• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فلسطين والأقصى بين الألم والأمل
    الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي
  •  
    مواقف الغرب من الحضارة الإسلامية
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    مراعاة الخلاف في الفتوي تأصيلا وتطبيقا والأطعمة ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    قوانين برايانت في الإدارة الأكاديمية
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    جسور بين الأفكار.. أم أنفاق للاختراق
    عواد مخلف فاضل
  •  
    التوازن في حياة الإنسان: نظرة قرآنية وتنموية
    أ. محمد كمال الدلكي
  •  
    زيت الزيتون المبارك: فوائده وأسراره والعلاج به من ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    الحضارات والمناهج التنويرية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    نماذج لفقهاء التابعين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
    سلامة إبراهيم محمد دربالة النمر
  •  
    قهر الملة الكفرية بالأدلة المحمدية لتخريب دير ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم ...
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    صدام الحضارات بين زيف الهيمنة الغربية وخلود ...
    د. مصطفى طاهر رضوان
  •  
    المرض الاقتصادي: أشكاله وآثاره
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير العلمي: كيف ...
    محمد نواف الضعيفي
  •  
    حقوق البيئة
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الأرض: رؤية من الخارج
    سمر سمير
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

ولا يغرنكم بالله الغرور

ولا يغرنكم بالله الغرور
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2013 ميلادي - 3/3/1434 هجري

الزيارات: 53083

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

﴿ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ [لقمان: 33].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَفرَةُ الأَموَالِ وَكَثرَتُهَا، وَنَضَارَةُ الدُّنيَا وَزَهرَتُهَا، وَرَغَدُ العَيشِ وَعُمُومُ الأَمنِ، وَالتَّقَلُّبُ في العَافِيَةِ وَالشُّعُورُ بِالاطمِئنَانِ، نِعَمٌ عَظِيمَةٌ وَآلاءُ جَسِيمَةٌ، يَتَفَضَّلُ بها المُنعِمُ الكَرِيمُ - سُبحَانَهُ - عَلَى مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ، لِيَحمَدُوهُ وَيَشكُرُوهُ وَيُطِيعُوهُ، وَلِيَبذُلُوهَا فِيمَا يُرضِيهِ عَنهُم وَيَجلِبُ لَهُمُ المَزِيدَ مِن فَضلِهِ، غَيرَ أَنَّهَا في المُقَابِلِ قَد تَغُرُّ كَثِيرًا مِنَ الجَهَلَةِ وَتَخدَعُ فِئَامًا مِنَ الأَغرَارِ، فَتُنسِيهِم مَا يَجِبُ للهِ عَلَيهِم وَتَصرِفُهُم عَن أَدَاءِ مَا فَرَضَهُ، وَتَدفَعُهُم إِلى التَّقصِيرِ في حَقِّهِ وَالتَّمادِي في مُخَالَفَةِ أَمرِهِ، وَلِذَا فَقَد نَادَى - جَلَّ وَعَلا - الإِنسَانَ المُغتَرَّ وَذَكَّرَهُ بما لَهُ عَلَيه مِن جَلِيلِ النِّعَمِ، فَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8] وَذَكَّرَهُ - سُبحَانَهُ - بِإِيجَادِهِ وَقَد كَانَ مَعدُومًا، وَإِمدَادِهِ بما تَكُونُ بِهِ هِدَايَتُهُ، فَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا * أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴾ [مريم: 66، 67] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 1 - 3] وَقَالَ - سُبحَانَه -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 78] إِنَّ الغُرُورَ خِدعَةٌ مِنَ الشَّيطَانِ لِلإِنسَانِ، تُنسِيهِ مَا كَانَ عَلَيه وَمَا سَيَصِيرُ إِلَيهِ، فَيَرضَى بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَيَطمَئِنُّ إِلَيهَا، وَيَغفَلُ عَن آيَاتِ رَبِّهِ وَيُعرِضُ عَنهَا، وَتَسكُنُ نَفسُهُ إِلى مَا يُوَافِقُ هَوَاهُ، وَتَشتَبِهُ عَلَيهِ الأُمُورُ وَتَختَلِطُ لَدَيهِ المَفَاهِيمُ، فَيَعتَقِدُ أَنَّهُ عَلَى صَوَابٍ وَأَنَّهُ يَسِيرُ في دَربِ الخَيرِ، وَمَا يَدرِي أَنَّهُ قَد يَكُونُ في وَهمٍ وَغُرُورٍ. نَعَم - عِبَادَ اللهِ - إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَن قَصُرَت أَنظَارُهُم وَضَاقَت أَفهَامُهُم، فَظَنُّوا إِذْ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم في الدُّنيا وَأَغدَقَ عَلَيهِم وَأَمهَلَهُم فَلَم يُعجِّلْ لَهُمُ العَذَابَ، أَنَّهُ سَيَجعَلُ لَهُم مِثلَ ذَلِكَ في الآخِرَةِ، وَأَنَّهُم كَمَا فُضِّلُوا في الدُّنيَا عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالفُقَرَاءِ، فَسَيَكُونُونَ أَسَعدَ مِنهُم في الآخِرَةِ مَرَدًّا وَمَآلاً، قَالَ - تَعَالَى - عَنِ الكُفَّارِ: ﴿ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴾ [سبأ: 35] وَقَالَ - تَعَالَى - عَن صِنفٍ مِنَ اليَهُودِ أَوِ المُنَافِقِينَ: ﴿ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [المجادلة: 8] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - عَن قَومٍ غَرَّهُم مَا هُم فِيه، فَجَعَلُوا يَنظُرُونَ إِلى ضُعَفاءِ المُؤمِنِينَ نَظرَةَ ازدِرَاءٍ وَاحتِقَارٍ: ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 53] وَقَالَ - تَعَالَى - عَنهُم: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ ﴾ [الأحقاف: 11] وَقَالَ - سُبحَانَه - عَن ذَلِكَ الكَافِرِ الَّذِي حَاوَرَ صَاحِبَهُ المُؤمِنَ: ﴿ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا *وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴾ [الكهف: 34، 36] إِنَّه الظَّنُّ الفَاسِدُ وَالوَهمُ البَاطِلُ وَالغُرُورُ القَاتِلُ، حِينَ يَرَى الإِنسَانُ أَنَّ إِعطَاءَهُ الأَموَالَ وَتَمكِينَهُ مِن رَغَبَاتِهِ وَإِمهَالَهُ وَهُوَ يُسرِفُ في شَهَوَاتِهِ، دَلِيلٌ عَلَى عُلُوِّ شَأنِهِ عِندَ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ لَهُ وَإِكرَامِهِ، وَمَا عَلِمَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ المَتَاعِ الدُّنيَوِيِّ، قَد يَكُونُ استِدرَاجًا لَهُ لِيَتَمَادَى في بَاطِلِهِ، وَأَنَّ اللهَ يُعطِي الدُّنيَا لِمَن يُحِبُّ وَلِمَن لا يُحِبُّ، وَلَكِنَّهُ لا يَهَبُ الإِيمَانَ إِلاَّ لِمَن يُحِبُّ، قَالَ - سُبحَانَه -: ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ [الفجر: 15، 16] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 55، 56] وَقَالَ - سُبحَانَه -: ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 55] وَفي الأَثَرِ: "إِنَّ اللهَ - تَعَالى - قَسَمَ بَينَكُم أَخَلاقَكُم كَمَا قَسَمَ بَينَكُم أَرزَاقَكُم، وَإِنَّ اللهَ - تَعَالَى - يُعطِي المَالَ مَن أَحَبَّ وَمَن لا يُحِبُّ، وَلا يُعطِي الإِيمَانَ إِلاَّ مَن يُحِبُّ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ مَوقُوفًا عَلَى ابنِ مَسعُودٍ، وَقَالَ - عَلَيه الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ اللهَ - تَعَالى - لَيَحمِي عَبدَهُ المُؤمِنَ مِنَ الدُّنيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ، كَمَا تَحمُونَ مَرِيضَكُم الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَافُونَ عَلَيه" رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد تَمَادَى الغُرُورُ بِكَثِيرِينَ، فَفَرَّطُوا في الأَعمَالَ الصَّالِحَةَ وَالقُرُبَاتِ، وَأَغرَقُوا في المَعَاصِي وَالخَطَايَا وَسَوَّفُوا في التَّوبَةِ، اعتِمَادًا عَلَى كَرِيمِ صَفحِ اللهِ، وَطَمَعًا في وَاسِعِ عَفوِهِ وَتَغلِيبًا لِجَانِبِ الرَّجَاءِ، وَغَفَلُوا عَن أَنَّهُ - تَعَالى - قَد قَالَ: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المائدة: 98] وَقَالَ: ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ﴾ [الحجر: 49، 50] كَمَا نَسِيَ أَهلُ الغُرُورِ أَنَّ خَيرَ القُرُونِ وَأَفقَهُ الأُمَّةِ مِنَ المُسلِمِينَ الأَوَّلِينَ، كَانُوا مَعَ حُسنِ العَمَلِ يُبَالِغُونَ في التَّقوَى وَالحَذَرِ مِنَ الشُّبُهَاتِ، فَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ عَن هَذِهِ الآيَةِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] قَالَت عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشرَبُونَ الخَمرَ وَيَسرِقُونَ؟ قَالَ: "لا يَا بِنتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُم يَخَافُونَ أَلاَّ يُقبَلَ مِنهُم، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ في الخَيرَاتِ" رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَلا يَغتَرَّنَّ أَحَدٌ بِوَفرَةِ مَالٍ أَو كَثرَةِ وَلَدٍ، أَو طُولِ عُمُرٍ أَو كَمَالِ صِحَّةٍ، أَو عُلُوِّ مَنصِبٍ أَو شَرَفِ نَسَبٍ، أَو وَاسِعِ عِلمٍ أَو كَثرَةِ عِبَادَهٍ، وَلا يَشغَلَنَّكُم تَزيِينُ الظَّواهِرِ فَتَغفَلُوا عن إِصلاحِ البَوَاطِنِ، فَقَد قَالَ نَبِيُّكُم - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ لا يَنظُرُ إِلى صُوَرِكُم وَأَموَالِكُم، وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلى قُلُوبِكُم وَأعمَالِكُم" رَواهُ مُسلِمٌ، فَاحرِصُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى تَقوَى رَبِّكُم بِفِعلِ أَوَامِرِهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ، وَتَركِ مَعَاصِيهِ خَوفًا مِن عِقَابِهِ، فَـ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27] ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 54 - 61]

