• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن / تفسير القرآن الكريم
علامة باركود

تفسير قوله تعالى: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض... }

تفسير قوله تعالى: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض... }
سعيد مصطفى دياب

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2025 ميلادي - 18/10/1446 هجري

الزيارات: 1036

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير قوله تعالى:

﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ... ﴾

 

قوله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 133- 136].

 

أَمَرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ التي من آثارها مَغْفِرَةُ الذنوبِ، والفوزُ بالجنان، ورضا الرحمن عزَّ وجلَّ؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الحديد: 21].

 

وهذا الذي ينبغي أن تكون فيه المسابقةُ والمسارعةُ والتنافس، وقد ندب رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبْلَ أَنْ يُشْغَلُوا، وَقَبْلَ أَنْ تصيبهم فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»[1].

 

﴿ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾، وجاءَ لفظُ (مَغْفِرَةٍ) نكرةً لتَعْظِيمِهَا، وأضيفتْ إِلَى الربِّ تعالى ترغيبًا للعبادِ.

 

﴿ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾: في الكلام حذفٌ تَقْدِيرُهُ: عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، والمعنى: سَعَتُهَا كَاتِّسَاعِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وليس المرادُ بالعرضِ الذي يخالفُ الطولَ، وَيُطْلَقُ الْعَرْضُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الِاتِّسَاعِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْعَرِيضَ هُوَ الْوَاسِعُ فِي الْعُرْفِ؛ كما يقال: بِلَادٌ عَرِيضَةٌ، أَيْ وَاسِعَةٌ، كما قيل:

كَأَنَّ بِلَادَ اللَّهِ وَهْيَ عَرِيضَةٌ
عَلَى الْخَائِفِ الْمَطْلُوبِ كِفَّةُ حَابِلِ

وَقَدَّمَ سبحانه وتَعَالَى ذِكْرَ الْمَغْفِرَةِ عَلَى الْجَنَّةِ لِأَنَّهَا السَّبَبُ الْمُوصِلُ إِلَى الْجَنَّةِ.

 

﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: أي: هُيئت لِلْمُتَّقِينَ، كما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [السجدة: 17]»[2].

 

وَخَصَّ اللهُ تَعَالَى الْمُتَّقِينَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ، وَغَيْرُهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ، وفيه دليلٌ على أَنَّ الجنةَ مخلوقةٌ.

 

﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾: السَّرَّاءُ: مَصْدَرُ سَرَّ مَسَرَّةً وَسُرُورًا، وَالضَّرَّاءُ: مَصْدَرُ ضَرَّ يُضَرُّ.

 

يُثنِي اللهُ تَعَالَى على الْمُتَّقِينَ ببيان صفاتهم التي أدخلهم الله بها الجنة، فقال: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾؛ يعني: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي حَالِ الرَّخَاءِ وَالسُّرُورِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ، وَرَغَدِ الْعَيْشِ، وَفِي حَالِ الضَّرِّ وَالشِّدَّةِ والضِّيقِ بِقلةِ الْمَالِ وَشَظفِ الْعَيْشِ.

 

كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ [البقرة: 274].

 

﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾، ومن صفاتِ الْمُتَّقِينَ كَظْمُ الْغَيْظِ وهو: رَدُّهُ فِي الْجَوْفِ، يُقَالُ: كَظَمَ غَيْظَهُ إِذَا لَمْ يُظْهِرْهُ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُظْهِرَهُ؛ عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ جُرْعَةٍ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا عَبْدٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ»[3]، وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ الْخَلاَئِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَي الْحُورِ شَاءَ»[4]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»[5].

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ»[6].

 

وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْغَضَبَ لَيُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الصَّبْرُ الْعَسَلَ»[7].

 

وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: «إِنَّ الْغَضَبَ لِيُفْسِدُ الْإِيمَانَ كَمَا يُفْسِدُ الْخَلُّ الْعَسَلَ»[8].

 

وقيلَ: أقربُ مَا يُكُونُ المرءُ مِنْ غَضَبِ اللهِ إذَا غَضِبَ.

 

قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾: يعني: عَنْ ظُلْمِهِمْ وَإِسَاءَتِهِمْ، والْعَفْوُ دَلِيلُ شَرَفِ النَّفْسِ وَرِفْعَتِهَا؛ كَمَا قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ:

لَنْ يَبْلُغَ الْمَجْدَ أَقْوَامٌ وَإِنْ شَرُفُوا
حَتَّى يَذِلُّوا وَإِنْ عَزُّوا لِأَقْوَامِ
وَيُشْتَمُوا فَتَرَى الْأَلْوَانَ مُشْرِقَةً
لَا عَفْوَ ذُلٍّ وَلَكِنْ عَفْوَ إِكْرَامِ

 

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَقَفَ الْعِبَادُ لِلْحِسَابِ يُنَادِي مُنَادٍ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ، ثُمَّ يُنَادِي الثَّانِيَةَ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، فَيُقَالُ: وَمَنْ ذَا الَّذِي أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، فَيَقُولُ: الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ، فَقَامَ كَذَا وَكَذَا فَدَخَلُوهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ»[9].

 

﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾: الإِحْسَانُ فِي كلِ شَيءِ أَعْلَاه وَذِرْوَتُه، فَالإِحْسَانُ فِي الاعتقادِ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَالإِحْسَانُ فِي العَطَاءِ أن تُعْطِي بِغَيرِ حِسَابِ، وأَنْ تنفقَ على مَنْ لا تلزمك نفقَتُهُ، ومن كان من أهل الإحْسَانِ كان أولى الناس بإحْسَانِ اللهِ إليه؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

 

واللهُ تعالى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، حتى فِي ذَبْحِ البَهِيمَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»[10].

 

وَجَاءَتْ جَارِيَةٌ لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ ذَاتَ يَوْمٍ بِصَحْفَةٍ فِيهَا مَرَقَةٌ حَارَّةٌ، وَعِنْدَهُ أَضْيَافٌ فَعَثَرَتْ فَصَبَّتِ الْمَرَقَةَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ مَيْمُونٌ أَنْ يعاقبها، فقالت: يا مولاي، ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ﴾، فَقَالَ لَهَا: كَظَمْتُ غَيظِي، فَقَالَتْ: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، فَقَالَ: عَفَوْتُ عَنْكِ، فَقَالَتِ: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾، فَقَالَ مَيْمُونٌ: أَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

الأَسَالِيبُ البَلَاغِيةُ:

وفي الآية من الأَسَالِيبِ البَلَاغِيةِ: الاحتباكُ في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾، فالسَّرَّاءُ يقابلها الغَمُّ، وَالضَّرَّاءُ يقابلها النَّفْعُ، فذكر اللفظين المختلفي التقابل؛ ليدل كلُ واحدٍ على مقابله، والطِّبَاقُ بينَ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ في قوله تعالى: ﴿ السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ﴾.

 

والِاحْتِرَاسُ بذكْرِ الْعَفْوِ عَنِ النّاسِ بَعْدَ كَظْمِ الْغَيْظِ، كـأنه قال: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ عفوًا عن النَّاسِ)؛ لبيانِ أَنَّ كَظْمَ الْغَيْظِ ليس منْشَأَهُ الضَّعفُ، وَلمْ تَعْقُبْهُ نَدَامَةٌ.

 

والتَّذيِيلُ بقَوْلِهِ: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ لبيان أنَّ مَنِ اجْتَمَعَتْ فيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ فهو مُحْسِنٌ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ.

 

والترقي من الأدنى إلى الأعلى في قَوْلِهِ: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ فبدأ بكظم الغيظ وهو أدناها مرتبةً، ثم ترقى إلى الأعلى فقال: ﴿ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ﴾، ثم ترقَّى إلى أعلى رتبة فقال: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.



[1] رواه مسلم، كِتَابُ الْإِيمَانَ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِالْأَعْمَالِ قَبْلَ تَظَاهُرِ الْفِتَنِ، حديث رقم: 118.

[2] رواه البخاري، كِتَابُ بَدْءِ الخَلْقِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ الجَنَّةِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ، حديث رقم: 3244، ومسلم، كتاب الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، حديث رقم: 2824.

[3] رواه أحمد، حديث رقم: 6114، وابن ماجه- كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْحِلْمِ، حديث رقم: 4189، والطبراني في الأوسط، حديث رقم: 7282، بسند صحيح.

[4] رواه أحمد، حديث رقم: 15637، وأبو داود، كِتَاب الْأَدَبِ، بَابُ مَنْ كَظَمَ غَيْظًا، حديث رقم: 4777، والترمذي، أَبْوَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابٌ فِي كَظْمِ الغَيْظِ، حديث رقم: 2021، وابن ماجه، كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ الْحِلْمِ، حديث رقم: 4186، بسند حسن.

[5] رواه البخاري، كِتَابُ الأَدَبِ، بَابُ الحَذَرِ مِنَ الغَضَبِ، حديث رقم: 6116.

[6] رواه البخاري، كِتَابُ الأَدَبِ، بَابُ الحَذَرِ مِنَ الغَضَبِ، حديث رقم: 6114، ومسلم- كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَذْهَبُ الْغَضَبُ، حديث رقم: 2609.

[7] رواه البيهقي في شعب الإيمان، حسن الخلق، فصل في ترك الغضب، وفي كظم الغيظ، والعفو عند المقدرة، حديث رقم: 7941.

[8] الجامع لابن وهب، فِي الْكَلَامِ لِمَا لَا يَنْبَغِي وَلَا يَحْسُنُ، حديث رقم: 326.

[9] رواه الطبراني في الأوسط، حديث رقم: 1998، والخرائطي في مكارم الأخلاق، بَابُ فَضْلِ الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ، حديث رقم: 55، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (6/ 187).

[10] رواه مسلم- كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الذَّبْحِ وَالْقَتْلِ، وَتَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ، حديث رقم: 1955.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير آية: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)
  • فوائد من قوله تعالى: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين }
  • تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله... }
  • تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في ...﴾
  • تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين...}

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا ...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات تربوية مع قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فوائد وأحكام من قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة... }(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/4/1447هـ - الساعة: 16:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب