• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

ثورات مخفقة وقرارات موفقة

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/3/2011 ميلادي - 24/4/1432 هجري

الزيارات: 8617

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثورات مخفقة وقرارات موفقة

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ – ﴿ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن حَقِّ اللهِ - تَعَالى - عَلَينَا أَن نَشكُرَ نِعَمَهُ، وَمِن فَضلِهِ أَنْ وَعَدَنَا عَلَى الشُّكرِ بِالمَزيَدِ فَقَالَ: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لأَزِيدَنَّكُم ﴾ أَلا وَإِنَّ مِن أَجَلِّ نِعَمِهِ - تَعَالى - عَلَينَا في هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ أَنْ بَسَطَ عَلَينَا رِدَاءَ الأَمنِ وَالعَافِيَةِ، وَوَسَّعَ لَنَا في الأَرزَاقِ وَتَابَعَ عَلَينَا العَطَايَا، وَرَزَقَنَا وُلاةَ أَمرٍ عُقَلاءَ وَعُلَمَاءَ أَتقِيَاءَ وَرَعِيَّةً أَوفِيَاءَ، اجتَمَعَت عَلَى الخَيرِ كَلِمَتُهُم، وَائتَلَفَت عَلَى الحَقِّ قُلُوبُهُم، لِتُطفِئَ فِتَنًا أَوقَدَهَا السُّفَهَاءُ وَالغَوغَاءُ، وَتُحبِطَ مُؤَامَرَاتٍ دَبَّرَهَا المُغرِضُونَ وَالأَعدَاءُ، وَتَقلِبَ كُلَّ مِحنَةٍ إِلى مِنحَةٍ، وَتُحَوِّلَ كُلَّ رَزِيَّةٍ لِعَطِيَّةٍ. وَفي الفَترَةِ السَّابِقَةِ الَّتي اضطَرَبَت فِيهَا الأَوضَاعُ في كَثِيرٍ مِنَ الدُّوَلِ العَرَبِيَّةِ وَاختَلَّت أَنظِمَتُهَا، وَأَهلَكَتهَا الثَّورَاتُ وَعَصَفَت بِأَرجَائِهَا المُظَاهَرَاتُ، في ظِلِّ هَذِهِ الأَوضَاعِ المُضطَرِبَةِ، تَدَاعَى فِئَامٌ مِنَ الرَّافِضَةِ الجُبَنَاءِ، تُسَانِدُهُم شَرَاذِمُ مِنَ المُرجِفِينَ الأَشقِيَاءِ، مِمَّن تَلَبَّسُوا بِثِيَابِ الإِصلاحِ، فَدَعَوا إِلى تَنظِيمِ ثَورَاتٍ في هَذَا البَلَدِ الآمِنِ، وَسَعَوا لإِقَامَةِ مُظَاهَرَاتٍ وَمَسِيرَاتٍ، مُرِيدِينَ سُوءًا وَشَرًّا، مُضمِرَينِ حِقدًا وَكَيدًا، إِلاَّ أَنَّ مِن نِعمَةِ اللهِ عَلَى أَهلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ أَنْ جَمَعَ - سُبحَانَهُ - كَلِمَتَهُم وَوَحَّدَ صُفُوفَهُم، وَهَدَاهُم لِلحَقِّ وَأَلزَمَهُمُ المَنهَجَ الوَسَطَ، وَأَحبَطَ بِفَضلِهِ مَسَاعِيَ الرَّافِضَةِ وَتَدبِيرَ المُفسِدِينَ، وَخَيَّبَ ظُنُونَ المُرجِفِينَ المُتَرَبِّصِينَ، مِن خَفَافِيشِ الظَّلامِ وَأَفَاعِي الإِعلامِ، الَّذِينَ جَهَّزُوا آلاتِهِم وَتَهَيَّؤُوا لإِشعَالِ الفِتَنِ كَمَا هِيَ عَادَتهُمُ، فَالحَمدُ للهِ الَّذِي قَضَى خَيرًا وَكَفَى ضَيرًا، وَوَسَّعَ نِعَمًا وَدَفَعَ نِقَمًا.

 

لَكَ الحَمدُ يَا رَحمَنُ مَا هَلَّ صَيِّبُ
وَمَا تَابَ يَا مَن يَقبَلُ التَّوبَ مُذنِبُ
لَكَ الحَمدُ مَا حَلَّ الهَنَاءُ وَمَا سَرَى
نَسِيمُ الصَّبَا أَو سَالَ وَادٍ وأَشْعُبُ
إِلَيكَ يُسَاقُ الشُّكرُ في كُلِّ لَمحَةٍ
وَيَزدَانُ شَرْقٌ بِالثَّنَاءِ وَمَغرِبُ

 

وَأَمَّا مَا لم يَكُنِ الرَّافِضَةُ المُتَرَبِّصُونَ وَالمُرجِفُونَ المَخدُوعُونَ يَحسِبُونَ لَهُ حِسَابًا لِسُوءِ نِيَّتِهِم وَفَسَادِ طَوِيَّتِهِم، فَهُوَ مَا أَصدَرَهُ وَليُّ الأَمرِ - حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ - مِن قَرَارَاتٍ حَكِيمَةٍ وَأَوَامِرَ صَائِبَةٍ، صَدَمَت قُلُوبَ المُغرِضِينَ وَلَطَمَت أُنُوفَ الحَاسِدِينَ، وَوَجَّهَت لِعُمُومِ الرَّعِيَّةِ رَسَائِلَ صَرِيحَةً وَاضِحَةً، تَضَمَّنَت مِنَ المَعَاني أَجمَلَهَا وَأَبهَاهَا، وَحَمَلَت مِنَ المَقَاصِدِ أَكمَلَهَا وَأَسمَاهَا. نَعَمْ، لَقَد كَانَت أَوَامِرَ ذَاتَ دَلالاتٍ عَمِيقَةٍ، وَقَرَارَاتٍ لَهَا أَبعَادٌ عَرِيضَةٌ، أَكَدَّت عَلَى التَّمَسُّكِ بِالدِّينِ وَدَعَمَت مُؤَسَّسَاتِهِ، وَرَفَعَت مَكَانَةَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ وَأشَادَت بِهِم، وَخَصَّت كِبَارَهُم بِمَزِيدٍ مِنَ الإِعزَازِ وَالإِجلالِ، وَأَعطَت لِلخُطَبَاءِ وَالدُّعَاةِ حَقَّهُم مِنَ الشُّكرِ عَلَى مَا بَذَلُوهُ لإِطفَاءِ الفِتنَةِ. وَمَا لَهَا لا تَخُصُّ هَذِهِ الفِئَةَ المُبَارَكَةَ بِالشُّكرِ وَتُؤَكِّدُ عَلَى تَقدِيرِهِم وَدَعمِ مُؤَسَّسَاتِهِم، وَهُمُ الَّذِينَ تَرفَّعُوا عَلَى أَهوَائِهِم الشَّخصِيَّةِ وَتَنَاسَوا مَكَاسِبَهُم الذَّاتِيَّةَ، وَاطَّرَحُوا في سَبِيلِ جَمعِ الكَلِمَةِ كُلَّ وِجهَةِ نَظَرٍ وَتَجَاوَزُوا كُلَّ خِلافٍ، وَقَدَّمُوا مَصَالِحَ الأُمَّةِ العَامَّةَ المُتَحَقِّقَةَ عَلَى المَصَالِحِ الخَاصَّةِ المُرتَقَبَةِ؟! وَإِنَّ المُرَاقِبَ لِمَوقِفِ العُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ مُنذُ قِيَامِ المُظَاهَرَاتِ في البِلادِ العَرَبِيَّةِ بِشَكلٍ عَامٍّ، وَمُنذُ دَعوَةِ الرَّافِضَةِ الأَنجَاسِ إِلَيهَا في بِلادِنَا بِشَكلٍ خَاصٍّ، إِنَّهُ لِيَلْحَظُ مَوَاقِفَ حَكِيمَةً وَآرَاءَ سَدِيدَةً، وَعُمقًا في الطَّرحِ وَبُعدَ نَظَرٍ في التَّعَاطِي، سَوَاءٌ في بَيَانِ هَيئَةِ كِبَارِ العُلَمَاءِ، أَو في بَيَانَاتِ العُلَمَاءِ المُستَقِلِّينَ وَفَتَاوَاهُم، أَو في تِلكَ الَلِّقَاءَاتِ الَّتي سُجِّلَت مَعَ الدُّعَاةِ وَعَرَضَتهَا بَعضُ القَنَوَاتِ، أَو في غَيرِ ذَلِكَ مِن بَرَامِجِ الإِفتَاءِ وَالدُّرُوسِ العِلمِيَّةِ وَالمُحَاضَرَاتِ وَالنَدَّوَاتِ، وَإِنَّ تِلكَ المَوَاقِفَ المُشَرِّفَةَ لِعُلَمَائِنَا وخُطَبَائِنَا وَدُعَاتِنَا، وَالَّتي تَنضَحُ وَلاءً للهِ وَلِرَسُولِهِ، وَطَاعَةً لِوَليِّ الأَمرِ المُسلِمِ وَنُصحًا لَهُ، وَحِرصًا عَلى وَحدَةِ الصَّفِّ وَإِطفَاءِ الفِتنَةِ، وَسَعيًا لِرَأبِ الصَّدعِ وَجَمعِ الكَلِمَةِ، إِنَّهَا لأَقوَى صَفعَةٍ في وُجُوهِ مُنَاوِئِيهِم وَمُخَالِفِيهِم، مِمَّن حَمَلُوا عَلَى عَوَاتِقِهِم وَمُنذُ سَنَوَاتٍ كِبرَ وَصمِ أُولَئِكَ المُخلِصِينَ بِالرَّجعِيَّةِ وَعَدَمِ الانتِمَاءِ لِلوَطَنِ، وَاتِّهَامَهُم بِالانتِمَاءِ لأَحزَابٍ أَو مُنَظَّمَاتٍ خَارِجِيَّةٍ، وَالتَّشنِيعَ عَلَيهِم بِأَنَّهُم يُثِيرُونَ النَّعَرَاتِ الطَّائِفِيَّةَ وَيُوقِدُونَ الفِتَنَ المَذهَبِيَّةَ. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَفي مُقَابِلِ سَعيِ العُلَمَاءِ مِن أَهلِ السُّنَّةِ لِتَقوِيَةِ اللُّحمَةِ الوَطَنِيَّةِ، فَقَد رَأَى كُلُّ مُنصِفٍ صَمتَ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ وَغِيَابَ مَرجِعِيَّاتِهِم عَنِ استِنكَارِ الدَّعوَةِ إِلى المُظَاهَرَاتِ وَالثَّورَاتِ، مَعَ مَا ثَبَتَ مِن كَونِ أَتبَاعِهِم هُم رُؤُوسَهَا وَمُوقِدِي نَارِهَا، لَقَد صَمَتَ أُولَئِكَ المُعَمَّمُونَ الأَنجَاسُ وَأَطرَقُوا رُؤُوسَهُم، مُنتَظِرِينَ نَجَاحَ ثَورَةِ أَتبَاعِهِم وَعُلُوَّ أَصوَاتِهِم، لِيَنضَمُّوا إِلَيهِم وَيَفعَلُوا بِأَهلِ السُّنَّةِ مَا فَعَلُوهُ بِإِخوَانِهِم في العِراقِ وَالبَحرَينِ، إِلاَّ أَنَّ اللهَ خَيَّبَ ظُنُونَهُم وَأَبطَلَ مَسَاعِيَهُم، وَرَدَّهُم بِغَيظِهِم لم يَنَالُوا خَيرًا وَكَفَى المُؤمِنِينَ شَرَّهُم. وَفي صَفِّ هَؤُلاءِ وَغَيرَ بَعِيدٍ عَنهُم وَقَفَ فَرِيقٌ آخَرُ مِنَ المَخذُولِينَ المُخَذِّلِينَ، أُولَئِكَ هُم كُتَّابُ الصُّحُفِ وَمُرتَزِقَةُ الجَرَائِدِ، الَّذِينَ صَمَتُوا صَمتًا رَهِيبًا وَتَرَاجَعُوا تَرَاجُعًا عَجِيبًا، وَتَوَارَوا وَكَأَنَّ الأَمرَ لا يَعنِيهِم في قَلِيلٍ وَلا كَثِيرٍ، نَعَمْ، لَقَد صَمَتَ أُولَئِكَ وَاختَفَوا وَخَفَتْ ضَوؤُهُم، وَتَكَسَّرَت أَقلامُهُم وَعَجَزَ بَيَانُهُم وَوَهَى بُنيَانُهُم، وَهُمُ الَّذِينَ ارتَفَعَت أَصوَاتُهُم قَبلَ أَيَّامٍ في مَعرِضِ الكِتَابِ وَعَلا صُرَاخُهُم وَتَعَالى ضَجِيجُهُم، وَانتَفَخَت أَودَاجُهُم غَضَبًا لِكُتُبِ الزَّندَقَةِ وَالإِلحَادِ وَدِفَاعًا عَن كُتَّابِ الفِتنَةِ مِن أَمثَالِهِم، وَرَاحُوا يَلمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ وَيَقذِفُونَ المُحتَسِبِينَ، فَلَمَّا حَانَ الوَقتُ الَّذِي وَجَبَ عَلَيهِم فِيهِ الكَلامُ وَبَيَانُ الحَقِيقَةِ، نَكَصُوا عَلَى أَعقَابِهِم خَاسِرِينَ، حَتَّى لَقَد تَتَّبَعَ أَحَدُ المُهتَمِّينَ بِهَذَا الشَّأنِ عَدَدًا مِن أَشهَرِ الجَرَائِدِ وَالصُّحُفِ في بِلادِنَا، وَاستَقرَأَ مَقَالاتِ كُتَّابِهَا وَرَمَقَ رَدَّةَ فِعلِهِم تُجَاهَ المُظَاهَرَاتِ وَالثَّورَاتِ، فَوَجَدَ أَنَّ مَقَالاتِهِم في هَذَا الشَّأنِ لم تَتَجَاوَزْ خَمسَةً بِالمِئَةِ مِن مجمُوعِ المَقَالاتِ في تِلكَ الجَرَائِدِ، بَينَمَا بَلَغَت في بَعضِهَا وَاحِدًا بِالمِئَةِ فَقَطْ، نَعَمْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - لَقَد صَمَتَتِ الصُّحُفُ وَلم تُبَيِّنْ مَوقِفَهَا مِن مُظَاهَرَاتِ الرَّافِضَةِ وَالمُفسِدِينَ، لَيَسقُطَ بِذَلِكَ مَا كَانَ يَتَرَنَّمُ بِهِ كُتَّابُهَا مِن أَنَاشِيدَ لِلوَطَنِيَّةِ، وَلِيَجِفَّ مَا كَانُوا يَتَمَسَّحُونَ بِهِ مِنِ ادِّعَاءِ اللُّحمَةِ المَذهَبِيَّةِ، أَلا فَأَخرَسَ اللهُ أَلسُنًا لا يَحلُو لها الحَدِيثُ إِلاَّ تَنَقُّصًا للعُلَمَاءِ وَلَمْزًا لِلمُحتَسِبِينَ، وَكَسَرَ اللهُ أَقلامًا لا تُجِيدُ الكِتَابَةَ إِلاَّ في التَّشنِيعِ عَلَى هَيئَةِ كِبَارِ العُلَمَاءِ في بَعضِ قَرَارَاتِهَا، وَصَدَقَ اللهُ العَظِيمُ حَيثُ قَالَ: ﴿ وَلَو نَشَاءُ لأَرَينَاكَهُم فَلَعَرَفتَهُم بِسِيمَاهُم وَلَتَعرِفَنَّهُم في لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمَالَكُم ﴾.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ تِلكَ الأَوَامِرَ الَّتي قَرَّرَهَا وَليُّ الأَمرِ - حَفِظَهُ اللهُ - تُثبِتُ لِكُلِّ مُنصِفٍ أَنَّ هَذِهِ الدَّولَةَ - حَرَسَهَا اللهُ - مَا زَالَت عَلَى مَنهَجِهَا السَّلَفِيِّ العَظِيمِ الَّذِي أُسِّسَت عَلَيهِ، وَهُوَ المَنهَجُ الَّذِي يَلتَحِمُ فِيهِ الدِّينُ وَالسُّلطَةُ، وَيَسِيرُ فِيهِ الوُلاةُ وَالعُلَمَاءُ جَنبًا إِلى جَنبٍ، وَتُعَالَجُ فِيهِ كُلُّ القَضَايَا وَالمُستَجدَّاتِ عَلَى ضَوءٍ مِن كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَقَد بَيَّنَ وَليُّ الأَمرِ في كَلِمَتِهِ الَّتي أَلقَاهَا عَلَى أَبنَائِهِ، بَيَّنَ سِيَاسَتَهُ بِنَفسِهِ، وَأَظهَرَ تَوَجُّهَاتِهِ بِلِسَانِهِ، وَقَالَ قَولَهُ وَأَنفَذَ فِعلَهُ، فَدَعَمَ هَيئَاتِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، وَأَغدَقَ المَعُونَاتِ عَلَى جَمعِيَّاتِ التَّحفِيظِ وَمَكَاتِبِ الدَّعوَةِ، وَوَسَّعَ الصَّلاحِيَّاتِ لِهَيئَاتٍ شَرعِيَّةٍ وَحَفِظَ كَرَامَتَهَا وَأَكَّدَ عَلَى هَيبَتِهَا، وَأَمَرَ بِإِنشَاءِ مَجمَعٍ فِقهِيٍّ وَتَرمِيمِ مَسَاجِدٍ وَعِنَايَةٍ بِجَوَامِعَ، وَسَنَّ أَنظِمَةً لِحِمَايَةِ العُلَمَاءِ وَوِقَايَتِهِم مِن أَلسِنَةِ المُنَافِقِينَ وَأَقلامِهِم، وَسَاقَ مَعَ كُلِّ أَمرٍ مِن أَوَامِرِهِ مَا يُؤَيِّدُهُ مِن نُصُوصِ الشَّرعِ المُطَهَّرِ، فَقَطَعَ بِذَلِكَ الطَّرِيقَ عَلَى كُلِّ مَن نَسَبَ لِهَذَا الدِّينِ سُوَءًا، أَو أَلصَقَ الفِكرَ المُتَطَرِّفَ بِالمَسَاجِدِ أَو حِلَقِ الذِّكرِ أَو حَلَقَاتِ التَّحفِيظِ، أَو تَهَكَّمَ بِالعُلَمَاءِ وَاستَهزَأَ بِالدُّعَاةِ، أَوِ احتَقَرَ الآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ أو تَنَدَّرَ بهم، أَو وَصَمَ العُلَمَاءَ بِإِثَارَةِ الفِتَنِ أَو زَعَمَ أَنَّهُم يُهَدِّدُونَ أَمنَ الوَطَنِ أوَ لُحمَةَ المُجتَمَعِ، وَيَومَ أَنْ تَمَادَى دُعَاةُ الفِتنَةِ مِن أَنصَارِ التَّظَاهُرَاتِ وَالثَّورَاتِ، وَكَتَبَ المُرجِفُونَ مِن أَصحَابِ الأَقلامِ المَأجُورَةِ مُستَغِلِّينَ بَعضَ القُصُورِ لِتَوسِيعِ الهُوَّةِ بَينَ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ، إِذْ ذَاكَ جَاءَت هَذِهِ الأَوَامِرُ المِلكِيَّةُ المُبَارَكَةُ، لِتُبَيِّنَ إِدرَاكَ وُلاةِ الأَمرِ أَنَّ الإِصلاحَ الحَقِيقِيَّ يَكمُنُ في حِفظِ كَرَامَةِ الرَّعِيَّةِ وَإِعطَائِهَا حُقُوقَهَا، فَهَيَّؤُوا مَزِيدًا مِنَ الفُرَصِ الوَظِيفِيَّةِ لأَبنَائِهِم، وَوَسَّعُوا مَجَالاتِ العَمَلِ سَعَيًا لِلقَضَاءِ عَلَى البَطَالَةِ، وَأَمَرُوا بِتَوسِيعِ المُستَشفَيَاتِ وَزِيَادَةِ المُرَتَّبَاتِ ؛ لِيُدرِكَ كُلُّ فَردٍ بَعدَ ذَلِكَ أَنَّ بِلادَنَا لَيسَت بِحَاجَةٍ إِلى شَيءٍ أَكثَرَ مِن حَاجَتِهَا لِلتَّمَسُّكِ بِدِينِهَا وَالعَضِّ بِالنَّوَاجِذِ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّهَا، وَأَنَّهَا مَهمَا فَعَلَت ذَلِكَ، فَلْتُبشِرْ بِالخَيرِ وَلْتَنتَظِرِ المَزِيدَ، فَنَحنُ قَومٌ أَعَزَّنَا اللهُ بِالإِسلامِ، فَمَهمَا ابتَغَينَا العِزَّةَ في غَيرِهِ أَذَلَّنَا اللهُ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَعُودُوا إِلى رَبِّكُم وَتُوبُوا مِن ذُنُوبِكُم، وَاحفَظُوا اللهَ يَحفَظْكُم وَيُصلِحْ شُؤُونَكُم، اللَّهُمَّ أَصلِح لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصمَةُ أَمرِنَا، وَأَصلِحْ لَنَا دُنيَانَا الَّتي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا مِن كُلِّ خَيرٍ، وَالمَوتَ رَاحَةً لَنَا مِن كُلِّ شَرٍّ، وَتُبْ عَلَينَا وَاغفِرْ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّهُ في الوَقتِ الَّذِي خَلَت فِيهِ الصُّحُفُ وَالقَنَوَاتُ مِن كُلِّ مَا مِن شَأنِهِ أَن يَقتُلَ فِتنَةَ المُظَاهَرَاتِ وَيُبَيِّنَ لِلمُسلِمِينَ خَطَرَ الرَّافِضَةِ وَالمُنَافِقِينَ وَيَفضَحَ مُخَطَّطَاتِهِم، فَقَد حَمَلَ العُلَمَاءُ وَالدُّعَاةُ وَالخُطَبَاءُ في بِلادِنَا هَذِهِ المُهِمَّةَ عَلَى عَوَاتِقِهِم، وَتَصَدَّوا لِلخُبَثَاءِ وَجَابَهُوا الأَدعِيَاءَ، وَأَكَّدُوا عَلَى حَقِّ وُلاةِ الأَمرِ بِطَاعَتِهِم وَنُصحِهِم، مُنطَلِقِينَ في ذَلِكَ مِن عَقِيدَةٍ وَدِيَانَةٍ وشُعُورٍ بِالمَسؤُولِيَّةِ وَالأَمَانَةِ، وَمِن ثَمَّ فَقَد جَاءَت تَصرِيحَاتُ وُلاةِ الأَمرِ لِتُثبِتَ دَورَ هَؤُلاءِ المُخلِصِينَ في تَثبِيتِ النَّاسِ عَلَى الحَقِّ، وَتُؤَكِّدَ أَنَّهُم صِمَامُ الأَمَانِ لِلمُجتَمَعِ، وَأَنَّهُمُ الأَدَاةُ الكُبرَى لِوَأدِ الفِتَنِ وَنَشرِ الأَمنِ وَزَرعِ الخَيرِ وَدَفعِ الشَّرِّ ؛ وَصَدَرَ القَرَارُ المَلَكِيُّ بِتَشدِيدِ العُقُوبَةِ عَلَى كُلِّ مَن يَتَعَرَّضُ لِلعُلَمَاءِ بِسُخرِيَةٍ أَو تَنَقُّصٍ أَوِ استِهزَاءٍ، أَلا فَلْنَعلَمْ أَنَّ المُجتَمَعَاتِ مُفتَقِرَةٌ لِلعُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ في كُلِّ وَقتٍ وَحِينٍ، وَأَنَّ الحَاجَةَ إِلَيهِم تَكبُرُ كُلَّمَا أَطَلَّتِ الفِتَنُ بِرُؤُوسِهَا وَبَعُدَ النَّاسُ عَن عَهدِ النُّبُوَّةِ وَاختَلَطَت لَدَيهِمُ الرُّؤيَةُ، وَأَنَّ إِعزَازَهُم وَتَقدِيرَهُم وَإِجلالَهُم، يَجِبُ أَن يَكُونَ مُنطَلِقًا قَبلَ ذَلِكَ وَبَعدَهُ مِن كَونِهِم وَرَثَةَ الأَنبِيَاءِ وَحَامِلِي مِنَاهِجِهِم ؛ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنبِيَاءِ، إِنَّ الأَنبِيَاءَ لم يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلمَ، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ" رَوَاهُ أَهلُ السُّنَنِ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "إِنَّ مِن إِجلالِ اللهِ إِكرَامَ ذِي الشَّيبَةِ المُسلِمِ، وَحَامِلِ القُرآنِ غَيرِ الغَالي فِيهِ وَلا الجَافي عَنهُ، وَإِكرَامَ ذِي السُّلطَانِ المُقسِطِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَاتَّصِلُوا بِعُلَمَائِكُم وَاصدُرُوا عَن آرَائِهِم وَالزَمُوا تَوجِيهَاتِهِم، وَادعَمُوا الخَيرَ وَمُؤَسَّسَاتِهِ طَلَبًا لِمَا عِندَ اللهِ مِن الأَجرِ وَاقتِدَاءً بِوَليِّ الأَمرِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ * وَجَاهِدُوا في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجتَبَاكُم وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُم إِبرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسلِمِينَ مِن قَبلُ وَفي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيكُم وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَولاكُم فَنِعمَ المَولى وَنِعمَ النَّصِيرُ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل أنت موفق أم مخذول؟ أعمال مجهودها يسير!.. وخيرها كثير!

مختارات من الشبكة

  • التعليم المشهود يواجه ثورات ضخمة دون صمود(مقالة - موقع د. محمد بريش)
  • ثورات البابية المسلحة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تجدد الإيمان في شهر رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • دروس النهضة في مدرسة الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • القرآن شفاء وراحة للقلوب وللعقول لمن يتدبره بحق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الثورة الجزائرية في شعر المرأة المصرية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التلاعب بالجينات وخطره على البشرية(مقالة - موقع د. محمد السقا عيد)
  • مفهوم تكنولوجيا الاتصال ووسائله(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما الموقف من أحداث الساعة وتطورات الأحداث؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • في رحاب الإيجابيين(مادة مرئية - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/4/1447هـ - الساعة: 16:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب