• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الدعوة الاسلامية في كوريا الجنوبية لوون سوكيم
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المرأة والاستهلاك: رؤية اقتصادية
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    البشرة الجافة والتشققات الجلدية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا
    غازي أحمد محمد
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: منهج السماحة
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    تخليل الأصابع حماية من الفطريات
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قصة فيها عبرة (الأصمعي والبقال)
    بكر البعداني
  •  
    العناية بالقدمين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    العناية بالأظافر في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    قراءات اقتصادية (60) نهب الفقراء
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الوسطية منهج وقيمة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    قراءات اقتصادية (59) الثلاثة الكبار في علم ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    سيرة المحدث المربي فضيلة الشيخ الدكتور خلدون ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    فوائد البنوك: الخطر الذي يهدد العالم
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: تصنيف ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    إزالة الأذى والسموم من الجسوم في الطب النبوي
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

أرجى آيات القرآن (1)

خطبة: أرجى آيات القرآن (1)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/5/2019 ميلادي - 24/9/1440 هجري

الزيارات: 29593

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أرجى آيات القرآن (1)

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْغَفَّارِ التَّوَّابِ، الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ؛ لَهُ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْعَظِيمَةِ عَطَايَا وَهِبَاتٌ، وَلَهُ عَفْوٌ كَثِيرٌ وَغُفْرَانٌ وَرَحَمَاتٌ، وَمَا شَرَعَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ إِلَّا لِيَرْحَمَ الْعِبَادَ، وَمَا أَعْطَاهُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِلَّا لِيُعْظِمَ لَهُمُ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ؛ فَلَهُ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى عَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا يَعْفُو أَحَدٌ كَعَفْوِهِ، وَلَا يُعْطِي أَحَدٌ كَعَطَائِهِ، بَلْ كُلُّ عَفْوٍ وَرَحْمَةٍ وَعَطَاءٍ فِي الْخَلْقِ فَهُوَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ كَثِيرَ الرَّجَاءِ فِي اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ، فَيَقُومُ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَيَعْتَكِفُ عَشْرَ رَمَضَانَ لِيَخْلُوَ لِلْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِيمَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي؛ فَإِنَّهَا خَيْرُ اللَّيَالِي، وَأَحْسِنُوا خِتَامَ الشَّهْرِ الْكَرِيمِ فَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، وَرُبَّ دَعْوَةٍ خَرَجَتْ مِنَ الْقَلْبِ فَاسْتُجِيبَ لَهَا، وَرَبَّ دَمْعَةٍ سَالَتْ مِنَ الْعَيْنِ فَغُفِرَ لِلْعَبْدِ بِهَا، وَرُبَّ تَوْبَةٍ نَصُوحٍ هُدِيَ الْعَبْدُ إِلَيْهَا، وَرُبَّ مُنَاجَاةٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَوِ السَّحَرِ رُحِمَ الْعَبْدُ بِسَبَبِهَا، وَرُبَّ هَمٍّ لَازَمَ الْعَبْدَ عَامَهُ كُلَّهُ أَزَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْعَشْرِ، فَأَلِحُّوا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ، وَأَلِظُّوا بِيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ؛ فَإِنَّكُمْ تَدْعُونَ رَبًّا قَرِيبًا مُجِيبًا، سَمِيعًا بَصِيرًا، مُطَّلِعًا عَلَى سَرَائِرِكُمْ، عَالِمًا بِأَحْوَالِكُمْ وَحَاجَاتِكُمْ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: هَذِهِ اللَّيَالِي هِيَ لَيَالِي الرَّجَاءِ، وَفِيهَا يُتْلَى الْكِتَابُ، وَهُوَ كِتَابُ رَجَاءٍ وَخَوْفٍ، وَتَرْغِيبٍ وَتَرْهِيبٍ، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ. وَفِي بَعْضِ آيَاتِهِ مِنَ الرَّجَاءِ مَا يُبَدِّدُ الْخَوْفَ، وَيُزِيلُ الْحُزْنَ، وَيَرْبِطُ عَلَى الْقَلْبِ، وَيَسْتَدِرُّ الدَّمْعَ؛ لِنَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَفُوٌّ غَفُورٌ رَحِيمٌ.

 

وَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا إِنَّهَا أَرْجَى آيَاتِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزُّمَرِ: 53]. «فَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَعْوَةٌ لِجَمِيعِ الْعُصَاةِ مِنَ الْكَفَرَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ، وَإِخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ تَابَ مِنْهَا وَرَجَعَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَهْمَا كَانَتْ، وَإِنْ كَثُرَتْ وَكَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ».

 

وَقَدْ جَاءَ عَنْ جَمْعٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّهَا أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ الْعِبَادَ إِلَى نَفْسِهِ لِقَصْدِ تَشْرِيفِهِمْ وَتَبْشِيرِهِمْ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ ﴾ ثُمَّ وَصَفَهُمْ بِالْإِسْرَافِ فِي الْمَعَاصِي، وَالِاسْتِكْثَارِ مِنَ الذُّنُوبِ، ثُمَّ عَقَّبَ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْقُنُوطِ مِنَ الرَّحْمَةِ لِهَؤُلَاءِ الْمُسْتَكْثِرِينَ مِنَ الذُّنُوبِ، فَالنَّهْيُ عَنِ الْقُنُوطِ لِلْمُذْنِبِينَ غَيْرِ الْمُسْرِفِينَ مِنْ بَابِ أَوْلَى، ثُمَّ جَاءَ بِمَا لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَكٌّ، وَلَا يَتَخَالَجُ فِي الْقَلْبِ عِنْدَ سَمَاعِهِ ظَنٌّ، فَقَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ﴾ فَيَا لَهَا مِنْ بِشَارَةٍ تَرْتَاحُ لَهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا الظَّنَّ بِرَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، الصَّادِقِينَ فِي رَجَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ، الْخَالِعِينَ لِثِيَابِ الْقُنُوطِ، الرَّافِضِينَ لِسُوءِ الظَّنِّ بِمَنْ لَا يَتَعَاظَمُهُ ذَنْبٌ، وَلَا يَبْخَلُ بِمَغْفِرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، الْمُتَوَجِّهِينَ إِلَيْهِ فِي طَلَبِ الْعَفْوِ، الْمُلْتَجِئِينَ بِهِ فِي مَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِمْ، وَمَا أَحْسَنَ مَا عَلَّلَ سُبْحَانَهُ بِهِ هَذَا الْكَلَامَ قَائِلًا: ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ أَيْ: كَثِيرُ الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، عَظِيمُهُمَا بَلِيغُهُمَا وَاسْعُهُمَا. وَيَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ مَغْفِرَتِهِ سُبْحَانَهُ قِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ ثُمَّ تَابَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فَتَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.

 

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَوْسَعُ مِنْ: ﴿ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾». وَجَاءَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ﴾ [الْفُرْقَانِ: 68]، وَنَزَلَتْ: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾ [الزُّمَرِ: 53]» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَلِذَا كَانَ السَّلَفُ يَكْرَهُونَ مَنْ يُيَئِّسُ النَّاسَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَمَنْ يُقَنِّطُهُمْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ اعْتِمَادًا عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ وَمَثِيلَاتِهَا، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ، فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «إِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفَقِيهِ مَنْ لَمْ يُقَنِّطِ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ، وَلَمْ يُؤَمِّنْهُمْ عَذَابَ اللَّهِ، وَلَمْ يَدَعِ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ...».

 

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «قَدْ دَعَا اللَّهُ إِلَى مَغْفِرَتِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللَّهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ يَدَ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِهَؤُلَاءِ: ﴿ أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 74]، ثُمَّ دَعَا إِلَى تَوْبَتِهِ مَنْ هُوَ أَعْظَمُ قَوْلًا مِنْ هَؤُلَاءِ، مَنْ قَالَ: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النَّازِعَاتِ: 24]، وَقَالَ: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [الْقَصَصِ: 38]. فَمَنْ آيَسَ عِبَادَ اللَّهِ مِنَ التَّوْبَةِ بَعْدَ هَذَا فَقَدْ جَحَدَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى...».

 

وَمَرَّ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى قَاصٍّ وَهُوَ يُذَكِّرُ النَّاسَ فَقَالَ: «يَا مُذَكِّرُ لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟ ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾».

 

فَالتَّوْبَةُ لَيْسَتْ مُغْلَقَةً عَنْ أَحَدٍ مَهْمَا بَلَغَتْ ذُنُوبُهُ مَا دَامَتِ الرُّوحُ فِي جَسَدِهِ وَلَمْ يُغَرْغِرْ بِهَا. وَالرَّحْمَةُ لَيْسَتْ مَحْجُوبَةً عَنْ تَائِبٍ مَهْمَا كَانَ جُرْمُهُ، كَيْفَ وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ يَرْحَمُ مِنَ الْعُصَاةِ خَلْقًا كَثِيرًا اسْتَوْجَبُوا الْعُقُوبَةَ فَيَعْفُو عَنْهُمْ.

 

وَمِنْ أَرْجَى الْأَزْمَانِ لِقَبُولِ التَّوْبَةِ وَالْغُفْرَانِ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَأَرْجَى رَمَضَانَ عَشْرُهُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَقَدْ أَقْسَمَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَلْنَجْتَهِدْ -عِبَادَ اللَّهِ- فِيمَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ اللَّيَالِي الْعَظِيمَةِ، وَلْيَزْدَدْ أَهْلُ الْإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَلْيَتُبْ أَهْلُ التَّقْصِيرِ مِنْ تَقْصِيرِهِمْ، وَلْيَنْدَمِ الْمُذْنِبُونَ عَلَى ذُنُوبِهِمْ، وَلْيَثُوبُوا إِلَى رُشْدِهِمْ، وَيَؤُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، وَلْنَرْجُ عَفْوَ رَبِّنَا وَمَغْفِرَتَهُ، وَنُحْسِنِ الظَّنَّ بِهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا نَقْنَطْ مِنْ رَحْمَتِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَهْلَكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا هَالِكٌ ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النُّورِ: 31].

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوهُ إِذْ بَلَّغَكُمُ الشَّهْرَ الْكَرِيمَ، وَوَفَّقَكُمْ لِصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ؛ فَكَمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَحْرُومِينَ مِنْهُ، مَصْدُودِينَ عَنْهُ، أَغْوَتْهُمْ شَيَاطِينُهُمْ فَمَا حَفَلُوا بِهِ مِنْ كُفَّارٍ وَعُصَاةٍ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185].

 

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنَ الشَّعَائِرِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُخْتَمُ بِهَا هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ، وَهِيَ زَكَاةُ الْبَدَنِ إِذْ أَبْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى حَوْلًا كَامِلًا، وَهِيَ كَذَلِكَ تُرَقِّعُ مَا تَخَرَّقَ مِنَ الصِّيَامِ، وَتُغْنِي الْفُقَرَاءَ عَنِ الْحَاجَةِ يَوْمَ الْعِيدِ، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

 

وَتُخْرَجُ مِنْ قُوتِ الْبَلَدِ، أَوْ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّعَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَالسُّنَّةُ أَنْ تُخْرَجَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَأَخْرِجُوهَا عَنْ أَنْفُسِكُمْ وَمَنْ تَلْزَمُكُمْ نَفَقَتُهُمْ.

 

وَيُشْرَعُ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ لَيْلَةَ الْعِيدِ؛ تَعْظِيمًا لِشَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِعْلَانًا بِهَا. وَمِنْ دَلَائِلِ قَبُولِ رَمَضَانَ الاسْتِمْرَارُ عَلَى الطَّاعَاتِ بَعْدَهُ، وَالدَّيْمُومَةُ عَلَيْهَا فِي كُلِّ آنٍ وَحَالٍ؛ فَإِنَّ «أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

 

وَمِنْ مُوَاصَلَةِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ رَمَضَانَ صِيَامُ سِتِّ شَوَّالٍ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَيَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْعِيدِ، وَعَدَمُ الِاسْتِهَانَةِ بِالْغِنَاءِ وَالْمَعَازِفِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُعَارِضُ التَّقْوَى الَّتِي تَعَلَّمَهَا الْمُؤْمِنُ فِي رَمَضَانَ، وَقَدْ عُلِّقَ قَبُولُ الْأَعْمَالِ عَلَى التَّقْوَى ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 27].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مقدمة الجامع لروائع البيان في تفسير آيات القرآن
  • جوامع المعاني من آيات القرآن الكريم
  • علم الفلك: تفسير آيات القرآن في الكون
  • أسباب ترتيب آيات القرآن الكريم
  • لا تحزنوا: فوائد أصولية مقاصدية من الآيات القرآنية
  • فضل سور وآيات القرآن
  • أرجى آيات القرآن (2)
  • أرجى آيات القرآن (3)
  • أرجى آيات القرآن (4)
  • أرجى آيات القرآن (5)
  • أرجى آيات القرآن (6)
  • أرجى آيات القرآن (7)

مختارات من الشبكة

  • أرجى آية في القرآن الكريم(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أرجى آية في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • فوائد من حديث: يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله مع المفسر الشوكاني(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أرجى آية في كتاب الله (عز وجل)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التربية في القرآن الكريم: توجيهات تربوية لبعض آيات القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو
  • إعادة افتتاح مسجد تاريخي في أغدام بأذربيجان
  • ستولاك تستعد لانطلاق النسخة الثالثة والعشرين من فعاليات أيام المساجد
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/2/1447هـ - الساعة: 16:32
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب