• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    زيت الزيتون المبارك: فوائده وأسراره والعلاج به من ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    الحضارات والمناهج التنويرية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    نماذج لفقهاء التابعين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    قهر الملة الكفرية بالأدلة المحمدية لتخريب دير ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    صدام الحضارات بين زيف الهيمنة الغربية وخلود ...
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير العلمي: كيف ...
    محمد نواف الضعيفي
  •  
    حقوق البيئة
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الأرض: رؤية من الخارج
    سمر سمير
  •  
    من أعلام الأدب الرشيد (عماد الدين خليل أنموذجا)
    د. منير لطفي
  •  
    شرح منهاج البيضاوي لعز الدين الحلوائي التبريزي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    إشكالية اختيار الثغر: كيف يجد الشاب المسلم دوره ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    أسباب فيروس كورونا
    د. صباح علي السليمان
  •  
    قراءات اقتصادية (68) الانهيار الكبير
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب الطاعون والوقاية منه
    د. صباح علي السليمان
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

أخلاقيات القيادة وواجبات المسؤول (خطبة)

أخلاقيات القيادة وواجبات المسؤول (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/4/2025 ميلادي - 3/11/1446 هجري

الزيارات: 5317

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخلاقيات القيادة وواجبات المسؤول


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ التَّنَاقُضَ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ عَلَامَةٌ لِسُقُوطِ الْمَسْؤُولِ، فَالرَّئِيسُ الَّذِي يَتَحَدَّثُ عَنِ الْأَمَانَةِ – وَهُوَ يَسْرِقُ، وَالَّذِي يَطْلُبُ مِنَ الْعَامِلِينَ مَعَهُ الِالْتِزَامَ بِالْعَمَلِ – وَهُوَ آخِرُ مَنْ يَحْضُرُ؛ يَمْحُو بِتَصَرُّفِهِ عَشَرَاتِ الْأَقْوَالِ الْفَاضِلَةِ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ. وَقَدْ قِيلَ: مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ تَصْحِيحَ أَخْطَاءِ نَفْسِهِ، فَلَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَكُونَ مُقَوِّمًا لِأَخْطَاءِ الْآخَرِينَ.

 

فَالْمَسْؤُولِيَّةُ عَظِيمَةٌ، وَالْمَنَاصِبُ أَمَانَةٌ، وَهِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، وَكُلُّ رَئِيسٍ سَيُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ أَمَانَتِهِ الَّتِي وُكِلَتْ إِلَيْهِ، وَعَنْ مَرْؤُوسِيهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الْحِجْرِ: 92-93]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌كُلُّكُمْ ‌رَاعٍ ‌وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ أَخْلاَقِيَّاتِ الْقِيَادَةِ وَوَاجِبَاتِ الْمَسْؤُولِ[1]:

1- أَدَاءُ الْأَمَانَةِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [الْمَعَارِجِ: 32]. الْمَنْصِبُ أَمَانَةٌ وَمَسْئُولِيَّةٌ كُبْرَى، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمَسْؤُولِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ فِي الَّذِينَ يَعْمَلُونَ تَحْتَ رِئَاسَتِهِ؛ فَيَحْفَظَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَلَا يُكَلِّفَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَلَا يَسْتَغِلَّهُمْ لِخِدْمَتِهِ، وَيُحَافِظَ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَسْرَارِ وَالْمُمْتَلَكَاتِ الْمُؤْتَمَنِ عَلَيْهَا، وَلْيَعْلَمْ بِأَنَّ الْمَنَاصِبَ تَكْلِيفٌ لَا تَشْرِيفٌ، وَلَا تَدُومُ؛ بَلِ الْعُمْرُ يَفْنَى، وَسَيُحَاسَبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

 

2- التَّوَاضُعُ: فَالرَّئِيسُ النَّاجِحُ هُوَ مَنْ يُظْهِرُ التَّوَاضُعَ وَاللِّينَ، وَلَا يَتَكَبَّرُ عَلَى أَحَدٍ، وَيَسْتَسْلِمُ لِلْحَقِّ، وَيَتَوَاضَعُ لِلْخَلْقِ، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلَّا فِي رَأْسِهِ حَكَمَةٌ[2] بِيَدِ مَلَكٍ[3]؛ فَإِذَا تَوَاضَعَ[4] قِيلَ لِلْمَلَكِ: ارْفَعْ حَكَمَتَهُ[5]، وَإِذَا تَكَبَّرَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ‌دَعْ ‌حَكَمَتَهُ[6]» حَسَنٌ – رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الْكَبِيرِ". وَالنَّاسُ تُبْغِضُ الْمُتَكَبِّرَ، فَكُنْ مُسْتَعِدًّا لِلِاعْتِذَارِ – عِنْدَ الْخَطَأِ.

‌

تَوَاضَعْ ‌تَكُنْ ‌كَالنَّجْمِ لَاحَ لِنَاظِرٍ
عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهْوَ رَفِيعُ[7]

 

3- الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْمَالِ، وَالتَّنَزُّهُ عَنِ الْحَرَامِ: فَلَا يُتَّخَذُ الْمَنْصِبُ مَطِيَّةً لِنَيْلِ الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ؛ بِالتَّحَايُلِ، أَوِ النَّهْبِ، أَوِ السَّلْبِ، أَوِ الْغَصْبِ، أَوِ الرِّشْوَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ[8]» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَدَايَا الْعُمَّالِ سُحْتٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ سَبِيلُهَا سَبِيلَ سَائِرِ الْهَدَايَا الْمُبَاحَةِ، وَإِنَّمَا يُهْدَى إِلَيْهِ لِلْمُحَابَاةِ، وَلِيُخَفِّفَ عَنِ الْمُهْدِي، وَيُسَوِّغَ لَهُ بَعْضَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، وَهُوَ خِيَانَةٌ مِنْهُ، وَبَخْسٌ لِلْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ اسْتِيفَاؤُهُ لِأَهْلِهِ)[9].

 

4 حُسْنُ التَّصَرُّفِ: فَالرَّئِيسُ الْكَيِّسُ لَدَيْهِ الْقُدْرَةُ عَلَى إِصْدَارِ الْقَرَارِ، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْلِيلِ الْمَوْقِفِ، وَالْوَعْيِ بِالْعَوَامِلِ الْمُؤَثِّرَةِ فِيهِ، وَالنَّتَائِجِ الْمُحْتَمَلَةِ مِنْ هَذَا الْقَرَارِ.

 

5- التَّخْطِيطُ الْجَيِّدُ، وَتَنْظِيمُ الْعَمَلِ: وَيَشْهَدُ لَهُ مَا جَاءَ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يُوسُفَ: 47-49].

 

6- الْعَدْلُ وَالْإِنْصَافُ، وَتَرْكُ الظُّلْمِ: مِنْ أَعْظَمِ الظُّلْمِ بَخْسُ النَّاسِ حُقُوقَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ﴾ [هُودٍ: 85]. فَالرَّئِيسُ الْمُوَفَّقُ يَتَعَامَلُ بِعَدْلٍ وَإِنْصَافٍ مَعَ الْعَامِلِينَ مَعَهُ، وَفِي كِتَابَةِ تَقَارِيرِهِمْ، وَتَوْزِيعِ الْمَسْؤُولِيَّاتِ عَلَيْهِمْ، وَالْأَعْمَالِ الْمُوكَلَةِ لَهُمْ بِالتَّسَاوِي، فَلَا يُرْهِقُ فُلَانًا، وَيَتْرُكُ فُلَانًا خَالِيًا مِنَ الْعَمَلِ.

 

7- التَّحَلِّي بِالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ: فَالْمَسْؤُولُ الْمُتَّصِفُ بِالْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ يَعْظُمُ فِي النُّفُوسِ، وَتَصْدُقُ بِهِ خَطَرَاتُ الظُّنُونِ، وَيَفْرَحُ بِهِ كُلُّ عَامِلٍ، وَالْمُوَفَّقُ هُوَ مَنْ يَنْشُرُ الْأُلْفَةَ، وَيَشْكُرُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَيَضْبِطُ انْفِعَالَاتِهِ، وَيَرْفُقُ بِمَنْ مَعَهُ.

 

8- الْعِفَّةُ فِي اللِّسَانِ وَالْمَالِ: وَالْعِفَّةُ: هِيَ تَرْكُ الْقَبِيحِ؛ فَيَكُفُّ لِسَانَهُ عَنْ أَعْرَاضِ مَنْ مَعَهُ، وَلَا يَأْكُلُ حَرَامًا؛ سَوَاءٌ كَانَ رِشْوَةً، أَوِ اسْتِئْثَارًا لِلْأَقْرِبَاءِ بِمَا لَا يَحِقُّ لَهُمْ، وَلَا يَسْتَغِلُّ مَنْصِبَهُ فِي سَرِقَةِ الْمَالِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً، وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

 

9- الشُّورَى: فَالْمُدِيرُ الْعَاقِلُ مَنْ يُشَاوِرُ أَهْلَ الْاخْتِصَاصِ، وَيَنْتَفِعُ بِرَأْيِ أَصْحَابِ الْخِبْرَةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَبِدُّ بِرَأْيِهِ، وَالْمُنْفَرِدُ بِقَرَارَاتِهِ؛ فَالْفَوْضَى عَلَى بَابِهِ.

 

شَاوِرْ سِوَاكَ إِذَا نَابَتْكَ نَائِبَةٌ
يَوْمًا وَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الْمَشُورَاتِ
فَالْعَيْنُ تَنْظُرُ مِنْهَا مَا دَنَا وَنَأَى
وَلَا تَرَى نَفْسَهَا إِلَّا بِمِرْآةِ[10]

 

10- الْقُدْوَةُ الْحَسَنَةُ: كُلَّمَا كَانَ الْمَسْؤُولُ قُدْوَةً، كَانَ أَكْثَرَ تَأْثِيرًا؛ لِيَتَبَيَّنَ لِلْعَامِلِينَ مَعَهُ أَنَّ صِدْقَ أَقْوَالِهِ يَتَجَسَّدُ فِي أَفْعَالِهِ، فَيَتَأَثَّرُونَ بِهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا انْضَمَّ إِلَى الْقَوْلِ؛ كَانَ أَبْلَغَ وَأَكْثَرَ تَأْثِيرًا مِنَ الْقَوْلِ الْمُجَرَّدِ.

 

11- الْحَزْمُ، وَقُوَّةُ الشَّخْصِيَّةِ: فَالْقَائِدُ النَّاجِحُ هُوَ الْحَازِمُ فِي أَمْرِهِ، فَلَا يَضْعُفُ فِي مُوَاجَهَةِ الْمَوَاقِفِ، وَعِنْدَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّحَكُّمِ بِإِرَادَتِهِ وَإِدَارَتِهِ، وَلَا يَعْنِي الْحَزْمُ الْعُنْفَ، وَإِصْدَارَ الْقَرَارَاتِ التَّعَسُّفِيَّةِ؛ بَلْ حَزْمٌ مَعَ الْحَقِّ، وَحِكْمَةٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الرِّفْقِ.

 

12- عَدَمُ الِاسْتِمَاعِ لِلْوُشَاةِ: الَّذِينَ يَنْقُلُونَ كَلَامَ النَّاسِ؛ لِلْإِضْرَارِ بِهِمْ، وَإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمْ عَلَى جِهَةِ التَّفْرِيقِ وَالْإِفْسَادِ، وَلَا سِيَّمَا الْأَقْرَانُ فِي الْعَمَلِ، فَلَا يَنْقُلُ الْعَيْبَ إِلَّا مَعِيبٌ، وَمَنْ نَمَّ لَكَ نَمَّ بِكَ، وَفَاعِلُ ذَلِكَ نَمَّامٌ، وَيُقَالُ لَهُ: قَتَّاتٌ.

 

‌ لَا تَقْبَلَنَّ نَمِيمَةً بُلِّغْتَهَا
وَتَحَفَظَّنَّ مِنَ الَّذِي أَنْبَاكَهَا[11]
إِنَّ الَّذِي أَهْدَى إِلَيْكَ نَمِيمَةً
سَيَنِمُّ عَنْكَ بِمِثْلِهَا، قَدْ حَاكَهَا[12]

 

13- قَبُولُ النَّصِيحَةِ: فَالرَّئِيسُ الْمُوَفَّقُ- كَمَا يَنْصَحُ غَيْرَهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَ النَّصِيحَةَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالْمَرْءُ مَهْمَا سَمَتْ أَخْلَاقُهُ، وَبَلَغَ مَبْلَغًا فِي الذَّكَاءِ؛ فَهُوَ بِحَاجَةٍ إِلَى النَّصِيحَةِ، وَتَأَمَّلْ كَيْفَ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يُعَامِلُونَ غَيْرَهُمْ عَلَى عَكْسِ مَا يُحِبُّونَ أَنْ يُعَامَلُوا بِهِ: ﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 1-3].

 

14- عَدَمُ الْبَحْثِ عَنِ الْأَخْطَاءِ وَالْمَسَاوِئِ: فَالْعَاقِلُ مَنْ يَنْصَحُ وَيُرْشِدُ، وَإِذَا وَجَدَ الْخَلَلَ سَدَّهُ، أَوْ أَبْصَرَ النَّقْصَ أَكْمَلَهُ، فَالْكَمَالُ عَزِيزٌ، وَالْعَاجِزُ مَنْ يَقْصُرُ نَظَرَهُ عَلَى الْأَخْطَاءِ وَيَقِفُ عِنْدَهَا، فَلَا تَبْحَثْ عَنِ الْأَخْطَاءِ فَقَطْ؛ بَلْ شَجِّعِ الْإِيجَابِيَّاتِ حَتَّى تَزُولَ السَّقَطَاتُ[13].

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَخْلاَقِيَّاتِ الْقِيَادَةِ وَوَاجِبَاتِ الْمَسْؤُولِ:

15- تَوْزِيعُ الْأَعْمَالِ بِمَا يُنَاسِبُ الْقُدُرَاتِ: فَلَا يَسْنِدُ مَنْصِبًا، أَوْ يُوْكِلُ عَمَلًا إِلَّا لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ، وَكُفُؤٌ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ يَعْجِزُ عَنِ الْقِيَامِ بِهِ فَلَا يَنْبَغِي إِسْنَادُهُ إِلَيْهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي. ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

16- عَدَمُ الْإِكْثَارِ مِنَ الِاجْتِمَاعَاتِ: الِاجْتِمَاعَاتُ الْكَثِيرَةُ بِلَا هَدَفٍ مُحَدَّدٍ مُمِلَّةٌ، وَتَبْعَثُ عَلَى السَّآمَةِ، وَتَقْتُلُ الْأَوْقَاتَ مِنْ غَيْرِ جَدْوَى، فَأَنْجَحُ الِاجْتِمَاعَاتِ مَا أَثْمَرَتْ فَائِدَةً فِي الْأَعْمَالِ وَالنَّتَائِجِ.

 

17- تَوْقِيرُ ذَوِي الْخِبْرَةِ: مُمَّنْ أَمْضَوْا سَنَوَاتِ الْعُمُرِ فِي الْعَمَلِ، وَمِنْ تَوْقِيرِهِمْ: إِسْنَادُ الْمُهِمَّاتِ لَهُمْ، وَمُشَارَكَتُهُمْ بِالرَّأْيِ وَالْمَشُورَةِ، وَعَدَمُ انْتِقَاصِهِمْ فِي شَيْءٍ، وَمِنَ الْجَوْرِ: تَجَاهُلُهُمْ، وَتَسْوِيدُ مَنْ دُونَهُمْ.

 

18- الشُّكْرُ وَالثَّنَاءُ: شُكْرُ النَّاسِ عَلَى الْمَعْرُوفِ الَّذِي يَقُومُونَ بِهِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ؛ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ؛ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَالشُّكْرُ أَحَدُ الْحَوَافِزِ الْمَعْنَوِيَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ، فَلِلنَّاسِ أَحَاسِيسُ وَمَشَاعِرُ، وَتُؤَثِّرُ فِيهِمُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَهُمْ بِحَاجَةٍ إِلَى الثَّنَاءِ الصَّادِقِ، وَالشُّكْرِ الْفَائِقِ، فَالرَّئِيسُ الْفَطِنُ هُوَ الَّذِي يَشْكُرُ الْمُوَظَّفَ الْمُتَمَيِّزَ، وَكَمْ مِنْ عَامِلٍ تَرَكَ عَمَلَهُ – مَعَ جَوْدَةِ أَجْرِهِ؛ بِسَبَبِ تَغَافُلِ الرَّئِيسِ عَنْ إِنْجَازَاتِهِ، وَلَيْسَ مِنْ شَيْءٍ يَقْتُلُ طُمُوحَ الْمُوَظَّفِ مِثْلَ التَّأْنِيبِ وَالتَّجْرِيحِ.

 

19- تَمْكِينُ الْعَامِلِينَ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ: الْوَاجِبُ عَلَى الْمَسْؤُولِينَ تَمْكِينُ النَّاسِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ فِيمَنْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، فَالرَّئِيسُ الْمُوَفَّقُ لَا يَسُنُّ الْقَوَانِينَ وَالْقَرَارَاتِ الَّتِي تَمْنَعُ الْمُوَظَّفَ مِنْ أَدَاءِ فَرَائِضِ دِينِهِ؛ كَالصَّلَاةِ، أَوِ الْحِجَابِ، أَوِ الْإِجْبَارِ عَلَى حَلْقِ اللِّحَى وَنَحْوِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، فَفَاعِلُ ذَلِكَ خَائِنٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَخَائِنٌ لِدِينِهِ، وَمُحَارِبٌ لِشَرْعِهِ، سَيَنَالُ جَزَاءَهُ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا.

 

20- النَّصِيحَةُ بِالْحِكْمَةِ سِرًّا: فَإِنْ رَأَى تَقْصِيرًا مِنْ مَرْؤُوسِيهِ، نَصَحَهُمْ سِرًّا، وَلَمْ يَفْضَحْهُمْ، وَفَرْقٌ بَيْنَ النَّصِيحَةِ وَالتَّعْيِيرِ، وَمَنْ نَصَحَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ زَانَهُ، وَمَنْ وَعَظَهُ عَلَانِيَةً فَقَدْ شَانَهُ. قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:

تَعَمَّدْنِي بِنُصْحِكَ فِي انْفِرَادِي
وَجَنِّبْنِي النَّصِيحَةَ فِي الْجَمَاعَهْ
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ
مِنَ التَّوْبِيخِ لَا أَرْضَى اسْتِمَاعَهْ
فَإِنْ خَالَفْتَنِي وَعَصَيْتَ أَمْرِي
فَلَا تَغْضَبْ إِذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَهْ[14]



[1] انظر: موسوعة الأخلاق، (ص429).

[2] حَكَمَةٌ: هي مَا يُجْعَل ‌تَحت ‌حنك ‌الدَّابَّة يمْنَعهَا الْمُخَالفَةَ كاللجام. انظر: فيض القدير، للمناوي (5/ 466).

[3] بِيَدِ مَلَكٍ: أي: مُوكَل بِه.

[4] فَإِذَا تَوَاضَعَ: للحَقِّ والخَلْق.

[5] ارْفَعْ حَكَمَتَهُ أي: ارفَعْ قَدْرَه.

[6] ‌دَعْ ‌حَكَمَتَهُ: كِنَايَة عَن إذلاله؛ فإنَّ من صفة الذَّلِيل تنكيس رأسه، فثمرة التَّكبُّر - فِي الدُّنْيَا: الذلة بَين الْخَلْق، وَفِي الْآخِرَة: النَّار.

[7] غرر الخائص الواضحة، للوطواط (ص53).

[8] الغُلُول: الْخِيَانَةُ فِي المَغْنَم، والسَّرِقَة مِنَ الغَنِيمة قَبْلَ القِسْمة، ‌وكلُّ ‌مَنْ ‌خَانَ ‌فِي ‌شَيْءٍ ‌خُفْيَةً فَقَدْ غَلَّ. انظر: النهاية، (3/ 380).

[9] معالم السنن، (3/ 8).

[10] روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار، (ص105).

[11] أَنبَاكَها: أي أخْبَرَكَ بها.

[12] العقد الفريد، (2/ 182).

[13] انظر: أخطاؤنا في معالجة الأخطاء، (ص12).

[14] ديوان الإمام الشافعي، (ص96).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صلاة الوتر: فضائل وأحكام (خطبة)
  • القنوت في الوتر (خطبة)
  • محفزات الهمة العالية (خطبة)
  • طريقك إلى النجاح (خطبة)
  • التحذير من الإسراف والتبذير (خطبة)
  • السخاء (خطبة)
  • اغتنام الأوقات (خطبة)
  • ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • اختتام مؤتمر دولي لتعزيز القيم الأخلاقية في مواجهة التحديات العالمية في بلقاريا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • المشكلة الأخلاقية في البحث العلمي والتعليم الجامعي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • منشأ المنظومة الأخلاقية عند البشر معرفيا(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فضل طلب العلم وأهله ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم وأهله وبيان مسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • واجبنا نحو الإيمان بالموت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة (النسك وواجباته)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • آداب النعمة وواجبنا نحوها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: السعادة الزوجية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- أهمية الثناء والشكر من الرعي لمن أحسن العمل من الرعية
د. سالم بوزيد - بريطانيا 02/05/2025 11:21 PM

اختيار الموضوع موفق وتقديمه بهذا الأسلوب الطيب ينفض الغبار عن أهمية فقه المعاملات ويذكر بمفهوم آخر كبير وهو الارتقاء بالعلاقات الإنسانية إلى العدل ثم إلى الإحسان تلكم القيمة الإسلامية الغائبة في مجمل الأحوال من قواميس القوانين البشرية المنظمة للعلاقات بين الناس.
ومما أثارني من المفاهيم المطروحة ما يتعلق بمبدأ الثناء والشكر من الراعي إلى الرعية وما فيه من مناقب الخير حتى أنه يكاد أن يكون جامعا لكل ما قبله من المبادئ كالتواضع والخلق الحسن وتقديم صورة حية للقيادة الراشدة الحازمة الرحيمة العادلة التي إن مكنها الله في الأرض أقامت العدل بما يحقق مراد الله من استخلاف الإنسان في الأرض وينجلي ذلك في تصرف العبد الصالح الذي ذكره الله في كتابه المجيد وهو ذو القرنين ﴿ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ﴾.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا
  • للسنة الخامسة على التوالي برنامج تعليمي نسائي يعزز الإيمان والتعلم في سراييفو
  • ندوة إسلامية للشباب تبرز القيم النبوية التربوية في مدينة زغرب
  • برنامج شبابي في توزلا يجمع بين الإيمان والمعرفة والتطوير الذاتي
  • ندوة نسائية وأخرى طلابية في القرم تناقشان التربية والقيم الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/5/1447هـ - الساعة: 18:37
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب