نظرات إجمالية مع بعض المستشرقين

نظرات إجمالية مع بعض المستشرقين

مرجليوث:

مستشرق إنجليزي شديدُ التعصب ضد الإسلام ونبيِّه، ولد عام 1858، وتوفي عام 1940 م، كان أستاذًا للغة العربية في جامعة أكسفورد منذ عام 1889، وعضوًا بعدة مجامع علمية؛ كالمجمع اللغوي الإنجليزي، والمجمع العلمي العربي بدمشق، والجمعية الشرقية الألمانية، كما كان مرجليوت من محرِّري (دائرة المعارف الإسلامية)، له مؤلفات عديدة عن الإسلام، والأدب العربي، وتاريخه، ومنها كتابه: أصول الشعر العربي، وهو المرجع الذي اعتمد عليه طه حسين في كتابه عن (الشعر الجاهلي)، الذي صدر عام 1926.

يقول مرجليوث عن القرآن:

[1](باعتراف الجميع، يحتلُّ القرآن مكانةً هامة بين الكتب الدِّينية العظيمة في العالم، وعلى الرغم من أنه قد جاء الأحدثَ في قائمة مثل هذا النوع من الأعمال التي تعتبر مطلعَ عهد جديد في الفكر والتاريخ، فيكاد لا يضاهيه عملٌ آخر في تأثيره العجيب الذي أحدثه في جموعٍ هائلة من البشر، لقد خلَق طورًا جديدًا في الفكر الإنساني، ونوعًا من الشخصية الإنسانية.

[2]ففي بداية الأمر، حوَّل القرآن عددًا من القبائل الصحراوية غير المتجانسة في شبه الجزيرة العربية إلى أمَّة من الأبطال، ثم واصل - على نحو مطَّرد - خَلْق الهيئات الدِّينية السياسية الكبيرة في العالَم الإسلامي، والتي تعتبر إحدى القوى العظمى التي يجب على أوربا والشرق أن يحسبا لها حسابًا اليوم)[3].

••••

مونتجمري وات:

رئيس قسم الدراسات العربي في جامعة أدنبره، له عدة كتب ودراسات، منها: من تاريخ الجزيرة العربية (1927)، وعوامل انتشار الإسلام (1955)، ومحمد في مكة (1958).

يقول مونتجمري وات في كتابه: (الإسلام والمسيحية اليوم):

(لستُ مسلمًا بالمعنى المألوف، مع ذلك فإني أرجو أن أكون مسلمًا كإنسان استسلم لله. [4]بَيْدَ أني أعتقد أن القرآن وغيره من تعبيرات المنظور الإسلامي، يحوي على ذخيرةٍ هائلة من الحقِّ الإلهيِّ، الذي ما زال يجب عليَّ أنا وآخرين من الغربيين أن نتعلم منه الكثير.

ومن المؤكد أن الإسلام منافس قوي في مجال إعطاء النظام الأساسي للدِّين الوحيد الذي يسود في المستقبل)[5].

••••

إدوارد مونتيه:

مستشرق من أصل سويسري، ولد عام 1856، ودرس في جامعات جنيف وبرلين وهايدلبرج، حصل على الدكتوراه في اللاهوت من جامعة باريس عام 1883، عُيِّن أستاذًا للعبرية والآرامية والعهد القديم في جامعة جنيف، ثم أضيف إليه العربية وتاريخ الإسلام، رأس جامعة جنيف (1910 - 1912)، توفي عام 1927.

يقول إدوارد مونتيه في كتابه: (الدعاية المسيحية وأعداؤها المسلمون):

[6](إن الإسلام في جوهره دينٌ عقلاني وَفْق أوسع المعاني لهذا المصطلح من الوجهة الاشتقاقية والتاريخية، إن تعريف العقلانية - باعتبارها نظامًا يقيم المعتقدات الدِّينية على مبادئَ يدعمها العقل - إنما ينطبق تمامًا على الإسلام، وعلى الرغم من التطور الخصب - بكل ما في هذه الكلمة من معنى - لتعاليم النبي، فقد احتفظ القرآنُ بمنزلته الثابتة، كنقطة البداية الرئيسية لفهم الدِّين، [7] وصار يعلن دائمًا عن عقيدة توحيد الله في سموٍّ وجلال وصفاء دائم، مع إقناع يقيني متميز، من الصعب أن يوجد ما يفُوقه خارج نطاق الإسلام، إن هذا الإخلاص للمعتقد الأساسي للدِّين، والبساطة الجوهرية للصيغة التي ينطق بها، والبرهان الذي يكتسبه من الاقتناع الذي يتلهب حماسةً لدعاته القائمين بنشره - كل ذلك يقدِّمُ أسبابًا كثيرة تعلل نجاح مجهودات الدعاة المسلمين.

إن عقيدةً بمثل هذه الدقة، ومجردة من كل التعقيدات اللاهوتية، وبالتالي يمكن للفهم العادي أن يتقبلها بسهولة، فمن المتوقع أن تكون لها قدرة عجيبة - وهي في الواقع تمتلك هذه القدرة - على اكتساب طريقها على ضمائر البشر)[8].

••••

جورج برنارد شو:

كاتب ومفكر أيرلندي، وُلد عام 1856، وتوفي عام 1950، اشتهر بنقده اللاذع للمجتمع البريطاني، وخاصة في عصر الملكة فكتوريا (توِّجت ملكة عام 1837، وتوفيت عام 1901)، وقد بلغت الإمبراطورية البريطانية أَوْجها في العصر الفكتوري، كذلك اشتهر برنارد شو بنقده للغرب بوجه عام، وقد حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1925.

يقول جورج برنارد شو:

(لقد كنت دائمًا أحتفظ لدِين محمد عندي بأعلى التقدير، وذلك بسبب حيويته المدهشة، إنه الدِّين الوحيد الذي يبدو لي أنه يمتلك القدرةَ على استيعاب تغيُّرِ أطوار الحياة، بما يجعله محلَّ إعجابٍ لكل العصور.

لقد درست محمدًا - ذلك الرجل العجيب - وفي رأيي أنه أبعدُ ما يكون عن أن يسمَّى: ضد المسيح، [9]ويجب أن يسمى: منقذ الإنسانية.

إني أعتقد لو أن شخصًا مثله تولَّى الحُكم المطلق للعالم المعاصر، لنجح في حل مشاكله بطريقة تجلبُ له ما هو في أشد الحاجة إليه من سلام وسعادة.

[10]لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولاً في أوربا الغد، كما أنه بدأ يكون مقبولاً في أوربا اليوم)[11].

••••

هاملتون جب:

يعتبر واحدًا من أكبر المستشرقين الإنجليز في العصر الحديث، عضو المجمع العلمي العربي في دمشق، ومجمع اللغة العربية في القاهرة، وهو أستاذ الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة هافارد الأمريكية، ومن كبار محرِّري وناشري (دائرة المعارف الإسلامية).

يقول هاملتون جب في كتابه: (الإسلام إلى أين؟):

(لا يزال لدى الإسلام فضل آخرُ يبذله من أجل قضية الإنسانية؛ فهو يقف على كل حال أقربَ إلى الشرق أكثر من موقف أوربا منه، كما أنه يمتلك تقاليد رائعة فيما يتعلق بالتفاهم والتعاون بين أجناس البشر، فلم يحرز أي مجتمع آخر - غير إسلامي - مثل هذا السجل من النجاح في التوحيد بين ذلك القدر الهائل والمتنوع من الأجناس البشرية بتحقيق المساواة أمام القانون، وتكافؤ الفرص للجميع.

ولا يزال الإسلام قادرًا على تحقيق مصالحة بين عناصر الجنس البشري وتقاليدها التي تستعصي على التصالح.

[12]وإذا قدر أن يحل التعاون، يومًا ما، محلَّ التعارض القائم بين المجتمعات الكبيرة في الشرق والغرب، فإن وساطة الإسلام تصبح شرطًا لا غنى عنه؛ إذ يكمُنُ بين يديه - إلى حد كبير - حلُّ المشكلة التي تواجه أوربا في علاقتِها بالشرق)[13].