حديث: أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها برصاء أو مجنونة أو مجذومة

حديث: أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها بَرصَاء أو مجنونة أو مجذومة

عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها بَرصَاء أو مجنونة أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه إياها، وهو له على من غره منها؛ أخرجه سعيد بن منصور ومالك وابن أبي شيبة، ورجاله ثقات، وروى سعيد أيضًا عن علي نحوه وزاد: أو بها قرن، فزوجها بالخيار، فإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها؛ ومن طريق سعيد بن المسيب أيضًا قال: قضى به عمر في العنين أن يؤجل سنة. ورجاله ثقات.

المفردات:

سعيد بن المسيب: هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ أو عابد بن عمران بن مخزوم بن يقظة المخزومي القرشي، أحد العلماء الأثبات، الفقهاء الكبار، وقد ولد سعيد بن المسيب لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، ويذكر أنه جلس ثلاثين سنة لم يؤذن للصلاة إلا وهو في المسجد، كما يذكر أنه ما فاتته صلاة الجماعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، وكان رحمه الله يعتم بعمامة بيضاء على قلنسوة لطيفة ويرخي طرف العمامة من ورائه شبرًا، كما كان يعتم أحيانًا بعمامة سوداء، ولا سيما في الفطر والأضحى، قال الحافظ في التقريب: اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علمًا منه، مات بعد التسعين وقد ناهز الثمانين.

برصـاء: أي مريضة بالبرص وهو داء يشوه الجلد، ويبيضه.

أو مجنونة: أي فاقدة العقل.

أو مجذومة: أي مصابة بالجذام، والجذام كغراب علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيْأتها، وربما انتهى إلى تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرُّح.

فلها الصداق بمسيسه إياها: أي فلها المهر بسبب دخوله بها.

وهو له على مَن غرَّه منها: أي قيمة المهر للزوج في ذمة الذي غشه فيها.

سعيد بن منصور: هو سعيد بن منصور بن شعبة أبو عثمان الخراساني، نزيل مكة ثقة مصنف؛ قال الحافظ في التقريب: وكان لا يرجع عما في كتبه لشدة وثوقه به؛ اهـ، وتوفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائتين، وقيل بعدها وقد أخرج له الجماعة.

وابن أبي شيبة: هو أبو بكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي الأصل الكوفي، ثقة حافظ صاحب تصانيف، توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين، وقد تقدمت له ترجمة موجزة في أوائل الجزء الأول.

وروى سعيد أيضًا عن علي نحوه وزاد: أي وأخرج سعيد بن منصور عن علي رضي الله عنه مثل أثر عمر رضي الله عنه.

أو بها قرن: قوله أو هي لعطف بها قرن على قوله أو مجذومة في الرواية الأولى، والمراد بالقرن شيء ينبت في فرج المرأة وحيا الناقة، كالسن يمنع من الوطء وهو كالأدرة في الرجال، وتسمى القرن أو العَفَلة، وهي من عيوب المرأة.

فزوجها بالخيار: أي يثبت الخيار لزوجها إن تحقَّق وجود ذلك فيها.

فإن مسها فلها المهر: يعني إن دخل بها فلها المهر.

بما استحل من فرجها: أي بسبب استباحته لبضعها.

ومن طريق سعيد بن المسيب أيضًا: أي وأخرج سعيد بن منصور من طريق سعيد بن المسيب كذلك.

في العنين: أي في الرجل العنين وهو الذي لا يستطيع الوطء لعدم انتشار عضوه، وهو عيب في الرجل.

أن يؤجل سنة: أي أن يطلب الحاكم من زوجته أن تنتظر سنة إذا طالبت بحقها لعله أن يزول ما به، إذ يقال: إن هذا المرض قد يحصل في بعض فصول السنة ويزول في بعضها.

البحث:

قال الحافظ في تلخيص الحبير: قوله: روي عن عمر: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون، أو جذام، أو برص فمسها، فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليها، سعيد بن منصور عن هشيم عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب عنه نحوه، وهو في الموطأ عن يحيى وعند الشافعي عن مالك، وعند ابن أبي شيبة عن ابن إدريس عن يحيى، وفي الباب عن علي أخرجه سعيد أيضًا؛ اهـ، وقال في التلخيص أيضًا: حديث أن عمر أجل العنين سنة، البيهقي من رواية ابن المسيب عنه، قوله: وتابعه العلماء عليه: نقله البيهقي عن علي والمغيرة وغيرهما، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة عنهما وعن ابن مسعود؛ اهـ، قال القاضي عياض: اتفق كافة العلماء على أن للمرأة حقًّا في الجماع، فيثبت الخيار لها إذا تزوجت المجبوب والممسوح جاهلة بهما، ويضرب للعنين أجل سنة لاختبار زوال ما به؛ اهـ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من المودة والرحمة، يوجب الخيار، وهو أولى من البيع، كما أن الشروط المشروطة في النكاح أولى بالوفاء من الشروط في البيع.

ما يستفاد من ذلك:

1- ثبوت الخيار للزوج أو الزوجة إذا اكتشف بعد الزواج عيبًا منفرًا في زوجه.

2- أنه إذا دخل الزوج بالزوجة واكتشف العيب بعد الدخول، فعليه المهر لها بما استحل من فرجها، وله أن يرجع بالمهر على الذي غره منها.

3- أن المرأة إذا اكتشفت أن زوجها عنين وطالبت بحقها في الجماع، يؤجل العنين سنة، فإن زال ما به وإلا ثبت الخيار لها.