• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

توقير الله وتعظيمه (خطبة)

توقير الله وتعظيمه (خطبة)
أحمد عماري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/11/2015 ميلادي - 5/2/1437 هجري

الزيارات: 28329

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

توقير الله وتعظيمه


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد؛

إخوتي الكرام؛ مع خلق كريم من أخلاق هذا الدين العظيم، مع خلق يبعث على تمام التعظيم والتقدير والإجلال لله رب العالمين، وبه تتحقق المودة والمحبة والاحترام بين الناس أجمعين. ذلكم هو خلق الوقار؛ الذي غابت كثير من معالمه بين الناس في هذا الزمان.

 

حقيقة الوقار ومفهومه:

الوقار: هو الحِلم والسّكينة والرّزانة والوداعة.

الوقار: هو التّأنّي في التّوجّه نحو المطالب.

الوقار: احترام وتقدير، وإجلال وتعظيم.

 

فضل الوقار ومكانته:

الوقار خلق جليل، وأدب جميل، أمر به رب العالمين، وحث عليه سيد المرسلين، وتخلق به عباد الله الصالحون.

 

قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفتح: 8، 9].

 

وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَمِعْتُمُ الإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلاَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالوَقَارِ، وَلاَ تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا".

 

الوقار خلق جميل، يحتاجه المرء في علاقته بربه عز وجل بتمام تعظيمه وإجلاله وطاعته لخالقه ومولاه، وفي علاقته بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بصدق محبته ونصرته واتباعه، وفي علاقته بالناس أجمعين باحترامهم وتقديرهم وحسن معاملتهم ومعاشرتهم. ولا يحققُ الوقارَ مع رسول الله ولا مع عباد الله إلا مَن وقّرَ اللهَ تعالى في قلبه وفي قوله وفعله.

 

فأعظمُ الوقارِ وقارُ العبدِ لربه ومولاه؛ وذلك بأن يكون لله عز وجل في قلب العبد من الهيبة والجلال والقداسة والتعظيم ما يستحقه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فإنه أعظم عظيم، وأجل جليل، فحقّ اللهِ على عباده أن يقدروه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى حق قدره، وأن يوقروه حق توقيره، وأن يعظموه حق تعظيمه.

 

قال تعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾. أي ما لكم لا تسعون في توقيره وتعظيمه. ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته. مالكم لا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً وَقُدْرَةً عَلَى أحَدِكُمْ بِالْعُقُوبَةِ.

 

﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾. أي خلقكم طورا بعد طور؛ مرحلة بعد مرحلة، من نطفة إلى علقة إلى مضغة، إلى أن صرت إنساناً سويا فأخرجك الله بفضله إلى هذه الحياة.

 

قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾[المؤمنون: 12 - 16]. الله الذي خلقك، الله الذي أوجدك من عدم، ولم تكن من قبلُ شيئا مذكورا، كما قال سبحانه: ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴾ [الإنسان: 1، 2]. فإذا بك الآن تتعالى على ربك، وتتكبر على خالقك، وتتمرّد على مولاك.

 

الله الذي خلقك وأوجدك، هو الخالق البارئ المصور، ألا يستحق منك أن تعظمه وتوقره وتجله؟، وهو سبحانه وتعالى يُذَكّرُك بفضله ونعمته عليك، ويدعوك إلى عبادته وطاعته، فيقول الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ﴾ [الانفطار: 6 - 8].

 

الله جل جلاله يذكرنا بعظمته لنعظمه، ويذكرنا بفضله لنشكره؛ ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا ﴾ [نوح: 13 - 18].

 

روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حَبْرٌ من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد؛ إنا نجد: أن الله يجعل السموات على إِصْبَع، والأرَضين على إِصْبَع، والشجر على إصْبَع، والماء والثرى على إِصْبَع، وسائرَ الخلائق على إصبَع، فيقول أنا الملك، فضحِك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بَدَت نواجِذُه تصديقا لقول الحَبْر، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67].

 

الله جل جلاله يُعَرّفنا بعظمته وكماله وجلاله، لنُعظّمَه ونوقرَه ونَعبدَه، فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة:255].

 

فأين نحن من تعظيم الله عز وجل، وأين نحن من توقير الله عز وجل؟..

 

أين نحن من تعظيم الله؛ ومنا من يتطاول على شرع الله، وعلى حدود الله، وعلى كتاب الله؟.

 

أين نحن من تعظيم الله؛ ومنا من يُشِيع الفاحشة ويزرع الفتن؟.

 

أين نحن من تعظيم الله؛ ومنا من يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف؟.

فيا من فرطتم في طاعة الله، وضيعتم عبادة الله، ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾.

 

يا من تجرأتم على محارم الله، ووقعتم فيما يغضب الله، ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾.

 

يا من شوهتم صورة دينكم بقبيح أقوالكم وسيء أفعالكم، ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ﴾.

 

مقتضيات تعظيم الله عز وجل وتوقيره:

• الوقار مع الله يقتضي تعظيمَ شرعِه ودينه؛ قال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾. ويقول سبحانه: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾. فالذي يعظم الله ويوقره، لابد أن يعظم دينه وشرعَه وكتابَه، فما عظمَ الله ولا وَقّرَه مَن يعارض دينه، ويعترض على أحكامه، ويخوض في كتابه بعقله وهواه؛ فما وافق عقله وهواه قَبِله، وما لم يوافق عقله وهواه ردّه أو أوّله وحرّفه، حتى لم يعد لنصوص الشرع في قلبه تعظيم ولا تقديس ولا حرمة. والله تعالى يقول: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4]. ويقول عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾. أي لا تقدموا قولا ولا فعلا على أمر الله وشرعه، ولا على قول رسوله وفعله. بل كل رأي وكل أمر وكل قول أو فعل لابد أن يكون تابعا لأمر الله ورسوله.

 

• الوقار مع الله يقتضي الانقيادَ التام لشرعِه، والإذعانَ لحكمه، دون تردّد ولا اعتراض؛ لأن الذي شرعه هو العليم الحكيم اللطيف الخبير. وهو القائل سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

 

فالمؤمن مَن آمَنَ بالله وكمالِه وجلاله وعِلمِه وحِكمتِه، والمسلمُ من استسلم لأمر الله وأذعَنَ لحُكمِه؛ قال تعالى في وصف عباده المؤمنين: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51، 52].

 

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284] قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ثم بَرَكُوا على الرُّكَب، فقالوا: أي رسولَ الله؛ كُلّفْنَا مِن الأعمال ما نُطِيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليكَ هذه الآية ولا نُطيقها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتريدون أن تقولوا كما قال أهلُ الكتابَيْنِ مِن قبلِكم: سمعنا وعصينا؟. بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير". قالوا: "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير". فلما اقترأها القوم، ذَلَّتْ بها ألسِنتُهم فأنزل الله في إثرها: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285] فلما فعلوا ذلك، نسَخها الله تعالى، فأنزل الله عز وجل: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286] قال: نعم. ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ [البقرة: 286] قال: نعم. ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾ [البقرة: 286] قال: نعم. ﴿ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286] قال: نعم.

 

فما عظّمَ اللهَ ولا وقّرَه مَن هانَ عليه أمرُ رَبِّهِ فعصاه، وهان عليه نهيُه فارتكبه، وهان عليه حَقّه فضيّعَه، وهان عليه ذِكْرُه فأهمله، يستخف بنظر الله إليه واطلاعه عليه وهو في قبضته، وناصيَتُه بيده، ويُعَظم نظرَ المخلوق إليه واطلاعَه عليه بكل جوارحه وقلبه.

 

وما عظّمَ اللهَ حق تعظيمه مَن يعاملُ الخلقَ بأفضلِ ما يَقدِرُ عليه، ويُعامِل الله بأهونِ ما عنده، إن قام في خدمة مَن يحبه من البشر قام بجد واجتهاد ونشاط وإتقان، وإن قام في حق ربه قام بخمول وكسل وعجز وتفريط وإهمال.

 

• الوقار مع الله يقتضي الخوف من الله، والحياءَ منه سبحانه؛ فعلى قدر تعظيمك لله يكون خوفك وحياؤك. ومن خاف الله واستحيى منه بادر إلى طاعته، وابتعد عن معصيته؛ لِعلمِه أن الله تعالى مطلع عليه، يسمع قوله ويرى عمله، قال سبحانه: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]. فكيف يُقَصّر في طاعة الله مَن يعلم أن الله مطلع عليه؟ أم كيف يقع في معصية الله من يعلم أن الله يراقبه؟.

 

عار على العبدِ أن يستحييَ من الناس ولا يستحيي من الله، وأن يخاف من الناس ولا يخاف من الله.. قال تعالى محذرا مِن صفة مَن لا يعرفُ الله ولا يُوقّره: ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 108].

 

فما عظّمَ اللهَ تعالى ولا وقّره مَن يستحي من الناس، ولا يستحيي من الله، وهو يسكن في أرضه، ويأكل من رزقه، وهو مخالِف لأمره، مجاهِر بمعصيته.

 

وما عظّمَ اللهَ تعالى ولا وقّره مَن يخشى الناس ولا يخشى الله، فيخاف من العاجز الذليل، ولا يبالي بالقوي العزيز، الذي له ملك السموات والأرض وإليه المصير.

 

وما عظّمَ اللهَ تعالى ولا وقّره مَن تعدى حدود الله، وتطاول على كتابه ودينه.

 

نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يجعلنا من المعظمين له، الموقّرين لأمره وشرعه وحدوده، وأن يجعلنا من المتمسكين بدينه، المتبعين لرسوله.

 

وصل اللهم وسلم وبارك على حبيبنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تعظيم الله جل وعلا
  • الألفاظ الخاصة بتعظيم الله تعالى عند سيبويه
  • توقير الناس واحترامهم
  • الله.. تفردا وتأدبا
  • تعظيم الله تعالى

مختارات من الشبكة

  • نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: وصايا نبوية إلى كل فتاة مسلمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن الظن بالمسلمين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وحدة الصف (خطبة)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • عيش النبي صلى الله عليه وسلم سلوة للقانع وعبرة للطامع (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العلم والعلماء والتذكير بالموت والفناء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب