• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دعاوى المستشرقين
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإلحاد الناعم: حين يتسلل الشك من نوافذ الجمال ...
    أ. محمد كمال الدلكي
  •  
    أخطاء الموارد البشرية: رؤى مع بدر شاشا
    بدر شاشا
  •  
    كيف تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات؟!
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    مخطوط فقده مؤلفه: الاستمساك بأوثق عروة في الأحكام ...
    د. أحمد عبدالباسط
  •  
    وداعا شيخ المحققين
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    القرآن واللغة العربية والحفاظ على الهوية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    أعلام فقدوا بناتهم
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ‌مؤلفات ابن الجوزي في التراجم المفردة
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    التفاوض على الراتب أم قبول أي عرض؟
    بدر شاشا
  •  
    إشكاليات البناء المعرفي للشباب المسلم: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

من سنن الله تعالى في خلقه (11) {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}

من سنن الله تعالى في خلقه (11) {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/12/2024 ميلادي - 9/6/1446 هجري

الزيارات: 11980

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من سنن الله تعالى في خلقه (11)

﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾

 

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾ [الْأَعْلَى: 2-5]، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَادِيًا وَمُعَلِّمًا، وَمُبَشِّرًا وَمُنْذِرًا، فَفَتَحَ بِهِ قُلُوبًا غُلْفًا، وَأَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَرَاقِبُوهُ فَلَا تَعْصُوهُ، وَاحْمَدُوهُ إِذْ هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سُنَنُ اللَّهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ ثَابِتَةٌ لَا تَتَبَدَّلُ، وَوَاقِعَةٌ لَا تَتَحَوَّلُ ﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ﴾ [فَاطِرٍ: 43]. وَفَهْمُ سُنَنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْبَشَرِ يُعِينُ الْعَبْدَ عَلَى مُوَافَقَتِهَا، وَيَقِيهِ شَرَّ مُخَالَفَتِهَا، وَيَتَلَمَّسُ أَسْبَابَهَا، فَيَنْجُو فِي دُنْيَاهُ مِنْ بَلَاءٍ مُؤَكَّدٍ، وَيَنْجُو فِي آخِرَتِهِ مِنْ عَذَابٍ مُحَقَّقٍ.

 

وَمِنَ السُّنَنِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ، الْمُتَكَرِّرِ وُقُوعُهَا فِي تَارِيخِ الْبَشَرِ سُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ، وَهِيَ مِنْ دَلَائِلِ قُوَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَضَعْفِ الْبَشَرِ، وَمِنْ دَلَائِلِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُوَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْبَشَرَ وَلَيْسَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِمْ، وَكَلَّفَهُمْ بِحَمْلِ دِينِهِ، وَوَعَدَهُمْ بِالْجَزَاءِ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى اسْتِبْدَالِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ، وَالْآيَاتُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ وَمُنَوَّعَةٌ:

فَمِنْهَا آيَاتٌ يُذْكَرُ فِيهَا قُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اسْتِبْدَالِ قَوْمٍ بِآخَرِينَ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ عَلَيْهِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ﴾ [النِّسَاءِ: 133]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 19-20]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾ [الْإِنْسَانِ: 28].

 

وَآيَاتٌ أُخْرَى يُذْكَرُ فِيهَا غِنَى اللَّهِ تَعَالَى عَنْ خَلْقِهِ وَفَقْرُهُمْ إِلَيْهِ، مَعَ ذِكْرِ قُدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ عَلَى اسْتِبْدَالِ قَوْمٍ بِآخَرِينَ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 133]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾ [فَاطِرٍ: 15 - 17]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الْوَاقِعَةِ: 60-61].

 

وَلِسُنَّةِ الِاسْتِبْدَالِ سَبَبٌ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ؛ لِيَعْرِفَهُ الْمُؤْمِنُونَ، وَيَتَذَكَّرُوهُ فِي قِرَاءَتِهِمْ لِلْقُرْآنِ، فَلَا يَأْتُونَهُ لِئَلَّا تَحِقَّ عَلَيْهِمْ سُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ، وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ تَرْكُ الدِّينِ كُلِّهِ، أَوْ تَرْكُ نُصْرَتِهُ وَالذَّوْدِ عَنْهُ؛ فَفِي اسْتِبْدَالِ مَنْ تَرَكُوا الدِّينَ كُلَّهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 54]، فَإِذَا ارْتَدَّ قَوْمٌ عَنْ إِيمَانِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَضُرُّونَ أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِاسْتِبْدَالِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ، يَحْمِلُونَ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَنْصُرُونَهُ. وَفِي الْآخِرَةِ بِالْخُلْدِ فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزُّمَرِ: 7]، وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِبْدَالِ قَوْمٍ بِآخَرِينَ خَيْرٍ مِنْهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ [الْمَعَارِجِ: 40-41].

 

وَنُصْرَةُ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى تَكُونُ بِاللِّسَانِ وَالْمَالِ وَالسِّنَانِ؛ فَنُصْرَتُهُ بِاللِّسَانِ بِتَعْلِيمِ الْعِلْمِ وَنَشْرِهِ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَنُصْرَتُهُ بِالْمَالِ تَكُونُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْجِهَادِ الشَّرْعِيِّ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِنْفَاقِ فِي كَافَّةِ سُبُلِ الْخَيْرِ. وَنُصْرَتُهُ بِالسِّنَانِ تَكُونُ بِالْجِهَادِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي غَايَتُهُ إِعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنُصْرَةُ دِينِهِ. وَفِي مُضِيِّ سُنَّةِ الِاسْتِبْدَالِ عَلَى مَنْ تَرَكُوا نُصْرَةَ الْإِسْلَامِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التَّوْبَةِ: 38-39]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [مُحَمَّدٍ: 38].

 

وَسُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ قَدْ تَكُونُ بِهَلَاكٍ عَامٍّ يُصِيبُ الْمُسْتَبْدَلِينَ كَمَا أَهْلَكَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْمَ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمَ لُوطٍ وَقَوْمَ شُعَيْبٍ وَفِرْعَوْنَ وَجُنْدَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَمْكِينِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَوِرَاثَتِهِمْ لِلْأَرْضِ بَعْدَ إِهْلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنْدِهِ ﴿ وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 137]، وَهُوَ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ؛ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 6]. وَقَدْ تَكُونُ سُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ بِنَقْلِ الْفَضِيلَةِ مِنْ أُمَّةٍ إِلَى أُخْرَى؛ كَمَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَضَّلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ الَّتِي قَبْلَهُمْ وَالَّتِي عَاصَرَتْهُمْ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 16]، وَامْتَنَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ بِهَذَا التَّفْضِيلِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 47].

 

وَلَمَّا بُعِثَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَفَرَ بِهِ قَوْمٌ وَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ؛ فَحَقَّ الِاسْتِبْدَالُ عَلَى مَنْ كَفَرُوا بِهِ، وَالتَّمْكِينُ لِمَنْ آمَنُوا بِهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴾ [الصَّفِّ: 14]، فَظَهَرَ النّصَارَى عَلَى الْيَهُودِ قُرُونًا طَوِيلَةً، وَسُلِّطُوا عَلَيْهِمْ فَعَذَّبُوهُمْ وَأَذَلُّوهُمْ، فَجَرَتْ فِي الْيَهُودِ سُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 131-132].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَمَّا حَرَّفَ النَّصَارَى كُتُبَهُمْ، وَتَرَكُوا دِينَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ سُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ، فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ؛ لِيُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، فَآمَنَ بِهِ قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنَ الْفُرْسِ وَمِنَ الْيَهُودِ وَمِنَ النَّصَارَى، فَاسْتَحَقُّوا الْخَيْرِيَّةَ وَالتَّفْضِيلَ وَالتَّمْكِينَ، وَكَفَرَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَأَكْثَرُ الْفُرْسِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَحَقَّتْ عَلَيْهِمْ سُنَّةُ الِاسْتِبْدَالِ، وَانْتَقَلَتِ الْخَيْرِيَّةُ إِلَى مَنْ دَانَ بِالْإِسْلَامِ كَمَا خَاطَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 110].

 

وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَتَمَ النُّبُوَّةَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَضَى بِبَقَاءِ الْإِسْلَامِ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَرَفْعِ الْعَذَابِ الْعَامِّ؛ فَإِنَّ سُنَّةَ الِاسْتِبْدَالِ تَحَوَّلَتْ مِنَ اسْتِبْدَالِ أُمَّةٍ بِالْإِهْلَاكِ الْعَامِّ إِلَى نَقْلِ التَّفْضِيلِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ قَوْمٍ إِلَى آخَرِينَ، فَمَنْ تَرَكَ الْإِسْلَامَ أَوْ تَرَكَ نُصْرَتَهُ أَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَحْمِلُ رَايَةَ الْإِسْلَامِ وَيَنْشُرُهُ وَيُدَافِعُ عَنْهُ، وَتَسْرِي هَذِهِ السُّنَّةُ الرَّبَّانِيَّةُ عَلَى الدُّوَلِ وَالطَّوَائِفِ وَالْأَفْرَادِ، وَهِيَ سُنَّةٌ مَاضِيَةٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَلِذَا حَمَلَ لِوَاءَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَرِّ تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ أَجْنَاسٌ شَتَّى، وَدُوَلٌ عِدَّةٌ مِنَ الْعَرَبِ وَالْفُرْسِ وَالْكُرْدِ وَالتُّرْكِ وَغَيْرِهِمْ. كُلَّمَا ضَعُفَ قَوْمٌ عَنْ نُصْرَةِ الدِّينِ اسْتَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ غَيْرَهُمْ مِمَّنْ يَنْشُرُهُ وَيَنْصُرُهُ.

 

بَلْ إِنَّ سُنَّةَ الِاسْتِبْدَالِ تَطُولُ النَّاسَ فِي أَيِّ تَمْكِينٍ لَهُمْ لَمْ يَقُومُوا بِوَاجِبِهِ، أَفْرَادًا كَانُوا أَمْ جَمَاعَاتٍ أَمْ دُوَلًا، كَمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا يَبْذُلُونَهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: «أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ؟ فَاحْذَرُوا أَنْ تَمَلُّوا النِّعَمَ فَتَصِيرَ نِقَمًا» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

 

إِنَّ مَنْ عَلِمَ سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الِاسْتِبْدَالِ تَجَنَّبَ أَسْبَابَهُ؛ لِئَلَّا تَتَحَوَّلَ نِعَمُهُ إِلَى نِقَمٍ، وَعَافِيَتُهُ إِلَى بَلَاءٍ، وَعِزُّهُ إِلَى ذُلٍّ. وَأَخَذَ بِأَسْبَابِ حِفْظِ النِّعَمِ، وَدَفْعِ النِّقَمِ، وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ بِاسْتِقَامَتِهِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنُصْرَتِهِ لِدِينِهِ الْقَوِيمِ ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الْحَجِّ: 40-41].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من سنن الله تعالى في خلقه (1)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (2)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (3)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (4)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (5)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (6)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (7)
  • من سنن الله تعالى في خلقه (8) سنة الاستدراج
  • من سنن الله تعالى في خلقه (10) التدرج في الأمر والنهي

مختارات من الشبكة

  • ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سنن الصلاة (سنن عامة في باب الصلاة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سنن الصلاة (سنن الأذكار بعد الصلاة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سنن الصلاة (سنن أدعية الاستفتاح)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من سنن الصلاة (سنن المواقيت)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود ( شرح سنن أبي داود )(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الإقبال على الخير من علامات التوفيق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإنباء بما سمعه الإمام النووي من الأجزاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موارد ومصادر (إلقام الحجر لمن زكى ساب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما) للعلامة السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • موارد ومصادر (الثغور الباسمة في مناقب السيدة فاطمة رضي الله عنها) للعلامة السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/6/1447هـ - الساعة: 18:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب