• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الإلحاد الناعم: حين يتسلل الشك من نوافذ الجمال ...
    أ. محمد كمال الدلكي
  •  
    أخطاء الموارد البشرية: رؤى مع بدر شاشا
    بدر شاشا
  •  
    كيف تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات؟!
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    مخطوط فقده مؤلفه: الاستمساك بأوثق عروة في الأحكام ...
    د. أحمد عبدالباسط
  •  
    وداعا شيخ المحققين
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    القرآن واللغة العربية والحفاظ على الهوية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    أعلام فقدوا بناتهم
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ‌مؤلفات ابن الجوزي في التراجم المفردة
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    التفاوض على الراتب أم قبول أي عرض؟
    بدر شاشا
  •  
    إشكاليات البناء المعرفي للشباب المسلم: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: الغزو الفكري... كيف نواجهه؟ (1)
    يحيى سليمان العقيلي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

رضوان الله (خطبة)

رضوان الله (خطبة)
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/9/2023 ميلادي - 16/2/1445 هجري

الزيارات: 16377

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خُطْبَةُ رِضْوَانُ اللهِ


الخُطْبَةُ الْأُولَى

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.


أمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى، وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


1- عِبَادَ الله: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَطَالِب المُؤْمِنِ فِيْ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، نَيْلُ رِضَا اللهَِ، وَاجْتِنَابُ سَخَطِهِ، فَإِنَّ رِضْوَانَ الله النَّعِيْمُ الَّذِيْ لَا يُعَادِلُهُ نَعِيْمٌ، وَالخَيْرُ الَّذِيْ لا يُعَادِلُهُ خَيْرٌ.

 

2- عِبَادَ اللهِ: رِضَا اَللَّهِ أَعْظَمُ كَرَامَةً يُكَرَّمُ بِهَا المُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا، حَيْثُ يُوَفِّقُهُ اَللَّهُ لِفِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مَثُوبَةً، وَأَعْظَمُ أَجْرًا يَتَفَضَّلُ اَللَّهُ بِهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، فِي الْجَنَّةِ بِرِضَاه التَّامِّ عَنْهُمْ.

 

3- فَرِضْوَانُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ نَعِيمٍ، وَأَفْضَلُ وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ أَجْرٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 72] فَرِضْوَانُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى عِبَادِهِ فِي الْجَنَّةِ، أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ نَعِيمٍ، وَلِمَا لَا! وَقَدْ نَالُوا رِضَا اللَّهِ، فَلَا نَعِيمٌ بَعْد رِضَا اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا النَّعِيمِ، فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ نَعِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، بَلْ بِسَبَبِهِ نَيْله الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِنْ نَعِيمٌ، فِيهِمَا بَعْدُ رضْوَانُ اللَّهِ، مُقِيمٌ دَائِمٌ لَا يَنْقَطِعُ.

 

4- عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ الْمُؤمِنَ صَادَقُ الْإِيمَانِ، الَّذِي يَجْعَلُ مَطْلَبهُ فِي اَلْحَيَاةِ نَيْلُ رِضْوَان اللَّهِ، وَلِذَا امْتَدَحَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَنْ سَعَى مِنْ عِبَادِهِ لِنَيْلِ رِضَاهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ، وَمِنْهُمْ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ أَنَّ هَذَا الخَيْرُ العَظِيْمُ يَنَالُهُ أيضًا كُلُّ مَنْ أَمَرَ بِمَعْرُوْفٍ، أَوْ نَهِي عَنْ مُنْكَرٍ.

 

5- وَيَنَالُ رِضْوَانُ اللهِ أَهْلُ الخَيْرِ، وَالصَّدَقَاتِ، الَّذِيْنَ يُنْفِقُونَ فِيْ الَّليْلِ وَالنَّهَارِ، سِرًّا وَعَلَانِيةً، مَطْلَبهُمْ وَمَقْصدهُمْ نَيْلُ رِضْوَانِ اللهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 265].

 

6- إِنَّ أَهْلَ الخَيْرِ وَالصَّلَاحِ الَّذِيْنَ يَأْلَفُ بَعْضهُمْ بَعْضا، رُحَمَاءُ بِأَهْلِ الإِيْمَانِ، أَشِدَّاءُ عَلَى أَعْدَاءِ اللهِ، مَطْلَبُهُمْ وَمَقْصَدُهُم، نيلُ رِضْوَانُ اللهِ فَمَدَحهُمْ اللهُ بِهَذَا الفِعْلِ فَقَالَ: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].

 

7- وَلَقَدْ امْتَدَحَ اللهُ عِبَادَه الَّذِيْنَ يُسَارِعُونَ بِالاسْتِجَابَةِ لِأَوَامِرِهِ، وَلِأَوَامِرِ رَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، مُتَوَكِّلِيْنَ عَلَيْهِ، مُحْسِنِيْنَ بِهِ الْظَّنَّ، فَإِنَّهُمْ يَنْجُوْنَ مِنْ كُلِّ كَرْبٍ، وَيَتَخَلَّصُونَ مِنْ كُلِّ همّ، وَيُنصُرُونَ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى مَادِحًا لَهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173، 174].

 

8- عِبَادَ الله؛ إِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الآيَاتِ القُرْآنِيَّةِ، وَأَعْذبُهَا، وَيَالَذَّة الأَسْمَاعِ عِنْدَ تِلَاوَتِهَا، ذَلِكَ التَّعْبِيْرُ العَظِيْمُ الَّذِيْ أَجَابَ بِهِ مُوْسَى فَقَالَ جَوَابًا لِسُؤَالِ رَبِهِ: ﴿ وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 83، 84] فَأَثْنَى اللهُ عَلَى مُوْسَى، فَمَا أَعْظَمُ وَأَجَلُّ أَنْ يَدَع المُسلِم مَشَاغِلَ الدُّنْيَا، فَيَتَعَجَّلُ فِيْ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالصَّدَقَةِ، وَبِرِّ الوَالِدَيْن، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ، كُلُّ ذَلِكَ وَشِعَارُهُ: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].

 

9- عِبَادَ الله؛ لَقَدْ امْتَدَحَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا كُلّ مَنْ كَانَ مَنْهَجهُ فِيْ هَذِهِ الحَيَاة السَّعِي لِنَيْلِ رِضْوَانِهِ، وَفَضْلهُمْ عَلَى أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ لَمْ يَسْعوْا لِذَلِكَ، فَبَيْنَ البونَ الشَّاسِعِ، وَالمَسَافَةِ البَعِيْدَةِ بَيْنَهُمْ، قَالَ اللهُ: ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [آل عمران: 162، 163] فَلَقَدْ أَثْنَى اللهُ عَلَى المُؤْمِنِيْنَ الْسَّاعِيْنَ لِنَيْلِ رِضْوَانِهِ، وَأَخْلَصُوا فِيْ عِبَادَتِهِ، فَاسْتَحَقُّوا بِهَذَا السَّعِي العَظِيْم نَيْلُ المَقْصَدِ الْكَرِيْمِ، فَاسْتَحَقُّوا رِضْوَانَ اللهِ، كرمًا مِنْهُ وَتَفَضُّلًا، فَهُمْ ذُو دَرَجَاتٍ، فَلَهُمْ عِنْدَ اللهِ الدَّرَجَاتُ العَالِيَّة، وَالمَكَانَة الرَّفِيْعَةِ.

 

10- فَشَتَّانَ بَيْنَ أَهْلُ السَّعَادَةِ، وَأَهْلُ الشَّقَاوَةِ، وَبَيْنَ أَهْلُ التُّقَى، وَأَهْل الضَّلَالِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ﴾ [ص: 28].

 

11- لَقَدْ بَيَّنَ اَللَّهُ هَذَا الْفَرْق اَلشَّاسِعِ، وَالْبَوْنِ الْعَظِيم، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ﴾ [التوبة: 109] لَقَدْ أَنْكَرَ اَللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ أَنْ يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ، أَوْ أَنْ يَظُنَّ ظَانٌ، بِأَنْ يَسْتَوِي عَبْدٌ أَسَّسَ دِينهُ عَلَى تَقْوَى اَللَّهِ، وَرِضْوَانهُ، بِمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانُهُ عَلَى سَخَطٍ مِنَ اَللَّهِ، فَهِيَ قَاعِدَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تَلْبَسُ أَنْ تَنْهَارَ بِصَاحِبِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

 

12- عِبَادَ اَللَّهِ؛ إِنَّ المُؤْمِنَ الْحَقُّ، هُوَ الَّذِي يَسْعَى لِنَيْلِ رِضَا اَللَّهِ، وَيَسْعَى لِكُلِّ عَمَلٍ يَقُودُ إِلَى رِضَا اَللَّهِ، فَهَا هُوَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يَسْأَلُ اَللَّهَ أَنْ يُلْهِمَهُ وَأَنْ يَرْزُقَهُ، فَمَاذَا قَالَ؟ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْهُ: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19] فَلَيْسَ كُلُّ عَمَلٍ مُرْضِيًا عِنْدَ اَللَّهِ، إِلَّا مَا ارْتَضَاهُ اللهُ، وَهَذَا مَا سَأَلَهُ سُلَيْمَان رَبَّهُ.

 

13- وَهَا هُوَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، يَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْضَى عَنْ ذُرِّيَّتِهِ، فَمَاذَا يَقُوْلُ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْهُ: ﴿ رِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 6].

 

14- فَكُلُّ أَوْلِيَاء اللهِ يَسْعَوْنَ لِنَيْلِ رِضَاه، قَالَ تَعَالَى حَاكِيًا عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِيْنَ، وَأَوْلِيَائِهِ المُفْلِحِيْنَ: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15] جَعَلَنَا اللهُ مِنْهُمْ.

 

15- عِبَادَ الله؛ إِنَّ رِضَا اللهِ لَيْسَ صَعْب الْمَنَالِ، فَهُوَ يَنَالُ بِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، و َبِكُلِّ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: « إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ»؛ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

16- وَكَانَ أَعْظَمُ مَنْ طَبَّقَ هَذَا الْكَلَامُ، وَعَمِلَ بِهَذِهِ القَاعِدَةُ، خِيرَةُ خَلْقِ اَللَّهِ، مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ حِينَمَا تُوُفِّيَ اِبْنهُ، فَقَالَ كَلِمَتُهُ الْعَظِيمَةُ، وَمَنْهَجُهُ الْحَقُّ: « إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبُّنَا»؛ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ.

 

17- عِبَادَ اللَّهِ؛ لِيَكُنْ مَشْرُوعُكَ فِي اَلْحَيَاةِ، وَوَظِيفَةُ عُمْرِكَ، السَّعْيُ لِنَيْلِ رِضَا اللَّهِ، فَاجْعَلْهُ نُصْبُ عَيْنَيْكَ، وَتَحْتَ نَاظِرَيْكَ، لَا تَحِيدُ عَنْهُ قَدْر أُنْمُلَةٍ، جَعَلَنَا اللَّهُ مِمَّنْ رَضِيَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًَا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًَا كَثِيرًَا.


أمَّا بَعْدُ: فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.


عِبَادَ اَللَّهِ؛ اِتَّقُوا اَللَّهَ حَقَّ اَلتَّقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْمَسْؤُولِيَّةَ اَلْمُلْقَاةُ عَلَى عَوَاتِقِنَا عَظِيمَة، مَسْؤُولِيَّة حِمَايَةِ أَبْنَائِنَا، وَفَلَذَاتِ أَكْبَادِنَا مِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْفِكْرِيَّةِ وَالْعَقَدِيَّةِ، وَمِنَ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلْأَخْلَاقِيَّةِ، فَعَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَقُومَ بِمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، بِحِمَايَةِ هَذِهِ اَلنَّاشِئَةِ مِنْ جَمِيعِ اَلِانْحِرَافَاتِ اَلَّتِي تُؤَثِّرُ عَلَى أُمُورِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ. أَوْ تَضُرُّ بِبِلَادِهِمْ، جَعَلَهُمْ رَبِّي قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَنَا.


اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ امْدُدْ عَلَيْنَا سِتْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا النِّيَّةَ وَالذُرِّيَّةَ وَالْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.


سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.


وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رضوان الله
  • في الدفاع عن الصحابة رضوان الله عليهم
  • قراءة في أدب الاختلاف على عهد الصحابة رضوان الله عليهم
  • حديث: أول الوقت رضوان الله
  • مواقف لبعض الصحابة رضوان الله عليهم في قوة إيمانهم واعتمادهم على الله (1 - 2)
  • مواقف لبعض الصحابة رضوان الله عليهم في قوة إيمانهم واعتمادهم على الله (2 - 2)

مختارات من الشبكة

  • اكتشف أبناءك كما اكتشف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله عليهم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: المسلم الإيجابي(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • شرح حديث المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • عقوبة من أساء بين الشريعة والافتراء (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • الدعاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الغزو الفكري … كيف نواجهه؟ (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {قل من كان في الضلالة} (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التحذير من صفات المنافقين (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إني أخاف أن أسلب التوحيد! (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوصاية بالنساء في ضوء الكتاب والسنة (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/6/1447هـ - الساعة: 13:56
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب