• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    مقدار استعمال الحبة السوداء (الشونيز) وزيتها حسب ...
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    التحذير من فصل الدين عن أمور الدنيا
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    القسط الهندي في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الصحة النفسية في المغرب... معاناة صامتة وحلول ...
    بدر شاشا
  •  
    صحابة منسيون (5) الصحابي الجليل: خفاف بن إيماء بن ...
    د. أحمد سيد محمد عمار
  •  
    الحرف والمهن في المغرب: تراث حي وتنوع لا ينتهي
    بدر شاشا
  •  
    حواش وفوائد على زاد المستقنع لعبدالرحمن بن علي ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    قراءات اقتصادية (65) رأس المال في القرن الحادي ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    التعامل مع شهوة المريض للطعام والشراب
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

إنما هي ساعة في رمضان فصبرا

إنما هي ساعة في رمضان فصبرا
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/6/2017 ميلادي - 16/9/1438 هجري

الزيارات: 18069

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنما هي ساعة في رمضان فصبراً


أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في شَهرِ رَمَضَانَ المُبَارَكِ، جَوَائِزُ كَثِيرَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، وَكُلُّهَا بِفَضلِ اللهِ غَالِيَةٌ وَقَيِّمَةٌ، وَكُلُّ لَحظَةٍ في هَذَا الشَّهرِ مُنذُ دُخُولِهِ إِلى أَن يُعلَنَ هِلالُ العِيدِ، فَإِنَّمَا هِيَ فُرصَةٌ لِلجَادِّينَ المُشَمِّرِينَ، إِنِ اغتَنَمُوهَا رَبِحُوا وَفَازُوا، وَإِلاَّ فَلا عِوَضَ لَهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ. أَلا وَإِنَّ مِن مَوَاهِبِ الرَّحمَنِ في شَهرِ رَمَضَانَ، صَلاةَ القِيَامِ مَعَ الإِمَامِ، حَيثُ تُصَفُّ الأَقدَامُ مَعَ المُسلِمِينَ في بُيُوتِ اللهِ سَاعَةً أَو تَزِيدُ قَلِيلاً، يُصغَى فِيهَا لِكَلامِ الرَّحمَنِ، وَتُحَرَّكُ القُلُوبُ بِمَوَاعِظِ القُرآنِ، وَتُستَنزَلُ الرَّحَمَاتُ بِالإِنصَاتِ لآيَاتِهِ، وَيَزدَادُ الإِيمَانُ وَيَعظُمُ في اللهِ الرَّجَاءُ، وَيَكثُرُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَيُؤَمَّنُ عَلَى الدُّعَاءِ، وَيُكتَبُ لِلعَبدِ قِيَامُ لَيلَةٍ كَامِلَةٍ بِصَبرِهِ سَاعَةً وَاحِدَةً.

 

قِيَامُ اللَّيلِ وَمَا أَدرَاكَ مَا قِيَامُ اللَّيلِ؟! وَصَلاةُ التَّرَاوِيحِ وَمَا أَدرَاكَ مَا صَلاةُ التَّرَاوِيحِ؟!

إِنَّ قِيَامَ اللَّيلِ هُوَ أَفضَلُ النَّوَافِلِ بَعدَ الفَرِيضَةِ، فِيهِ رِفعَةُ المُؤمِنِ وَشَرَفُ قَدرِهِ، وَبِهِ تَقَرُّ عَينُهُ عِندَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَبِهِ يَدخُلُ الجَنَّةَ بِأَمنٍ وَسَلامٍ، وَأَمَّا صَلاةُ التَّرَاوِيحِ في جَمَاعَةٍ، فَهِيَ سُنَّةٌ نَبَوِيَّةٌ وَقُربَةٌ رَمَضَانِيَّةٌ، وَبِهَا تُغفَرُ الذُّنُوبُ المُتَقَدِّمَةُ وَتُمحَى الخَطَايَا السَّالِفَةُ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "أَفضَلُ الصِّيَامِ بَعدَ رَمَضَانَ شَهرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأَفضَلُ الصَّلاةِ بَعدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيلِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: جَاءَ جِبرِيلُ إِلى النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعمَلْ مَا شِئتَ فَإِنَّكَ مَجزِيٌّ بِهِ، وَأَحبِبْ مَن شِئتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤمِنِ قِيَامُ اللَّيلِ، وَعِزَّهُ استِغنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ " رَوَاهُ الطَّبَرانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: " أَيُّهَا النَّاسُ، أَفشُوا السَّلامَ، وَأَطعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الأَرحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسلامٍ " وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن أَطعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفشَى السَّلامَ، وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " رَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ، وَقَالَ- صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَعَن أَبي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: صُمنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ رَمَضَانَ، فَلَم يَقُمْ بِنَا شَيئًا مِنَ الشَّهرِ حَتَّى بَقِيَ سَبعٌ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيلِ، فَلَمَّا كَانَتِ السَّادِسَةُ لم يَقُمْ بِنَا، فَلَمَّا كَانَتِ الخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطرُ اللَّيلِ، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَو نَفَّلتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيلَةِ، فَقَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيلَةٍ " فَلَمَّا كَانَتِ الرَّابِعَةُ لم يَقُمْ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَن يَفُوتَنَا الفَلاحُ. قَالَ: قُلتُ: مَا الفَلاحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ. ثُمَّ لم يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهرِ. رَوَاهُ أَصحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَإِنَّمَا تَرَكَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - القِيَامَ بِأَصحَابِهِ بَقِيَّةَ الشَّهرِ، خَشيَةً مِن أَن تُفرَضَ عَلَيهِم صَلاةُ اللَّيلِ في رَمَضَانَ فَيَعجَزُوا عَنهَا، فَلَمَّا زَالَ ذَلِكَ بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بَقِيَت إِقَامَةُ صَلاةِ التَّرَاوِيحِ في جَمَاعَةٍ سُنَّةً نَبَوِيَّةً؛ وَلِذَلِكَ أَحيَاهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَيهَا، فَلَم يَزَلِ المُسلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ طُوَالَ قُرُونِ الإِسلامِ إِلى اليَومِ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد أَوقَنَ المُوَفَّقُونَ أَنَّ الجَنَّةَ تُزَيَّنُ فَوقَهُم لِلصَّالِحِينَ، وَأَنَّ النَّارَ تُسَعَّرُ تَحتَهُم لِلكَافِرِينَ، فَخَافُوا لِذَلِكَ وَطَمِعُوا، فَتَجَافَت جَنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ، وَغَضُّوا الطَّرفَ عَنِ المَطَامِعِ، وَمَالُوا عَنِ المَراقِدِ إِلى المَسَاجِدِ، آخِذِينَ أَنفُسَهُم بِالجِدِّ وَالعَزِيمَةِ، وَاضِعِينَ سِلعَةَ الرَّحمَنِ نُصبَ أَعيُنِهِم، مُتَمَثِّلِينَ بِوُقُوفِهِم مَعَ المُصَلِّينَ وُقُوفَهُم أَمَامَ رَبِّ العَالَمِينَ، حَتَّى لَكَأَنَّمَا يَرَونَهُ - تَعَالى - عِيَانًا، فَبَاتُوا لِذَلِكَ سُجَّدًا وَقِيَامًا، يَرجُونَ أَن يَكُونُوا بِذَلِكَ مِمَّن قَالَ - تَعَالى - فِيهِم: ﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 15 - 17].

 

إِنَّ قِيَامَ المُسلِمِ مَعَ الإمَامِ في رَمَضَانَ نِعمَةٌ عَظِيمَةٌ، لا يُوَفَّقُ إِلَيهَا إِلاَّ مَن عَلِمَ شَرَفَهَا وَوَعَى قَدرَهَا، وَتَذَكَّرَ ثَوَابَهَا وَاحتَسَبَ أَجرَهَا، وَاستَحضَرَ مَا هُوَ فِيهِ في ذَلِكَ القِيَامِ مِن أَلطَافِ رَبِّهِ وَبِرِّهِ بِهِ، وَإِحسَانِهِ إِلَيهِ وَإِقبَالِهِ عَلَيهِ، وَنَظَرِهِ إِلَيهِ بِعَينِ الرِّضَا وَالمَحَبَّةِ، وَمَا يَحصُلُ لَهُ بِذَلِكَ مِن حَيَاةٍ لِرُوحِهِ وَنَعِيمٍ لِقَلبِهِ، وَصَفَاءٍ لِنَفسِهِ وَانشِرَاحٍ لِصَدرِهِ، وَنُورٍ وَبَهجَةٍ في وَجهِهِ، أَجَلْ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ القَائِمَ وَهُوَ في صَلاتِهِ، وَاقِفٌ بِحَضرَةِ مَلِكِ المُلُوكِ، يُنَاجِي رَبَّهُ وَرَبُّهُ يُنَاجِيهِ، وَيَذكُرُ خَالِقَهُ وَخَالِقُهُ يَذكُرُهُ، فَأَيُّ نَعِيمٍ أكبَرُ مِن هَذَا النَّعِيمِ؟! وَأَيُّ شَرَفٍ أَجَلُّ مِن هَذَا الشَّرَفِ؟! عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " قَالَ اللهُ - تَعَالى -: قَسَمتُ الصَّلاةَ بَيني وَبَينَ عَبدِي نِصفَينِ وَلِعَبدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ العَبدُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] قَالَ اللهُ - تَعَالى -: حَمِدَني عَبدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [الفاتحة: 3] قَالَ اللهُ - تَعَالى -: أَثنَى عَلَيَّ عَبدِي. وَإِذَا قَالَ: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] قَالَ: مَجَّدَني عَبدِي - وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبدِي - فَإِذَا قَالَ: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] قَالَ: هَذَا بَيني وَبَينَ عَبدِي وَلِعَبدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّ ﴾ [الفاتحة: 6، 7] قَالَ: هَذَا لِعَبدِي وَلِعَبدِي مَا سَأَلَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَّاهُ الشَّيخَانِ، يَقُولُ اللهُ - تَعَالى -: أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي، وَإِنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم... " الحَدِيثَ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَقرَبُ مَا يَكُونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهُوَ سَاجِدٌ؛ فَأَكثِرُوا الدُّعَاءَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَأَيُّ مَقَامٍ لِلقُربِ هُوَ خَيرٌ مِن هَذَا؟! وَأَيُّ رَحمَاتٍ وَبَرَكَاتٍ تَتَنَزَّلُ عَلَى عَبدٍ هَذَا شَأنُهُ؟! وَأَيُّ سَعَادَةٍ وَفَرَحٍ لِمَنِ استَشعَرَ هَذَا الشُّعُورَ وَهُوَ قَائِمٌ يَحذَرُ الآخِرَةَ وَيَرجُو رَحمَةَ رَبِّهِ؟! وَلَيسَ هَذَا فَحَسبُ هُوَ كُلَّ فَضلٍ لِمَن حَبَسَ نَفسَهُ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَتَحَمَّلَ مَا فِيهَا مِن مَشَقَّةٍ أَو تَعَبٍ أَو نَصَبٍ، فَالقَائِمُ الصَّابِرُ مَعَ مَا يُعَانِيهِ مِن مُجَاهَدَةِ نَفسِهِ وَاحتِمَالِ مَا قَد يُصِيبُهُ، هُوَ في الوَاقِعِ شَاكِرٌ لِرَبِّهِ مُثنٍ عَلَيهِ بِمَا أَنَعمَ بِهِ عَلَيهِ، مُقتَدٍ في ذَلِكَ بِأَعبَدِ النَّاسِ لِرَبِّهِ وَأَتقَاهُم لَهُ وَأَعلَمِهِم بِهِ، فَعَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَامَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمِمَّا يُرَغِّبُ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ أَنَّ العَبدَ مِن حِينِ دُخُولِهِ المَسجِدَ وَهُوَ في عِبَادَةٍ، وَالمَلائِكَةُ تَستَغفِرُ لَهُ، وَكُلُّ سَجدَةٍ يَسجُدُهَا فَهِيَ لَهُ بِدَرَجَةٍ في الجَنَّةِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُم مَا دَامَ في مُصَلاَّهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لم يُحدِثْ أَو يُقَم: اللَّهُمَّ اغفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارحَمْهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائيُّ وَهُوَ في الصَّحِيحَينِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - لِمَولاهُ ثَوبَانَ - رَضِيَ الله عَنهُ -: " عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ؛ فَإِنَّكَ لا تَسجُدُ للهِ سَجدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنكَ بِهَا خَطِيئَةً " رَوَاهُ مُسلِمٌ. إِنَّ وَاحِدَةً مِمَّا سَلَفَ مِن فَضَائِلِ صَلاةِ التَّرَاوِيحِ وَالقِيَامِ، لَكَافِيَةٌ أَن تُثِيرَ شَوقَ المُؤمِنِ إِلى بُيُوتِ رَبِّهِ، وَتُرَغِّبَهُ في طُولِ القِيَامِ، فَعَجَبًا مِمَّن يَعلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ زَادُهُ لِيَومِ مَعَادِهِ، كَيفَ يَنَامُ أَو يَتَكَاسَلُ؟! أَو يَتَبَاطَأُ أَو يَتَوَانى؟! أَو يَتَتَبَّعُ المَسَاجِدَ الَّتي تُخَفَّفُ فِيهَا التَّرَاوِيحُ وَتُنقَرُ نَقرًا، حَتَّى لا يَكَادُ المُصَلِّي يَسمَعُ فِيهَا مَوَاعِظَ الرَّحمَنِ في كِتَابِهِ، وَلا يَخشَعُ قَلبُهُ بَينَ يَدَي مَولاهُ، وَلا يَذُوقُ لَذَّةَ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ، وَلا يَنعَمُ بِطَولِ تَبَتُّلٍ وَسُجُودٍ!!

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَلْنَصبِرْ أَنَفُسَنَا مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ، وَلْنَحضُرْ إِلى المَسَاجِدِ بِقُلُوبِنَا قَبلَ أَجَسَادِنَا، وَلْنَتَفَكَّرْ فِيمَا يُقرَأُ بَينَ أَيدِينَا وَيُتلَى عَلَى أَسمَاعِنَا، وَلْنَتَدَبَّرْ كَلامَ رَبِّنَا، وَلا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِنَا مَتَى يَركَعُ الإِمَامُ أَو يَنصَرِفُ، لِنَعِشْ مَعَ القُرآنِ، وَلْنَحْيَ مَعَ القُرآنِ، وَإِذَا دَخَلَ أَحَدُنَا المَسجِدَ فَلْيُفَرِّغْ قَلبَهُ مِنَ الدُّنيَا، وَلْيَعُدَّ نَفسَهُ مِن أَهلِ الآخِرَةِ، وَلْيَستَشعِرْ أَنَّهَا لَيَالٍ مَعدُودَةٌ، وَفِيهَا لَيلَةُ القَدرِ الَّتي هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، فَمَا أَعَظَمَ الفَضلَ وَأَكرِمْ بِالمُتَفَضِّلَ! وَهَنِيئًا لِلقَائِمِينَ القَانِتِينَ الرَّاكِعِينَ السَّاجِدِينَ ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 9، 10].

♦ ♦ ♦ ♦

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ، وَاقتَدُوا بِالأَتقِيَاءِ وَتَشَبَّهُوا بِالصَّالِحِينَ، وَجَانِبُوا الكُسَالى وَالخَامِلِينَ وَالمُفَرِّطِينَ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَدِ انتَصَفَ شَهرُ الخَيرِ وَمَا أَنصَفَ بَعضُ النَّاسِ مِن نَفسِهِ، يُرِيدُ الجَنَّةَ وَهُوَ لم يَعمَلْ، وَيَطلُبُ الفِردَوسَ وَلم يَنصَبْ، وَيَرجُو الدَّرَجَاتِ العَالِيَةَ وَلم يَسِرْ وَيُدلِجْ، نَسِيَ أَنَّ الرَّاحَةَ في الآخِرَةِ، لا تُنَالُ بِالرَّاحَةِ في الدُّنيَا، وَأَنَّ الجَنَّةَ قَد حُفَّت بِالمَكَارِهِ.

 

وَإِنَّهُ وَإِنْ كَثُرَ الكَسَلُ في زَمَانِنَا وَانتَشَرَ التَّوَاني، فَإِنَّهُ لَيَنبَغِي لِلعَاقِلِ الحَصِيفِ، أَلاَّ يَزِيدَهُ مَا يَرَاهُ إِلاَّ صَبرًا وَمُصابَرَةً، وَمُرَابَطَةً وَمُثَابَرَةً، وَقَد أَمَرَ اللهُ خَيرَ الخَلقِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِصُحبَةِ المُجِدِّينَ في السَّيرِ وَاتِّبَاعِ سَبِيلِ المُنِيبِينَ، وَتَركِ مُتَّبِعِي الهَوَى وَالغَافِلِينَ المُفَرِّطِينَ، فَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ [لقمان: 15] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - إِخوَةَ الإِيمَانِ - وَمَن وَجَدَ مَن نَفسِهِ كَسَلاً أَو تَوَانِيًا، فَلْيُذَكِّرْهَا أَنَّ ثَمَّةَ رَمَضَانَ سَيَكُونُ هُوَ الأَخِيرَ في حِيَاتِهِ، وَصَلاةً سَتَكُونُ هِيَ الأَخِيرَةَ، فَلْنَصُمْ صِيَامَ مُوَدِّعِينَ، وَلْنُصَلِّ صَلاةَ مُوَدِّعِينَ، وَلْنَتَذَكَّرْ أَنَّهُ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [الجاثية: 15].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • رمضان والأخلاق (خطبة)
  • رمضان والطاعات (خطبة)
  • رمضان هل
  • واقع الاستعداد لرمضان

مختارات من الشبكة

  • لا يعلم متى الساعة إلا الله وحده(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة دروب النجاح (4) إدارة الوقت: معركة لا تنتهي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أطفال اليابان رجال الميدان(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • لن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحطة التاسعة عشرة: الصبر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • فضل الصبر على البلاء(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • الصبر وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المبتلى الصبور (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • العلاقات بين الابتلاء والصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بدايات النهضة الأدبية في مصر وأهم عوامل ازدهارها(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين
  • مسلمون يخططون لتشييد مسجد حديث الطراز شمال سان أنطونيو
  • شبكة الألوكة تعزي المملكة العربية السعودية حكومة وشعبا في وفاة سماحة مفتي عام المملكة
  • برنامج تعليمي إسلامي شامل لمدة ثلاث سنوات في مساجد تتارستان
  • اختتام الدورة العلمية الشرعية الثالثة للأئمة والخطباء بعاصمة ألبانيا
  • مدرسة إسلامية جديدة في مدينة صوفيا مع بداية العام الدراسي
  • ندوة علمية حول دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية بمدينة سراييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 7/4/1447هـ - الساعة: 22:10
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب