• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)

دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)
محمد الشقيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/9/2025 ميلادي - 8/4/1447 هجري

الزيارات: 209

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دمُ المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان

 

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي حرَّم الظلم على نفسه، وجعله بيننا محرمًا، الحمد لله الذي أنزل الكتاب بالميزان، ليقوم الناس بالقسط والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أرسل رسله ليُخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ومن شريعة الغاب إلى شريعة العدل والسرور، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، الذي وقف في أعظم مشهد، وأعلنها صرخةً تدوي في أذن الزمان: ((ألَا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة))، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه، واجتنب حكم الجاهلية وحربه؛ أما بعد، عباد الله:

فاتقوا الله الذي حرم الدماء، وحذر من البغي والاعتداء.

 

أيها المؤمنون، يا أبناء أرضٍ سقاها الإيمان فأنبتت الحكمة...

 

في زحام الأيام المُثقلة بالجِراح، وعلى أرض أضنتها الخطوب حتى كادت تنطق بالشكوى، نقف اليوم لنشخِّص داءً عضالًا، ونسبر غور جرح غائرٍ، لا يزداد على مر الأيام إلا اتساعًا وعمقًا.

 

إنه ليس بالجديد على الأسماع أن تتناقل أخبار المنايا، ولكن المصاب يغدو جللًا، والخطب يصير فادحًا، حين لا تكون المنية قدرًا محتومًا، بل سهمًا مسمومًا، أطلقته يد أخٍ في صدر أخيه.

 

نتحدث اليوم عن ظلمة حالكة تغشى القلوب، فتُعمي الأبصار عن نور الحق، وتُصم الآذان عن نداء الشرع، ظلمة إذا تسلطت على نفسٍ، حوَّلتها من نفس مؤمنة تعظِّم الحرمات، إلى وحش كاسر لا يرتوي إلا بالدماء.

 

هذه الظلمة - يا عباد الله - هي إرث من جاهلية مقيتة، ظننا أن الإسلام قد جبَّها وأطفأ نارها، فإذا برمادها ما زال حيًّا، تنفخ فيه شياطين الإنس والجن مع كل غضبة، وتُذكيه نعرات العصبية المُنتنة، فيتطاير منه شرر يُحرق الأخضر واليابس.

 

إنها جاهلية الثأر والانتقام، تلك الشجرة الخبيثة التي أصولها في قعر الجحيم، وأغصانها تتمدد في ديارنا، فلا تثمر إلا حقدًا وقطيعة، ولا تُظل إلا من أراد أن يستظلَّ بظِلال جهنم.

 

فكيف استبدلنا بشجرة الإيمان الطيبة هذه الشجرةَ الملعونة؟ وكيف هان علينا دم المسلم، الذي هو عند الله أعظم حرمةً من زوال الدنيا بأسرها؟

 

فما أن يُقتل قتيل ظلمًا وعدوانًا، حتى تستعر نيران الفتنة، وتتعالى أصوات التحريض، وتُنصب رايات الحمية العمياء، فتُسفك دماء جديدة، وتترمل نساء أخريات، ويَيْتَمُ أطفال آخرون، في حلقة مفرَغة من الشر لا تنتهي.

 

وقد جاء الإسلام ليطفئ هذه النيران، فعظَّم شأن الدم تعظيمًا لم يُعرف في شريعة قبله؛ يقول ربنا جل وعلا: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93]، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، معلنًا قاعدةً أبدية: ((إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا))؛ [متفق عليه]، بل وصل الأمر إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم))؛ [رواه النسائي].

 

يا وليَّ الدم المكلوم، يا من فُجعت في قريبك وحبيبك، إن مصابك جلل، وحزنك عظيم، ويزيد من ألمك أن تنظر إلى مؤسسات الدولة وقضائها، فتجدها قائمةً بالاسم، لكنها ضعيفة الحيلة، بطيئة الإجراءات، عاجزة في كثير من الأحيان عن إنفاذ حكم إن صدر؛ يقول الله تعالى واصفًا حال المؤمن في المصيبة: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 155].

 

هذا الواقع المؤلم؛ حيث ترى القضاء موجودًا لكنه مكبَّل، والدولة حاضرةً لكنها غير فاعلة، هو ما يدفع الكثيرين إلى اليأس من العدالة الرسمية، ويفتح الباب واسعًا لمنطق الثأر وأخذ الحق باليد.

 

وهنا، في هذه النقطة الحرجة، يقف الشرع الحنيف ليقول لك كلمة الفصل، نعم، الشرع يقر بأن القِصاص حق لك، ولكنه جعل تنفيذه بيد ولي الأمر حصرًا، مهما كانت هذه الدولة ضعيفة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، فالقصاص حياة فقط حين يكون منظمًا بيد سلطة عامة، وإلا تحول إلى موت للجميع.

 

فإذا كانت الدولة اليوم عاجزةً عن إيصال الحق إليك، فما هو المخرج الشرعي الذي يحفظ لك حقك ودينك ومجتمعك؟ أمامك في شرع الله طريقان واضحان لا ثالث لهما:

المسار الأول: العفو لوجه الله؛ وهو باب العزة الأسمى، أن ترتفع فوق جراحك، وتختار ما عند الله؛ اسمع لنداء ربك وهو يقول: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، واسمع لوعد نبيك صلى الله عليه وسلم: ((وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا))؛ [رواه مسلم].

 

فكن كما قال الشاعر الحكيم:

لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ
أرحت نفسي من همِّ العداواتِ

المسار الثاني: الصبر وتسجيل الحق عند الله وفي الأرض، وإن لم تقوَ نفسك على العفو، فالصبر الجميل، وهذا الصبر ليس سلبيًّا، بل هو عمل حكيم، له شِقان:

1- في الأرض: أن تسلك كل السبل القانونية المتاحة، مسجلًا قضيتك في المحاكم، موثقًا جريمتك لدى أجهزة الأمن؛ بهذا تعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز))؛ [رواه مسلم].

 

2- في السماء: أن تسلِّم الأمر بعد ذلك لله، قائلًا: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وموقنًا بوعد الله: ﴿ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ﴾ [الإسراء: 33].

 

هذا الصبر يعني الكفَّ التام عن أي محاولة للأخذ بالثأر باليد، حتى لا ترجعوا بعد نبيكم كفارًا يضرب بعضكم رقابَ بعضٍ.

 

فيا عبدَالله، لا تجعل من ضعف الدولة حجةً لتقوية شريعة الغاب، ضعف الدولة ابتلاء، والصبر عليه عبادة، أما أخذ الثأر باليد فهو جريمة في كل الأحوال.

 

وقد قال الأول محذرًا من حكم السيف وحده:

والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عفة فلِعِلَّة لا يظلمُ

فلا تكن ظالمًا بدعوى أخذ الحق.

 

فاختر لنفسك منزلة العزة بالعفو، أو منزلة الحكمة بالصبر، واحذر منزلة الخزيِ بسفك دمٍ جديد.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وعلى آله وصحبه ومن بهداهم اقتفى؛ أما بعد:

فيا عباد الله، لقد بيَّنَّا في الخطبة الأولى أن طريق المؤمن عند المصيبة هو العفو أو الصبر الجميل، ولكن الشيطان لم يقف عند هذا الحد، فلما رأى ضعف الدولة وبطءَ القضاء، وجد بابًا آخرَ ليُضل الناس عن سواء السبيل.

 

فيا للعجب! لما تقاعست خُطى العدل في دروب القضاء، وتعثرت أحكامه على أعتاب ذوي النفوذ، لجأ الناس إلى ما هو أشد وأنكى، لجؤوا إلى "محاكم الأعراف" و"قضاة القبائل"، يظنون أنهم بذلك يحقِنون الدماء، ويحلون المشكلة، وهم - والله - يقعون في مصيبة أعظم من سفك الدم نفسه؛ إنها مصيبة التحاكم إلى غير شرع الله، مصيبة الشرك في الحكم مع الله.

 

أيها الإخوة، نحن لا ننكر أن بعض هذه المجالس القبلية قد تنجح في إيقاف نزيف الدم مؤقتًا، أو تفرض دِيَةً تسكِّن الألم لحظيًّا، ولكن، بأي ثمن يحدث هذا؟

 

الثمن - يا عباد الله - هو هدم أصل التوحيد الذي بُعثت من أجله الرسل، الثمن هو أن نقول بلسان الحال، إن لم نقل بلسان المقال: "يا رب، شرعك الذي أنزلته في القرآن لا يصلح لنا في هذا الزمان، بل سلف آبائنا، وعُرف أجدادنا هو الحل الأنجع والأحكم"، وهذا – والله - قول عظيم، وجرأة على الله ما بعدها جرأة.

 

إن الله يصف هذا الفعل بأنه ابتغاء لحكم الجاهلية؛ فيقول منكرًا وموبخًا، في آية تصعَق القلوب الحية: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].

 

ويكشف سبحانه حقيقةَ إيمانِ مَن يقبل بهذا المسلك؛ فيقول جل في علاه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 60].

 

فكل حكم غير حكم الله هو حكم الطاغوت، وكل تحاكم لغير شرعه هو ضلال بعيد، فكيف نفِرُّ من مشكلة لنقع فيما هو أكبر منها عند الله؟

 

ثم أوجه ندائي مباشرةً، إليكم أنتم يا عقلاء القوم، إليكم يا مشايخ القبائل، يا من تجلسون للحكم بين الناس، وتتصدرون المجالس، وتُصدرون الأحكام؛ إن الناس يأتون إليكم ثقةً في حِكمتكم، وهربًا من ضعف القضاء، يأتونكم وقد حُملتم أمانةً لو حُملت للجبال لتصدعت من خشية الله، فأمامكم خياران لا ثالث لهما: إما أن تكونوا مفاتيح للخير ودعاةً إلى شرع الله، وإما أن تنصِّبوا أنفسكم طواغيتَ تحاربون الله في حكمه وأمره، فاسمعوا لهذا النداء جيدًا.

 

يا من تحكمون بغير ما أنزل الله، أتدري ماذا فعلت؟

 

لقد نصَّبت نفسك ندًّا لله في أخص خصوصياته؛ وهي الحاكمية، لقد قلت للناس بفعلك: "شرع الله شيء، وسلفنا وعُرفنا شيء آخر، وحكمي هو النافذ"، ألَا تخشى أن تكون ممن قال الله فيهم: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]؟ ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]؟ ﴿ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47]؟ أترضى لنفسك واحدةً من هذه الثلاث؟

 

ويا ويلك ثم يا ويلك، إن فرضت على الناس ديَاتٍ لم يأذن بها الله، كأن تأخذ أضعاف الدية الشرعية مباهاةً وفخرًا، أو أمرت بتهجير أسرة بأكملها بجريرة واحد منها؛ والله يقول: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الزمر: 7]، أو حكمت بحكم يخالف نصًّا صريحًا من الكتاب أو السنة.

 

إن كل حكم تصدره بعيدًا عن شرع الله هو ظلم وباطل، وأنت أول من يحمل وزره يوم القيامة.

 

ثم تلك الأموال التي تأخذونها، تلك "الأجرة" على حكمكم بالعرف، ما هي إلا سُحت يأكل في بطونكم نارًا، كيف تأخذ أجرًا على محاربة شرع الله؟ أي مال هذا الذي ينبت منه لحمك ولحم أبنائك؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل لحم نبت من سُحت؛ فالنار أولى به)).

 

ولكن باب التوبة مفتوحٌ، دَوركم أن تكونوا "دعاة شرع"، لا "قضاة عرف"، حوِّلوا مجالسكم من منصات للجاهلية إلى منابرَ للدعوة، وإن كنتم لا تعلمون حكم الله، فلا تحكموا بأهوائكم، بل ارجعوا إلى العلماء والقضاة الشرعيين، واسألوهم؛ فالله يقول: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43].

 

بفعلكم هذا، تبرَأ ذمتكم أمام الله، وتحوِّلون عملكم من مصادمة للشرع إلى خدمة للشرع، تكونون بحق "عقلاء قوم"، يقودون أقوامهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم.

 

بهذا تعلون في الدنيا والآخرة، وتصبح مجالسكم مجالسَ خيرٍ وبركة، لا مجالس إثم وقطيعة.

 

أيها المسلمون، يا أهلنا في هذا البلد الطيب...

 

بعد هذا كله، قد يسأل سائل: فما العمل في هذا الواقع الأليم؟ ما هو الطريق للخروج من هذا النفق المظلم؟ والجواب يكمن في تضافر جهودنا جميعًا، أفرادًا ومجتمعًا.

 

أما على المستوى الفردي، فالحل يبدأ من قلبك أنت:

أولًا: عظِّم حرمة الدم في قلبك وقلوب أبنائك، ليعلم الجميع أن سفك الدم هو الخزي والعار، وليس الشرف والفَخار.

 

ثانيًا: يا من أُصيب في قريبه، تذكَّر أن أمامك بابين من العزة: العفو الذي يدخلك في زمرة المحسنين، أو الصبر الذي يحفظ حقك عند أحكم الحاكمين.

 

وأما على المستوى المجتمعي، فعلينا مسؤولية مشتركة:

أولًا: السعي لإصلاح ذات البين على أساس شرع الله لا على أساس العرف الجاهلي، لنكُن عونًا لأهل الخير في جمع الكلمة على الحق.

 

ثانيًا: أن ندعم كل من يدعو للتحاكم إلى الله، وأن نشكِّل ضغطًا مجتمعيًّا على كل من يتصدر للحكم، أن يلتزم بالشرع، ويسأل أهل العلم.

 

وأبشِّركم - يا عباد الله - أنه وسط هذا الركام، لم يُخلِ الله هذه الأرض من أهل الخير والصلاح، فبحمد الله يوجد في مجتمعنا اليوم قضاة يحكمون بشرع الله، وعلماء يعملون لخدمة دين الله، فلماذا نتركهم ونذهب لغيرهم؟ إن من أوجب الواجبات علينا اليوم أن نعزِّز من مكانتهم، وأن نتحاكم إليهم، وأن نجعلهم الملاذَ الآمن لحل خصوماتنا، فبذلك نقوِّي الحق، ونُضعف الباطل.

 

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا، أن تحقن دماء المسلمين في اليمن وفي كل مكان، اللهم ألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدِهم سبل السلام، اللهم قيِّض لهذه الأمة أمرَ رشدٍ، يُعز فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر، اللهم أصلح قلوبنا لتقبَل حكمك، واشرح صدورنا للرضا بشرعك.

 

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، واستغفروه يغفر لكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]، وأقم الصلاة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إيطاليا: إغلاق مجمع رياضي يخدم المسلمين في ميلانو
  • حديث حرمة دم المسلم
  • حرمة دم المسلم
  • ماذا يقدم المسلمون للحضارة المعاصرة؟ (1)
  • ماذا يقدم المسلمون للحضارة المعاصرة؟ (2)
  • برنامج تعليمي يخدم المسلمين الجدد بسيريلانكا
  • ثمن دم المسلم وواجب الساعة (خطبة)
  • استحباب أن يقدم المسلم صدقة بين يدي صلاته ودعائه

مختارات من الشبكة

  • دراسة في الإجماع على نجاسة الدم وما جاء في كتاب الفروع من نسبة القول بطهارة الدم للإمام أحمد رحمه الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نقل الدم للصائم(مقالة - ملفات خاصة)
  • الاستحاضة (الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • حديث: إن دم الحيض دم أسود يعرف(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • بل الدم الدم والهدم الهدم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • انخفاض ضغط الدم: تعريفه وأسبابه وأعراضه وعلاجه(مقالة - المترجمات)
  • الأنيميا (فقر الدم)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ألبانيا: حملة المشيخة الإسلامية للتبرع بالدم في شكودرا(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حديث: أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حرمة سفك الدماء في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب