• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    كيف تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات؟!
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    مخطوط فقده مؤلفه: الاستمساك بأوثق عروة في الأحكام ...
    د. أحمد عبدالباسط
  •  
    وداعا شيخ المحققين
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    القرآن واللغة العربية والحفاظ على الهوية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    أعلام فقدوا بناتهم
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ‌مؤلفات ابن الجوزي في التراجم المفردة
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    التفاوض على الراتب أم قبول أي عرض؟
    بدر شاشا
  •  
    إشكاليات البناء المعرفي للشباب المسلم: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    خطبة: الغزو الفكري... كيف نواجهه؟ (1)
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    التفكير النقدي في مواجهة التفاهة
    ماهر غازي القسي
  •  
    مناهجنا التربوية وعقيدة يهود
    أ. د. فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

ودخلت العشر.. وآن الرحيل.. فأدركوا رمضان

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/6/2017 ميلادي - 21/9/1438 هجري

الزيارات: 23048

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ودخلت العشر.. وآن الرحيل.. فأدركوا رمضان

 

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا...

أمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلاَمُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.


أُوصِيكُمْ -عِبادَ اللهِ- بِتَقْوَى الرَّبِّ الأكْرَمِ، فَمنْ عَصَاهُ خَابَ وخَسِرَ وندِمَ، ومَنِ اتَّقاهُ أَفْلَحَ في دُنْياهُ وَسَلِمَ، وَاسْتَبْشَرَ في أُخْرَاهُ وغَنِمَ، فَالْمُتَّقونَ خِيارُ النَّاسِ في كلِّ الأُممِ، يقولُ اللهُ تعالَى ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾، واعْلَمُوا أَنَّ أَيَّامَ الشَّهْرِ الفَضِيلِ قَارَبَتْ علَى الرَّحِيلِ، فكَانَتْ كَمَا وَصَفَهَا اللهُ تَعَالى: ﴿ أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ ﴾، فمَا أَسْرَعَ أَيَّامَ السُّرُورِ وَأَعجَلَ انقِضَائَهَا!، وَمَا أَشَدَّ فَوَاتَ لَحَظَاتِ الفَرَحِ وَأَقسَى زَوَالَهَا!


أيُّهَا الْمُؤْمِنونَ... لَقَدْ جَعَلَ اللهُ فِي مُرُورِ الأيَّامِ واللَّيَالِي عِبْرَةً لِلْمُعْتَبِرِينَ، وخِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا، وَلَقَدْ قَارَبَ الزَّمَانُ أَنْ يَنْتَهِيَ، وأَوْشَكَ الْحِسَابُ أَنْ يَحِلَّ؛ يَقُولُ رَبُّكُمْ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 1، 2]، وجَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ" وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى. يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى قُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ، لِيَعْمَلَ النَّاسُ وَيَسْتَعِدُّوا، وَيُكْثِرُوا مِنَ الطَّاعَةِ وَيَجْتَهِدُوا.


وَمَعَ مُرُورِ الزَّمَنِ وانْقِضَاءِ الوَقْتِ يَظَلُّ عُمُرُ الإِنْسانِ فِي اِنْتِقَاصٍ دَائِمٍ، وَمَا عُمُرُ الْوَاحِدِ مِنَّا إلَّا كَمَا حَدَثَ فِي رَمَضانَ.. أيَّامٌ وَيَنْقَضِي، وَلَا يَزَالُ الْكَثِيرُ مِنَ الْعِبَادِ مُنْشَغِلُونَ أَوْ مُتَشَاغِلُونَ عَنْ رَبِّهِمْ، وَعَنْ الْمُهِمَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا خُلِقُوا، وَكَانَ الأَحْرَى بِهَؤُلاَءِ الْعُصَاةِ الْمُعْرِضِينَ أَنْ يَقْدُرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 67، 68].


لَقَدْ نَسِيَ بَعْضُ النَّاسِ عَذَابَ اللَّهِ وَأَلِيمَ عِقَابِهِ، حَتَّى صَارُوا يَسْمَعُونَ عَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَلَا يَتَحَرَّكُ فِيهِمْ سَاكِنٌ، أَلَمْ يُحَرِّكْ قُلُوبَهُمْ مَشْهَدُ الْوُقُوفِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، يَوْمَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْخَلائِقُ إِنْسُهُمْ وَجِنُّهُمْ، مُؤْمِنُهُمْ وَكَافِرُهُمْ، كَبِيرُهُمْ وَصَغِيرُهُمْ، ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 93 - 95]، وفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَديثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


فَيَبْدَأُ الْحِسَابُ، وَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.


فَلْيُطَهِّرْ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ مِنْ دَنَسِ الْمَعْصِيَةِ، وَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ مِنْ ظُلْمِ الْعِبَادِ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ بِالطَّاعَةِ، وَتُغْلَقُ بِالْمَعْصِيَةِ؛ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: "أَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلاءٌ؛ فَخَرَجُوا مَخْرَجًا، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيِّهِ أَنْ أَخْبِرْهُمْ أَنَّكُمْ تَخْرُجُونَ إِلَى الصَّعِيدِ بِأَبْدَانٍ نَجِسَةٍ، وَتَرْفَعُونَ إِلَيَّ أَكُفًّا قَدْ سَفَكْتُمْ بِهَا الدِّمَاءَ، ومَلأْتُمْ بِهَا بُيُوتَكُمْ مِنَ الْحَرَامِ، الْآنَ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَيْكُمْ، وَلَنْ تَزْدَادُوا مِنِّي إلَّا بُعْدًا" اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ.


فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى النَّارِ -وَلا يُوصِلُ إِلَيْهَا إِلَّا مَعْصِيَةُ الْجَبَّارِ-، فَإِنَّ أَجْسَادَنَا عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى؛ وَهِيَ الَّتِي أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثُمَّ أَلْفًا حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أَلْفًا حَتَّى اسَوَدَّتْ، فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ مُعْتِمَةٌ، أَهْلُهَا فِي شَقَاءٍ مَا بَعْدَهُ شَقَاءٌ، أَمَا سَمِعْتَ بِأَهْلِهَا، وَعَنْ عَذَابِهِمْ....

أَمَا سَمِعْتَ بِأَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ
وَعَنْ مُقَاسَاةِ مَا يَلْقَوْنَ فِي النَّارِ
أَمَا سَمِعْتَ بِأَكْبَادٍ لَهُمْ صُدِعَتْ
خَوْفًا مِنَ النَّارِ قَدْ ذَابَتْ عَلَى النَّارِ
أَمَا سَمِعْتَ بِأَغْلالٍ تُنَاطُ بِهِمْ
فَيُسْحَبُونَ بِهَا سَحْبًا عَلَى النَّارِ
أَمَا سَمِعْتَ بِضِيقٍ فِي مَجَالِسِهِمْ
وَفِي الْفِرَارِ وَلا فِرَارَ فِي النَّارِِ
أَمَا سَمِعْتَ بِأَجْسَادٍ لَهُمْ نَضِجَتْ
مِنَ الْعَذَابِ وَمِنْ غَلْيٍ عَلَى النَّارِ
وَلاَ يَنَامُونَ إِنَ طَافَ الْمَنَامُ بِهِمْ
وَلاَ مَنَامَ لأَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ
إِنْ يَسْتَقِيلُوا فَلاَ تُقَالُ عَثْرَتُهُمْ
أَوْ يَسْتَغِيثُوا فَلاَ غِيَاثَ فِي النَّارِ
وَإِنْ أَرَادُوا خُرُوجًا رُدَّ خَارِجُهُمْ
بِمَقْمَعِ النَّارِ مَدْحُورًا إِلَى النَّارِ
فَهُمْ إِلَى النَّارِ مَدْفُوعُونَ بِالنَّارِ
وَهُمْ مِنَ النَّارِ يُهْرَعُونَ لِلنَّارِ
فَهَذِهِ صَدَعَتْ أَكْبَادُ سَامِعِهَا
مِنْ ذِي الْحِجَا وَمِنَ التَّخْلِيدِ فِي النَّارِ

نَسْأَلُ اللهَ الْعَفْوَ والْعَافِيةَ، واسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا.

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا حَمْدًا، والشُّكرُ لهُ أَبدًا أَبدًا، وأشْهدُ أنْ لا إِلهَ إلاَّ اللهُ وحْدَهُ، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا نبِيَّهُ وعَبْدَهُ، أمَّا بعْدُ:

عِبَادَ اللهَ... لَقَدْ مَرَّ مِنْ رَمَضَانَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثَيْهِ، وَدَخَلْنَا فِي مَوْسِمٍ آخَرَ مِنْ مَوَاسِمِ رَمَضانَ أَلَا وَهُوَ الاِعْتِكافُ، اعْتِكافٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ؛ لِيَتَفَرَّغَ الإِنْسَانُ لِلْأَمْرِ الَّذِي هُوَ مَخْلُوقٌ لَهُ، لِيَتَفَرَّغَ لِعِبَادَةِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، لِيَجْلِسَ مَعَ نَفْسِهِ وَيَنْظُرَ فِي حَالِهِ.. هَلْ لَا يَزَالُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَهُ مَعْرُوفًا، وَهَلْ مَا زَالَ يُنْكِرُ مَا كَانَ يُنْكِرُ، أَمْ تَغَيَّرَ الْأَمْرُ وَتَبَدَّلَ، وَصَارَتْ فِي قَلْبِهِ قَسْوَةٌ، وَفِي نَفْسِهِ جَفَاءٌ، وَعَلَيهِ أَنْ يَسْعَى لِتَغْيِيرِ نَفْسِهِ، وَتَصْفِيَةِ فُؤَادِهِ.


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ... لَقَدْ كَانَ الصَّالِحُونَ يَعُدُّونَ الْأيَّامَ عَدًّا، شَوْقًا لِهَذِهِ الْعَشْرِ الْفَاضِلَةِ، يَقُولُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ: "الْمُحِبُّونَ تَطُولُ عَلَيْهِمُ اللَّيَالِي فَيَعُدُّونَهَا عَدًّا، لاِنْتِظَارِ اللَّيَالِي الْعَشْرِ فِي كُلِّ عَامٍ، فَإِذَا ظَفِرُوا بِهَا نَالُوا مَطْلُوبَهُمْ، وَخَدَمُوا مَحْبُوبَهُمْ.. رِيَاحُ هَذِهِ الأَسْحَارِ تَحْمِلُ أَنِينَ الْمُذْنِبِينَ، وأَنْفَاسَ الْمُحِبِّينَ، وقَصَصَ التَّائِبِينَ، ثُمَّ تَعُودُ بَرَدِّ الْجَوَابِ بِلاَ كِتَابٍ".


فَمَنِ اسْتَطَاعَ الْاِعْتِكافَ فَلْيَعْتَكِفْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَعْتَكِفْ عَلَى نَفْسِهِ وَلْيُحَاسِبْهَا؛ حَتَّى يَعْلَمَ مَا لَهَا وَمَا عَلَيهَا، وَلْيُخَلِّصْهَا مِنْ شَوَائِبِهَا؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ تَقِيًّا حَتَّى يَكُونَ مَعَ نَفْسِهِ أَشَدَّ مِنَ الشَّرِيكِ مَعَ شَرِيكِهِ. يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: "الْمُؤْمِنُ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ، يُحَاسِبُ نَفْسَهُ للهِ، وَإِنَّمَا خَفَّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَقْوَامٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَشَقَّ الْحِسَابُ عَلَى أَقْوَامٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخَذُوا هَذَا الْأَمْرَ عَلَى غَيْرِ مُحَاسَبَةٍ"، فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ -رَحِمَكُمُ اللهُ- وَفَتِّشُوا فِي قُلُوبِكُمْ، وَتَهَيَّؤُا لِلْحِسَابِ الأَكْبَرِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى.


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... لَقَدْ مَرَّ مِنْ رَمَضَانَ أَكْثَرُهُ، لَكِنْ لَا يَزَالُ بَابُ اللهِ مَفْتُوحًا، فَيَا مَنِ ابْتَعَدْتَ عَنِ اللهِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ لَا يَزَالُ بَابُ اللهِ مَفْتُوحًا، يَا مَنْ لَهَوْتَ وَلَعِبْتَ لَا يَزَالُ بَابُ اللهِ مَفْتُوحًا، يَا مَنْ عَصَيْتَ وَانْحَرَفْتَ لَا يَزَالُ بَابُ اللهِ مَفْتُوحًا.. أَمَا آنَ لَنَا أَنْ نَتُوبَ وَنَرْجِعَ، وَأَنْ نَتَدَارَكَ الْأيَّامَ وَنُقْبِلَ، فَلْنُقْبِلْ عَلَى رَبِّنَا قَبُولَ الذَّليلِ التَّائِبِ الْخَاضِعِ، وَلْنَقُلْ: "بَلَى يَا رَبِّ قَدْ آنَ.. آنَ يَا رَبِّ أَنْ أَتُوبَ.. آنَ يا رَبِّ أَنْ أَعُودَ.. آنَ يا رَبِّ أَنْ أَعْرِفَ الطَّرِيقَ.. آنَ يَا رَبِّ آنَ يا رَبِّ".


وَاعْلَمُوا -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْخَوَاتِيمِ، وَأَنْتُمْ فِي خَاتِمَةِ شَهْرٍ عَظِيمٍ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ، وَمِنْ رَحْمَةِ اللهِ بِنَا أَنْ بَيَّنَ لَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَلْنَجْتَهِدْ فِي الْقِيَامِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يَسْتَجِيبَ اللهُ لَنَا، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذُنُوبِنَا؛ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


فَشَمِّرُوا -يَا عِبَادَ اللهِ- فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ تُنَادِيكُمْ.. هَلُمُّوا هَلُمُّوا إِلى رَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ، هَلُمُّوا هَلُمُّوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ والأَرْضُ..

فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإِنَّهَا
مَنَازِلُكَ الْأُولَى وَفِيهَا الْمُخَيَّمُ
وَحَيَّ عَلَى يَوْم الْمَزِيدِ الَّذِي بِهِ
زِيَارَةُ رَبِّ الْعَرْشِ.. فَالْيَوْمَ مَوْسِمُ
فَبَيْنَا هُمُ فِي عَيْشِهِمْ وَسُرُورِهِمْ
وأَرْزَاقُهُمْ تَجْرِي عَلَيْهِمْ وتُقْسَمُ
إذَا هُمْ بِنُورٍ سَاطِعٍ قَدْ بَدَا لَهُمْ
وقَدْ رَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ فَإِذَا هُمُ
بِرَبِّهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَهُوَ قَائِلٌ
سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمُ ونَعِمْتُمُ
سَلامٌ عَلَيْكُمْ يَسْمَعُونَ جَمِيعُهُمْ
بَآذَانِهِمْ تَسْلِيمَهُ إذْ يُسَلِّمُ
يَقُولُ: سَلُونِي مَا اشْتَهَيْتُمْ فَكُلُّ مَا
تُرِيدُونَ عِنْدِي إِنَّنِي أَنَا أَرْحَمُ
فَقَالُوا جَمِيعًا: نَحْنُ نَسْأَلُكَ الرِّضَا
فَأَنْتَ الَّذِي تُولِي الْجَمِيلَ وتَرْحَمُ
فيُعْطِيهُمُ هَذَا ويَشْهَدُ جَمْعُهُمْ
عَلَيْهِ تَعَالَى اللهُ.. فاللهُ أَكْرَمُ
فَيَا بَائِعًا هَذَا بِبَخْسٍ مُعَجَّلِ
كَأَنَّكَ لاَ تَدْرِي؛ بَلَى سَوْفَ تَعْلَمُ
فَإِنْ كُنْتَ لاَ تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ
وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَصْحَابِ الْجِنَانِ، وأَنْ يُعِيذَنَا مِنَ النِّيرَانِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.


ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.


اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.


اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأعَزُّ الْأكْرَمُ... اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا.


اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.


اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصَلاةَ والصِّيَامَ والقِيَامَ، اللهُمَّ أَعْتِقْ رِقَابَنَا وَرِقَابَ آبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا مِنَ النَّارِ.

اللهمَّ اجْعَلْنَا في رمضانَ مِنَ الفَائِزِينَ، واجْعَلْنَا عندكَ مِنَ الْمَقْبُولِينَ الْمُقَرَّبِينَ.

اللهمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَواصِيهِمْ لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ.


اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العشر الأواخر من رمضان (خطبة)
  • أسرار العشر الأواخر (خطبة)
  • أوشك رمضان أن ينتهي
  • ماذا سيمنحك رمضان؟
  • استقبال العشر (خطبة)
  • آن الرحيل (قصيدة)

مختارات من الشبكة

  • ودخلت العشر الأخيرة من رمضان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ودخلت العشر(مقالة - موقع الشيخ د. عبد الله بن محمد الجرفالي)
  • ودخلت العشر الأواخر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة سكينة الشهابي(كتاب - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • مخطوطة: الأوهام التي في مدخل الحاكم(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" = الجزء العاشر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أقوال العلماء في حكم التسمية قبل الوضوء داخل الحمام وخارجه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأربعة الذين أدخلوا رواية الحديث في الأندلس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • سلسلة تذكير الأمة بشرح حديث: "كل أمتي يدخلون الجنة" الجزء التاسع(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان
  • فاريش تستضيف ندوة نسائية بعنوان: "طريق الفتنة - الإيمان سندا وأملا وقوة"
  • بحث مخاطر المهدئات وسوء استخدامها في ضوء الطب النفسي والشريعة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/6/1447هـ - الساعة: 15:35
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب