• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة
علامة باركود

زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة (1)

زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة (1)
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 12/9/2022 ميلادي - 16/2/1444 هجري

الزيارات: 13431

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلاسل السيرة النبوية: سلسلة (2):

سلسلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة

10- زَوَاجُه صلى الله عليه وسلم بِخَدِيجة (1)

 

الخطبة الأولى

إنَّ الْحَمدَ لِلَّه، نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ ونسْتَغفِرهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أنفسِنَا وَمَن سَيِّئاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضلِلْ فلا هَاديَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، نَحمَدُكَ رَبَّنَا عَلَى مَا أنعَمْتَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعمِكَ العَظيمَةِ، وآلائِكَ الجَسِيمَةِ؛ حَيثُ أرْسَلتَ إلَيْنَا أفضَلَ رُسُلِكَ، وأنزَلتَ عَلينَا خَيرَ كُتبِكَ وشَرَعْتَ لَنَا أفضَلَ شَرائِع دِينِكَ، فَاللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ حتَّى تَرْضَى، ولَكَ الْحَمْدُ إذَا رَضِيتَ، ولَكَ الحَمْدُ بَعدَ الرِّضَا.

 

أَمَّا بَعدُ:

أيُّهَا الإخوَةُ المُؤمِنونَ، تحدَّثنَا في الخُطبَةِ المَاضِيةِ عَن تِجَارَةِ النَبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنَّهُ قَبْلَ البَعْثَةِ شَارَكَ مَعَ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، وَتَاجَرَ فِي مَالِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا، واستفدنَا من الدُّروسِ والعِبرِ: جوازَ أَخْذِ الشَّرِيكِ فِي التِّجَارَةِ، وَجَوازَ شَرِكَةِ الْمُضَارَبَةِ، وَضَرُورَةَ أَنْ يَنصَحَ الشَّرِيكُ لِشَرِيكِهِ وَلَا يَخُونُهُ، مَعَ اَلتَّخَلُّقِ بِالْمُعَامَلَةِ اَلرَّفِيعَةِ فِي التِّجَارَةِ، وَهَذَا مَا بَدَا وَاضِحًا فِي تِجَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَالِ خَدِيجَةَ، هَذِهِ الْأَخْلَاقُ الرَّفِيعَةُ هِيَ الَّتِي دَفَعَتْ خَدِيجَةَ إِلَى إِظْهَارِ رَغْبَتِهَا فِي الزَّوَاجِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَوْضُوعُ خُطْبَتِنَا اَلْيَوْمَ، مُسْتَخْلِصِيْنَ بَعْضَ الدُّرُوسِ وَالْعِبَرِ.

 

عِبادَ اللَّه، لَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، تَزَوَّجَ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِد، وَكَانَتْ امْرَأَةً حَازِمَةً شَرِيفَةً لَبِيبَةً، مَعَ مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَا مِنْ كَرَامَتِهِ، فَلَمَّا أَخْبَرَهَا مَيْسَرَةُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ، وَكَانَ قَد أَخبَرَهَا بِقَولِ الرَّاهِبِ نِسْطُورَا، حَيثُ قَالَ لَهُ: مَا نَزَلَ تَحْتَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ قَطُّ إِلَّا نَبِيٌّ- وَهَذَا قَدْ سَبقَ مَعَنَا- ثُمَّ قَالَ الرَّاهِبُ لِميسَرَة: أَفِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ؟ قَالَ مَيْسَرَةُ: نَعَمْ لَا تُفَارِقُهُ قَطُّ، قَالَ الرَّاهِبُ: هَذَا هُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَا لَيْتَ أَنِّي أُدْرِكُهُ حِينَ يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ، فَوَعَى ذَلِكَ مَيْسَرَةُ، ثُمَّ حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُوقَ بُصْرَى فَبَاعَ سِلْعَتَهُ الَّتِي خَرَجَ بِهَا وَاشْتَرَى، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ اخْتِلَافٌ فِي سِلْعَةٍ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: احْلِفْ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا حَلَفْتُ بِهِمَا قَطُّ، وَإِنِّي لَأَمُرُّ بِهِمَا فَأُعْرِضُ عَنْهُمَا))، فَقَالَ الرَّجُلُ: الْقَوْلُ قَوْلُكَ، ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ وَخَلَا بِهِ: يَا مَيْسَرَةُ، هَذَا نَبِيٌّ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ، وَيَجِدُهُ أَحْبَارُنَا مَنْعُوتًا فِي كُتُبِهِمْ، فَوَعَى ذَلِكَ مَيْسَرَةُ ثُمَّ انْصَرَفَ أَهْلُ الْعِيرِ جَمِيعًا، وَكَانَ مَيْسَرَةُ يَرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَتِ الْهَاجِرَةُ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ يَرَى مَلَكَيْنِ يُظِلَّانِهِ مِنَ الشَّمْسِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ.

 

فَحَكَى مَيْسَرَةُ هَذَا لِخَديجَةَ فَرَغِبَتْ فِي الزَّوَاجِ مِنْهُ، فَالتَقَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ: يَا بْنَ عَمّ، إنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِيكَ لِقَرَابَتِكَ، وَسِطَتِكَ (أيْ: شَرَفِكَ) فِي قَوْمِكَ وَأَمَانَتِكَ وَحُسْنِ خُلُقِكَ، وَصِدْقِ حَدِيثِكَ، ثُمَّ عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، وَهَذَا قَولُ ابْن إِسْحَاق: أَنَّهَا عَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفسهَا مِن غَيرِ وسَاطَة، وَيَذْهبُ غَيرُهُ إِلَى أَنَّهَا عرَضَتْ عَلَيْهِ نَفسَهَا بِوسَاطَةٍ، وَأَن ذَلِك كَانَ على يَد نَفِيسَةَ بِنْتِ مُنْيَةَ، وَقال صَاحِبُ المَواهِبِ: وَالْجَمْعُ مُمْكِنٌ، فَقَدْ تَكُونُ بَعَثَتْ نَفِيسَة أَوَّلًا لِتَعَلَمَ أَيرْضَى أَمْ لَا؟ فَلَمَّا عَلِمَتْ بِذَلِكَ كَلَّمَتْهُ بِنَفْسِهَا، وَلَنَا مَعَ هَذَا الْمُلَخَّصِ [1] وَقْفَتَانِ لِلِاقْتِدَاءِ بِأُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ خَدِيجَة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا، وَوقَفَاتٌ أخرَى سَتَأْتِي لاحِقًا – بِإذنِ اللّهِ -:

اَلْوَقْفَةُ اَلْأُولَى: هِيَ مَحَلٌّ لِلْقُدْوَةِ فِي الطَّهَارَةِ وَالْعِفَّةِ: عَن أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ)) [2]، بِمِثْل هَؤُلَاءِ النِّسَاءِ الْكُمَّلِ تَكُون اَلْقُدْوَةُ؛ فَخَدِيجَةُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا كَانَتْ تُلَقَّبُ بِالطَّاهِرَةِ اَلْعَفِيفَةِ، كَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم يُلَقَّبُ بِالصَّادِقِ الْأَمِينِ، طَاهِرَةٌ عَفِيفَةٌ فَلَمْ تَقْتَرِفْ مَا تَقْتَرِفُهُ نِسَاءُ اَلْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَنْكَحَةِ الْبَاطِلَةِ، وَلَمْ تَتَبَرَّجْ تَبَرُّجَ اَلْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى، وَلَا أَدَلّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مِن امْتِنَاعِهَا عَنِ التِّجَارَةِ بِنَفْسِهَا، وَمُضَارَبَةِ الرِّجَالِ فِي مَالِهَا صِيَانَةً لِعِرْضِهَا وَشَرَفِهَا، فَأَيْنَ الَّتِي تَعْمَلُ فِي صَالَةِ عَرْضِ الْأَزْيَاءِ مِنْ خَدِيجَة، وَتَعْرِضُ مَفَاتِنَهَا عَلَى الرِّجَالِ؟! وَأَيْنَ الَّتِي تَعْمَلُ فِي الْمَقَاهِي فَتُقَدِّمُ لِلرِّجَالِ جَسَدَهَا يَنْهَشُونَهُ بِعُيُونِهِمْ قَبْلَ الْمَشْرُوبَاتِ الَّتِي طَلَبُوهَا!؟ وَأَيِنْ اللَّوَاتِي يَتَفَنَّنَّ فِي لِبَاسِ الْإِغْرَاءِ وَمَسَاحِيقِ التَّجْمِيلِ وَأَنْوَاعِ الْعُطُورِ عِنْدَ خُرُوجِهِنَّ يفْتِنَّ الْمُسْلِمِينَ؟! وَأَيْنَ اللَّوَاتِي يَرْقُصْنَ أَمَام الرِّجَالِ فَيَفْتِنُ بِهِنَّ الشَّيْطَانُ خَلْقًا كَثِيرًا؟! وَأَيْنَ اللَّوَاتِي يَعْرِضْنَ مَفَاتِنَهُنَّ وَيَهْتِكْنَ سِتْرَ بُيُوتِهِنَّ عَلَى اَلْهَوَاتِفِ لِلْعُمُومِ بِدَعْوَى (الرُّوتِين الْيَوْمِيِّ)؟! وَأَينَ اللَّواتِي يَتَعرينَ عَلى الشَّواطِئ؟! بَلْ أَيْنَ الْمُومِسَاتُ اللَّوَاتِي يَبِعْنَ أَجْسَادَهُنَّ تَحْتَ الطَّلَبِ لِقَاء دُرَيْهِمَاتٍ مَعْدُودَةٍ؟! وَقَدِيمًا قَالَتِ الْعَرَبُ فِي أَمْثَالِهَا: "تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلَا تَأْكُل بِثَدْيَيْهَا"، لِهَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ جَمِيعًا نَقُولُ: فَلْتَكُنْ خَدِيجَةُ قُدْوَةً لَكُنَّ فِي السَّتْرِ وَالْعَفَافِ، فَكَمَا لُقِّبَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ اَلْأُولَى بِالطَّاهِرَةِ اَلْعَفِيفَةِ؛ فَاحْرِصِي- أَيتهَا الْمُؤْمِنَةُ- عَلَى ذَاتِ اللَّقَبِ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ اَلْمُعَاصِرَةِ، فاللَّهُمَّ ارْزُقْ نِسَاءَنا وَرِجَالنَا الطَّهَارَةَ وَالْعَفَافَ، وَآخَر دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى، وَصَلَّى اللَّهُ وسَلَّمَ عَلَى عَبْدِهِ الْمُصْطَفَى وَآلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَن اقْتَفَى، أمَّا بَعْدُ:

رَأَيْنَا فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى زَوَاج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَدِيجَةَ، وَأَنَّهَا قُدْوَةً لِنِسَائِنَا فِي الطُّهْرِ وَالْعَفَافِ، وَمِنْ مَجَالَاتِ الِاقْتِدَاء بِهَا وَهِيَ:

اَلْوَقْفَةُ اَلثَّانِيَةُ: أَنَّهَا مَحَلٌّ لِلْقُدْوَةِ فِي اَلتَّفَرُّغِ لِلْأَيْتَامِ:خَدِيجَةُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا تَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ عَتِيقٌ الْمَخْزُومِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ بِنْتًا اسْمُهَا هِنْد، وَقَدْ عَاشَتْ وَأَدْرَكت الْإِسْلَامَ وَأَسْلَمَتْ، بَعْدَ مَوْتِ عَتِيقٍ تَزَوَّجَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا بِأَبِي هَالَة التَّمِيمِي، فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَينِ: هِنْدًا وَهَالَة (لَاحِظُوا هِنْد عِنْدَهُمْ، يُسَمَّى بِهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى)، وَأَدْرَكَ هِنْدٌ الْإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ، وَهُوَ رَبِيبُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم، فَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَكْرَمُ اَلنَّاسِ أَبًا وَأُمًّا، وَأَخًا وَأُخْتًا؛ أَبِي رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأُمِّي خَدِيجَةُ، وَأُخْتِي فَاطِمَةُ، وَأَخِي الْقَاسِمُ، رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

 

فَخَدِيجَةُ تَرَمَّلَتْ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ اَلزَّوَاجِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا جَعَلَ مِنْهَا امْرَأَةً صَبُورَةً، مُعْتَنِيَةً بِأَيْتَامِهَا، وَهَذَا مَا يُفَسِّرُ رَفْضَهَا لِلزَّوَاجِ مِن اَلْخُطَّابِ قَبْلَ أَنْ تَرْغَبَ فِي الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، تَسْعَى فِي تَنْمِيَةِ مَالِهَا بِمُضَارَبَةِ الرِّجَالِ، وَكَأَنَّ اَللَّهَ يُعِدُّهَا لِتَكَونَ زَوْجَةَ خَيْرِ اَلْبَشَرِ؛ لَكِنَّ وَقْفَتَنَا مَعَ رِعَايَةِ الْمَرْأَةِ لِأَيْتَامِهَا؛ فَكَمَا رَعَتْ خَدِيجَةُ أَيْتَامَهَا، كَذَلِكَ كَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا لَمَّا مَاتَ زَوْجُهَا أَبو سَلَمَةَ وَانقضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا أبُو بَكْرٍ فَرَدَّتْهُ، ثمَّ خَطَبَها عُمَرُ فَرَدَّتْهُ، فَبَعَثَ إِلَيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَرحَبًا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وبِرَسولِهِ، أخبِرْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنِّي امْرَأةٌ غَيْرَى، وأنِّي مُصْبِيةٌ، وأنَّهُ لَيسَ أحَدٌ مِن أولِيائِي شَاهِدًا، فبعَثَ إليهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أمَّا قولُك: إنِّي مُصْبِيَةٌ، فإنَّ اللهَ سَيَكفِيكِ صِبْيانَكِ، وأمَّا قولُكِ: إني غَيْرَى، فسأدْعُو اللهَ أنْ يُذهِبَ غَيْرَتَكِ، وأمَّا الأولِياءُ، فَلَيسَ أحدٌ مِنهم شَاهدٌ ولا غَائِبٌ إلَّا سيَرْضَانِي))، قُلتُ: يَا عُمرُ، قمْ فزوِّجْ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

 

وَفِي مَوْقِفٍ مُؤَثِّرٍ يُبَيِّنُ فَضْلَ رِعَايَةِ المَرأَةِ لِلأَيتَامِ، تَحْكِي عَائِشَةُ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فأطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فأعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بيْنَهُمَا، فأعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذي صَنَعت لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ: ((إنَّ اللَّهَ قدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بهَا مِنَ النَّارِ)) [3]، فَبُشْرَى لِأَخَوَاتِنَا اللَّوَاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ طُلِّقْنَ وَصَبَرْنَ عَلَى أَيْتَامِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ، وَأَحْسَنَّ تَرْبِيَتَهُمْ وَرِعَايَتَهُمْ، فَخَدِيجَةُ وَأُمُّ سَلَمَة قُدْوَة لَكُنَّ فِي هَذَا الْخَيْرِ، صَحِيح أَنَّ خَدِيجَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ تَزَوَّجَتَا، وَهَذَا أَفْضَلُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ اَلزَّوَاجِ وَتَرْبِيَةِ الأَبْنَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَزَوَّجَ أَرْمَلَةً لَهَا أَيْتَامُ جَمَعَ فَضْلَ السَّعْي عَلَى الْأَيْتَامِ وَعَلَى الأَرمْلَةِ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوِ القائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهارَ)) [4].

 

فاللَّهُمَّ اجْعَلْ أمَّهَات المُؤمنينَ قُدواتٍ صَالِحَاتٍ لِنسَائِنَا، آمِين. (تَتِمَّةُ الدُّعَاءِ).



[1] انظر مصادر الملخص وما ورد في الخطبة من أحداث وروايات في: سيرة ابن هشام:1/ 188-189، دلائل النبوة لأبي نعيم: 1/172، وشرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية:1 /375، وأنساب الأشراف للبَلَاذُري: 13 /33.

[2] رواه الحاكم في المستدرك، برقم: 4746، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.

[3] رواه مسلم، برقم: 2630.

[4] رواه البخاري، برقم: 5353.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أم المؤمنين خديجة في مؤتمر الضرار
  • من منا مثل خديجة؟!
  • هن قدوتي (1): خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
  • تضحيات خير نساء الأرض "السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها"
  • زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة (2)
  • زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة (3)

مختارات من الشبكة

  • قصة الشاب الأنصاري في أول زواجه مع زوجته وتسلط الجن عليهما(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من مائدة السيرة ( زواجه صلى الله عليه وسلم )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زواجه ( صلى الله عليه وسلم ) من زينب ( رضي الله عنها )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زواجه ( صلى الله عليه وسلم ) من عائشة ( رضي الله عنها )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه الله تعالى(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الزواج من فتاة على الإنترنت(استشارة - الاستشارات)
  • عائلتي ترفض زواجي بها(استشارة - الاستشارات)
  • البلوغ وبداية الرشد: حين يكون الزواج عند البلوغ محور الإصلاح التربوي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أستاذي يعرض علي الزواج العرفي(استشارة - الاستشارات)
  • ذنبي يجعلني أرفض الزواج(استشارة - الاستشارات)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب