• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور أمين الشقاويد. أمين بن عبدالله الشقاوي شعار موقع الدكتور أمين الشقاوي
شبكة الألوكة / موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي / مقالات
تطبيق المسلمون في بلاد الغربة - آيفون تطبيق المسلمون في بلاد الغربة - أندرويد موسوعة الدرر المنتقاة - آيفون موسوعة الدرر المنتقاة - أندرويد قناة التليغرام


علامة باركود

مسألة البطاقات الائتمانية للمسلمين في الغربة

مسألة البطاقات الائتمانية للمسلمين في الغربة
د. أمين بن عبدالله الشقاوي


تاريخ الإضافة: 13/9/2015 ميلادي - 29/11/1436 هجري

الزيارات: 33576

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسألة البطاقات الائتمانية للمسلمين

في الغربة


كتب في موضوع البطاقات الائتمانية الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله رسالة قيمة في ذلك، أجاد فيها وأفاد، أنقل منها بتصرف واختصار:

تعريفها[1]:

هي بطاقة معدنية أو بلاستيكية ممغنطة، عليها اسم حاملها، وتاريخ إصدارها، وتاريخ نهاية صلاحيتها، ورقم سري لا يعرفه إلا حاملها. وقد انتهى مجمع الفقه بقراره رقم (65 / 1 / 7) في 7-12 / 11 / 1412هـ إلى تعريفها بما يأتي: (بطاقة الائتمان: هي مستند يعطيه مصدره، لشخص طبيعي أو اعتباري - بناء على عقد بينهما - يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات ممن يعتمد المستند، دون دفع الثمن حالاً، لتضمنه التزام المصدر بالدفع. ومن أنواع هذا المستند ما يُمكِّن من سحب نقود من المصارف). انتهى.


إيضاح التعريف[2]:

من هذا التعريف يتبين أن عقد إصدارها مركب من عقدين متلازمين فيهما طرف من الإذعان، وهما:

أحدهما: عقد بين المُصْدِر، وبين حاملها، يتضمن سقفاً - حداً أقصى - للائتمان، وشروط العلاقة.


ثانيهما: عقد بين المُصْدر، وبين من يعتمدها من مؤسسات، وشركات، ومصارف. ومن أهم محتويات هذا العقد، العمولة التي يأخذها المُصْدر من الذين يتعاملون بهذه البطاقة من أصحاب المحلات والخدمات.


هذا هو التعريف العام للبطاقات الائتمانية، ولكن لا ينطبق على كل بطاقة[3] ائتمانية؛ نظراً لاختلاف الشروط، والمواصفات، من مصدر إلى آخر، لهذا فإن الحكم لابد أن يلحق كل بطاقة بعينها، بمالها من شروط، ومواصفات، فضلاً عن الحكم على مجموعة الشروط.

 

أنواعها وصورها:

أصبحت البطاقات تشكل ظاهرة متنامية، متوسعة الانتشار، إصداراً من البنوك مباشرة، أو بواسطة المنظمات، والجمعيات، واستقبالاً وحملاً لها من الأفراد، حتى يمكن أن يطلق على عصرنا هذا (عصر البطاقات).

 

وبالاستقراء يجد النظار مجموعة كبيرة من البطاقات العادية، والائتمانية، يمكن تصنيفها في ثلاثة أنواع:

النوع الأول: البطاقات العادية. ويقال: بطاقة الصرف، أو بطاقة الصرف الآلي، أو بطاقة الخصم الفوري. ويقال: البطاقة التقليدية[4].


وهي بطاقة يمنحها البنك للعميل الذي له حساب لديه، وذلك للخصم الفوري من حسابه عند استخدامها بواسطة أجهزة الصرف الآلية، أو أنظمة التحويل الالكتروني، وهي تتصف بما يلي:

1- لا تصدر إلا لمن له رصيد لدى البنك.


2- ولا تسمح بالصرف من غير رصيد حاملها.


3- وبدون مقابل.


4- ويتم الخصم فور استخدامها بالاستلام للمبلغ، أو بالتحويل عليه.


5- وهي محلية في محيط جغرافية الدولة، وقد تتسع حسب ربط أجهزة الصرف بدولة أخرى.


6- ومن خدماتها الاستعلام عن مقدار الرصيد.


7- ومن خدماتها: أن لحاملها الصرف بها من شبكة البنوك الأخرى المشاركة في تأمين أجهزة الصرف على الطرقات، لكن هنا حسب نظام شبكات الصرف، إذا كان حامل البطاقة صرف بها من جهاز صرف لغير مصدرها فإن جهة الجهاز تأخذ من مصدر البطاقة عمولة خدمة السحب في حدود (أربعة ريالات في الألف).

 

حكمها:

وهذا النوع من البطاقات بهذا الوصف ليست محل بحث، لعدم وجود أي شائبة في حلها، وما لم يحصل لها شرط أو وصف إضافي ينقلها من الحل، ويحولها إلى التحريم، وهي في حال تحويل حاملها للتاجر تكون (وكالة)؛ لأن له حساباً لدى المصرف، فوكله بالسداد عنه من حسابه.

 

النوع الثاني: بطاقة الخصوم، ويقال: بطاقة الخصم، أو البطاقة المدينة[5].

وهي بطاقة مشروط إصدارها بوجود حساب للعميل لدى البنك، لكن ليس لها القدرة على توليد سيولة إضافية عن طريق البطاقة، وفائدتها تكمن فيما يلي أن العميل كلما استخدمها لدى محل تجاري، أو خطوط طيران، ونحوها يقوم البنك - مصدر البطاقة - بالسحب مباشرة من حسابه لسداد قيمة الفاتورة الواردة من التاجر.

 

حكمها:

هذا النوع بهذا الوصف جار على الحل، ولا يظهر فيه ما يمنع شرعاً؛ لأنه لا يدخل تحت مجموعة البطاقات الائتمانية، ما لم يحصل أي شرط، أو توصيف إضافي فينظر في حكمه شرعاً.


ولا أدري - حتى الآن - لماذا أفردها الاقتصاديون عن سابقتها في النوع الأول.

 

تنبيه:

يرد على هذا النوع، والذي قبله: أن البنك الذي أصدرهما يستفيد من استثمار الرصيد مقابل إصدارهما ألا يكون هذا من الربا؟ فليحرر[6].

 

النوع الثالث: بطاقات الائتمان، ويقال: بطاقات الاعتماد، أو بطاقات الملاءة[7].


يصدرها البنك العضو في مجموعة المنظمات، والمؤسسات صاحبة الترخيص، أو الراعية للبطاقات المصرفية، ومن أشهر بطاقات هذا النوع:

• بطاقات الفيزا[8].

• بطاقات الماستر كارد[9].

• بطاقات الداينرز كلوب[10].

• بطاقة الأمريكان إكسبرس[11].


ثم كل منظمة، أو مؤسسة من المنظمات والمؤسسات المذكورة تصدر عدداً من البطاقات، تختلف مواصفات وشروط وأغراض كل بطاقة عن الأخرى منها منظمة (الفيزا) تمنح تراخيص إصدار ثلاثة أنواع من بطاقاتها هي:

1- بطاقة الفيزا الفضية.

2- بطاقة الفيزا الذهبية.

3- بطاقة فيزا الكترون.


ومنظمة (أمريكان إكسبرس) تمنح تراخيص إصدار ثلاثة أنواع من البطاقات هي:

1- بطاقة أمريكان إكسبرس الخضراء.

2- بطاقة أمريكان إكسبرس الذهبية.

3- بطاقة أمريكان إكسبرس الماسية.


وبطاقات هذا النوع الائتمانية يمكن جعلها في قسمين:

1- بطاقات الائتمان العادية، ويقال: بطاقة الاعتماد الشهري، أو الخصم الشهري[12].


وحقيقتها بطاقة محلية، ودولية، تصدر برسوم اشتراك، ورسوم تجديد، تمكن حاملها من استخدامها في المحلات التجارية للشراء، أو تلقي الخدمات في مكاتب الطيران، أو الفنادق، أو المطاعم... ونحوها.


كما يمكن استخدامها على نحو بطاقة الصرف الآلي للسحب بواسطة الصرف الآلي، أو أنظمة التحويل الألكتروني، ولا يلزم للحصول عليها وجود حساب لحاملها لدى البنك المصدّر لها، بل البنك يقرضه مبلغاً له حد أعلى ويسمى في اصطلاحهم (الخط الائتماني)، ويطالب البنك - المصدر لها - حاملها بتسديد مسحوباته خلال مدة لا تزيد عن شهر غالباً، وفي حال المماطلة يقوم البنك بمطالبته، ويلغي البنك البطاقة، ويرتب عليه فوائد التأخير.


فهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية:

1- لا يلزم لإصدارها وجوب حساب للعميل في (بطاقة إمريكان إكسبرس، والداينرز كلوب)، وقد تشترط بعض جهات الإصدار ذلك.


2- يقوم البنك بإقراض العميل - حامل البطاقة - مبلغاً له حد أعلى يسمى (الخط الائتماني).


3- يُلزم حاملها بالتسديد خلال شهر غالباً.


4- يُلزم حاملها بدفوعات أربعة: رسم الاشتراك، ورسم التجديد، وفوائد الإقراض، والتأخير.


5- في حال عدم التسديد يطالب قضائياً، وتلغى عضوية حاملها أو تُسحب منه البطاقة.

 

2- بطاقات الائتمان القرضية، ويقال: بطاقة الائتمان، أو بطاقة التسديد بالأقساط[13].


وهذه أقوى البطاقات انتشاراً، وهي آخرها إصداراً، وأكثرها رواجاً، خاصة في الدول الصناعية، والمتحضرة، وينصرف إليها مصطلح (بطاقة الائتمان) عند الإطلاق.


وحقيقتها مثل (بطاقة الخصم الشهري) كما تقدم، لكن تفترق عنها بأن هذه البطاقة يكون التسديد فيها غير محدد بشهر مثلاً، لكنه دين متجدد على شكل دفعات، بحيث تُعطي العميل - حامل البطاقة - قدرة على استخدامها ما دام منتظماً بتسديد الفوائد المستحقة عليها شهرياً، وهي أكثر البطاقات فرضاً للفوائد على حاملها، لهذا فهي تدر ربحاً مجزياً لمصدرها، وهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية:

1- لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل.

2- يقوم البنك - المصدر لها - بإقراض العميل حامل البطاقة مبلغاً له حد أعلى يسمى (الخط الائتماني).

3- التسديد يكون بالتقسيط على شكل دفعات، وليس محدداً بشهر.

4- يلزم حاملها بدفوعات أربعة: رسم الاشتراك (العضوية)، ورسوم التجديد، وفوائد الإقراض، وفوائد التأخير.


حكمهـا[14]:

قبل الدخول في بيان حكمها لابد من بيان الآتي:

أولاً: قبل بيان الحكم تفصيلاً ينبغي أن يصدر حكم إجمالي من واقع التصور لها، حِلاً أو حُرمة، حسب مواصفات البطاقة العامة، وشروطها وجوداً أو عدماً.


ثانياً: ينبغي أن يصدر على كل بطاقة حكم يخصها حسب شروط ومواصفات إصدارها بكليتها، ومجموعها.


ثالثاً: يلاحظ أن بعض الباحثين يفكك العقد إلى مراحل وإلى جزئيات، ويخرج في الآخر إلى تسليكه في المباح، والمتعين إخراج الحكم على هذه العملية (بطاقة الائتمان) بجميع شروطها، ومواصفاتها، ومراحلها، وأنها مترابطة ترابط الروح بالبدن.


رابعاً: على الفقيه أن يأخذ في الاعتبار أموراً:

1- أن (القرض الحسن) ليس من خلق البنوك التجارية الربوية، والمتعين على من نَّور الله بصيرته أن يكف نفسه عن المغالطة حتى لا تجره إلى الغلط في الحكم.


2- أن البنوك التجارية الربوية، إنما قامت على تسمين مواردها بالتعامل بالربا تحت شعار (الفوائد، الغرامات، الرسوم) وأن البطاقة الائتمانية ولدتها البنوك، كوسيلة مغرية لفتح موارد ربوية جديدة تصب في جيب البنك.


3- ليس المراد من بحث الفقيه لهذه النازلة، أن يبحث لها عن وجوه الاعتذار، ويخرجها على الإباحة من أطراف الخلاف وإن كان شاذاً، فإن هذا أقرب إلى مواطن الإثم من الثواب، وإنما المراد أن ينزلها على ما يصح فهمه من الشرع المطهر.


خامساً: لا يغيب عن نظر الفقيه أن الأصل الشرعي هو الحل في المعاملات والشروط، وهذا من محاسن الشريعة، وسعتها، ويسرها لعباد الله.


سادساً: أن أي معاملة أو شرط فيها لا تنتقل من هذا الأصل (الحل) إلا إذا كان فيها ظلم للطرفين أو مضرة، أو لأحدهما، باشتمالها على محرم شرعاً، أكلاً لأموال الناس بالباطل، وأن كل معاملة تنقل عن هذا الأصل، وتُحوله إلى قالب التحريم، لابد وأن تعود إلى واحدة من قواعد التحريم الثلاث، وهي:

1- تحريم الربا. ومنه كل قرض جر نفعاً فهو ربا.


2- تحريم التغرير. ومنه النهي عن تلقي الركبان، والنجش، وبيع المصراة، والمعيب، والتدليس.


3- تحريم الغرر، إما بالعجز عن تسليمه، كالشارد، والآبق، أو لعدمه حين العقد كحبل الحبلة، أو لجهالته كلياً، أو جهالة جنس، أو جهالة مقداره، ومن عقود الغرر: التأمين التجاري بضروبه وأشكاله.

 

الحكم الكلي: وهو في قواعد:

القاعدة الحكمية الأولى:

أن كل بطاقة لها غطاء كامل من مال حاملها فلا تسمح بالسحب الفوري، ولا التحويل الآلي إلا على حسابه، ورصيده لدى مصدرها، فهي بهذا الوصف جارية على الأصل الشرعي (الحل والجواز).


وهذا حكم النوع الأول من البطاقات (بطاقة الصرف الآلي)، وهذا النوع من البطاقات بهذا الوصف ليس محل بحث هنا، لعدم وجود أي شائبة تعتري الأصل وهو (الحِلَّ) ما لم يحصل لها شرط، أو وصف إضافي ينقلها من الحل إلى المنع، ويحولها إليه، وقد تقدم بيانه مع التنبيه المتقدم في معرفة تأثير أن البنك يستثمر الرصيد، ويستفيد منه الفوائد الربوية.

 

القاعدة الحكمية الثانية:

أن بطاقة الائتمان بوضعها العام المعروف عالمياً والمحتوية على شروط ومواصفات قطعية التحريم، مثل: غرامات التأخير، والخصم الذي يقتصه البنك - المصدر لها - من فاتورة التاجر الموقعة من العميل، وتوفير قدر من المنافع لحاملها كالتخفيض، والخدمات الأخرى، هذه البطاقة الائتمانية (محرمة شرعاً) لا يمكن قبولها، ولا تسويغها بالنظر الشرعي[15].


وحقيقتها:

وعد بعقد بيع مركب من ثلاثة أطراف فيه معنى الإذعان يتضمن بيع دراهم بدراهم بفوائد معجلة وفوائد حال التبادل، وفوائد أخرى للتأخير متضاعفة كلما تضاعف الأجل، فهو عقد ربوي منتهاه: السير على السياسة المالية التي قامت عليها البنوك الربوية (الإقراض بفوائد) ولا يسوغ فكه إلى عقدين، ولا تكييف بوكالة، أو حوالة، أو كفالة، أو جعالة، إذ لا ينطبق عليه أي واحد من حدود هذه العقود.

 

القاعدة الحكمية الثالثة:

في حكم المدفوعات المالية في هذا العقد[16]، وهي أحد عشر نوعاً، عشرة منها تصب في جيب البنك - المصدر للبطاقة - وواحد من البنك لوكيله - المؤسسة الوسيطة - في ترويج البطاقة، وإجراء عقدها مع العملاء.


وهذه المدفوعات العشرة إلى البنك، منها ثمانية من حاملها، وهي خمسة رسوم: رسوم إصدار، وتجديد بعد انتهاء المدة، وتجديد قبل انتهائها، واستبدال، وتكاليف تحصيل الشيكات المسدد بها.


والسادس: فوائد، وهي غرامة التأخير عن التسديد لمدة شهر مثلاً، ثم هي متضاعفة كلما تضاعف التأخير، والسابع: تحقيق دخل آخر من خدمات مساندة لحاملي هذه البطاقة، والثامن: فروق سعر العملات عند التسديد بالعملة المحلية عن العملة المسجلة.


ودفعان اثنان من التاجر إلى البنك، وهما: حسم نسبة من ثمن فواتير الشراء للبنك، ورسم اشتراك يدفعه التاجر للبنك لقاء تسجيله في دليل خدمة عملاء البطاقة.


وإذا عُرف مجمل المدفوعات هذه، وأن البنوك التجارية إنما قامت على (القرض الربوي)، (القرض بفائدة)، وأن البنوك التجارية ليس من طبيعتها (القرض الحسن)، وأنه يستحيل أن تنثر أموالها على ملايين البشر مسخرة مجموعة من الأقسام الوظيفية، ومئات من أجهزة الصرف، والتحويل، ليحوز الواحد بطاقة ائتمان (ولا رصيد له) ويسحب بها من أموال البنوك، قاصداً مصلحة حاملها، مغفلاً نجاحاً في تدفق السيولة إليها، وأن حقيقة هذه البطاقة إنما هي: (عملية امتصاص) لما في جيب حاملها، بل وسيلة إغراء لسحب أمواله، وإثقال ذمته بديون مستقبلية تقضي على مدخراته لسنين مقبلة، ولهذا تجد التنبيه يتلوه التنبيه من اندفاع حاملها بالسحب، لا سيما في بلاد الغربة، إذا عرف هذا فاعلم أن (فوائد التأخير) هي محرمة من ربا الجاهلية (إما أن تقضي وإما أن تُربي) وهذا محل إجماع لا يجوز فيه الخلاف.


وأن فوائد الحسم من فاتورة التاجر لصالح البنك مصدر البطاقة هي في حقيقتها (فوائد ربوية معجلة) مقابل إقراض البنك لحامل البطاقة، مأخوذة من التاجر، فهو (إقراض ربوي مستتر).


فعادت العملية إلى العنصر الذي قامت عليه البنوك (القرض بفائدة) لكنها بطريقة ذكية، فيها قلب وإبدال، وإغراء، ومكر، وخداع، ولعب بعقول الأفراد حتى المفلسين، واستحواذ على السوق، وتحويل الناس إلى أبواب البنوك مأسورين بالديون، وتتابع التسديد، والبنك يضاعف غرامة التأخير، وإذا تحقق لدى الناظر أن حقيقة هذه البطاقة (وعد بقرض بفائدة) معجلة وفوائد تأخير متعاقبة، عرفت أنه لا وجه لتكييفها لدى بعض الباحثين بأنها عقد وكالة، أو ضمان، أو كفالة، أو حوالة 000 وإنما هي (وعد بقرض)، فكلما اقترض اقتصت الفائدة منه عن طريق التاجر، فلسان حال البنك يقول: لا تكن أيها التاجر شريكاً في البيع على حاملي البطاقة إلا بشرط أن تدفع عنه فائدة القرض، ولسان حال حاملها يقول للتاجر: أنا أشتري منك وأحيلك بالثمن على البنك، بشرط أن تدفع فائدة القرض للبنك، فاتضحت الصورة تماماً أنه لا يقع ريال واحد في يد حاملها إلا وفائدته حالاً في يد البنك، فهذا (القرض بفائدة) وهو عين الربا.


حينئذ صار حاملها في قبضة البنك، لينفذ فيه الوعيد بالغرامة إذا تأخر عن التسديد، ثم مضاعفتها كلما تأخر عن التسديد، ثم سحبه إلى دائرة الحقوق للتنفيذ، فإن سدد، وإلا فإلى مأوى الغارمين.

 

عندئذ يظهر جلياً أن (الرسم الخفيف: 400 ريال) لإصدار البطاقة، والرسم الخفيف بنحوه عند تجديدها إلى آخر الرسوم الخمسة، جميعها رسوم للتغرير، والإغراء بهذه البطاقة التي في حقيقتها تحمل تحويلاً إلى (المعاملات المحرمة)، (القرض بفائدة) ثم إلى تراكم مديونيته للبنك.


ثم فيها (غرر وجهالة)، إذ في حال عدم استعمالها يفوت عليه هذا المبلغ بدون جدوى، وعليه فلا وجه لتكييف هذه الرسوم والبحث عن تخريجها بأنها مقابل التكاليف الإدارية.

 

المنافع الأخرى: وأما المنافع الأخرى فهي:

• التأمين على حياة حامل البطاقة، وقد صدرت القرارات الفقهية بتحريمه؛ لبنائه على الغرر والمخاطرة، والجهالة، والمقامرة.

• الجوائز والهدايا وقاعدة الشريعة: كل قرض جرَّ نفعاً فهو ربا.

• المنافع والتسهيلات المعنوية: وهي داخلة في قاعدة الشريعة المذكورة، إذ هي شاملة لكل نفع مادي، أو معنوي، فكل قرض جر إليها فهو ربا (محرم شرعاً).


والخلاصة عندي:

أن (بطاقة الائتمان) بأنواعها: فيزا، إمريكان إكسبرس، ماستر كارد، أو غيرها، جميعها في حقيقتها عقد ربوي، مبني على الاستتار بالبطاقة التي اتفقت أطرافها الثلاثة، أو الأربعة على (التعاون على الإثم والعدوان وأكل الربا)، والله سبحانه يقول: ﴿ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 71]. وهنا خانوه من قبل بالقرض بالفائدة علناً دون تغليفها ببطاقة ائتمان، ثم غلفوه بما يسمى ببطاقة الائتمان، وكلاهما تحايل على انتهاك محارم الله، وقد صبَّ الله غضبه ولعنته على من استحل محارمه بالحيل من اليهود، فقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [المائدة: 17]


وإذا كان الحال كذلك، وأن نظام منظمات الخدمات المصرفية لا تعارض البنك العضو فيها من إصدار البطاقة الائتمانية، بما لا يتعارض مع نظامه الداخلي، فإن الفرصة مفتوحة للمصارف الإسلامية في إصدار (بطاقة ائتمان) تتفق عليها جميعاً بفتوى علماء الشريعة الموثوق بعلمهم، ودينهم، وخبرتهم، وبصيرتهم، وفي هذا أجر عظيم وخير كثير في تصحيح معاملات المسلمين، وحمايتهم من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولينبذوا بطاقة الائتمان الربوية النكداء.

 

فتوى رقم (17611) وتاريخ 27/ 1/ 1416هـ:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من فضيلة رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني الشيخ إبراهيم بن محمد أبو عباة والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (337) وتاريخ 20 / 1 / 1416هـ، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: يتداول بين الناس في الوقت الحاضر بطاقة فيزا سامبا صادرة من البنك السعودي الأمريكي وقيمة هذه البطاقة إذا كانت ذهبية (485 ريالاً) وإذا كانت فضية (245 ريالاً)، تسدد هذه القيمة سنوياً للبنك لمن يحمل بطاقة فيزا للاستفادة منها كاشتراك سنوي.


وطريقة استعمال هذه البطاقة أنه يحق لمن يحمل هذه البطاقة أن يسحب من فروع البنك المبلغ الذي يريده (سُلفه) ويسدد بنفس القيمة خلال مدة لا تتجاوز أربعة وخمسين يوماً، وإذا لم يسدد المبلغ المسحوب (السلفة) خلال الفترة المحددة يأخذ البنك عن كل مائة ريال من (السلفة) المبلغ المسحوب، فوائد قيمتها ريالاً وخمساً وتسعين هللة (1.95 ريالاً)، كما أن البنك يأخذ عن كل عملية سحب نقدي لحامل البطاقة (3.5 ريال) عن كل (100 ريال) تسحب منهم، أو يأخذون (45 ريال) كحد أدنى عن كل عملية سحب نقدي.


ويحق لمن يحمل هذه البطاقة شراء البضائع من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك دون أن يدفع مالاً نقدياً وتكون سلفة عليه للبنك، وإذا تأخر عن سداد قيمة الذي اشتراه أربعة وخمسين يوماً، يأخذون على حامل البطاقة عن كل مائة ريال من قيمة البضاعة المشتراة من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة (1.95ريال).


فما حكم استعمال هذه البطاقة والاشتراك السنوي مع هذا البنك للاستفادة من هذه البطاقة. والله يحفظكم ويرعاكم؟


وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي: إذا كان حال بطاقة (سامبا فيزا) كما ذكر فهو إصدار جديد من أعمال المرابين وأكل لأموال الناس بالباطل وتأثيمهم وتلويث مكاسبهم وتعاملهم، وهو لا يخرج عن حكم ربا الجاهلية المحرم في الشرع المطهر (إما أن تقضي، وإما أن تربي)، لهذا فلا يجوز إصدار هذه البطاقة ولا التعامل بها. وبالله التوفيق.

 

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

 

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

أعضاء

الرئيس

بكر أبو زيد

عبدالعزيز آل الشيخ

صالح الفوزان

عبدالله بن غديان

عبدالعزيز بن باز



[1] مجلة مجمع الفقه الإسلامي (7/ 717)، وانظر (7/ 480، 559، 653).

[2] المصدر السابق (7/ 560، 655).

[3] مجلة مجمع الفقه الإسلامي (7/ 377-378).

[4] مجلة المجمع (7/ 448-449، 656).

[5] مجلة المجمع (7/ 379).

[6] ومن أهل العلم من يرى تحريم التعامل مع البنوك مطلقاً لأنها مصارف ربوية.

[7] مجلة المجمع (7/ 379-380، 445، 449، 451، 656، 8/ 580-593).

[8] تقدم التعريف بها.

[9] تقدم التعريف بها.

[10] تقدم التعريف بها

[11] الأمريكان إكسبرس: هو بنك ومؤسسة مالية كبيرة تزاول الأنشطة المصرفية، وتشرف على إصدار البطاقات، وتنظم الصلة بين البنك وراغب حمل البطاقة.

[12] مجلة المجمع (7/ 379-380، 449-450، 656).

[13] مجلة المجمع (7/ 380، 451-452، 656-657).

[14] مجلة المجمع (7/ 365، 392-395، 408-410، 659، 8/ 649، 652، 659).

[15] مجلة المجمع (7/ 670-671) قول الشيخ/ مصطفى الزرقاء: (لا شك أن بطاقة الائتمان بوضعها العام المعروف عالمياً لا يمكن قبولها، وتسويغها بالنظر الشرعي في كل أحكامها المعروفة000).

[16] مجلة المجمع (7/ 365-368، 389-394).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • مواد مترجمة
  • درر منتقاه
  • مرئيات
  • خطب مكتوبة
  • تأملات في آيات
  • كتب
  • صوتيات
  • حدث غير التاريخ
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة