• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد / في أسماء الله
علامة باركود

علو الله تعالى على خلقه (4)

علو الله تعالى على خلقه (4)
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/7/2024 ميلادي - 25/1/1446 هجري

الزيارات: 4660

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علو الله تعالى على خلقه (4)


الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ، شَدِيدِ الْمِحَالِ، عَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الْقَصَصِ: 70]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَعْلَمُ النَّاسِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَأَخْشَاهُمْ لَهُ، فَرَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرَهُ، وأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ، وَبَوَّأَهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ، وَخَصَّهُ بِالْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَعَرَجَ بِهِ إِلَى أَعَالِي السَّمَاوَاتِ، وَفَرَضَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ عَلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَظَّمَ، وَاعْبُدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيٌّ حَكِيمٌ، عَلِيمٌ قَدِيرٌ، لَطِيفٌ خَبِيرٌ، سَمِيعٌ بَصِيرٌ. خَلَقَكُمْ وَرَزَقَكُمْ وَهَدَاكُمْ، وَيُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُحَاسِبُكُمْ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النِّسَاءِ: 40].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: حِينَ يَسْتَقِرُّ تَعْظِيمُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، وَيُذْعِنُ لِلشَّرْعِ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَرَّفُ إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ بِنُصُوصِ الْوَحْيِ. وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ مَمْلُوءَانِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلَى. وَيَقِفُونَ عِنْدَ النُّصُوصِ وَلَا يُجَاوِزُونَهَا، وَلَا يَتَكَلَّفُونَ عِلْمَ مَا حُجِبَ عَنْهُمْ، فَيُثْبِتُونَ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَيَنْفُونَ عَنْهُ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ.

 

وَمِمَّا اسْتَفَاضَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ؛ عُلُوُّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى كُلِّ خَلْقِهِ، فَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَلَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ. حَتَّى ذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَلْفَ دَلِيلٍ عَلَى ذَلِكَ. وَهِيَ أَدِلَّةٌ مُنَوَّعَةٌ:

فَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي وَصْفِهِ بِالْعُلُوِّ وَتَسْمِيَتِهِ بِالْأَعْلَى نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سَبَأٍ: 23]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشُّورَى: 51]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الْأَعْلَى: 1].

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فِي السَّمَاءِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ [الْمُلْكِ: 16]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي فَوْقِيَّتِهِ سُبْحَانَهُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 18]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ [النَّحْلِ: 50].

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي اسْتِوَائِهِ عَلَى الْعَرْشِ؛ أَيْ: عُلُوِّهِ عَلَى الْعَرْشِ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 54]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا بَيْنَ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةَ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَبَيْنَ الْكُرْسِيِّ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَالْعَرْشُ فَوْقَ السَّمَاءِ، وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي الْعُرُوجِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾ [السَّجْدَةِ: 5]، وَمِنْهُ أَيْضًا عُرُوجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَلَامُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لَهُ.

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي الصُّعُودِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ﴾ [فَاطِرٍ: 10].

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي رَفْعِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 55]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ [النِّسَاءِ: 158].

 

وَمِنْهَا أَدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ فِي نُزُولِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 3-4]، فَتَنَزُّلُ هَذِهِ الْكُتُبِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنُّزُولُ يَكُونُ مِنَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَلِ؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ.

 

وَمِنْ دَلَائِلِ الْفِطْرَةِ تَوَجُّهُ الْقُلُوبِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي عُلَاهُ حَالَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ، وَرَفْعُ الْأَيْدِي إِلَيْهِ فِي الدُّعَاءِ، وَهُوَ أَمْرٌ فِطْرِيٌّ يَفْعَلُهُ الْمَرْءُ عِنْدَ الْخَوْفِ وَالْحَاجَةِ وَالدُّعَاءِ. وَمِنْ دَلَائِلِ الْعَقْلِ أَنَّ الْعُلُوَّ مَدْحٌ، كَمَا أَنَّ السُّفُولَ ذَمٌّ؛ وَلِذَا كَانَ كِتَابُ الْأَبْرَارِ فِي عِلِّيِّينَ، وَكَانَ كِتَابُ الْفُجَّارِ فِي سِجِّينٍ، وَسِجِّينٌ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، فَاللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِالْعُلُوِّ مِنْ خَلْقِهِ مَهْمَا كَانُوا.

 

وَأَجْمَعَ سَلَفُ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ الْإِمَامُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: «إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ اسْتَوَى، وَيَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ فِي أَسْفَلِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ». وَنُقِلَ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ: «مَنْ قَالَ: لَا أَعْرِفُ رَبِّي فِي السَّمَاءِ أَوْ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ كَفَرَ». وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ: «اللَّهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَا يَخْلُو مِنْ عِلْمِهِ مَكَانٌ». وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: «اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ فِي سَمَائِهِ، يَقْرُبُ مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَ شَاءَ، وَيَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَيْفَ شَاءَ». وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: «اللَّهُ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَقُدْرَتُهُ وَعِلْمُهُ بِكُلِّ مَكَانٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ عَلَى عَرْشِهِ وَلَا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْ عِلْمِهِ».

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْهِدَايَةَ لِلْحَقِّ، وَالْمُوَافَاةَ عَلَى السُّنَّةِ، وَنَعُوذُ بِهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الْبِدْعَةِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ آثَارِ الْإِيمَانِ بِعُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ؛ مُوَافَقَةُ الْعَبْدِ لِلسُّنَّةِ، وَأَخْذُهُ بِالنُّصُوصِ، وَاتِّبَاعُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاقْتِفَاءُ أَثَرِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ؛ فَقَدْ أَطْبَقُوا جَمِيعًا عَلَى هَذَا الْمُعْتَقَدِ؛ لِتَوَاتُرِ النُّصُوصِ فِيهِ، وَمُجَانَبَةِ الْبِدْعَةِ وَأَقْوَالِ الْمُبْتَدِعِينَ الضَّالِّينَ، الَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِإِضْلَالِ النَّاسِ فِي عَقَائِدِهِمْ، وَإِفْسَادِ دِينِهِمْ عَلَيْهِمْ.

 

لَقَدْ كَانَ الْمُبْتَدِعَةُ الضَّالُّونَ، نُفَاةُ عُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ إِلَى وَقْتٍ قَرِيبٍ؛ لَا يُجَاهِرُونَ بِهَذَا الْمُعْتَقَدِ الْفَاسِدِ، وَلَا يُلْقُونَهُ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ شَرُّهُمْ فِي أَوْسَاطِهِمْ وَمَنْ أَخَذَ هَذَا الْمُعْتَقَدَ عَنْهُمْ. أَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّهُمْ يَنْشَطُونَ فِي إِضْلَالِ النَّاسِ فِي عَقَائِدِهِمْ، وَتَحْرِيفِ مَعَانِي مَا عَرَفُوهُ مِنْ نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، الْمُثْبِتَةِ لِعُلُوِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَذْفِهِمْ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ مِنْ فَلْسَفَاتٍ غَامِضَةٍ، وَدَعَاوَى فَاسِدَةٍ، يَزْعُمُونَ دَلَالَةَ الْعَقْلِ عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّهَا لَا تَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تُؤَدِّي إِلَى تَعْظِيمِهِ، فَيَنْفُونَ عُلُوَّ اللَّهِ تَعَالَى بِذَاتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَيُنْكِرُونَ اسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ، وَيُحَرِّفُونَ مَعَانِيَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَيَكْذِبُونَ عَلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ؛ لِإِقْنَاعِ الْعَامَّةِ بِبِدْعَتِهِمْ. وَيَنْشُرُونَ الْعَقَائِدَ الْمُنْحَرِفَةَ فِي الْخُطَبِ وَالْمُحَاضَرَاتِ وَالنَّدَوَاتِ وَالْكُتُبِ وَالْمَقَالَاتِ، وَيَبُثُّونَهَا عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ. بَلْ جَعَلَ بَعْضُهُمْ عَقِيدَتَهُمُ الْفَاسِدَةَ مِنْ أَدْعِيَةِ الطَّوَافِ، وَبَعْضُهُمْ لَقَّنَهَا أَطْفَالَ اللَّاجِئِينَ وَهُوَ يُقَدِّمُ لَهُمُ الطَّعَامَ وَالْكِسَاءَ؛ لِيَسْتَغِلَّ حَاجَتَهُمْ، وَيُفْسِدَ عَقَائِدَهُمْ بِمَا يُقَدِّمُهُ لَهُمْ؛ وَلِذَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ الصَّحِيحِ أَنْ يَحْفَظُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ مِنَ الِاسْتِمَاعِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُفْسِدِينَ؛ فَإِنَّ الْقُلُوبَ خَطَّافَةُ الشُّبُهَاتِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 68]، فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ مُجَالَسَتِهِمْ، أَوِ الِاسْتِمَاعِ لِضَلَالِهِمْ فِي أَيِّ وَسِيلَةٍ كَانَتْ؛ لِئَلَّا يَزِيغَ الْقَلْبُ بِشُبُهَاتِهِمْ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علو الله تعالى على خلقه (1)
  • علو الله تعالى على خلقه (2)
  • علو الله تعالى على خلقه (3)

مختارات من الشبكة

  • كان - صلى الله عليه وسلم - خلقه القرآن(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • خالق الناس بخلق حسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقسام التوحيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: ثمرات وفضائل حسن الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تذكير أهل الديانة بخلق الأمانة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه الإحسان (5) الإحسان إلى الخلق(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • مفهوم الإنسانية الحقة، في ميزان الله والخلق(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حديث القرآن عن خلق الأنبياء عليهم السلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة شرح الأربعين النووية: الحديث (27) «البر حسن الخلق» (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحيرة بين الجمال والخلق(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/4/1447هـ - الساعة: 16:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب