تراجم أعيان الأسر العلمية في مصر خلال القرن الرابع عشر الهجري لجلال حمادة

تراجم أعيان الأسر العلمية في مصر

خلال القرن الرابع عشر الهجري لجلال حمادة

صدر حديثًا كتاب "تراجم أعيان الأسر العلمية في مصر خلال القرن الرابع عشر الهجري"، تأليف: "جلال محمد حمادة"، نشر: "دار الفتح للنشر والتوزيع" بالأردن.

وهذه الدراسة في مجلدين كبيرين، والكتابُ ثمرة جهد امتد أكثر من ثمان سنوات، وقد وُلِدت فكرةُ الكتاب في أحضان مكتبة النسابة المحقق والمسند المدقق؛ فضيلة الشيخ "محمد آل رشيد"، وساعد الباحث بتيسير محتوى مكتبته، للاستفادة منها في الدراسة، كما زيَّنَ الكتاب بمقدمة قيمة.

وقد حوى المجلد الأول الأسر العلمية الكبيرة؛ التي نبغ فيها أربعةُ علماء فأكثر. وجمعت (143) أسرة.

وحوى المجلد الثاني الأسر العلمية الصغيرة؛ التي نبغ فيها عالمان أو ثلاثة. وجمعت (395) أسرة.

وقد جمعَ الكتابُ سير أعيان هذه الأسر ورسومهم، واعتمد الكاتب في هذا الجمع على المسطور، وعلى ما استقر في الصدور.

وفكرة هذا العمل المبارك أنه جمع بين دفتيه الأسر العلمية والأقارب العلماء في عصر واحد وبلد واحد، فكان عمله ذا شرط بذل جهده في تحقيقه؛ حيث إنه لم يقتصر على ما في الكتب والمجلات، بل وصل به الأمر إلى السؤال الشفهي للأقارب والتلاميذ عن العلماء وما يتعلق بهم من تاريخ وفاتهم وكتبهم ونحو ذلك، كما سافر للمحافظات المصرية لأخذ المعلومات منهم، ولذا وجد في هذا الكتاب من المعلومات القيمة ما لا يوجد في الكتب الأخرى، إضافة إلى تصحيح أوهام وأخطاء وقع فيها بعض أهل التراجم.

ويمتاز هذا البحث بالبعد عن التحيز الفكري أو الديني؛ فقد أدخل فيه كل من وافق شرطه، ففيه حتى من غير المسلمين، جمعهم رحم العلم العائلي.

وقد بين الكاتب منهجه في تلك الترجمات على النحو الآتي:

1- يرتب الأسر على ألقابها ترتيبًا هجائيًا، مبتدئًا بحرف الاسم الأول، ثم بضم ما يليه إليه مع إغفال «أل» التعريف، ولفظ «أبو» إن وجد في لقب الأسرة، وعند تشابه الألقاب يضع بين قوسين علامة على هذه الأسرة إما بذكر بلد أو فن أو نحو ذلك.

2- يورد الترجمة وافية قدر الاستطاعة؛ بأن تعرض أطوار حياته، وتذكر طرقًا من آثاره العلمية.

3- يعتمد التاريخ الهجري، وما يعادله من التاريخ الميلادي، إلا الأحداث المشهورة بالتاريخ الميلادي فيتركها كما هي.

4- يقتصر على ذكر العصبات في الأسرة، وفي الأغلب القريب منها، والإشارة إلى الأرحام، والأسباط، والأصهار، والأعلام من قبل القرن الرابع عشر.

5- يترجم لمن كان من أهل مصر، أو من انتسب إليها؛ إما بمولد، وإما بسكنى ووفاة، وإن لم يكن أصوله منها، ويستبعد الأسر التي من خارج مصر وقدم أحد أفرادها إليها واستقر فيها دون بقية الأسرة.

6- يورد صورة للمترجم له على قدر الاستطاعة؛ لأن الصورة في نظر الكاتب ترسم للقارئ محياه، وتميزه عن غيره، فيمكن أن تلحظ من محياه ما لا تقرؤه في سيرته، وفي الصورة يتعرف الناظر على أزياء هذه المرحلة الزمنية، وتطورها من حالة إلى أخرى.

7- يختم الترجمة بالمصادر التي رجع إليها لمن طلب الزيادة موثقًا ذلك في الهامش.

8- يعتمد المذهب القائل بتأنيث وتذكير المناصب؛ لأن مذهب التغليب أصبح لا معنى له مع احتلال المرأة تلك المناصب في أكثر الدول.

ومن لطائف هذه (المعلمة) التي تدلل على أهمية ما جاء فيها وجود أعلام لا تدل أسماؤهم على الصلة النسبية بينهم؛ لغلبة اسم الشهرة، أو عدم ذكر لقب الأسرة في التراجم أو المؤلفات، أو لأسمائهم المركبة، وإليك بعض الأمثلة:

1- الشيخ إبراهيم بن حسن الطباخ الشافعي (ت: 1343هـ)؛ هو والد الأستاذ أحمد أمين (ت: 1373هـ).

2- ومحمود رشاد بك (ت: 1344هـ)؛ هو الأخ الأكبر للأستاذ أحمد زكي شيخ العروبة (ت: 1353هـ).

3- والفقيه الأصولي الشيخ أمين محمد الشيخ (ت: 1361هـ)؛ عمه شيخ الحنابلة الشيخ أحمد بسيوني (ت: 1337هـ).

4- والكاتب المكثر عبد الله حسين، هو ابن عم العالم الأزهري الشيخ أحمد عبد الجواد «أبو صغير» (ت: 1383هـ). وغيرهم.

علاوة على ذلك كله فقد ترجم في الحواشي تراجم مهمة لمن هم ليسوا على شرطه في الكتاب، ولكن لمرور أسمائهم في ثنايا الكتاب، ولندرة تراجمهم.

وهو جهد مبارك، يتميز بالدقة والجدة، وفيه تتبع دقيق وتوثيق للأحداث الصحيحة في تراجم من ضمهم الكتاب.