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاحمَدُوهُ وَلا تَجحَدُوهُ، وَاتَّخِذُوا الشَّيطَانَ عَدُوًّا وَاحذَرُوهُ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 5، 6].

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّهُ لَمِن أَعظَمِ الغُرُورِ وَأَشنَعِهِ، أَن يُتَابِعَ المَولى عَلَى عَبدِهِ النِّعَمَ وَيُوَالِيَهَا بِرَحمَتِهِ وَفَضلِهِ، ثُمَّ تَرَى ذَلِكَ العَبدَ مُقِيمًا عَلَى مَعصِيَةِ مَولاهُ مُصِرًّا عَلَى مُخَالَفَةِ أَمرِهِ، ظَانًّا أَنَّهُ إِنَّمَا أُعطِيَ مَا أُعطِيَ لِجَدَارَتِهِ بِهِ وَاستِحقَاقِهِ إِيَّاهُ، وَأَنَّهُ لَو رَجَعَ إِلى رَبِّهِ بَعدَ المَوتِ لَنَالَ مِنَ الكَرَامَةِ عِندَهُ مِثلَ مَا نَالَ في الدُّنيَا، غَافِلاً عَن أَنَّ مِنَ العَطَاءِ مَا يَكُونُ استِدرَاجًا لِصَاحِبِهِ وَإِمهَالاً، وَأَنَّ اللهَ قَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]، وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ * وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ ﴾ [فصلت: 49 - 51] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاستَكثِرُوا مِن صَالِحِ العَمَلِ، وَإِيَّاكُم وَالغَفلَةَ وَطُولَ الأَمَلِ، وَلا يَغُرَّنَّكُم إِمهَالُ اللهِ - تَعَالى - لِلمُسِيئِينَ، فَقَد قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ اللهَ لَيُملِي لِلظَّالِمِ حَتى إِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ" ثُمَّ قَرَأَ قَولَهُ - تَعَالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [هود: 102] رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: "إِنَّهُ لَيَأتي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيَامَةِ لا يَزِنُ عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اِقرَؤُوا إِنْ شِئتُم: "فَلا نُقِيمُ لَهُم يَومَ القِيَامَةِ وَزنًا" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الغرور
  • حمى التنافس في دنيا الغرور
  • العلم بين الإيمان والغرور
  • قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها
  • التحذير من الاغترار بالدنيا وطول الأمل
  • هل يصح أن تقول: أنا السقف فلا يكبرني أحد؟
  • تصدر الغرور بالنفس
  • الله القوي سبحانه (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • قصة قصيرة: لما تغير... تغيروا(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية والإعراض عن الآخرة الباقية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {حتى يغيروا ما بأنفسهم}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قراءات اقتصادية (62) كتب غيرت العالم(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • رحلة دلالية في المعجمات اللغوية مع كلمة القهوة وتغير دلالتها بين القدامى والمحدثين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الإلهام والكشف والرؤيا لدى ابن تيمية رحمه الله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال العلماء حول طهارة العين النجسة بالاستحالة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هل أعود إلى زوجي أم لا؟(استشارة - الاستشارات)
  • حال الأمة وسنن الله في التغيير (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خير
زائر - السعودية 15/08/2016 01:46 PM

الحمدلله ابتليت بتعب روحي وأقوم بما يرضي الله ويساعدني على الشفاء بفضله تعالى وفي شدة تعبي استيقظت وأنا أردد قوله تعالى (ولايغرنكم بالله الغرور)

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • علماء ومفكرون في مدينة بيهاتش يناقشون مناهج تفسير القرآن الكريم
  • آلاف المسلمين يجتمعون في أستراليا ضمن فعاليات مؤتمر المنتدى الإسلامي
  • بعد ثلاث سنوات من الجهد قرية أوري تعلن افتتاح مسجدها الجديد
  • إعادة افتتاح مسجد مقاطعة بلطاسي بعد ترميمه وتطويره
  • في قلب بيلاروسيا.. مسجد خشبي من القرن التاسع عشر لا يزال عامرا بالمصلين
  • النسخة السادسة من مسابقة تلاوة القرآن الكريم للطلاب في قازان
  • المؤتمر الدولي الخامس لتعزيز القيم الإيمانية والأخلاقية في داغستان
  • برنامج علمي مكثف يناقش تطوير المدارس الإسلامية في بلغاريا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/5/1447هـ - الساعة: 14:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب