• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    دعاوى المستشرقين
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإلحاد الناعم: حين يتسلل الشك من نوافذ الجمال ...
    أ. محمد كمال الدلكي
  •  
    أخطاء الموارد البشرية: رؤى مع بدر شاشا
    بدر شاشا
  •  
    كيف تنطلق نهضة الاقتصاد الإسلامي في المجتمعات؟!
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسباب وأهداف الحرب في الإسلام
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    مخطوط فقده مؤلفه: الاستمساك بأوثق عروة في الأحكام ...
    د. أحمد عبدالباسط
  •  
    وداعا شيخ المحققين
    دكتور صباح علي السليمان
  •  
    القرآن واللغة العربية والحفاظ على الهوية
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    قراءات اقتصادية (72) من قام بطهي عشاء آدم سميث: ...
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    الامتداد الحضاري
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    أعلام فقدوا بناتهم
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    ذكريات ومواقف من دراستي في المرحلة المتوسطة ...
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    ‌مؤلفات ابن الجوزي في التراجم المفردة
    أ. د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    أم المحققين الباحثة البتول التي لم تدخل مدرسة ...
    أ. أيمن بن أحمد ذو الغنى
  •  
    التفاوض على الراتب أم قبول أي عرض؟
    بدر شاشا
  •  
    إشكاليات البناء المعرفي للشباب المسلم: قراءة في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع
علامة باركود

خطبة عن انتشار المنكرات

د. سعود بن غندور الميموني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/3/2017 ميلادي - 16/6/1438 هجري

الزيارات: 55158

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة عن انتشار المنكرات


الخطبة الأولى

الْحَمْدُ للهِ أَمَرَ بِالْتِزَامِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ، وَنَهَى عَنِ الاعْوِجَاجِ وَاتِّبَاعِ سُبُلِ الغَاوِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، جَعَلَنَا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلْعَالَمِينَ، وَفَضَّلَنَا بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَعَنْ كُلِّ مَا يُشِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ دَلَّنَا عَلَى الْخَيْرِ وَحَذَّرَنَا مِنْ طَرِيقِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مَا تَرَكَ خَيْرًا إلَّا أَرْشَدَنَا إِلَيهِ وَمَا مِنْ شَرٍّ إلَّا وَحَذَّرَنَا مِنْهُ، فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسلامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ... أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللَّهِ - حَقَّ تُقَاتِهِ، وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ، فَبِتَقْوَى اللهِ تُسْتَجْلَبُ الْخَيْرَاتُ، وَتَعُمُّ الْبَرَكََاتُ، وَتَخْرُجُ النِّعَمُ مِنَ الْأرْضِ وَتَتَنَزَّلُ مِنَ السَّمَاوَاتِ.

 

عِبَادَ اللهِ... كَمْ حَكَى الزَّمَانُ عَنْ دُوَلٍ وَأُمَمٍ وَأَفْرَادٍ وَجَمَاعَاتٍ أَتَتْ عَلَيْهِمْ عُقُوبَاتٌ تَسْتَأْصِلُ شَأْفَتَهُمْ، وَتَمْحُو أثَرَهُمْ، لَا يَنْفَعُ مَعَهَا سِلاَحٌ وَلَا تُغْنِي مَعَهَا قُوَّةٌ، وَكُلُّ أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ لَهُ مَدْفَعٌ وَمِنْهُ حِيلَةٌ، لَكِنْ لَا مَلْجَأَ مِنْ رَبِّنَا وَلَا مَنْجَا مِنْهُ إلّا إِلَيْهِ، فَهُوَ الْقَوِيُّ الْقَاهِرُ، وَالْعَزِيزُ الْقَادِرُ، وَهُوَ الْعَظِيمُ الَّذِي لَا أَعَظْمَ مِنْهُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّ سُنَّةَ اللهِ لَا تُحَابِي أَحَدًا، وَلَيْسَ لِفَرْدٍ وَلَا لِمُجْتَمَعٍ حَصَانَةٌ ذَاتِيَّةٌ، وَحِينَ تُقَصِّرُ أُمَّةٌ فِي تَوَقِّي أَسْبَابِ الْمَصَائِبِ الْعَامَّةِ فَإِنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَتَقَبَّلَ نَتِيجَةَ التَّقْصِيرِ، والسَّعِيدُ مَنِ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ، وَلَيْسَتْ أُمَّةٌ بِمَنْأَى عَنِ الْعَذَابِ إِذَا هِيَ تَعَرَّضَتْ لأَسْبَابِهِ، وَلَا فِي مَأْمَنٍ مِنَ الْعِقَابِ إِنْ سَلَكَتْ سَبِيلَهُ وَفَتَحَتْ لِلذَّنْبِ أَبْوَابَهُ، لِذَلِكَ فَإِنَّ أَكْبَرَ سَبَبٍ لِهَلاكِ الْأُمَمِ وَضَيَاعِ الأَفْرَادِ هُوَ أَنْ يُعْمَلَ فِي أرْضِ اللهِ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَقُومَ فَيُنْكِرَ، أَوْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ فَيَشْجُبَ، وَلِذَلِكَ أَكْثَرَ اللهُ تَعَالَى مِنْ وَعْظِ هَذِهِ الأُمَّةِ بِمَصَارِعِ الْأُمَمِ الْغَابِرَةِ، وَحَذَّرَ الآمِنِينَ مِنْ مَكْرِهِ.. الَّذِينَ لَا يُقَدِّرُونَ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَا يَقِفُونَ عِنْدَ نَهْيِهِ وَأَمْرِهِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 45 - 47].

 

وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 97 - 99].

 

ثُمَّ حَذَّرَنَا اللهُ مِنْ عَاقِبَةِ الأَوَّلِينَ وَمَصَارِعِ الظَّالِمِينَ وأَنْ يُصِيبَنَا مَا أَصَابَهُمْ فَقَالَ: ﴿ أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ ﴾ [الأعراف: 100، 101].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ... إِنَّنَا جَمِيعًا رُكَّابُ سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَمَنْ أَهْلَكَ السَّفِينَةَ هَلَكَ فِي أَوَّلِهَا وَهَلَكَ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى مَتْنِهَا؛ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا".

 

فَإِذَا وَقَعَ الْهَلَاكُ بِسَبَبِ ذُنُوبِ بَنِي آدَمَ فَإِنَّهُ يَعُمُّ وَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ صَالِحٍ وَطَالِحٍ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ:.......

 

"لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ" وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ".

 

وَالسَّبَبُ يَا -عِبَادَ اللَّهِ- أَنَّ الصَّالِحَ فِي مَكَانِهِ رَأَى فَسَكَتَ، وَانْتَفَى بَيْنَ النَّاسِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَمْ تَتَمَعَّرِ وُجُوهُ هَؤُلاءِ لِمَعْصِيَةِ اللهِ؛ فقد أَخْرَجَ الْإمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَديثِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ لَتَدْعُنَّهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ".

 

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا ﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ [المائدة: 105]، وَإِنَّا سَمِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ" وفي لفظ: "مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا، ثُمَّ لَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ".

 

مِنْ أَجْلِ هَذَا والْخَوْفِ مِنْهُ حَذَّرَ الأَنْبِيَاءُ جَمِيعُهُمْ أَقْوَامَهُمْ مِنَ الْفَسَادِ والإِفْسَادِ فِي الأَرْضِ بِالْمَعَاصِي والذُّنُوبِ؛ فَنَبِيُّ اللهِ صَالِحٌ وَشُعَيْبٌ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَقُولَانِ لِقَوْمِهِمَا بَعْدَ النَّصِيحَةِ ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [البقرة: 60]، وَنَبِيُّ اللهِ مُوسَى يُخَاطِبُ أَخَاهُ هَارُونَ قَائِلاً ﴿ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 142]، وَقَالَ مُخَاطِبًا آلَ فِرْعَونَ ﴿ مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 81] وَصَالِحُوا الْبَشَرِ يُخَاطِبُونَ قَارُونَ قَائِلِينَ لَهُ: ﴿ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].

 

فَكُلُّ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ تَعَالَى، مُصَدِّقًا بِمَوْعُودِهِ، دَاعِيًا إِلَى دِينِهِ، مُحَارِبًا لِمَا عَارَضَهُ، فَهُوَ صَالِحٌ مُصْلِحٌ وَإِنْ رُمِيَ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَكُلُّ قَائِمٍ عَلَى مَعْصِيةِ اللهِ، مُخَالِفٌ لِهَدْيِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ وَلَوْ زَعَمَ خِلَافَ ذَلِكَ.

 

أَعُوذُ باللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153] أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ....

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَالرَّسُولُ الْمُجْتَبَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرَا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللَّهِ- وَخَافُوا مَعْصِيَتَهُ، وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعْمَةِ الْإِسْلامِ وَالْهِدَايَةِ..

رَبِّي لَكَ الْحَمْدُ الْعَظِيمُ لِذَاتِكَ
حَمْدًا وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ إِلاَّكَ
يَا مُدْرِكَ الأَبْصَارِ والأَبْصَارُ
لا تَدْرِي لَهُ ولِكُنْهِهِ إِدْرَاكًا
وَلَعَلَّ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ آيَاتِهِ
عَجَبٌ عُجَابٌ لَوْ تَرَى عَيْنَاكَا
والْكَوْنُ مَشْحُونٌ بَأَسْرَارٍ إِذَا
حَاوَلْتَ تَفْسِيرًا لَهَا أَعْيَاكَ
إِنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنِي تَرَاكَ فَإِنَّنِي
فِي كُلِّ شَيْءٍ أَسْتَبِينُ عُلاكَ

 

عِبَادَ اللهِ... إِنَّ الْمَعْصِيَةَ لَمْ تَظْهَرْ فِي قَوْمٍ إِلَّا وَقَدِ اسْتَحَقُّوا بِهَا عُقُوبَةَ اللهِ، فَيُحْرَمُ النَّاسُ الرِّزْقَ وَتَنْتَشِرُ الأَمْرَاضُ، وَيَعُمُّ الْبَلاَءُ والْغَلاءُ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا بِمَا كَسَبَتْهُ أَيْدِيهِمْ؛ قَالَ رَبُّكُمْ جَلَّ وَعَلا: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].. ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَلا بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ والْفُقَرَاءِ، وَلا بَيْنَ أَسْوَدَ وَلا أَبْيَضَ، تِلْكَ سُنَّةٌ كَوْنِيَّةٌ لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ؛ والتَّارِيخُ شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ.

 

فَلَعَلَّكَ أَنْ تَتَخَيَّلَ مَعْرَكَةً فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَه أَصْحَابُهُ خَيْرُ الْبَشَرِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَيَأْمُرُهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ بِأَنْ يَقِفُوا عَلَى جَبَلِ الرُّمَاةِ فَيُخَالِفُونَ أَمْرَهُ، لَكَ أَنْ تَتَخَيَّلَ النَّتِيجَةَ وَهِي أَنْ قُتِلَ مِنَ الصَّحَابَةِ سَبْعُونَ فَضْلًا عَمَّنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ وَجُرِحَ، وَهُزِمَ الْمُسْلِمُونَ، وَأُصِيبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاذَا لَوْ أَنَّ كُلَّ ذَنْبٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ عَاقَبَ اللهُ أَصْحَابَهَا بِمِثْلِ هَذَا أَوْ مِعْشَارِهِ أَوْ عُشْرِ مِعْشَارِهِ؟! أَمَا وَاللهِ لَوْ عَاقَبَ اللهُ بِهَذَا لَفَنِيَتِ الْأُمَمُ وَلََخَرِبَتِ الدُّوْرُ وَهُدِّمَتِ الْقُصُورُ، وَلََمَاتَتْ مِنْ نَتَنِ بَنِي آدَمَ الطُّيُورُ؛ لَكِنْ صَدَقَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ: ﴿ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [المائدة: 15].

 

فَأَفِيقُوا -عِبَادَ اللَّهِ- وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعَاصِيَ نَذِيرُ شُؤْمٍ عَلَى الْمُجْتَمَعَاتِ وَالْأَفْرَادِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ صَلاَحَ الْبِلادِ والْعِبَادِ إِنَّمَا يَكُونُ بِتَقْوَى اللهِ وَبِالْْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، لَا بِالْغِنَاءِ وَالْمُجُونِ وَلَا بِمِهْرَجَانٍ هُنَا أَوْ هُنَاكَ، أَوْ حَفْلِ هَذَا أَوْ ذَاكَ. فَعُودُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ....

 

وَخُذُوا عَلَى أَيْدِي الْعُصَاةِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة؛ ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125].

 

ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأعَزُّ الْأكْرَمُ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قلوبنا نُورًا وفي أسماعنا نورا وفي أبصارنا نورا...

اللَّهُمَّ إِنِّا نعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ومن عين لا تدمع ومن دعاء لا يسمع...

اللَّهُمَّ آتِ نفوسنا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا...

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ..اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُمْ.

اللهمَّ انْصُرْ المُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ، اللهُمَّ اشْفِ جَرْحَاهُمْ وارْحَمْ مَوْتَاهُمْ وَسَدِّدْ رَمْيَهُمْ وَبَارِكْ فِي جُهُودِهِمْ...

اللهمَّ وَفِّقْ ولاةَ أمرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَواصِيهِمْ لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، اللهمَّ أَصْلحْ لَهُمْ بِطَانَتَهُمْ يِا ذَا الجَلالِ والإِكْرامِ...

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في بعض المنكرات الظاهرة
  • هجر أصحاب الفواحش والمنكرات
  • المجاهرة بالمعاصي والمنكرات
  • أنواع المنكرات

مختارات من الشبكة

  • التعبد بذكر النعم وشكرها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حفظ العشرة والوفاء بالجميل (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عبر مع نزول المطر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: عولمة الرذيلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: القدوة الصالحة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العفو والتسامح شيمة الأتقياء الأنقياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخوف من الله وكف الأذى (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل التبكير لصلاة الجمعة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وما بعد العسر فرح (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: شهر رجب، فضله، ومحدثاته(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/6/1447هـ - الساعة: 18:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب