• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

أحسنوا ختامه والزموا الاستقامة (خطبة)

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2017 ميلادي - 30/9/1438 هجري

الزيارات: 20088

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحسنوا ختامه والزموا الاستقامة

 

أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، رَمَضَانُ قَد عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ مُوَدِّعًا، وَأَصبَحَ وَقَد شَدَّ عَزمَهُ مُسَافِرًا، وَصَارَ فِرَاقُهُ قَرِيبًا وَشِيكًا، فَاغتَنِمُوا مِنهُ بَقِيَّةَ سَاعَاتٍ كَرِيمَةٍ، وَانتَهِزُوا خَوَاتِمًا مِنهُ مُبَارَكَةً عَظِيمَةً، فَإِنَّمَا الأَعمَالُ بِالخَوَاتِيمِ، وَحُسنُ النِّهَايَاتِ الإِحسَانُ فِيهَا، وَرُبَّ مُحسِنٍ أَسَاءَ الخِتَامَ فَحُرِمَ، وَمُسِيءٍ أَقبَلَ في الخِتَامِ فَقُبِلَ، وَرَحمَةُ اللهِ وَاسِعَةٌ، وَفَضلُ المَولى كَبِيرٌ، وَالتَّوبَةُ تَجُبُّ مَا قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ وَتَغسِلُهَا، وَالاستِغفَارُ يَمحُو مَا سَلَفَ مِن إِسَاءَاتٍ وَيُزِيلُهَا، وَلا يَدرِي العَبدُ في أَيِّ أَوقَاتِهِ البَرَكَةُ، وَلا أَيَّ حَسَنَةٍ تَكُونُ هِيَ المُنجِيَةَ ؟! وَلَيسَ رَمَضَانُ وَقتَ نُزهَةٍ ثم تَنتَهِي، وَلا حُلُمًا جَمِيلاً فَيَنقَضِي، وَلا سَفَرًا قَرِيبًا فَيَنقَطِعُ، وَلَكِنَّهُ مَدرَسَةٌ لِتَأدِيبِ النَّفسِ وَتَهذِيبِ السُّلُوكِ، أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ رَمَضَانَ مَدرَسَةٌ عَتِيقَةٌ بَل جَامِعَةٌ عَرِيقَةٌ، الصَّومُ أَوَّلُ دُرُوسِهَا، وَالقُرآنُ أَعظَمُ مَنَاهِجِهَا، وَالإِحسَانُ أَعلَى نَتَائِجِهَا، وَدَوَامُ الطَّاعَةِ أَعظَمُ امتِحَانَاتِهَا، في مَدرَسَةِ رَمَضَانَ صُبِرَتِ النُّفُوسُ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَحُبِسَت عَنِ كَثِيرٍ مِنَ الشَّهَوَاتِ، وَحُرِمَت بَعضَ المُبتَغَيَاتِ، نَعَم - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - لَقَد كُفَّتِ النُّفُوسُ عَن كَثِيرٍ مِمَّا تُرِيدُ وَتُحِبُّ، طَاعَةً للهِ - تَعَالى - وَسَيرًا عَلَى مَا يُرِيدُهُ وَتَقدِيمًا لِمَا يُحِبُّهُ. في رَمَضَانَ حُبِسَتِ الأَعيُنُ وَالآذَانُ عَن فُضُولِ النَّظَرِ وَفُضُولِ السَّمَاعِ، وَحُفِظَتِ الأَلسِنَةُ عَنِ اللَّغوِ وَالرَّفَثِ وَقَولِ الزُّورِ، وَكُفَّتِ الجَوَارِحُ عَنِ الجَهلِ وَالتَّعدِي، في رَمَضَانَ هُذِّبَتِ الأَخلاقُ وَقُوِّيَتِ الإِرَادَاتُ وَشُدَّتِ العَزَائِمُ، وَاكتَشَفَ المُسلِمُ بِصِيَامِهِ مَا يُقَارِبُ خَمسَ عَشرَةَ سَاعَةً عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَيهِ، أَنَّهُ يَستَطِيعُ أَن يَصُومَ أَيَّامًا وَلَيَاليَ عَمَّا لا يَحتَاجُ إِلَيهِ، وَأَن يَترُكَ مَا لا يَنفَعُهُ وَيَكُفَّ عَمَّا لا يَعنِيهِ. وَفي أَيَّامِ رَمَضَانَ وَلَيَالِيهِ، وَجَدَ المُسلِمُ في نَفسِهِ خِفَّةً إِلى الطَّاعَةِ، وَرَغبَةً في الخَيرِ، وَطُمَأنِينَةً في العِبَادَةِ، وَانشِرَاحًا لِفِعلِ الحَسَنَاتِ، وَفي ذَلِكَ دَرسٌ لَهُ عَظِيمٌ، مُؤَدَّاهُ أَنَّ النَّفسَ البَشَرِيَّةَ وِعَاءٌ لا يَحتَمِلُ جَمعَ المُتَنَاقِضَاتِ، فَهُوَ إِمَّا أَن يُملأَ بِالخَيرِ فَيَطلُبَ المَزِيدَ مِنهُ، وَإِلاَّ شُغِلَ بِالشَّرِّ منذ البِدَايَةِ فَلَم يَجِدْ لِلخَيرِ مَسَاغًا وَلا إِلَيهِ رَغبَةً. وَحِينَمَا يَجِدُ الصَّائِمُ نَفسَهُ تَخِفُّ إِلى الطَّاعَاتِ في إِثرِ الطَّاعَاتِ، وَتَستَكثِرُ مِنَ القُرُبَاتِ بَعدَ القُرُبَاتِ، بَل وَيُحِسُّ أَنَّهُ يَفعَلُ ذَلِكَ بِتَلَذُّذٍ بِهِ وَرَاحَةٍ نَفسٍ فيه، وَانشِرَاحِ صَدرٍ لَهُ وَطُمَأنِينَةٍ، فَلَيسَ هَذَا بِغَرِيبٍ، إِذْ إِنَّهُ ثَمَرَةٌ طَبِيعِيَّةٌ لِتَعدِيلِهِ مَسَارَهُ في الشَّهرِ الكَرِيمِ، وَإِصلاحِهِ نِيَّتَهُ فِيهِ، وَعَزمِهِ الأَكِيدِ عَلَى إِتيَانِ الحَسَنَاتِ وَالاقتِصَارِ عَلَيهَا، وَإِقبَالِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَالرَّبُّ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - غَفُورٌ شَكُورٌ، وَمِن فَضلِهِ وَجُودِهِ، وَشُكرِهِ لِعَبدِهِ، أَن يُكَافِئَهُ إِذَا أَقبَلَ عَلَيهِ بِأَن يَمُدَّهُ بِعَونٍ مِنهُ وَتَوفِيقٍ وَتَسدِيدٍ، وَيَبعَثَ نَفسَهُ إِلى طَلَبِ الأَكمَلِ وَالمَزِيدِ، وَيُحَبِّبَ إِلَيهِ الإِيمَانَ وَيُزَيِّنَ لَهُ الطَّاعَةَ وَيَزِيدَهُ هُدًى، وَيَرزُقَهُ الرَّشَادَ في سَيرِهِ، وَيَصرِفَ قَلبَهُ عَنِ العِصيَانِ وَيَلفِتَهُ عَنهُ وَيُزَهِّدَهُ فِيهِ وَيُكَرِّهَهُ إِلَيهِ. وَلَو تَكَاسَلَ العَبدُ وَتَبَاطَأَ، أَو تَوَانى وَتَنَاسَى، أَو أَرَى مِن نَفسِهِ أَنَّهُ مُستَغنٍ عَنِ العَمَلِ الصَّالِحِ، أَو لا حَاجَةَ لَهُ في اكتِسَابِ المَزِيدِ مِنَ الأُجُورِ، فَإِنَّ الرَّبَّ حِينَئِذٍ وهو الغَنيُّ عَن عِبَادِهِ، لا يُوَفِّقُ ذَلِكَ المُعرِضَ وَلا يُعِينُهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ [النساء: 173] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ﴾ [مريم: 76] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30] وَقَالَ - تَعَالى - ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الزمر: 7] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأنعام: 110] وَعَن أَبي وَاقِدٍ اللَّيثيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بَينَمَا هُوَ جَالِسٌ في المَسجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ، إِذْ أَقبَلَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقبَلَ اثنَانِ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً في الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلفَهُم، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَدبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " أَلا أُخبِرُكُم عَنِ النَّفَرِ الثَّلاثَةِ ؟! أَمَّا أَحَدُهُم فَأَوَى إِلى اللهِ فَآوَاهُ اللهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاستَحيَا فَاستَحيَا اللهُ مِنهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعرَضَ فَأَعرَضَ اللهُ عَنهُ " رَوَاهُ الشَّيخَانِ.

 

وَأَمَّا عُكُوفُ المُسلِمِينَ في رَمَضَانَ عَلَى كِتَابِ رَبِّهِمُ العَزِيزِ، تِلاوَةً لآيَاتِهِ، وَتَكثِيرًا لِخَتَمَاتِهِ، وَاستِمَاعًا لَهُ في صَلاةِ القِيَامِ، فَإِنَّهُ إِحيَاءٌ لِلقُلُوبِ وَسَقيٌ لها بِمَوَاعِظِهِ، قَبلَ تَرطِيبِ الأَفوَاهِ وَالأَسمَاعِ بِحُرُوفِهِ، فَيَخرُجُ القَارِئُ وَالمُستَمِعُ مَعَ آلافِ الحَسَنَاتِ، بِعَشَرَاتِ الفَوَائِدِ وَالعِبَرِ وَالعِظَاتِ، وَالدُّرُوسِ العَظِيمَةِ وَالحِكَمِ البَالِغَةِ، فَيَصلُحُ قَلبُهُ إِن كَانَ لَهُ قَلبٌ يَتَدَبَّرُ، وَتَزكُو نَفسُهُ إِن كَانَ يَسمَعُ وَيَعقِلُ. وَأَمَّا إِحسَانُ العَبدِ إِلى عِبَادِ اللهِ في رَمَضَانِ، بِالزَّكَوَاتِ وَالَّصَدقَاتِ، وَالتَّفطِيرِ وَالهِبَاتِ، فَإِنَّمَا هُوَ إِحسَانٌ مِنهُ إِلى نَفسِهِ، وَاللهُ - تَعَالى - يَقُولُ: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60] فَهَنِيئًا لِمَن دَخَلَ في هَذَا الوَعدِ الكَرِيمِ، فَإِنَّ اللهَ لا يُخلِفُ المِيعَادِ، لَكِنَّ تِلكَ البَرَكَاتِ الرَّمَضَانِيَّةَ وَالدُّرُوسَ الإِيمَانِيَّةَ، لا تَحصُلُ كَمَا يَنبَغِي وَلا تَثبُتُ في القُلُوبِ، إِلاَّ لِمَن وَاصَلَ اجتِهَادَهُ وَلم يَنقَطِعْ، وَاستَمَرَّ في نَشَاطِهِ وَجِدِّهِ وَلم يَكسَلْ، وَاستَقَامَ عَلَى الصِّرَاطِ بَعدَ رَمَضَانَ، فَالعِبَادَةُ مُستَمِرَّةٌ مَا دَامَتِ الرُّوحُ في الجَسَدِ، وَاللهُ يَسمَعُ وَيَرَى، وَالكِرَامُ الكَاتِبُونَ لا يَغفُلُونَ، وَلَيسَتِ العِبرَةُ بِبُلُوغِ مُستَوًى طَيِّبٍ مِنَ التَّعَبُّدِ وَالاستِقَامَةِ في رَمَضَانَ، ثم الانحِرَافِ عَنِ الجَادَّةِ وَالمَيلِ عَنِ الصِّرَاطِ بَعدَهُ، فَالصَّبرَ الصَّبرَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ -، وَالدَّوَامَ الدَّوَامَ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ -، وَلْنَنتَبِهْ لأَنفُسِنَا - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - ولْنَحمَدِ اللهَ وَلْنَشكُرْهُ عَلَى مَا وَفَّقَنَا إِلَيهِ مِنَ الصَّالِحَاتِ في رَمَضَانَ، وَلْنُحَافِظْ عَلَيهَا وَلْنَستَمِرَّ عَلَى الطَّرِيقِ وَلنَستَقِمْ، مَن غَضَّ بَصَرَهُ فَلْيسَتَمِرَّ، وَمَن حَفِظَ سَمعَهُ فَلْيَثبُتْ، وَمَن ضَبَطَ لِسَانَهُ فَلْيَظَلَّ عَلَى ذَلِكَ، وَمَن تَعَوَّدَ نَافِلَةً لم يَكُنْ قَبلُ مُحَافِظًا عَلَيهَا، أَو جَعَلَ لَهُ وِردًا مِن قِيَامِ لَيلٍ أَو تِلاوَةِ قُرآنٍ، فَلْيَتَمَسَّكْ بِنَوَافِلِهِ وَأَورادِهِ، فَالاستِقَامَةُ هِيَ طَرِيقُ الكَرَامَةِ، وَاللهُ - تَعَالى - يَقُولُ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10] وَعَن سُفيَانَ بنِ عَبدِاللهِ الثَّقَفِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لي في الإِسلامِ قَولاً لا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدًا بَعدَكَ. قَالَ: " قُلْ: آمَنتُ بِاللهِ ثم استَقِمْ. رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَحَبُّ الأَعمَالِ إِلى اللهِ - تَعَالى - أَدوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلمٌ. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 112 - 115]

♦ ♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُم، وَاختِمُوا بِخَيرِ أَعمَالِكُم شَهرَكُم، وَالزَمُوا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ دَهرَكُم، وَاحذَرُوا السُّبُلَ وَالأَهوَاءَ أَن تَفَرَّقَ بِكُم، وَاحفَظُوا الجَوَارِحَ يَصلُحْ أَمرُكُم، قَالَ - سُبحَانَه -: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [الشورى: 15] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لا يَستَقِيمُ إِيمَانُ عَبدٍ حَتى يَستَقِيمَ قَلبُهُ، وَلا يَستَقِيمُ قَلبُهُ حَتى يَستَقِيمَ لِسَانُهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - مَوقُوفًا وَمَرفُوعًا: " إِذَا أَصبَحَ ابنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ، فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا ؛ فَإِنَّمَا نَحنُ بِكَ ؛ فَإِنِ استَقَمتَ استَقَمنَا وَإِنِ اعوَجَجتَ اعوَجَجنَا " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ.

 

إِنَّ الاستِقَامَةَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، رَغَدٌ في الدُّنيَا وَرَخَاءٌ، وَأَمنٌ في الآخِرَةِ وَسَلامَةٌ، وَنِهَايَتُهَا البُشرَى وَالخُلُودُ في الجَنَّةِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [الجن: 16] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأحقاف: 13، 14].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وداعا رمضان
  • رمضان مودع
  • خطبة: أحسنوا جوار النعم
  • بالاستقامة تكون النجاة على الصراط (خطبة)
  • أحسنوا ختام شهركم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وجادلهم بالتي هي أحسن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قاعدة للحياة الطيبة (ادفع بالتي هي أحسن)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الإسلام أمرنا بدعوة وجدال غير المسلمين بالحكمة والموعظة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: بداية العام الهجري وصيام يوم عاشوراء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: مواسمنا الإيمانية منهج استقامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نعمة الماء من السماء ضرورية للفقراء والأغنياء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بين خطرات الملك وخطرات الشيطان (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • خطبة: وصايا نبوية إلى كل فتاة مسلمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دم المسلم بين شريعة الرحمن وشريعة الشيطان (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب تلاوة القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب