• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
موقع الشيخ احمد الزومان الشيخ أحمد الزومان شعار موقع الشيخ احمد الزومان
شبكة الألوكة / موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان / خطب منبرية


علامة باركود

متى تكون الدنيا مذمومة

الشيخ أحمد الزومان

المصدر: ألقيت بتاريخ: 28/12/1429هـ

تاريخ الإضافة: 31/5/2010 ميلادي - 17/6/1431 هجري

الزيارات: 28792

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

متى تكون الدنيا مذمومة

 

إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أمَّا بعد:

فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعة ضلالة.

عباد الله:

يرد في كتاب ربِّنا وسنَّة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم ذمُّ الدنيا، وتحقير شأنها، وذمُّ أربابها، فما المراد بالذم؟ وهل المسلم يستحبُّ له أن ينزوي بزاوية من الزوايا يتعبَّد الله، ولا يُخالِط الناس في تجمعاتهم؟

وللإجابة عن هذا السؤال يجب الرُّجوع إلى القرآن وصحيح السنة؛ لمعرفة المراد بالذمِّ، وهل هو ذمٌّ مطلق أو مقيَّد؟ فنصوص الوحيين يبيِّن بعضها بعضًا،  ويحكم بعضها على بعض.

 

فالأيام والأشهر والسِّنون قد جعَلَها الله وقتًا للتذكر والاتعاظ والعمل الصالح وشكر المنعم؛ ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 62]، والأرض التي يعيش على ظهرها بنو آدم ليست مذمومةً؛ فقد امتنَّ الله بها على عِباده، وأمرهم بالمشي فيها، وأخذ العِظَة والعبرة وحرثها؛ ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، وكيف تكون الأرض مذمومة، وفيها أحبُّ البِقاع إلى الله؟ المساجد التي يُذكَر فيها اسمه، ويقصدها عبادُه، ويتوطَّنها أولياؤه.

 

وما على ظهر الأرض من شجر، وحجر، وبحار، وأنهار، ومطاعم، ومشارب مباحة؛ منةً من الله على خلقه، وتفضُّلاً بها عليهم؛ ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ﴾ [البقرة: 29].

 

والأولاد والزوجة لا يُذَمَّان لذاتهما، فكيف يُذَمُّ مَن يتسبَّب في إجراء الخير للشخص في حياته وبعد وفاته؟ فعن أبي هريرة: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إذا مات الإنسان انقَطَع عنه عمله، إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))؛ رواه مسلم (1631).

 

كيف تذمُّ الزوجة ومعاشرتها ونفقتها عبادة وقربة؟ ففي حديث سعد بن أبي وقَّاص: ((وإنك لن تُنفِق نفقةً تَبتَغِي بها وجهَ الله إلا أُجِرت بها، حتى ما تجعل فِي فِي امرأتك))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

والتجارة بذاتها ليست مذمومةً؛ فالتاجر الصادق في بيعه وشرائه ممدوح شرعًا، مُبارَكٌ له في بيعه وشرائه؛ فعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((البيِّعان بالخِيار ما لم يتفرَّقا، فإنْ صدَقَا وبيَّنا بُورِك لهما في بيعهما، وإن كتَمَا وكذَبَا مُحِقت بركة بيعهما))؛ رواه البخاري (2079)، ومسلم (1532).

 

فالمال لا يُذَمُّ لذاته، بل قد يكون سببًا في مرضاة الله عن عبده؛ حينما يُنفِق ماله في مرضاة الله، ويؤدِّي حقَّه الذي افتَرَضه الله عليه، ويبذله في أبواب الخير؛ فلم يضر أنبياء الله ما وسعه عليهم من نعمة المال، ولم يضر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا عثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف من أغنى أهل الأرض في زمانهما، وهما من العشرة المبشَّرِين بالجنة.

 

وقد أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على المال الذي يُكسَب من وجوه مُباحَة، ويُصرَف في مصارفه؛ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن العاص: ((نعم المال الصالح للمرء الصالح))؛ رواه الإمام أحمد (17309) بإسناد حسن.

 

وعمارة الأرض بالزراعة ليست مذمومة، بل مُرغَّب فيها؛ فعن أنس بن مالك - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن قامَت الساعة وبيد أحدكم فسيلةٌ، فإنِ استَطاع ألاَّ يقوم حتى يغرسها فليفعل))؛ رواه الإمام أحمد (12569) بإسناد صحيح.

 

والمزارع مأجورٌ بغرسه في حياته وبعد وفاته؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلمٍ يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

حتى الشهوات إذا صُرِفت فيما أَباحَها الله كانت عبادة وقربة، يُؤجَر عليها المسلم؛ ففي حديث أبي ذر: ((وفي بضع  أحدكم صدقة))، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟! قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر))؛ رواه مسلم.

 

فالمباحات من أكل وشرب، ونوم ولهو مباح، يُؤجَر عليها المسلم إذا كانت سببًا في إعانته على الطاعة، فيتقوَّى بها على طاعة الله، فالوسائل لها أحكام المقاصد؛ فهذا معاذ بن جبل - رضِي الله عنه - يقول: "أنام وأقوم، أو أقوم وأنام، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي"؛ رواه البخاري (4342)، ومسلم (1824).

 

والجاه والمنصب ليسا مذمومَيْن لذاتهما؛ فهؤلاء أنبياء الله: داود وسليمان، ويوسف ومحمد - عليهم الصلاة والسلام - أعطاهم الله من الملك والجاه ما أعطاهم، فزادهم رفعةً في آخرتهم، وهذا الصدِّيق والفاروق - رضِي الله عنهما - حكَمَا المسلمين، فأجرى الله على أيديهم الخير الكثير، وهذا أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - ورث الخلافة فرفع الله ذكره بسببها.

 

الخطبة الثانية

إذا كانت الأيَّام، والأرض وما خُلِق فيها وعليها - ليست مذمومة لذاتها، فما هو المذموم في الدنيا؟ ما المراد بالذمِّ الوارد في نصوص الكتاب والسنَّة؟

 

إنَّ ذمَّ الدنيا الوارِد خاصٌّ بأفعال بني آدم الخارجة عن أمر الله؛ فإذا آثَرُوا الدنيا فصدَّتهم عمَّا افتَرَضه الله عليهم من الطاعات، أو أوقعتهم في معصية الله من ترك واجب، أو فعل محرَّم، فغضب الله وعقوبته على مَن آثَر الحياة الدنيا على الآخرة.

 

فالدنيا المذمومة هي التي تُقَدَّم على الآخرة، ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [النحل: 107]، فيُذَمُّ المال والولد إذا تمكَّن حبُّهما في القلب، فقدَّمهما على طاعة وانشَغَل بهما عمَّا افتَرَضه الله عليه من الواجبات، ولم يؤدِّ حقَّ الله الذي افتَرَضه عليه فيهما؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

قال سعيد بن جبير: "متاع الغرور ما يُلهِيك عن طلب الآخرة، وما لم يُلهِك فليس بمتاع الغرور، ولكنه متاع بلاغ إلى ما هو خير منه".

 

وقال الحسن: "نعمت الدار كانت الدنيا للمؤمن؛ وذلك أنه عمل قليلاً، وأخَذ زادَه منها إلى الجنة، وبئست الدار كانت للكافر والمنافق، وذلك أنه ضيَّع لياليه، وكان زاده منها إلى النار".

 

عباد الله:

حينما نتأمَّل حال الناس، نجد بعضَهم قد أعطاه الله من المال الكثير، فاستخدمه في مرضاة ربه؛ فله في كلِّ بابٍ من أبواب الخير بذل وعطاء، ونجد بعضهم في حال حاجة وفقر، لكنَّه صابر متعفِّف، لا يسأل الناس شيئًا، يحسبه مَن لا يعرفه غنيًّا؛ بسبب تعفُّفه، فأي الرجلين أفضل عند الله وأكمل؟ هل الغني الشاكر أرفع درجة يوم القيامة، أو الفقير الصابر أعلى منه منزلة؟ والتفضيل حكم شرعي، مردُّه إلى النصوص الشرعية، فالفقر والغنى أحيانًا يحصلان للشخص بغير اختياره؛ فلا يُمدَح الشخص على فعلٍ لا اختِيار له فيه.

 

ونصوص القرآن والسنة يدلاَّن على أن التفاضُل بعمل الشخص طاعة لله، فعلاً أو تركًا، فالتفاضل بالتقوى؛ كما في قول ربنا - تبارك وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر - إلا بالتقوى))؛ رواه الإمام أحمد (22978)، ورواته ثقات.

 

فمَن كان أعظم تقوى لله فهو أفضل، سواء كان غنيًّا شاكرًا، أو فقيرًا صابرًا، فهذا ابتُلِي بالغنى، وهذا ابتُلِي بالفقر؛ ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]، ومَن كَمُل إيمانه قام بعبوديَّة ربِّه في الرَّخاء والشدَّة، وقد جمَع الله لنبيِّه هذين المقامين؛ ففي بداية حياته كان في ضيق ذات اليد؛ فكان إمام الصابرين، ثم فتَح الله على يديه البِلاد، وأتَتْه الدنيا، فلم تُلهِه عن طاعة ربِّه، بل صرَفَها في مرضاة الله؛ فكان إمام الشاكرين؛ ﴿ وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 8]، لكن يمتاز الفقراء بتقدُّمِهم دخول الجنة؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام؛ نصف يوم))؛ رواه الترمذي (2353)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ثم بعد ذلك تكون الدرجات حسب العمل.

 

في الخِتام: أنبِّه أنَّه يشرع اعتِزال الناس وترك مخالطتهم، فيُقبِل الشخص على نفسه ويترك الناس وشأنهم، وذلك في آخِر الزمان، إذا فسَدت عهود الناس، وخفَّت أمانتهم، واختَلَط الحلال بالحرام، والمحقُّ بالمبطل، وأصبح الهوى هو المحرِّك للنفوس، هنا يُشرَع اعتِزال الناس، والانقِطاع للعبادة، وهذا الزمان لم يأتِ فلم نُدرِكه، وأسأل الله ألا نُدرِكه؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضِي الله عنهما -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كيف بكم وبزمانٍ، أو يُوشِك أن يأتي زمانٌ يُغَربل الناس فيه غربلة، تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا - وشبك بين أصابعه؟))، فقالوا: وكيف بنا يا رسول الله؟ قال: ((تأخُذون ما تعرِفون، وتذَرُون ما تُنكِرون، وتُقبِلون على أمر خاصَّتِكم، وتذَرُون أمر عامَّتكم))؛ رواه أبو داود (4342)، ورواته ثقات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • خطب منبرية
  • استشارات
  • كتب
  • صوتيات
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
  • بنر
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة