• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فتنة نبي الله سليمان هبة الله لداود وعطاء الله له
    د. أحمد مصطفى نصير
  •  
    كيف أن الأرض فيها فاكهة ونخل ذات أكمام؟
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مبدأ السيرانديبتي
    عبد النور الرايس
  •  
    علاج البواسير في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    إدمان التسوق
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    قراءات اقتصادية (66) مبادئ علم الاجتماع الاقتصادي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    أسرار خفية عن الحياة يكتشفها القليلون فقط
    بدر شاشا
  •  
    العسكرية عند الحاجب المنصور: دراسة من كتاب ...
    د. أمين يهوذا
  •  
    ذم الوسواس وأهله لابن قدامة المقدسي تحقيق أسامة ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    اللامساواة من منظور اقتصادي
    د. زيد بن محمد الرماني
  •  
    من الانتماء القبلي إلى الانتماء المؤسسي: تحولات ...
    د. محمد موسى الأمين
  •  
    الذكاء الاصطناعي... اختراع القرن أم طاعون
    سيد السقا
  •  
    الدماغ: أعظم أسرار الإنسان
    بدر شاشا
  •  
    دعاء المسلم من صحيح الإمام البخاري لماهر ياسين ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    صناعة المالية الإسلامية تعيد الحياة إلى الفقه ...
    عبدالوهاب سلطان الديروي
  •  
    التشكيك في صحة نسبة كتاب العين للخليل بن أحمد ...
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

فتنة نبي الله سليمان هبة الله لداود وعطاء الله له

فتنة نبي الله سليمان هبة الله لداود وعطاء الله له
د. أحمد مصطفى نصير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/10/2025 ميلادي - 16/4/1447 هجري

الزيارات: 285

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فتنة نبي الله سليمان هبة الله لداود وعطاء الله له

 

﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ * وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ * فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآب ﴾ [ص: 30 - 40].

 

قوله: ﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾: قال ابن عاشور: (جملة ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ ﴾ في موضع الحال من ﴿ سُلَيْمَانَ ﴾، وهي ثناء عليه ومدح له من جملة من استحقوا عنوان العبد لله)[1]، ذلك أنه من أجل وخير النعم والمواهب في الدنيا الولد الصالح؛ لقول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ مَا يُخَلِّفُ الرَّجُلُ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعِلْمٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ»[2]، لما لا؟! وقد رأى داود في ابنه سليمان ما أقرَّ الله به عينه؛ إذ لما كان داود ملكًا على الإنس، فقد جعل الله سليمان ملكًا على الإنس والجن.

 

ووجه تخصيصه بالمدح أنه أوَّاب؛ أي: كثير الرجوع إلى الله، فكان سليمان أوَّابًا مثل أبيه داود يؤوب إلى الله، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 82]، قَالَ: (حَفِظَهُمَا بِصَلاحِ أَبِيهِما، مَا ذَكَرَ مِنْهُمَا صَلاحًا) [3]، والأوبة إلى الله تكون في كل حال، فتكون في السراء وكذلك في الضراء، قال القرطبي: (سئل سفيان عن عبدين ابتلى أحدهما فصبر، وأنعم على الآخر فشكر، فقال: كلاهما سواء؛ لأن الله تعالى أثنى على عبدين، أحدهما صابر والآخر شاكر ثناءً واحدًا، فقال في وصف أيوب: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 44]، وقال في وصف سليمان: ﴿ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ [ص: 30])[4].

 

والانتقال إلى حكاية قصة سليمان فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وإثلاج لصدره، فكما لاقى النبي صلى الله عليه وسلم من العنت من قريش والعزة عليه والشقاق له، فإن نبي الله سليمان عانى كثيرًا، ولاقى مثل ذلك من عتوٍّ وتمرُّد الجن والشياطين، فبشَّره الله تعالى بقصة سليمان ليعتبر منها، وليتحصَّن بالذكر أولًا، ثم يستبشر بالنصر على المردة منهم، يقول ابن تيمية: (إن مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم أُرْسِلَ إلَى الثَّقَلَيْنِ: الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ الْجِنَّ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ، وَأَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا ﴾ [الأحقاف: 29]) [5].

 

قوله: ﴿ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ [6]* فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ[7] عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ[8] ﴾: انشغل نبي الله سليمان بالعرض العسكري للخيل - وسميت الخيل الخير لما فيها من المنافع[9] - بعد العصر عن تلاوة أذكار المساء حتى غابت الشمس من الحاجب، فلما استشعر الفتنة بها تصدَّق بلحمها على الفقراء، فأخذ يذبحها ويتصدَّق بها، وذلك رغم أنها كانت خيلًا تطير في الهواء، ففي الحديث عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟»، قَالَتْ: بَنَاتِي، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟»، قَالَتْ: فَرَسٌ، قَالَ: «وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟»، قَالَتْ: جَنَاحَانِ، قَالَ: «فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟!» قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ، قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ)[10].

 

قال البقاعي: (﴿ الصَّافِنَاتُ ﴾؛ أي: الخيول العربية الخالصة التي لا يكاد تتمالك بجميع قوائمها الاعتماد على الأرض اختيالًا بأنفسها، وقربًا من الطيران بلطافتها، وهمتها، وإظهارًا لقوتها ورشاقتها وخفتها)[11]، (ولما كانت الخيل من أعظم أصناف الزينة التي ذكرها الله ما زين للناس من حب الشهوات، وكان السياق للعزة والشقاق، احتيج إلى التخلي عنها بذبحها قربة لله، والتحلي بالأوبة لله) [12].

 

هنا أصَّل نبي الله سليمان تشريعًا تربويًّا للتخلي عن العوارض والشواغل في طريق ذكر الله تعالى حال التعارض، أو حال افتتان القلب بها، قال ابن العربي: (وهذه طريقة جليلة من طرائق تربية النفس ومظاهر كمال التوبة بالنسبة إلى ما كان سببًا في الهفوة)[13].

 

وهذا الأصل أشار إليه حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ»، ثُمَّ ذَكَرَ زَهْرَةَ الدُّنْيَا، فَبَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا، وَثَنَّى بِالْأُخْرَى، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ، فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، قُلْنَا: يُوحَى إِلَيْهِ، وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا؟ أَوَخَيْرٌ هُوَ؟ ثَلَاثًا، إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَإِنَّهُ كُلَّمَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا، أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، كُلَّمَا أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»)[14]، وفي رواية «وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرَةِ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ فَاجْتَرَّتْ وَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ»[15].

 

قال البغوي في قوله: "يقتل حبطًا" قال الأصمعي: الحبط: هو أن تأكل الدابة، فتكثر حتى ينتفخ لذلك بطنها وتمرض، قال الأزهري: فيه مثلان ضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا، ومنعها من حقها، وضرب الآخر للمقتصد في أخذها والانتفاع بها، فأما قوله: «وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا»، فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيع ينبت أحرار العشب، فتستكثر منها الماشية حتى تنتفخ بطونها لما قد جاوزت حد حلها، ويمنع ذا الحق حقه يهلك في الآخرة بدخول النار.

 

وأما مثل المقتصد، فقوله: «ألا إن آكلة الخضرة» وذلك أن الخضر ليست من أحرار البقول التي ينبتها الربيع، فتستكثر منها الماشية، ولكنها من كلأ الصيف التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول شيئًا فشيئًا من غير استكثار، فضرب مثلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا، ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها.

 

وقوله: «استقبلت الشمس فاجترت وثَلَطَتْ» أراد أنها إذا شبعت بركت مستقبلة الشمس تجتر وتستمرئ بذلك ما أكلت، فإذا ثلطت زال عنها الحبط، وإنما تحبط الماشية إذا كانت لا تثلط ولا تبول، قال الخطابي: (وجعل ما يكون من ثلطها وبولها مثلًا لإخراج ما يكسبه من المال في الحقوق، وفيه الحض على الاقتصاد في المال، والحث على الصدقة، وترك الإمساك للادخار)[16].

 

قوله: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا [17]ثُمَّ أَنَابَ ﴾: والمقصود هنا- والله أعلم- فتنة الضراء بعدما تجاوز سليمان نعمة السراء، وقيل: معنى الفتنة هنا التهذيب والتصفية؛ أي: (هذبناه وصفيناه من الأوصاف الذميمة، وكذلك قوله تعالى: ﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ﴾ [ص: 24]؛ أي: (علم أنا هذَّبناه، وأدَّبناه، ونبَّهناه)[18]؛ أي: إن العبرة من الأحداث التي مَرَّ بها والفتنة التي ألمت به، هو تهذيبه وتنقيته من الشوائب ليصير كالفولاذ في تحمُّل واجبات الخلافة.

 

والمناسبة أنه (لما أمر تعالى نبيَّه محمدًا عليه السلام بالصبر على ما يقول كفار قريش وغيرهم، أمره بأن يذكر من ابتُلي فصبر، فذكر قصة داود وقصة سليمان وقصة أيوب ليتأسَّى بهم، وذكر ما لهم عنده من الزُّلفى والمكانة)[19]، لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث للإنس والجن معًا، وقد حاول الجن أن يتعرض له، ولكن الله حماه وحفظه من شرهم، ففي الحديث عن أبي التَّيَّاحِ قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ خَنْبَشٍ التَّمِيمِيِّ وَكَانَ كَبِيرًا: أَدْرَكْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ كَيْفَ صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ كَادَتْهُ الشَّيَاطِينُ؟ فَقَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ تَحَدَّرَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ وَفِيهِمْ شَيْطَانٌ بِيَدِهِ شُعْلَةُ نَارٍ يُرِيدُ أَنْ يُحْرِقَ بِهَا وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَهَبَطَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ. قَالَ: مَا أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِن السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ؛ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ. قَالَ: فَطَفِئَتْ نَارُهُمْ وَهَزَمَهُمْ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى)[20].

 

فشرع سبحانه في ذكر فتنة سليمان، ليبين لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم أن الملك يؤتيه الله لمن يشاء، وينزعه عمن يشاء، فلا يستعجل ملكه على الجن أو الإنس، وقد نزع الله الملك من نبيه سليمان- دون أن تبين القصة كيف حصل ذلك تفصيلًا [21]- وهكذا تتجلى قدرة الله المطلقة في نزع الملك بعد إتيانه من يشاء بإطلاق، ولا استثناء لأحد، قال سبحانه: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]، ولكن من السياق فهم كثير من المفسرين المعنى بأن ثمة من سلبه ملكه، قال الثعالبي: (الشياطينَ لا يَتَصَوَّرُونَ بِصُوَرِ الأَنْبِيَاءِ، ولا يُمَكَّنُونَ من ذلك؛ حتى يظنَّ الناسُ أنَّهم مع نبيِّهم في حَقٍّ)[22]، إذن سلب ملكه قهرًا وليس حيلة، وفي الآية إشارة إلى أن الذي سلب ملكه (جسد بلا روح)، وقوله: ﴿ كُرْسِيِّهِ ﴾ [ص: 34] كناية عن ملكه، فالملك إذا جلس على كرسيه غيره سلب منه ملكه، ولا يستبعد الشيخ ابن عثيمين أن يكون المقصود بالجسد في هذا السياق هو سليمان نفسه، حيث يجلس على عرشه هو مسلوب الإرادة، لا يحسن التدبير؛ حيث ابتلاه الله بمرض يمنعه من التفكير وتدبير شئون مملكته، فصار أشبه بالجسد بلا قدرة على التدبير، قال الشيخ: (ومن المعلوم أن مملكة عظيمة كمملكة سليمان إذا فُقِدَ منها المدبِّر سوف تتخلخل وتتزعزع)، قال الشيخ ابن عثيمين لفظ ﴿ جَسَدًا ﴾ نكرة، (وذلك يقتضي أن يكون الملقَى غير الملقى على كرسيه، ورغم ذلك فالقول بأن سليمان نفسه هو الملقى أقرب من حيث المعنى؛ يعني أن الله سبحانه وتعالى إذا سَلَبَ الإنسان عقله وتفكيره وسلطته فهو بمنزلة الجسد)[23]؛ ولذلك قيل في قوله تعالى: ﴿ جَسَدًا ﴾ حال منصوب؛ أي: هو بيان لحال سليمان، فالعرب تصفُ حال الإنسان إذا انتابه الضعف الشديد والإعياء بأنَّه "لحم على وضَم"[24] و"جسد بلا روح" تشبيهًا له بالميِّت، قال ابن تيمية: (كَبَدَنِ الْمَيِّتِ جَسَدٌ بِلَا رُوحٍ، فَمَا مِنْ بَدَنٍ حَيٍّ إلَّا وَفِيهِ رُوحٌ)[25].

 

وأيًّا كان الأمر، فقد ترتب على ذلك أنه لما سُلب منه ملكه- أيًّا كانت كيفية حصوله- لم يتمكَّن من أن يأمر الجن والإنس بصفته ملكًا لهم، تخيل أن عتاة الجن ومردة الشياطين إذا استبان له عجز سليمان عن تدبير ملكه ماذا هم فاعلون؟ وتلك فتنة عظيمة أن يرى ملكه ينهار أمام عينيه، ولا يملك من الأمر شيئًا؛ إلا أن يستعين بالله على عدوِّه لينصره عليه، فبقدر الاستعانة يستجيب الله لحاجته، فأعانه الله، واسترد ملكه، وانتقم ممن سلبه منه، وهو قوله: ﴿ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35]؛ أي: دعا بأن يُمكِّنه الله، وألَّا يفقد ملكه مرة أخرى، وهذا المعنى يكاد يجمع عليه المفسرون من السَّلَف والخَلَف دون أن يكون معهم دليل صحيح منقول، وإنما هو مستنبط من السياق، من قوله: ﴿ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ﴾ [ص: 34] بعد قوله: ﴿ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ ﴾ [ص: 34]، وهذه الدعوة ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾.

 

لكن قد ورد في السُّنَّة شيء من تفاصيل تلك الفتنة دون بيان صلتها بالآية، فقد كان نبي الله سليمان يتمنَّى أن يهبه الله ابنًا يكون خليفةً من بعده، كما كان هو خليفة لأبيه داود، ولكنه نسي أن يستثني ويعلق ذلك على المشيئة الإلهية، فعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ، كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» [26]، (فَلَمْ يَقُلْ وَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إِلَّا وَاحِدًا سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ)[27]، فالقصة فيها حديث غريب، وهو شق رجل، والمعنى أن به عاهة تمنعه من الجهاد في سبيل الله كما تمنَّى سليمان عليه السلام.

 

وكذلك قد يكون حال نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم مثل عبدالله ونبيه سليمان، فلعله كان يفكر كذلك مثلما فكَّر نبي الله زكريا حين قال: رب هب لي وليًّا، وهكذا شأن الأنبياء جميعًا ينشغلون بتوريث الدعوة لمن خلفهم، وجميعهم يتمنون أن تورث الدعوة لذريتهم كذلك، ولكن مشيئة الله ألَّا يكون لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم عقب؛ أي: أولاد ذكور، من بعده، فأراد الله تعالى أن يشغله بتلك القصة عن تلك الأمنية، ليطمئنَّ وليعلم أن الدعوة سوف يرثها عباد الله الصالحون.

 

قوله: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾: سأل الله المغفرة من ذنبه أولًا، قال ابن جزي: (قدم الاستغفار على طلب الملك؛ لأن أمور الدين أهم من الدنيا فقدَّم الأولى) [28]، فهل الأنبياء يذنبون؟ أجاب المفسِّرون: (حسنات الأبرار سيئات المقربين) [29]، (ولأنه أبدًا في مقام هَضْم النفس وإظهار الذِّلَّة والخضوع، كما قال- عليه الصلاة والسلام-: « إنِّي لأستغفرُ اللَّهَ في اليومِ سبعينَ مرَّةً»[30] مع أنه غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر) [31].

 

ويجوز أن يسأل العبد ربَّه الدنيا إذا ما كان ينوي أن يسخرها لطاعة الله، لا سيما إذا سلبت منه، فيسأل الله العافية، وألَّا تسلب منه مرة الأخرى، وكذلك سأل سليمان ربَّه: (﴿ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ أَنْ يَسْلُبَنِيهِ)[32]، ولقد وضَّح الإِمام القرطبي هذا المعنى فقال: كيف أقدَمَ سليمان على طلب الدنيا، مع ذمِّها من الله تعالى؟ فالجواب: أن ذلك محمول عند العلماء على أداء حقوق الله تعالى وسياسة ملكه، وترتيب منازل خلقه، وإقامة حدوده، والمحافظة على رسومه، وتعظيم شعائره، وظهور عبادته، ولزوم طاعته... وحوشي سليمان- عليه السلام- أن يكون سؤاله طلبًا لنفس الدنيا؛ لأنه هو والأنبياء أزهدُ خلق الله فيها، وإنما سأل مملكتها لله، كما سأل نوح دمارها وهلاكها لله، فكانا محمودين مجابين إلى ذلك)[33].

 

وقد تعلم من الفتنة التي حلَّت به أنه لو غفل عن ذكر ربِّه فإن ملكه لا يدوم، ليكون شغله بالذكر وليس بالملك، ومن المعلوم أن النعم إذا زالت فإنها قد تزول بشؤم معصية أو غفلة عن الذكر، فلما ردها الله عليه طمع في المزيد لكي يكون أكثر شكرًا، كما في قوله: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40].

 

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ»[34]، فلما عاد لسليمان الملك استعدَّ للبلاء الأشد؛ وهو إدارة هذا الملك وتسخيره لطاعة الله سبحانه، فتشجع وطمع في كرم ربه بهذا الدعاء، ولا اعتراض في ذلك بقول نبي اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ وَذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ»[35]؛ ذلك أن سؤاله الملك هذه المرة بمثابة عهد قطعه على نفسه ألا يفتن مرة أخرى بالملك، ولو كان ملكًا لم يعطه أحد من بعده، ليظل هو الذاكر الشاكر.

 

ويستبين من سؤاله ربه: ﴿ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ [ص: 35] أنه يريد أن يستأثر بهذه النعمة لنفسه فلا ينافسه فيها أحد، ولعله قصد من ذلك سدَّ الذريعة للفتن، وقد وجد إفساد الجن في الأرض حال سلب ملكه، قال ابن جزي: (إنما قال ذلك لئلا يجري عليه مثل ما جرى من أخذ الجني لملكه، فقصد ألَّا يسلب ملكه عنه في حياته ويصير إلى غيره)[36]، لما لا؟ وقد قالت الجن لما علموا بوفاته: ﴿ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴾ [سبأ: 14]، فكان يذيقهم المردة منهم العذاب الأليم لتأديبهم، فقد سلَّطه الله عليهم.

 

قوله: ﴿ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ﴾: زاد الله في ملكه، فسخَّر له الريح، وجعله يتحرَّك أينما شاء بسرعتها، كما سخَّر له الشياطين فجعله ممكنًا من استنفاد قوتها في أعمال نافعة، وإشغالها بالعمل العام عن إغواء الناس، كما سلَّطه الله على المردة منهم، فمكَّنه من حبسهم، بهذا وجه سليمان طاقة الشياطين للأعمال النافعة، وحبس المردة منهم؛ لمنع شرهم.

 

وفي ذلك إشارة إلى أن الرسول يبعث إلى الإنس والجن على السواء، فيحكم المملكتين بشرع الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ»[37].

 

قوله: ﴿ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ﴾ استطاع سليمان بفضل الله عليه أن يسخر قوة الشياطين في الأعمال النافعة، التي تحتاج لقوة وشدة، فاستعملهم في أعمال التشييد والبناء، وأعمال البحث والغوص في الأعماق لاستخراج اللآلئ والدرر، ومع الأسف لا يزال الناس يستعينون بالجن للبحث عن الكنوز تحت الأرض، والاستعانة بهم في هذه الأعمال محرم؛ لأنهم يستدرجون الإنسي في الشر، فلا يستجيبون له فيما يطلب إلا بعد تعظيم إبليس ليوهموه أنهم ينفعونه، بينما نبي الله سليمان سخَّر الله له الجن، ولم يؤتِ الله هذا الـمُلك لأحد غيره.

 

من هنا نتعلم كيف يدير الملك المسلم دولته وفيها من أصناف المخلوقات؛ ما هو طائع لله، وعاصٍ، ومتمرد، فيحمل العصاة والمتمردين على الخدمة العامة؛ ليشغلهم بالعمل النافع عن العمل الضار، وفي ذات الوقت يضع عقوبات لمن يخالف أمره، فليس لهم علاج غير الخدمة العامة.

 

وهو ما يعني أن المشروع الإسلامي يشارك فيه العصاة والمردة كذلك، فهو مشروع يستوعب جميع الطاقات، ولا يُقصى منه أحد، فلعل المفسد يصير صالحًا عندما يذوق ثمرة العمل الجماعي الذي يهدف للصالح العام، ولعل المارد يؤوب ويعود إلى طاعة الله ببركة مخالطة أهل الصلاح والتقوى والمساهمة في الخدمة العامة بما يكفر به عن ذنوبه وأخطائه.

 

ولهذا نجد في السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُقصي أحدًا من المسلمين من المشاركة في العمل العام حتى وإن استبان نفاقه، إلا أن يكون هذا العمل يتطلب نخبة معينة لوظائف محددة وبمهارات معينة أو ثقة خاصة، كما في قوله: «إنا لا نستعين بمشرك»، وذلك حين طلب منه أن ينضم لجيشه، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَ يَحْيَى: إِنَّ رَجُلًا مِن الْمُشْرِكِينَ لَحِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيُقَاتِلَ مَعَهُ فَقَالَ: «ارْجِعْ»، ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقَالَ: «إِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِمُشْرِكٍ»[38].

 

أما إذا لم يكن في الأمر تلك الخصوصية، فالخدمة العامة متاحة للجميع؛ ولذلك كلف النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر بأن يعملوا في أرض المسلمين التي اغتنمها منهم، فتركها لهم يعمرون نخيلها وزروعها ولهم نصف الخراج وللمسلمين النصف، وتلك كانت سياسة شرعية حكيمة من النبي صلى الله عليه وسلم أن شغلهم بالزراعة بدلًا من أن ينشغلوا بالفتن، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ، فَغَلَبَ عَلَى النَّخْلِ وَالْأَرْضِ، وَأَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاءَ وَالْبَيْضَاءَ وَالْحَلْقَةَ، وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، عَلَى أَلَّا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ، وَلَا عَهْدَ، فَغَيَّبُوا مَسْكًا لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ كَانَ قُتِلَ قَبْلَ خَيْبَرَ، كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ يَوْمَ بَنِي النَّضِيرِ حِينَ أُجْلِيَت النَّضِيرُ فِيهِ حُلِيُّهُمْ، قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَعْيَةَ: أَيْنَ مَسْكُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ قَالَ: أَذْهَبَتْهُ الْحُرُوبُ وَالنَّفَقَاتُ، فَوَجَدُوا الْمَسْكَ، فَقَتَلَ ابْنَ أَبِي الْحُقَيْقِ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، دَعْنَا نَعْمَلْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ وَلَنَا الشَّطْرُ مَا بَدَا لَكَ، وَلَكُمْ الشَّطْرُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ)[39].

 

قوله: ﴿ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ﴾ هذا الصنف من الجن هو العاتي المتمرد على أمر نبي الله سليمان عليه السلام، وقد تمكَّن سليمان من عقوبتهم بالحبس بفضل من الله، فجعلهم مقيدين بالأصفاد.

 

وكذلك مكَّن الله نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم من الجن المتمرد لكنه لم يحبسه احترامًا لدعوة أخيه سليمان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ عِفْرِيتًا مِن الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلَاتِي، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأَرَدْتُ أنْ أرْبُطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أخِي سُلَيْمَانَ: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ﴾ [ص: 35]، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا» [40].

 

وهكذا يحقُّ لنبي الرحمة ومثله كل قيادة سياسية تدير شأنها من شئون الأمة العامة أن يجمع بين الرحمة في الدعوة والقرارات الحاسمة في إدارته السياسية، فيعاقب ويحبس، ويقرن عتاة الإجرام بالأصفاد منعًا لهربهم، وتحوطًا من شرِّهم متى لم يستقيموا على جادة الطريق، ويلتزموا أوامر الشرع، وأفسدوا في الأرض، ولم يجد لهم عملًا يكفيهم لإصلاح شأنهم؛ أي: كلما أسند لهم أمر تمرَّدوا عليه، وكلما منحهم حرية أشاعوا الفساد، فكان في سلبهم حريتهم استظهارٌ لقوة الدولة عليهم، ومنع فسادهم.

 

قوله: ﴿ هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: قيل المعنى: (امنن على من شئت من الجنِّ بالإطلاق من القيود، وأمسك من شئت منهم في القيود)[41]، ذلك أن تصرف الإمام في الرعية يراعى فيه كثير من الأمور التقديرية التي يستقل هو بتقديرها دون تقيد بنصوص حاكمة وحدود قطعية، بل هو مخير في كل تصرف يحقق للأمة المصلحة المرعية، ذلك أن العقوبة في إطار السياسة الشرعية- ودون مساس بالحدود العقابية- يستقل الإمام بتقديرها أو الإعفاء منها والمسامحة بشأنها في إطار قواعد فقهية وكلية ضابطة، منها ما يلي:

• تصرُّف الإمام في الرعية منوط بالمصلحة.

• الضرر يزال، والضرر الأكبر يزال بالضرر الأصغر.

• العفو عن الجاني غير المقدور عليه واجب متى سلم نفسه طوعًا، لكن مشروط بأن تستبين توبته.

• درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

 

قوله: ﴿ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ﴾؛ أي: إن هذا العطاء الرباني له لما تقرب به إلى ربِّه من العبادة والعمل الحسن، فكما أن أبيه داود كان عابدًا أوَّابًا ويعمل في مهنة الحديد، فإن ابنه سليمان كان ذاكرًا منشغلًا بطاعة ربِّه، ويدير مملكتين في آنٍ واحدٍ؛ مملكة الإنس، ومملكة الجن.

 

ومن هاتين القصتين- داود وسليمان- يستخلص نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم عبرة، فينتهج منهج للعبادة والعمل في آن واحد، فتكون دعوته قائمة على الذكر والأوبة لله، وفي ذات الوقت أشد الأعمال وأدقها لصناعة الدولة بدءًا من صناعة الحديد وأسلحة الحروب إلى القضاء وتسخير الموارد البشرية وغير البشرية، وإدارة الممالك والجيوش حتى الوحوش ومعاقبة المجرمين.



[1] التحرير والتنوير، ج23، ص 150.

[2] رواه ابن ماجه، ج1، ص 280، رقم 237، وصححه الألباني: صحيح ابن ماجه، ج1، ص 46، رقم 197.

[3] رواه الحميدي في مسنده، ج1، ص 447، رقم 397، والحاكم في مستدركه، ج2، ص400، ح3395، صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

[4] تفسير القرطبي، ج15، ص 215.

[5] مجموع الفتاوى، ج19، ص 33.

[6] ﴿ الصَّافِنَاتُ ﴾: صَفَنَ الْفَرَسُ: رَفَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ حَتَّى تَكُونَ عَلَى طَرَفِ الْحَافِرِ. ﴿ الْجِيَادُ ﴾: السِّرَاعُ.

[7] الخير هنا يراد به الخيل، وأحببت بمعنى: آثرت؛ أي: آثرت حب الخيل، فشغلني عن ذكر ربي (ابن جزي: التسهيل، ج1، ص1792).

[8] ﴿ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾: يَمْسَحُ أَعْرَافَ الْخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا. الْأَصْفَادُ: الْوَثَاقُ، قَالَه مُجَاهِدٌ (صحيح البخاري، ج11، ص 234).

[9] أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني: غريب القرآن، ج1، ص 76.

[10] رواه أبو داود، ج13، ص 93، رقم 4284، وصحَّحه الألباني: سنن أبي داود، ج 10، ص 832، رقم 4932.

[11] نظم الدرر، ج6، ص 383.

[12] نظم الدرر، ج6، ص 383، مع بعض التصرف.

[13] التحرير والتنوير، ج23، ص154.

[14] رواه البخاري، ج9، ص 436، رقم 2630.

[15] رواه البخاري، ج20، ص 53، رقم 5947.

[16] شرح السنة للإمام البغوي، ج14، ص 255.

[17] ﴿ جَسَدًا ﴾: شَيْطَانًا، صحيح البخاري، ج11، ص 234.

﴿ رُخَاءً ﴾: طَيِّبَةً. ﴿ حَيْثُ أَصَابَ ﴾: حَيْثُ شَاءَ. ﴿ فَامْنُنْ ﴾: أَعْطِ. ﴿ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: بِغَيْرِ حَرَجٍ.

[18] بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخيار للكلاباذي، ج1، ص 277، رقم 184.

[19] البحر المحيط، ج9، ص 350.

[20] رواه أحمد، ج31، ص11، رقم 14913، وصحَّحه الألباني: السلسلة الصحيحة، ج2، ص 495، رقم 840.

[21] قال ابن جزي: (تفسير هذه الآية يختلف على حسب الاختلاف في قصتها، وفي ذلك أربعة أقوال:

الأول: أن سليمان كان له خاتم ملكه، وكان فيه اسم الله، فكان ينزعه إذا دخل الخلاء توقيرًا لاسم الله تعالى، فنزعه يومًا ودفعه إلى جارية، فتمثل لها جني في صورة سليمان، وطلب منها الخاتم فدفعته له، وروي أن اسمه صخر، فقعد على كرسيّ سليمان يأمر وينهى الناس يظنون أنه سليمان، وخرج سليمان فارًّا بنفسه فأصابه الجوع، فطلب حوتًا ففتح بطنه فوجد فيه خاتمه، وكان الجني قد رماه في البحر، فلبس سليمان الخاتم، وعاد إلى ملكه، ففتنة سليمان على هذا هي ما جرى له من سلب ملكه، والجسد الذي ألقي على كرسيه هو الجنيُّ الذي قعد عليه وسمَّاه جسدًا؛ لأنه تصوَّر في صورة إنسان. ومعنى أناب: رجع إلى الله بالاستغفار والدعاء، أو رجع إلى ملكه.

والقول الثاني: أن سليمان كان له امرأة يحبها، وكان أبوها ملكًا كافرًا، قد قتله سليمان، فسألته أن يضع لها صورة أبيها، فأطاعها في ذلك، فكانت تسجد للصورة، ويسجد معها جواريها، وصار صنمًا معبودًا في داره، وسليمان لا يعلم حتى مضت أربعون يومًا، فلما علم به كسره، فالفتنة على هذا عمل الصورة، والجسد هو الصورة.

والقول الثالث: أن سليمان كان له ولد وكان يحبه حبًّا شديدًا، فقالت الجن: إن عاش هذا الولد ورث ملك أبيه، فبقينا في السخرة أبدًا، فلم يشعر إلا وولده ميت على كرسيه، فالفتنة على هذا حبه الولد، والجسد هو الولد لما مات وسُمِّي جسدًا؛ لأنه جسد بلا روح.

والقول الرابع: أنه قال: لأطوفَنَّ الليلة على مائة امرأة تأتي كل واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله، ولم يقل: إن شاء الله، فلم تحمل إلا واحدة بشق إنسان، فالفتنة على هذا كونه لم يقل: إن شاء الله، والجسد هو شق الإنسان الذي ولد له.

فأما القول الأول فضعيف من طريق النقل مع أنه يبعد ما ذكر فيه من سلب ملك سليمان وتسليط الشياطين عليه.

وأما القول الثاني فضعيف أيضًا مع أنه يبعد أن يعبد صنم في بيت نبي، أو يأمر نبي بعمل صنم.

وأما القول الثالث فضعيف أيضًا.

وأما القول الرابع فقد روي في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه لم يذكر في الحديث إن ذلك تفسير الآية)؛ التسهيل لعلوم التنزيل، ج1، ص 1794.

[22] تفسير الثعالبي، ج3، ص 306.

[23] تفسير ابن عثيمين 1421 هـ https://tafsir.app/ibn-uthaymeen/38/39

[24] أساس البلاغة، ج2، ص 20، لسان العرب، ج12، ص 640، شرح نهج البلاغة لعبدالحميد بن هبة الله، ج12، ص 11.

[25] مجموع الفتاوى، ج7، ص 367.

[26] رواه البخاري، ج9، ص399.

[27] رواه البخاري، ج11، ص 236، رقم 3171.

[28] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي، ص 1795.

[29] تفسير السراج المنير، ص3713.

[30] أخرجه البخاري (6307) بنحوه، والترمذي (3259) واللفظ له.

[31] اللباب في علوم الكتاب، ج13، ص 369.

[32] تفسير الطبري، ج21، ص 208.

[33] الوسيط للطنطاوي، ص 3624.

[34] رواه الترمذي، ج12، ص 47، رقم 3536.

[35] رواه الترمذي، ج10، ص 169، رقم 2850، ضعَّفه الألباني.

[36] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي، ص 1795.

[37] رواه أحمد في مسنده، ج28، ص 363، وصححه الألباني: السلسلة الصحيحة، ج4، ص 295، رقم 1718.

[38] رواه أبو داود، ج7، ص 367، رقم 2356، وصححه الألباني: صحيح وضعيف سنن أبي داود، ج6، ص 232.

[39] رواه أبو داود، ج8، ص 241، رقم 2612.

[40] رواه البخاري، ج2، ص 259، رقم 441.

[41] التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي، ج1، ص 1795.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التدبر في قصة نبي الله سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ
  • خطبة عن قصة نبي الله سليمان والنملة (1)
  • قصة نبي الله سليمان وبلقيس (خطبة)
  • إدارة نبي الله سليمان لمملكته في القرآن

مختارات من الشبكة

  • فتنة المال وأسباب الكسب الحرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اتقوا فتنة التبرج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: فتنة التكاثر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النميمة مفتاح الفتن وباب للجريمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلاقات بين الابتلاء والصبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • بناء الشخصية الإسلامية في زمن الفتن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أعمال يسيرة وراءها قلب سليم ونية صالحة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام الندوة التربوية لمعلمي رياض الأطفال المسلمين في البوسنة
  • انطلاق سلسلة محاضرات "ثمار الإيمان" لتعزيز القيم الدينية في ألبانيا
  • أكثر من 150 مشاركا يتعلمون مبادئ الإسلام في دورة مكثفة بمدينة قازان
  • انطلاق فعاليات شهر التاريخ الإسلامي 2025 في كندا بمشاركة واسعة
  • أطباء مسلمون يقودون تدريبا جماعيا على الإنعاش القلبي الرئوي في سيدني
  • منح دراسية للطلاب المسلمين في بلغاريا تشمل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه
  • مبادرة "زوروا مسجدي 2025" تجمع أكثر من 150 مسجدا بمختلف أنحاء بريطانيا
  • متطوعو كواد سيتيز المسلمون يدعمون آلاف المحتاجين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/4/1447هـ - الساعة: 17:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب