• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    ألفية لسان العرب في علوم الأدب لزين الدين شعبان ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    وسائل صناعة الكراهية بين الثقافات: الاستشراق ...
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    العناية بالشفتين في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خاطرة في إصلاح الفكر وبناء إستراتيجية: مَن المفيد ...
    د. عوض بن حمد الحسني
  •  
    ذاك الذي يمشي على الرمل
    حامد بن إبراهيم بن عبدالعزيز الشثري
  •  
    حف الشارب وإزالة شعر الإبطين والعانة في السنة ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الحوار بين نهضة الأمم وانهيارها
    عبد الإله جاورا أبو الخير
  •  
    التمر غذاء ودواء في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    ألفية العلوم العشرة لابن الشحنة الحلبي تحقيق محمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    بطلان موت الصحابي الجليل عبيدالله بن جحش رضي الله ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    عثمان بن عفان ذو النورين
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه
    عبدالستار المرسومي
  •  
    العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    من مائدة الصحابة: سعيد بن زيد رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

عمود الإسلام (16) صلاة العشاء

عمود الإسلام (16) صلاة العشاء
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/10/2018 ميلادي - 7/2/1440 هجري

الزيارات: 18058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عمود الإسلام (16)

صلاة العشاء


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْخَلَّاقِ الْعَلِيمِ؛ خَلَقَ الْبَشَرَ فَابْتَلَاهُمْ بِدِينِهِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى طَرِيقِهِ، وَبَشَّرَهُمْ إِنْ هُمْ أَطَاعُوهُ بِرِضْوَانِهِ وَجَنَّاتِهِ، وَأَنْذَرَهُمْ إِنْ هُمْ عَصَوْهُ غَضَبَهُ وَعَذَابَهُ، فَأَقَامَ حُجَّتَهُ عَلَيْهِمْ، وَرَفَعَ الْعُذْرَ عَنْهُمْ، نَحْمَدُهُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْتَغْفِرُهُ اسْتِغْفَارَ التَّائِبِينَ، وَنَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ؛ فَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الْبَرُّ الرَّحِيمُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَنَارَ بِالْإِيمَانِ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ، وَشَرَحَ بِالصَّلَاةِ صُدُورَ الْمُصَلِّينَ، وَجَعَلَهَا قُرَّةَ أَعَيْنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَمَفْزَعَ الْخَائِفِينَ وَالْمَهْمُومِينَ؛ فَهِيَ الصِّلَةُ الْأَوْثَقُ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ. مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ، وَمَنْ ضَيَّعَهَا فَهُوَ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ مَا اسْتَرْوَحَ بِشَيْءٍ اسْتِرْوَاحَهُ بِالصَّلَاةِ، وَلَا كَثُرَتْ أَوَامِرُهُ فِي شَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْهَا، حَتَّى أَوْصَى أُمَّتَهُ بِهَا وَهُوَ يُغَالِبُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، فَكَانَتِ الصَّلَاةُ آخِرَ وَصَايَاهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَتَقَرَّبُوا إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِمَا يُرْضِيهِ؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ قَرِيبٌ، وَالْحِسَابَ عَسِيرٌ، وَالْجَزَاءَ عَظِيمٌ؛ فَإِمَّا فَوْزٌ أَبَدِيٌّ فِي دَارِ النَّعِيمِ، وَإِمَّا عَذَابٌ فِي نَارِ الْجَحِيمِ ﴿ فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ [الْقَارِعَةِ: 6 - 11].

 

أَيُّهَا النَّاسُ:

لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ قَدْرَ الصَّلَاةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَفْعَهَا لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ لَمَا ضَيَّعُوهَا، وَلَمَا فَرَّطُوا فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَبَكَّرُوا إِلَى الْمَسَاجِدِ لِأَدَائِهَا، وَاجْتَهَدُوا فِي حُضُورِ قُلُوبِهِمْ وَالْخُشُوعِ فِيهَا، وَلَكَانَ أَكْثَرُ حَدِيثِهِمْ مَعَ أَهْلِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ عَنْهَا؛ يَحُضُّونَهُمْ عَلَيْهَا، وَيُبَيِّنُونَ لَهُمْ فَضْلَهَا، وَيُحَذِّرُونَهُمْ مِنْ تَرْكِهَا، وَيَتَعَاهَدُونَهُمْ عَلَى أَدَائِهَا ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

 

وَصَلَاةُ الْعِشَاءِ صَلَاةٌ جَهْرِيَّةٌ رُبَاعِيَّةٌ، يَخْتِمُ الْمُؤْمِنُ بِهَا فَرَائِضَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ، وَجَاءَ فِي فَضْلِهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا ثَقِيلَةٌ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ آنَذَاكَ يَعْمَلُونَ نَهَارَهُمْ، فَإِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ غَلَبَهُمُ النَّوْمُ، فَلَا يَنْتَظِرُ الْعِشَاءَ إِلَّا مُؤْمِنٌ قَلْبُهُ حَيٌّ بِالْإِيمَانِ، مُشْتَاقٌ إِلَى الصَّلَاةِ، يُغَالِبُ النَّوْمَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْعِشَاءُ، وَمِنَ التَّشْدِيدِ فِي تَضْيِيعِهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا» يَعْنِي: صَلَاةَ الْعِشَاءِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَأَنَّ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا فِي الْجَمَاعَةِ مَعَ الْفَجْرِ جَانَبَ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ، وَأَنَّ حَدِيثَ تَحْرِيقِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الصَّلَاةِ قَدْ قِيلَ فِي تَخَلُّفِ الْمُنَافِقِينَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ.

 

وَأَمَّا وَقْتُهَا فَبَعْدَ غِيَابِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ، وَأُشِيرَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ﴾ [الْإِسْرَاءِ: 78]، وَغَسَقُ اللَّيْلِ هُوَ ظُلْمَتُهُ، فَدَخَلَ فِيهِ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَصَلَاةُ الْعِشَاءِ.

 

وَالسُّنَّةُ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إِذَا لَمْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، كَمَا لَوْ كَانَ جَمَاعَةٌ فِي سَفَرٍ فَأَخَّرُوهَا، أَوْ كَانُوا فِي قَرْيَةٍ يَتَوَاطَئُونَ عَلَى تَأْخِيرِهَا؛ لِحَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْ تَأْخِيرِهِ الْعَمَلِيِّ لِلْعِشَاءِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: «أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً بِالْعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الْإِسْلَامُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قَالَ عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ، فَقَالَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ: مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ غَيْرَكُمْ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «... فَأَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ: عَلَى رِسْلِكُمْ، أَبْشِرُوا، إِنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَرَجَعْنَا، فَفَرِحْنَا بِمَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إِنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ أَفْضَلُ إِلَّا إِذَا كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَى النَّاسِ فَيُقَدِّمُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِمْ؛ لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَخَّرَ الْعِشَاءَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمَشَقَّةَ عَلَى النَّاسِ تَمْنَعُ تَأْخِيرَهَا، وَالسُّنَّةُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ إِلَى مَا قَبْلَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ إِذَا كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهَا تَأْخِيرُهَا، كَمَا لَوْ كَانَ السَّهَرُ مِنْ عَادَتِهَا.

 

وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْيَانًا يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ، وَأَحْيَانًا يُعَجِّلُهَا، قَالَ جَابِرٌ: «كَانَ إِذَا رَآهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَآهُمْ قَدْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَالسُّنَّةُ فِيهَا أَنْ يَقْرَأَ مِنْ أَوَاسِطِ الْمُفَصَّلِ؛ أَيْ: مِنْ سُورَةِ النَّبَأِ إِلَى سُورَةِ الضُّحَى؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَا صَلَّيْتَ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فُلَانٍ» وَذَكَرَ الرَّاوِي أَنَّهُ كَانَ: «يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِوَسَطِ الْمُفَصَّلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَأَنْكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ شَقَّ عَلَى النَّاسِ فَقَرَأَ بِهِمْ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي الْعِشَاءِ فَقَالَ: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ... فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَنَحْوِهَا مِنَ السُّوَرِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ بِسُوَرٍ مِنْ أَوْسَاطِ الْمُفَصَّلِ؛ نَحْوَ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ وَأَشْبَاهِهَا، وَرُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ: أَنَّهُمْ قَرَأُوا بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَأَقَلَّ، كَأَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ وَاسِعٌ فِي هَذَا، وَأَحْسَنُ شَيْءٍ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ».

 

وَأَمَّا رَاتِبَتُهَا فَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا فِي بَيْتِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 43].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

ابْتُلِيَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَنِ بِالسَّهَرِ، وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ سَهَرًا عَلَى مَا لَا يَنْفَعُ فِي الدِّينِ وَلَا فِي الدُّنْيَا، وَيَنْتِجُ عَنْهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ ضَيَاعُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرِ، وَرُبَّمَا النَّوْمُ عَنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -مِنْ حِرْصِهِ عَلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ- كَرِهَ النَّوْمَ قَبْلَهَا لِئَلَّا تَفُوتَ، وَمِنْ حِرْصِهِ عَلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ كَرِهَ السَّهَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ؛ لِئَلَّا تَفُوتَ الْفَجْرُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَهَذَا هُوَ الْهَدْيُ النَّبَوِيُّ، وَهُوَ لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ مِنْ مَوْعِظَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَهُوَ عَارِضٌ لِحَاجَةٍ دَعَتْ إِلَى ذَلِكَ.

 

وَمِنْ حِرْصِ سَلَفِنَا عَلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ مَا رَوَى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ أَحْيَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ.

 

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَنَّهُ اشْتَكَى عَيْنَهُ، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِلَى الْعَقِيقِ فَنَظَرْتَ إِلَى الْخُضْرَةِ لَوَجَدْتَ لِذَلِكَ خِفَّةً. قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِشُهُودِ الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ؟».

 

وَمِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ الْحَافِظُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ يَقُولُ: «لَمْ يَكُنْ يَكَادُ تَفُوتُنِي صَلَاةُ الْعَتَمَةِ فِي جَمَاعَةٍ، فَنَزَلَ بِي ضَيْفٌ، فَشُغِلْتُ بِهِ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الصَّلَاةَ فِي قَبَائِلِ الْبَصْرَةِ، فَإِذَا النَّاسُ قَدْ صَلَّوْا، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَفْضُلُ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ إِحْدَى وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. وَرُوِيَ: خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَرُوِيَ: سَبْعًا وَعِشْرِينَ، فَانْقَلَبْتُ إِلَى مَنْزِلِي، فَصَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، ثُمَّ رَقَدْتُ، فَرَأَيْتُنِي مَعَ قَوْمٍ رَاكِبِي أَفْرَاسٍ، وَأَنَا رَاكِبٌ فَرَسًا كَأَفْرَاسِهِمْ، وَنَحْنُ نَتَجَارَى، وَأَفْرَاسُهُمْ تَسْبِقُ فَرَسِي، فَجَعَلْتُ أَضْرِبُهُ لِأَلْحَقَهُمْ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ آخِرُهُمْ، فَقَالَ: لَا تُجْهِدْ فَرَسَكَ، فَلَسْتَ بِلَاحِقِنَا، قَالَ: فَقُلْتُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنَّا صَلَّيْنَا الْعَتَمَةَ فِي جَمَاعَةٍ».

 

فَلْنَحْرِصْ -عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَلَا سِيَّمَا مَنِ اعْتَادُوا الْخُرُوجَ لِلنُّزْهَةِ وَالتَّرْوِيحِ فِي آخِرِ الْأُسْبُوعِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ تَفُوتُهُمُ الْعِشَاءُ فِي الْجَمَاعَةِ، وَفَوْتُهَا مِنَ الْحِرْمَانِ الْعَظِيمِ، وَالْخُسْرَانِ الْكَبِيرِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عمود الإسلام (8)
  • عمود الإسلام (9)
  • عمود الإسلام (10)
  • عمود الإسلام (11) شعائر الصلاة
  • أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر
  • عمود الإسلام (18) أدعية الصلاة مجابة
  • سحر صلاة العشاء في رمضان
  • عمود الإسلام (20) حق الله تعالى في الصلاة
  • كيفية صلاة العشاء
  • عمود الإسلام (21) لذة المناجاة
  • عمود الإسلام (22) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي

مختارات من الشبكة

  • سؤال وجواب في أحكام الصلاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حالات صفة صلاة الوتر على المذهب الحنبلي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إعلام أهل العصر بأربعين حديثا في فضل صلاة الفجر (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أولى الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أكثرهم صلاة عليه(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • ذكر الله سبب من أسباب صلاة الله عليك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلاة واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم بعشر حسنات(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • الملائكة تصلي على من يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • التسبيح في سورة (ق) تفسيره ووصية النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلوا عليه وسلموا تسليما(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • كوبريس تستعد لافتتاح مسجد رافنو بعد 85 عاما من الانتظار
  • 57 متسابقا يشاركون في المسابقة الرابعة عشرة لحفظ القرآن في بلغاريا
  • طلاب هارفارد المسلمون يحصلون على مصلى جديد ودائم بحلول هذا الخريف
  • المعرض الرابع للمسلمين الصم بمدينة دالاس الأمريكية
  • كاتشابوري تحتفل ببداية مشروع مسجد جديد في الجبل الأسود
  • نواكشوط تشهد تخرج نخبة جديدة من حفظة كتاب الله
  • مخيمات صيفية تعليمية لأطفال المسلمين في مساجد بختشيساراي
  • المؤتمر السنوي الرابع للرابطة العالمية للمدارس الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 23/2/1447هـ - الساعة: 18:23
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب