) بدون مَحرمٍ بغض النظَر عن الهدف مِن السفر - ممنوعٌ لذاتِه، لكنه ليس مبررًا كافيًا لتحديد مسألة الطلاق مِن عدمها.

وعليه فليس مِن حقها طلب الطلاق لمجرد المنع مِن السفر- غير المبرر شرعًا - ولا يجب عليك طلاقها؛ بل الأمر عائد إليك إن رأيتَ أن الاستمرار في محاولات إصلاحها أفضل وأرجح، وهذا الخيارُ هو ما نُفضِّله دومًا؛ لأنَّ البديل عادة يكون سيئًا، خاصة مِن جهة الأبناء وتشردهم بين أبوين مُنفَصِلينِ.

أما بخُصوص زيارة الأبناء لأمهم في بيت جدتهم، ووجود بيئة فاسدة يُخشى مِن تأثيرها عليهم، فهنا ينبغي عليك العمل على أمرين تجاه أبنائك:

• حمايتهم مِن بيئة الفساد.

• تزويدهم بالحنان الوالدي، وذلك بعدم منعهم مِن رؤية أمهم.

لذلك قد يكون الأجدى في هذه الحالة أمرين:

• أن تمنعهم مِن الذهاب، وأن تشترطَ على الأم أن تلتقِيَهم في مكانٍ خارج بيت جدتهم بحيث تكون بيئةً نظيفةً.

• أن تذهبَ معهم إلى بيت جدتهم - إن تَيَسَّر لك ذلك - أو توكِّل شخصًا موثوقًا بمُراقبتهم والإشراف عليهم في بيت جدتهم.

نرجو أن تستمرَّ في محاولات الإصلاح، وتوسيط حكمين؛ (حَكَمٍ مِن أهلك، وحَكَمٍ مِن أهلها)، إنْ تفاقَمت الأمورُ، لعل الله يُصلح قلبها ويَهديها سواء السبيل.

نسأل الله أن يهديَ لك زوجك، وأن يُصلح لك أبناءك

والله الموفق